حيثيات «الإدارية العليا» لإلغاء الانتخابات بدائرة الدقي    وزيرتا التنمية المحلية والتضامن ومحافظ الغربية يتفقدون محطة طنطا لإنتاج البيض    تعرف على مشروع تطوير منظومة الصرف الصحي بمدينة دهب بتكلفة 400 مليون جنيه    نائب محافظ الجيزة وسكرتير عام المحافظة يتابعان تنفيذ الخطة الاستثمارية وملف تقنين أراضي الدولة    إما الاستسلام أو الاعتقال.. حماس تكشف سبب رفضها لمقترحات الاحتلال حول التعامل مع عناصر المقاومة في أنفاق رفح    الجامعة العربية تحتفى باليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى    شبكة بي بي سي: هل بدأ ليفربول حياة جديدة بدون محمد صلاح؟    إبراهيم حسن يكشف برنامج إعداد منتخب مصر لأمم أفريقيا 2025    وادى دجلة يواجه الطلائع ومودرن سبورت وديا خلال التوقف الدولى    الأهلي أمام اختبار صعب.. تفاصيل مصير أليو ديانج قبل الانتقالات الشتوية    أحمد موسى: حماية الطفل المصري يحمي مستقبل مصر    حكم قضائي يلزم محافظة الجيزة بالموافقة على استكمال مشروع سكني بالدقي    خطوات تسجيل البيانات في استمارة الصف الثالث الإعدادي والأوراق المطلوبة    الثقافة تُكرم خالد جلال في احتفالية بالمسرح القومي بحضور نجوم الفن.. الأربعاء    مبادرة تستحق الاهتمام    مدير وحدة الدراسات بالمتحدة: إلغاء انتخابات النواب في 30 دائرة سابقة تاريخية    انطلاق فعاليات «المواجهة والتجوال» في الشرقية وكفر الشيخ والغربية غدًا    جامعة دمنهور تطلق مبادرة "جيل بلا تبغ" لتعزيز الوعي الصحي ومكافحة التدخين    أسباب زيادة دهون البطن أسرع من باقى الجسم    مصطفى محمد بديلا في تشكيل نانت لمواجهة ليون في الدوري الفرنسي    رئيس الوزراء يبحث مع "أنجلوجولد أشانتي" خطط زيادة إنتاج منجم السكري ودعم قطاع الذهب    هل تجوز الصدقة على الأقارب غير المقتدرين؟.. أمين الفتوى يجيب    "وزير الصحة" يرفض بشكل قاطع فرض رسوم كشف على مرضى نفقة الدولة والتأمين بمستشفى جوستاف روسي مصر    محافظ جنوب سيناء يشيد بنجاح بطولة أفريقيا المفتوحة للبليارد الصيني    أمينة الفتوى: الوظيفة التي تشترط خلع الحجاب ليست باب رزق    وزير العدل يعتمد حركة ترقيات كُبرى    «بيت جن» المقاومة عنوان الوطنية    بعد تجارب التشغيل التجريبي.. موعد تشغيل مونوريل العاصمة الإدارية    عبد المعز: الإيمان الحقّ حين يتحوّل من أُمنيات إلى أفعال    استعدادًا لمواجهة أخرى مع إسرائيل.. إيران تتجه لشراء مقاتلات وصواريخ متطورة    دور الجامعات في القضاء على العنف الرقمي.. ندوة بكلية علوم الرياضة بالمنصورة    الإحصاء: 3.1% زيادة في عدد حالات الطلاق عام 2024    الصحة العالمية: تطعيم الأنفلونزا يمنع شدة المرض ودخول المستشفى    الرئيس السيسي يوجه بالعمل على زيادة الاستثمارات الخاصة لدفع النمو والتنمية    وزير التعليم يفاجئ مدارس دمياط ويشيد بانضباطها    من أول يناير 2026.. رفع الحدين الأدنى والأقصى لأجر الاشتراك التأميني | إنفوجراف    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره الباكستاني    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لتطوير المناطق المحيطة بهضبة الأهرامات    إعلان الكشوف الأولية لمرشحي نقابة المحامين بشمال القليوبية    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا.. 80 يومًا تفصلنا عن أول أيامه    وزير الثقافة يهنئ الكاتبة سلوى بكر لحصولها على جائزة البريكس الأدبية    رئيس جامعة القاهرة يستقبل وفد جودة التعليم لاعتماد المعهد القومي للأورام    الإسماعيلية تستضيف بطولة الرماية للجامعات    وزير الإسكان يتابع تجهيزات واستعدادات فصل الشتاء والتعامل مع الأمطار بالمدن الجديدة    دانيلو: عمتي توفت ليلة نهائي كوبا ليبرتادوريس.. وكنت ألعب بمساعدة من الله    ضبط 846 مخالفة مرورية بأسوان خلال حملات أسبوع    تيسير للمواطنين كبار السن والمرضى.. الجوازات والهجرة تسرع إنهاء الإجراءات    مصطفى غريب: كنت بسرق القصب وابن الأبلة شهرتى فى المدرسة    شرارة الحرب فى الكاريبى.. أمريكا اللاتينية بين مطرقة واشنطن وسندان فنزويلا    صندوق التنمية الحضرية : جراج متعدد الطوابق لخدمة زوار القاهرة التاريخية    وزير الخارجية يلتقي أعضاء الجالية المصرية بإسلام آباد    صراع الصدارة يشتعل.. روما يختبر قوته أمام نابولي بالدوري الإيطالي    إطلاق قافلة زاد العزة ال83 إلى غزة بنحو 10 آلاف و500 طن مساعدات إنسانية    اتحاد الأطباء العرب يكشف تفاصيل دعم الأطفال ذوي الإعاقة    تعليم القاهرة تعلن خطة شاملة لحماية الطلاب من فيروسات الشتاء.. وتشدد على إجراءات وقائية صارمة    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 30نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا.... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك « ميدوزا - 14»    مركز المناخ يعلن بدء الشتاء.. الليلة الماضية تسجل أدنى حرارة منذ الموسم الماضى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المخدرات الرقمية».. من الموسيقي ما يقتل
نشر في البديل يوم 01 - 12 - 2014

جمال فرويز: تسبب نوبات صرع وتبول للإرادي وتؤدى للوفاة
عزة كريم: غياب القدوة الحسنة تدفع الشباب ل«الديجتال دراجز»
هبة العيسوي: المخدرات الرقمية تحتاج إلي ملابس فضفاضة وإضاءة خافتة
تامر مرسي: خطورتها في سهولة الحصول عليها دون وسيط
محمد عاشور: المخدرات الرقمية قائمة علي «النقر متباين التردد علي الأذنين»
يقبع خلف الأبواب المفتوحة، ينتظر، يترقب، يدقق للانقضاض على فريسته، إنه الموت على بعد أمتار قليلة من الصغار.. أصبح الاستماع للموسيقي الآن مقلقا بشدة، فزهرة الشباب يمكن أن تسقط فريسة للإدمان ليس عن طريق التدخين أو الحشيش أو غيرها من الوسائل التقليدية، لكن قد ينتهي الأمر بمجرد فيزا كارت وحساب بنكي وحاسوب وإنترنت وسماعات؛ للدخول إلى العالم الجهنمي عبر ملفات موسيقية يستمع إليها في صمت وهدوء ودون ضجيج.
المخدرات الرقمية أو "الديجتال دراجز"، كارثة مجتمعية جديدة تواجه العالم العربي، بدأت بتركيا التي تجاوز المدمنون فيها ل20 ألف، والعثور علي حالتين ببيروت، فضلا عن تأهب وزارة الصحة السعودية بعد الاشتباه فى وفاة شخص بسبب تعاطي "المخدرات الرقمية".
إنه الخطر الذى لا يعلم أحد من يقع الدور عليه.. الدول العربية تترقب انتشار المخدر كالنهار في الهشيم، يتوغل بسرعة مرعبة كالسرطان في جسد الشباب العربي عبر هذه الشبكة العنكبوتية اللعينة، ليحتل العالم العربي المرتبة الثالثة في استخدام هذه الموسيقي بعد الأسيويين والأمريكان.
من جانبها، تفتح «البديل» الملف الخطير الذي يهدد شباب المستقبل والحياة والإنتاج والطاقة، وتقتل طموحهم، وتوضح موقف مصر من انتشار هذه الموسيقى الخطيرة وتأثيرها على شبابها.
قال الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، إنه تلقي في عيادته حالة مرضية واحدة فقط حتي الآن منذ شهرين لشاب عمره 28 عاما يعاني من إدمان هذا النوع الجديد علي المجتمع المصري والعربي عموما من المخدرات الرقمية أو digital drug، موضحا أن الشاب كان قد شفي تماما من إدمانه للهروين قبل سنتين وسافر بعدها الولايات المتحدة الأمريكية ليباشر أعمال والده، وبعد عودته لجأ والديه إليه من أجل فحص الشاب بعد أن لاحظوا عليه أعراض من التشنجات والعصبية الشديدة.
وأضاف "فرويز" أنه أثناء زيارته لمنزل الشاب علم من والديه استغراق الابن لساعات طويلة داخل غرفته واضعا السماعات علي أذنه، وغارقا في ظلام الحجرة، ومن هنا أدرك من هذه المؤشرات وقوع الشاب تحت وطأة إدمان المخدرات الرقمية.
وأوضح "فرويز" أن العالم العربي يواجه كارثة جديدة من كوارث هذا العصر الحديث، تستهدف الشباب في كل مكان، وتسعي إلي تدميره مقابل حفنة من الدولارات القليلة لا تتجاوز 20، يتم دفعها عبر "الفيزا كارت" من خلال شبكة الإنترنت، حيث لم يعد مطلوبا سوي جهاز كمبيوتر شخصي أو I padأو notebookأو غيرها من الأجهزة التي تتلقي الملفات الصوتية mp3، متصلا بسماعات، وينعزل الشباب في غرفته إلي عالم الإدمان لهذه الموسيقي.
وعن الأعراض الجسدية التي تصاحب إدمان المخدرات الرقمية، قال "فرويز" إن تأثيرها يصل مباشرة إلي المخ، حيث تلغي "الانتروفين" الحبوب المخدرة الطبيعية بالمخ، ويترتب علي ذلك دخول المريض في موجات تشنجية، ونوبات صرع تسيطر علي جسده بالكامل، فضلا عن التبول اللاإرادي، والصداع الشديد، مؤكدا أن الأعراض النفسية، تبدأ بقلة التركيز والانفصال عن الواقع، ومن ثم انخفاض الأداء فى العمل والإخفاق في الدراسة.
وحذر استشاري الطب النفسي كل أم وأب من هذا الوحش الصامت الذي يأكل أولادهم في هدوء، حيث يلتهم الصغار والشباب والمراهقين عبر موسيقي مميتة، مطالبهم بالحرص والانتباه على أولادهم ومتابعتهم بشكل مستمر، ومراقبتهم في حجراتهم، والتعرف علي أنواع الموسيقي التي يسمعونها، وعدم تركهم في غرفهم لفترات طويلة دون أي تواصل معهم، فضلا عن عدم وضع جهاز الحاسوب في غرفة الأطفال الصغار، إلا في مكان مفتوح سهل الرقابة.
وأكد "فرويز" أن علاج المدمن من المخدرات الرقمية، يستغرق ثلاثة أشهر تقريبا، ويمكن أن تكون في المنزل أو المصحة النفسية، وتكون العشرة أيام الأولي من أعراض الانسحاب، تماثل علاج إدمان الهيروين، مثل تكسير في العظام والجسد، والصداع الشديد الذي ينتاب المريض، ثم تبدأ مرحلة جديدة من شعور المدمن أو المريض بالهلوسة السمعية والبصرية والاضطهاد من الآخرين، وأن أحدا يريد إيذاءه أو ضربه أو قتله، وتكون هذه الهلوسة مصاحبة بمزيد من النوبات التشنجية الشديدة، محذرا من أنه دون إعطائه مهدئات لتخفضيها وتحجيمها، قد تؤدي إلي الوفاة للمدمن.
من جانبها، قالت الدكتورة عزة كريم، مستشارة المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن التكنولوجيا دائما ما تكون لها تأثير سلبي وإيجابي، مشيرة إلى أن خطورة المخدرات الرقمية أو الموسيقي القاتلة والمدمرة للشباب، تكمن فى عدم السيطرة عليها أو تحجيمها أو منعها من دخول المنزل كالتدخين مثلا، ولكنها تسري في أجهزة الحواسب والتليفونات الذكية الموجودة في يد كل مراهق وطفل الآن، والتي يستخدمها في أي وقت دون معرفة الآخرين، مضيفة أن ما يفاقم المشكلة، جهل الآباء لأنواع الموسيقي الشبابية من الأصل وعدم قدرتهم علي التمييز فيما بينها.
وتابعت "كريم" أن الوقاية خير من العلاج، والحل يبدأ من الأسرة، ويجب علينا تكثيف التربية الأسرية وتعميق العلاقة بين الآباء والأبناء، وأن تقوم علي الشراكة في كل شيء وليس مجرد صداقة، بل علي الآباء أن يشاركوا أبنائهم هواياتهم ونشاطاتهم المختلفة، ينصتوا إليهم جيدا في مطالبهم ومشكلاتهم، وأن يتعلموا من أجلهم هذه التقنيات الحديثة في عالم الإنترنت والحاسوب؛ ليكون لديهم دراية بالمستجدات العالمية وما تبثه من سموم عبر المواقع لتدمير الشباب والمراهقين.
وطالبت "كريم" الآباء بعدم ترك أبنائهم فريسة لأصدقاء السوء الذين يجدون عندهم كافة الإجابات لتطلعاتهم ورغباتهم التي تنتشر دائما في سن المراهقة، ويكونوا المحركين لهم لتعاطي هذه المخدرات غير التقليدية، وعلي الآباء أن يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم، ولا يمارسون السلوكيات الخاطئة من الكذب والسباب البذيء، حيث إنها أزمات طاردة يفر منها الأبناء إلي أصدقاء السوء.
كما طالبت الآباء أيضا بأهمية شغل أوقات فراغ الأبناء في الرياضات المختلفة والهوايات الفنية والأدبية، منذ الصغر وليس في مرحلة المراهقة، مؤكدة أن الفراغ من أهم السلبيات التي تدفع الأبناء لممارسة عادات وسلوكيات خاطئة كالإدمان والتدخين والكذب والتحرش الجنسي وغيرها من الأمراض الاجتماعية.
وحذرت "كريم" من أن المخدرات الرقمية، خطوة علي طريق الإدمان للمخدرات التقليدية من البانجو والهيروين وغيرها، مضيفة أن الإدمان يعد بوابة جهنم لكافة الجرائم من السرقة والاغتصاب والقتل، لذا علي جميع وسائل الإعلام تبني حملات توعوية مقنعة تنصح بمخاطر الإدمان وأنواعه الحديثة.
وفى نفس السياق، قال الدكتور كريم عادل مكاوي، أستاذ الصحة العامة بجامعة القاهرة، إنه لكي نتعرف علي الفئات المستهدفة من تعاطي المخدرات الرقمية، علينا قياس مجموعة من المحاور أبرزها، المستوي الاجتماعي للشاب، مؤكدا أن هذا النوع من الإدمان يستهدف شرائح اجتماعية مرتفعة لشباب حاصلين علي قدر علي من التعليم الأجنبي يمكنهم من الاطلاع والتواصل مع المواقع الأجنبية التي تمثل أسواقا لبيع هذه المخدرات الرقمية مثل موقع I dose، وتتمتع ببطاقة ائتمان الكترونيه "credit card" تمكنهم من الشراء لهذه الملفات الصوتية عبر شبكة الإنترنت بالدولارات.
ولفت "مكاوي" إلى أن هذه الملفات الموسيقية المعروفة بالمخدرات الرقمية، لكي تصبح فعالة في التأثير ويتحقق الهدف المنشود منها للمدمن، فعلي المدمن أن يمتلك سماعات متقدمة جدا وليست كالمتاحة عند أغلب مستخدمي الحواسب؛ حتي يتمكن من ملاحظة هذا الفارق في الترددات للموسيقي من أذن لأخري، وهي إمكانيات أيضا لا تتوافر إلا لشريحة اجتماعية ميسورة الحال.
وعن الفئة العمرية، يقول "مكاوي" إنها تكون غالبا في السن الذي يحب التجربة والمغامرة – بداية سن المراهقة حتي 20 عاما- حيث إن الفترة الأولي من المراهقة يكون لدي الشباب حماس شديد لتجربة كل شيء بدءا من السجائر وصولا للإدمان، وبما أن المخدرات التقليدية لها أثار جسدية واضحة من فقدان للوعي أو رائحة زاعقة للسجائر تعرض الشاب للوم من الأهل أو احتجاز الشرطة له حال تفتيشه بحيازته للمخدرات، يلجأ الشباب ل"ديجتال دراجز" عن طريق تحميل ملفات صوتية في حجرته المغلقة دون النزول للشارع؛ لتعطيه لذة المغامرة والتجربة دون خوف من فضح أمره.
وحذر من علامات تمثل جرس إنذار لأي أسرة لكي ينقذوا أبنائهم من السقوط في براثن المخدرات الرقمية، وهي جلوس الابن لساعات طويلة داخل غرفته منعزلا عن العالم، ويضع سماعات فوق أذنه لسماع موسيقي غير معتادة مثل الميتال والروك، موضحا أن لكل مخدر أضرار سلبية بالضرورة منها الجسدي، حيث تؤثر المخدرات الرقمية على الجهاز السمعي للشباب، فضلا عن الصداع الشديد، وانخفاض في كفاءة الذاكرة الخاصة بالاسترجاع السريع للمعلومات.
وعن الأضرار النفسية، أشار إلى أنه قد يعتقد البعض مما يعانوا من الاكتئاب أن الاستماع إلي هذه الملفات الموسيقية، سوف يساعدهم في العلاج، فهذه معلومة خاطئة، بل يظل الاكتئاب ويزداد؛ لأنه لم يتم معالجته بالطرق الطبية والعقاقير الصحيحة.
وعن الأضرار الاجتماعية، أكد أنها تتمثل في انفصال الشاب عن كافة الأنشطة الإيجابية وانعزاله عن أدواره الاجتماعية، ومن ثم يقضي وقتا طويلا بعيدا عن متابعة دراسته أو عمله، وهو ما يترتب عليه أن يصبح تقدير الإنسان لذاته ضعيف جدا، حيث لم يعد مشتركا مع الآخرين في أي شيء.
وبما أن الوقاية خير من العلاج، يقول الدكتور كريم مكاوي، إن مراقبة الشباب في سن المراهقة ليست كافية، بل علي الأهالي الجلوس مباشرة مع ابنهم المراهق وفتح حوار واضح معه عن هذه الملفات الموسيقية الخطيرة دون أي هجوم عليه أو التسفيه من رأيه، بل الاستماع إلي وجه نظره ومناقشتها بموضوعية دون إملاء أبوي يفرض للنصائح والتوجيهات دون نقاش.
طالب بضرورة تقديم الآباء للدعم النفسي للأبناء وهم ينتقلون إلي مرحلة المراهقة؛ نظرا للتغيرات التي تحدث لهم في هذه الفترة فسيولوجيا ونفسيا، ومن ثم فهم في أمس الحاجة لإعطائهم مزيد من الثقة وتقوية الصحة النفسية لديهم، وحثهم علي ممارسة أنشطة تطوعية اجتماعية لتفريغ الطاقة السلبية لديهم واستبدالها بأخري إيجابية.
ويقول الدكتور تامر مرسي، مدير إدارة العلاج من الإدمان بوزارة الصحة المصرية، إن المخدرات الرقمية ظهرت كنوع من الموسيقي الذي يترتب عند سماعه إحساس بالنشوة أو السعادة ، في أواخر السبعينيات والثمانينيات خاصة مع انتشار موسيقي الروك اند رول والميتال والهيب هوب وغيرها من الموسيقي الحديثة، لكن المخدرات الرقمية موسيقي يتم سماعها في ظروف معينة من الاسترخاء والهدوء تسبب للمستمع بلذة ومتعة في المخ.
وأضاف "مرسي" أن المخدرات الرقمية ليست بخطورة المخدرات التقليدية كالهيروين والكوكايين وغيرها، لما اثبتته الدراسات عبر سنوات من نتائج مرضية جسدية ونفسية واضحة للمخدرات التقليدية، لكن يمكن حصر الأضرار السلبية في "الديجتال دراجز" بالتوتر والقلق المستمر والعصبية الشديدة، ولها نفس أعراض انسحاب المخدرات العادية كالتشنجات، فضلا عن خطورتها في سهولة الحصول عليها وشرائها عبر الانترنت مباشرة دون وسيط، والحصول عليها في أي سن، حيث إن متطلباتها بسيطة وهو جهاز كمبيوتر في كل غرفة.
وأشار إلى أن المراهقين من الذكور أكثر إقبالا علي المخدرات الرقمية من الإناث؛ بحكم الولع بالمغامرة والتجربة، لكن لا توجد حتى الآن إحصائيات دقيقة عن النسب المئوية لذلك، مؤكدا أن كل أنواع المخدرات خطيرة وكارثية علي الفرد والمجتمع، ومن ثم يجب اللجوء للوقاية قبل وقوع الأزمة، بمراعاة الأبناء في مراحل المراهقة الخطيرة، وشغل أوقاتهم في أنشطة إيجابية ومثمرة بعيدا عن الانخراط في التدخين والإدمان.
من جانبها، قالت الدكتورة هبة العيسوي، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس، إن المخدرات الرقمية ليست وليدة اليوم، بل ظهرت عام 1922 أثناء إجراء الفيزيائي الألماني "هنري دوف" تجارب موسيقية للحصول علي استجابات وتغيرات معينة في جسم الإنسان تعالجه من بعض الأمراض النفسية "التوتر والأرق"، وكانت تعرف بطريق النقر علي الأذنين بترددات مختلفة، والتي عرفت فيما بعد بالمخدرات الرقمية أو "الديجتال دراجز".
وأردفت: بدأ نوع من الاهتمام البحثي في قواميس الطب النفسي بهذا النوع من الموسيقي الذي تخلق نوعا من التعود للشخص الذي يتعرض لها، ومنذ سنتين انتشرت مواقع علي الإنترنت لبيع أسطوانات مدمجة للموسيقي تثير أحاسيس معينة في المستمع، ومنها علي سبيل المثال، موسيقي لإثارة الرغبة الجنسية للمستمع، وأخرى لإثارة الرغبة في التأمل، وثالثة لتقوية الإرادة وهكذا، إلي أن وصلت إلي المخدرات الرقمية بسعر يتفاوت من 4 إلي 16 دولارا.
وأوضحت "العيسوي" أن المخدرات الرقمية لها طقوس معينة للشعور بنشوتها، تبدأ بارتداء المستمع ملابس فضفاضة مع الوجود في غرفة ذات إضاءة خافتة، ووضع سماعات "بيتس" أي عالية الجودة علي الاذنين؛ لإعطاء تردد مختلف، وإزالة كافة الأسلاك الموصلة بالكهرباء سواء مروحة أو مدفاه.
من جانبه، أكد الدكتور محمد عاشور، متخصص في الموسيقي الإلكترونية، أن الإحساس الذي ينتج عن السماع للملفات الموسيقية المسماة بالمخدرات الرقمية بالانتشاء والمرح، يعود لإنتاج المخ موسيقته الخاصة به وهي تسمي "الفانتوم ميوزك" والتي تنتج عن هذا التردد المختلف للموسيقي في كل أذن عن الأخري.
وأضاف "عاشور" أن الاسم العلمي "للديجتال دراجز" هو "النقر متباين التردد علي الأذنين"، وهو عبارة عن إعطاء أحد الاذنين أصوات بتردد 300 هرتز، والأذن الأخري أصوات بتردد 310 هرتز، ومن ثم تستقبل منطقة المخ الخاصة بتمييز الترددات الفرق بين الأصوات في الأذنين "10هرتز"، ويستمر المستمع في تكرار هذه الاصوات، مما يحفز منطقة المخ المتخصصة هذه بنفس التردد، إلي أن يصل المستمع بعد وقت أن تبدأ الأعصاب المخية له المرتبطة بهذه المنطقة بإصدار موجات كهربية عصبية بنفس التردد تنتشر لباقي أجزاء المخ، ثم يصبح هذا التردد "10 هرتز" المنتشر لباقي أجزاء المخ هو الشعور الزائف للمدمن بالأحساس بالسعادة أو الاسترخاء أو اللذة والنشوة وهذا السبب وراء الإدمان.
وبسؤال مجموعة من الشباب علي أحد المقاهي عن هذا النوع الحديث من المخدرات، يقول "علي" 23 عاما، إن علاقته بالديجتال دراجز هي قطعة الحشيش الذي يقوم بتسييحها علي سخونة عمل البروسيسور في الكمبيوتر لتعطي مزيد من الزيت الذي ينتشي به عند حرقه في السجائر.
بينما يقول عبد الرحمن الشهير ب "بودي"، يدرس بالجامعة الأمريكية، إنه يعرف اسم المخدرات الرقمية من قبل، لكنه يشعر بنفس الأعراض الخاصة باللذة بل ونوبات شديدة من الهياج عند تفاعله مع موسيقي الميتال والرقص عليها في الديسكوهات.
ويتفق معه في الرأي شادي عمر، طالب بالجامعة الألمانية، قائلا إنه لا يحتاج لشراء المخدرات الرقمية من علي الإنترنت، فبدلا من دفع 10 دولار في موسيقي لا يعلم إذا كانت ستعجبه أم لا، فهو يذهب لحفلات الميتال والهيب هوب والروك، ويشرب الحشيش وبعض من جرعات الهيروين حتى يصبح في عالم آخر من النشوة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.