اعلنت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن قوة الغواصات التابعة للبحرية الإسرائيلية استلمت الغواصة الرابعة من طراز دولفين الألمانية، وأن طاقم من البحرية الإسرائيلية قام أمس بمراسم تسليم الغواصة في حوض بناء السفن في مدينة كييل الألمانية، ومن المتوقع أن تصل إلى إسرائيل في غضون أسبوعين. وكان قائد سلاح البحرية الإسرائيلية "رام روتتنبرج" قد صرح قبل أيام أن قواته ستسلم الغواصة الرابعة من طراز دولفين والتي سميت ب"تانين" في الأيام القليلة المقبلة. وتعد الغواصة "تانين" أحدث الغواصات التي دخلت الخدمة مؤخراً في القوات البحرية الإسرائيلية، فهي تمتاز عن الثلاث السابقين بقدرتها على إطلاق الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية لمسافات تصل إلى 1500 كم، وإطلاق صواريخ "كروز" الموجهة دون الحاجة إلى الصعود إلى سطح البحر، وزودت كذلك بامكانيات تمكنها من العمل مدة أطول تحت الماء دون الحاجة إلى التزود بالوقود أو بالمؤن أو الأكسجين لمدة أسبوعين. وهي تماثل الثلاث غواصات الأخرى التي تمتلكهم إسرائيل في استخدمها للوقود الحفري "الديزل" ونفس المدى الذي يبلغ 4500 ميل بحري، وكذلك تكنولوجيا التخفي عن اجهزة السونار وكاشفات الغواصات. وتمتلك إسرائيل حالياً رسمياً أربعة غواصات من طراز دولفين 800، من أصل ستة غواصات تم التعاقد عليها مع ألمانيا، وقد استلمت الثلاثة الأوائل في الفترة الممتدة بين يوليو 1999 وأكتوبر 2000، والرابعة الجديدة التي كان من المفترض أن تدخل الخدمة أوائل2013، ولكن تأخر تسلمها بسبب طلب تل أبيب مواصفات جديدة وإمكانيات حمل وإطلاق الصواريخ الباليستية، وهو الأمر الذي سيطبق كذلك على الغواصتين المتبقيتين اللتان ستستلهم إسرائيل في 2015 و2017. وجدير بالذكر أن إسرائيل زودت بغواصات دولفين حسب الاتفاق الذي تم في التسعينات بين برلين وتل أبيب برعاية المستشار الألماني الأسبق "هيلموت كول". ونص على تزويد إسرائيل بثلاث غواصات، تتحمل ألمانيا معظم تكلفتهم، وذلك بسبب الأزمة العاصفة التي أعقبت مفاوضات قام بها نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين مع شركة "دويتشية فيفريت" المصنعة لهذا الغواصات، وهو ما استغلته إسرائيل لشن حملة ضغط سياسي وإعلامي على ألمانيا لوقف الصفقة، بل وتحويلها إليها. وبالفعل وفي عهد المستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر استلمت إسرائيل الغواصات الثلاثة، حيث شارك مع وزير خارجيته يوشكا فيشر، في احتفال رسمي أجري بميناء حيفا، برفع العلم الإسرائيلي على الغواصات الثلاثة في 1999. وبخلاف الثلاث غواصات الأولى، فأن الثلاثة الجدد تم الاتفاق على توريدهم لإسرائيل تباعا، منذ بداية العقد الماضي، وأخر هذه الاتفاقيات تمت في عهد وزير الدفاع الإسرائيلي السابق إيهود باراك والذي بمقتضاها ستستلم إسرائيل الغواصة الخامسة والسادسة. وتسعى إسرائيل إلى ضمان أن تكون الدولة الوحيدة التي تمتلك هذا النوع من الغواصات الألمانية في الشرق الأوسط، فاعترضت تل أبيب على نية ألمانيا تزويد باكستان بغواصات دولفين، وقد صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حوار له قبل عامين مع صحيفة "بليد" الألمانية بمعارضته لصفقة تزويد باكستان بهذه الغواصات، مذكراً أن باكستان لا تعترف رسمياً بإسرائيل وتنغمس في سباق تسلح نووي مع الهند، وتزويدها بالغواصات الألمانية قد يشعل سباق تسلح في العالم، مشدداً على أن تسليح باكستان بهذه الغواصات ضد مصلحة إسرائيل. وكانت صحيفة دير شبيجل قد نشرت تقرير في ذلك التوقيت حول موضوع صفقة غواصات دولفين، وأشار التقرير إلى أن إسرائيل تعمل على تركيب ونشر أسلحة نووية على منصات صواريخ هذه الغواصات. وأيضاً تعرض التقرير إلى صفقة غواصات وشيكة بين باكستانوألمانيا من نفس الطراز، وأشارت إلى اعتراض بعض الساسة والخبراء الألمان على هذه الصفقة، لأسباب منها عدم الاستقرار السياسي في باكستان وتزايد التهديدات الإرهابية واكتشاف علاقات بين مسئولين في الاستخبارات الباكستانية وتنظيمات متطرفة، كذلك خشية وقوع هذا النوع من الأسلحة المتطورة في أيدي أي نظام متطرف قد يأتي في باكستان. وأوردت الصحيفة تصريحات لمسئولين في وزارة الدفاع الألمانية حول أن الصفقة ليس حولها أي مخاطر باعتبار باكستان"شريك للغرب" في الحرب على الإرهاب. يذكر أن الغواصة "تانين" قد دارت شكوك منذ 2011 حول إمكانية تسليمها إلى إسرائيل، وذلك بعد ما نشرته مجلة "ديرشبيجل" الألمانية حول امكانية إلغاء الحكومة الألمانية العقد المبرم بين الدولتين، وذلك بسبب سياسة الاستيطان الإسرائيلية/ وتهديد المستشارة الألمانية، "أنجيلا ميركيل" بتأجيل تسليم الغواصات إذا لم تدفع الحكومة الإسرائيلية الضرائب التي جمعتها من الفلسطينيين إلى السلطة الفلسطينية. لكن المسئولين الأمنيين والعسكريين الإسرائيليين نفوا ذلك حينها وأكدوا على استمرار العقد وكذلك التوسع في التعاون العسكري الألماني – الإسرائيلي، وهو ما أُكد بزيارة وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك إلى ألمانيا في مارس 2012، والقيام بتدشين انشاء الغواصة "تايتن" بحضور مسئولين عسكريين ألمان وإسرائيليين، على رأسهم قائد سلاح البحرية، الجنرال "رام روتبرج"، والذي صرح وقتها "هذا الحفل اليوم، أكثر من أي شيء آخر، يمثل الصلة القوية والفريدة بين ألمانيا وإسرائيل، خصوصاً في مواجهة التطورات الإقليمية والتحديات المتعاظمة. ووقتما صارت المخاطر عالمية، فإن العلاقات بين ألمانيا وإسرائيل إلزامية أكثر من أي وقت مضى". تضمن الغواصة الجديدة للبحرية الإسرائيلية تفوقاً في الحرب تحت سطح الماء، وقد صرح أيهود باراك إبان توليه رئاسة وزراء الكيان الصهيوني عام 1999، عندما تسلمت إسرائيل الغواصة الأول: "إن هذه الغواصات سوف تغير وجهة البحرية الإسرائيلية، وقدرات الذراع الطويلة لإسرائيل". ويرى "جاي بيخور"، المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرنوت" في مقال له بالجريدة عنوانه"هيمنة إسرائيل على الأعماق"، أن سعي إسرائيل الكبير لامتلاك أسطول غواصات قوي، لا يتوفر إلا لدول مثل قليلة بخلاف روسيا والولايات المتحدة والصين، وهو ما سيوفر لإسرائيل "اليد الأطول" في أي مواجهات قادمة في المنطقة. وفي إشارة لتفوق البحرية الإسرائيلية لأول مرة على البحرية المصرية لأول مرة بفضل أسطول الغواصات، قال "بيخور" أن "التفوق النوعي والعددي للبحرية المصرية على البحرية الإسرائيلية أصبح غير ذا قيمة بعد التفوق الإسرائيلي في أعماق البحار، وأن القاهرة القلقة حالياً لا تملك موارد تجعلها تلحق بإسرائيل في هذا المضمار، حيث أن تكلفة الغواصة الواحدة تتراوح ما بين 500 إلى 850 مليون دولار"، لافتاً النظر إلى عدم صلاحية سلاح الغواصات المصري، واصفاً إياه ب"عفا عليه الزمن"، مضيفاً "أن مصر لم تكن تهتم في السابق بمسألة غواصات دولفين وتملك إسرائيل لها سابقاً، والنظام الحاكم الآن لا يستطيع الآن شراءها". كذلك أكد "بيخور" أن "مسألة توجيه ضربات وقائية أو انتقامية ضد إيران من المرجح جدا أن تكون لغواصات دوراً فيه بجانب سلاح الجو"، مضيفاً "إيران تراقب بقلق بالغ تطور أسطول الغواصات في إسرائيل، حيث تكمن نقطة ضعف إيران في مسالة الغواصات التي تملكها والتي تعد عتيقة الطراز، وأن إيران التي سعت لإظهار أنها قوة بحرية إقليمية، من خلال وصولها للبحر المتوسط مرتين من العام الماضي، أصبحت الآن تدرك أنها ليست ببعيدة عن مدى الغواصات الإسرائيلية، والتي اقتربت من السواحل الإيرانية عدة مرات في الأعوام القليلة الماضية، مما يدعم التوازن القائم، والذي سيكون لإسرائيل فيه التفوق في الأعوام المقبلة عندما يتم اكتمال أسطول الغواصات."