انتفخت عضلات الأمريكي لعقود طوال ب"هرمونات" الذكورة المزيفة.. هرمونات حيوانية تُحقن تحت الجلد، فتنتفخ العضلات بعلامات الفتوة الكاذبة، وتبث في نفس صاحبها شعورا بقوة ديناصورية مفرطة، ويأخذها الناس بالظاهر فيهابونها لتتطاير سيرة سطوتها مع أحاديث الربان، لكن الأميركي أخذ من القوة الكاذبة فزاعتها ومن الهرمونات الحيوانية خوارها، حتى حلت ساعة اختبارات الأزمات في "جيم الصراع العالمي" النقاب، لتكشف زيف تلك الفحولة ورخاوة تلك العضلات، ونرقب ذلك الجسد العملاق اليوم شاكيًا ناعيًا انعدام الخصوبة السياسية وتآكل مفاصل السيطرة والتحكم والنفوذ، حتى وان بدت عليه علامات الصحة والقوة الظاهرة لتردع من لا يعرف حقيقته، وتخيف مرتجفين ومرتعشين أدمنوا الخوف من (فتوة) الحارة. هي إذن لحظة التعري والانكشاف الدولي لذلك الأمريكي صاحب العضلات المفتولة المزيفة، والذي واجهته اختبارات وتحليلات الفحص الدقيق بحقائق مؤلمة وأعراض صادمة، تتمثل في اتساع تآكل مصداقيته أمام نفسه وعالمه، وكذب ادعاءاته بمضغة الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتمزق تحالفه القديم مع تابعه الأوروبي، وتقهقره المهين أمام قوى صاعدة (الصين)، أو عائدة بقوة بعد طول غياب (روسيا)، أو طامحة تسجل حضورها القوي وتجره للطاولة (إيران)، أو ذلك الانزلاق الغضروفي لمشروع شرق أوسطي حمل عنوان (الفوضى الخلاقة)، كانت نكسته تدشينا لحقبة تاريخية جديدة لعالم ما بعد الحرب الباردة، أكثر منه نهاية لمشروع أمريكي استراتيجي للتقسيم والهيمنة والسيطرة. لا بأس، ووسط أعراض ذلك الضعف والتراجع، أن يترجم الاخفاق السياسي لصاحب العضلات االمزيفة ترددًا أو تخبطًا، أو قل إنفلاتًا في الأعصاب الدبلوماسية، فقد حاول الأمريكي مبكرًا نقل عطاء "الفتونة" الى آسيا باستراتيجية دفاعية كاسحة، لكن (حوار شانجريلا) في سنغافورة عرى هذا الرهان، وكانت مواجهة التنين الصيني للأمريكي بانكشاف حقيقة (فانتازيا الاحتواء) نموذج عصري في فن (التجريس الدولي) لقطب أغرته شهوة القوة وغرورها، وفي شهر الآلام أيضا كانت آسيا الوسطي على موعد مع لطمة القوية للغطرسة الأمريكية، فقد انهار "مشروع الدرع الصاروخي" الامريكي الذي أنفق عليه 40 مليار دولار، بعدما باءت 8 تجارب من أصل 16 تجربة بالفشل، إذ وكما عضلات الاميركي الهشة لم تتمكن الصواريخ الاعتراضية من قطع الطريق على صاروخ حربي "مهاجم". هل من حاجة إذن إلي أن نستفيض في حديث آخر عن تراجع الاهتمام التاريخي الأميركي بأوروبا لصالح الرهان الآسيوي الفاشل، بل وضلوع صاحب العضلات في فضيحة تجسس مدوية على قادة القارة العجوز، بما كان لذلك من انعكاسات واضحة في أزمة أوكرانيا الأخيرة، وهو ما شعرت به إدارة أوباما في لحظة احتياجها لوقوف أوروبا معها في فرض عقوبات على روسيا، ردا على ضمها جزيرة القرم، في مقابل ما دعمته تلك الأزمة من عزيمة المنافس الروسي، وضعف أمريكي اختفي خلف خطاب إنشائي خالٍ من المضمون، لا يختلف كثيرا عن العضلات الأمريكية خالية الدسم، والتي لم تعد ترعب ذبابة. تتراكم الشماتة السياسية في صاحب العضلات المزيفة، بعدما تمدد زحف فضائحه على خارطة العالم، لترتد سمعته الكاذبة الى نحره ويكون ما يوصف ب"الربيع العربي" مناسبة جيدة لدفع فاتورة عذابات العالم بأكملها في منطقتنا العربية تحديدًا، ومن "تونس البوعزيزي" الى "عراق داعش" انتقلت عدوى الاعيب الفك والتركيب، لتسقط سقوطًا مدويًا في اليمن وسوريا وليبيا بدرجات متفاوتة فيما الحمل الكاذب سيد الموقف في تونس، وما أن انهارت لعبة التآمر في اعطاب القلب (مصر) وان استمرت الضغوط بتخفيضات للمساعدات الامريكية وصل الى 26 % ، ما يزال الأمريكي في غيه وعلى عهده في اختبار رخاوة عضلاته بمغامرة جديدة بالأطراف الاستراتيجية (العراق) تحت لافتة (داعش)، لتبدو محاولات التحرش واضحة بالحديث عن تدخل محدودة وإرسال 300 "مستشار" لتدريب القوات العراقية، بما يعطي اشارات دالة نحو اعادة لعبة القفز من الشباك العراقي، بعد ان استعصى الباب المصري على الكسر. التأخر والتباطؤ لم يعد مجديا على أي حال، فأمام افتضاح أمر ذلك "الأسد الورقي" فإن أدوارا اقليمية بالوكالة ستشهد خفوتا إن لم تختف عمليًا، في المقابل فإن أدوارا صاعدة في المنطقة تسعى الى اقتناص الفرصة وملء الفراغ، وما من شك أن مصر ومحيطها العربي باتا رهينة للحظة تاريخية يعاد فيها ترتيب الأوراق ورسم خارطة التفاعلات والتحالفات، بما يعني أن مضي الدور المصري في غيابه منذ 40 عاما هو استمرار ان لم يكن استمراء للفشل، أو ربما رحلة بحث عن كفيل دولي جديد يعيد لعبة التابع والمتبوع، والظن أن القضية لم تعد إرادة بقدر ما هي ضرورة.