في العام 1972 فتحت السعودية نافذة من نوافذ خدمة تاريخها وجغرافيتها وآدابها وآثارها الفكرية والعمرانية، من خلال إنشاء دارة علمية مستقلة أطلق اسم الملك عبد العزيز عليها؛ تهدف لتوثيق سيرة الملك عبد العزيز التي تعد في مقدمة اهتمامات الدارة وعلى رأس أولوياتها، واليوم أتمت الدارة فهرسة جميع مقتنياتها من المخطوطات الأصلية التي يبلغ عددها 5000 مخطوطة في نحو 10 آلاف مجلد، تحوي كمًا نفيسًا من ذخائر التراث العربي والإسلامي في مختلف علوم المعرفة. جميع المخطوطات المفهرسة تم إخضاعها لعمليات فنية دقيقة للحفاظ عليها وترميم ومعالجة المخطوطات النفيسة التي كانت تحتاج إلى ذلك، باستثناء عدد قليل من المخطوطات التي حصلت المكتبة عليها أخيرًا، وستتم معالجتها وفهرستها خلال الأيام القليلة القادمة. كما أن أعمال الفهرسة الإلكترونية لمقتنيات المكتبة من المخطوطات تمت بعد تصويرها وإتاحة صور منها عبر موقع المكتبة على شبكة الإنترنت لخدمة الباحثين. تضم مقتنيات الدارة عددًا من المخطوطات الأصلية النادرة، التي لا يوجد سوى نسخة وحيدة منها في العالم، مثل مخطوطة المعرب: "شرح قوافي أبي الحسن الأخفش لأبي جني" التي كتبت عام 406ه، ومخطوطة رسالة الأسئلة والأجوبة لحفظ الصحة لهبة الله بن جميع والمتوفى سنة 594ه، وتعد النسخة الوحيدة من هذه المخطوطة الفريدة، التي كتبت بخط يده، ومخطوطة رسالة في تثليث الكلام لابن خولان الحنبلي، التي تعد الوحيدة من نوعها في العالم؛ إضافة إلى عدد من المخطوطات الأخرى النادرة، التي لا يوجد سوى نسخة ثانية منها في المكتبات الدولية، مثل مخطوطة حكم السماع لابن القيم ومخطوطة الاستيقاظ والتوبة للسيوطي، ومخطوطة منهج الوصول إلى تحرير الوصول لزكريا الأنصاري والمتوفى سنة 926ه، ومخطوطة المصاحف التي كتبت خصيصاً لخزائن الملوك والسلاطين في عصور ماضية وامتازت بروعة زخرفتها. تضمنت أهداف «دارة الملك عبد العزيز» تحقيق الكتب التي تخدم تاريخ المملكة وجغرافيتها، وآدابها وآثارها الفكرية والعمرانية، وطبعها وترجمتها، وكذلك تاريخ وآثار الجزيرة العربية والبلاد العربية والإسلامية بشكل عام، وإعداد بحوث ودراسات ومحاضرات وندوات عن سيرة الملك عبد العزيز خاصة، وعن المملكة وحكامها وأعلامها قديما وحديثا بصفة عامة، والمحافظة على مصادر تاريخ المملكة وجمعها، وإنشاء قاعة تذكارية تضم كل ما يصور حياة الملك عبد العزيز الوثائقية وغيرها، وآثار الدولة السعودية منذ نشأتها، ومنح جائزة سنوية باسم «جائزة الملك عبد العزيز». بالإضافة إلى إصدار مجلة ثقافية تخدم أغراض الدارة، وإنشاء مكتبة تضم كل ما يخدم أغراض الدارة، وخدمة الباحثين والباحثات في مجال اختصاصات الدارة. كما تبنت الدارة تنفيذ مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل فهد بن عبد العزيز لترميم وتجليد كتب مكتبة الملك عبد العزيز آل سعود الخاصة التي تعد الآن مصدرا مهما من مصادر تاريخ المملكة العربية السعودية الحديثة، خاصة في ما يتعلق بعلاقة الملك عبد العزيز بالعلم والمعرفة. وتتكون مكتبة الملك عبد العزيز الخاصة من مجموعة نادرة من المؤلفات والدوريات التي يزيد عددها على ثلاثة آلاف كتاب، تم جمعها خلال فترة حياته انطلاقا من حرصه المتواصل على قراءة الكتب، والتزود من علومها، ولقد عرف عن الملك عبد العزيز حبه للمعرفة، ورعايته للعلماء من بداية حياته.