يحتاج نقيب الصحفيين الدكتور ضاء رشوان، لأجهزة متطورة لقياس المشاعر والأحاسيس، فور إعلان أحد الصحفيين الشباب الإضراب عن الطعام، كوسيلة للنضال السلمى؛ للمطالبة بحق مهدر، ورفع الظلم عن صحفيين، بعد أن طاردتهم أمواج الاستهداف، بدءًا من الأمن وبعض الجماعات والمواطنين الشرفاء، ومرورًا بمؤسساتهم، التى يذوقون فيها المر، ووصولا إلى مبنى النقابة، حجر العثرة فى سبيل الحصول على أبسط حقوقهم وهو "الكارنيه". 1 قبل أيام، أعلن الزميل شهاب أبو مغيث، الشاب الصعيدى الأسمر، إضرابه عن الطعام، داخل مبنى نقابة الصحفيين، غير آبه بمخاطر ذلك على جسده الرياضى السليم، فالسبّاح السوهاجى الماهر، فضّل –هذه المرة– ممارسة رياضته الأولى عكس التيار، للوصول لهدف على الجانب الآخر، راسمًا طريقا جديدًا للسباحين/الصحفيين من بعده، لاكتشاف طريق جديد لانتزاع الحق. 2 لم يتحرك النقيب أو أعضاء المجلس بعد إعلان "شهاب" إضرابه، وظلوا يعلقون الرهانات على استمراره، ومواصلة زملائه لاعتصامهم داخل مبنى النقابة، والحفاظ على ضحكتهم المعهودة أمام كاميرات برامجهم فى القنوات المختلفة، طوال أيام الانتخابات وما بعدها، بينما بدأ "شهاب" يتألم من إضرابه، لينضم إليه بعدها، مجموعة من الزملاء لإفقاد الجميع رهاناتهم، وتحميل كل منهم مسؤوليته، تجاه مهام عمله فى المقام الأول، والإنسانى ثانيًا. 3 استمر "أبو مغيث" فى إضرابه، لمدة تجاوزت سبعة أيام، ليزيد من حماس زملائه للانضمام إليه فى إضرابه، وكذلك غضب النقيب وأعضاء المجلس من المواصلة، مع سحب بعضهم لرهانه حول فض الاعتصام والإضراب، بعد ضجة إعلامية، وسيارات إسعاف هنا وهناك، ووصول الأمر لتحميل الرئيس والحكومة مسؤولية تدهور صحة المضربين. 4 ثبت كل فريق على موقفه؛ فاستمر "شهاب" فى إضرابه، وواصل النقيب وأعضاء المجلس ضحكهم وظهورهم عبر الفضائيات، مع تجاهل شباب الصحفيين، الذين طالما أوجعوا الرؤوس بضرورة حمايتهم والدفاع عنهم، وسط نصائح من الجميع للمعتصمين والمضربين بالثبات على موقفهم، حتى بلوغ الهدف المنشود. 5 "أول مرة أشوف حد بيضرب عن الطعام عشان يدخل النقابة".. كلمات أبدى بها نقيب الصحفيين اندهاشه من إضراب شهاب وزملائه عن الطعام، خلال لقاء جمعه بصحفيى "البديل" على سلالم النقابة فى الثانية فجرًا، إلا أنه ووجه بردود حاسمة بليغة، حول الحقوق وروح القانون وتقصير مجلسه؛ مع التماس الأعذار للرجل، الذى لم يكتب خبرا قط فى حياته، ولم يعمل صحفيًا ميدانيًا، وإنما أوصلته الأبحاث السياسية بمركز الأهرام، لكرسى النقيب بفارق 265 صوتًا فقط، عن منافسه عبد المحسن سلامة، بعد إخفاقه فى انتخابات 2009 على صخور مكرم محمد أحمد. بعد أيام تدهورت صحة "شهاب"، ما اضطره لفك إضرابه، والخروج بنتيجة هى أربع قرح فى المعدة، بينما كان أعضاء المجلس ينعمون فى أماكنهم ويتناولون كل ما لذ وطاب، مع استمرار رهاناتهم حول جدوى الاعتصام، ونجاحه. 6 سيدى النقيب، حضرات السادة أعضاء مجلس النقابة الموقرين، إن زميلنا "شهاب أبو مغيث"، الماثل داخل نقابتكم، اليوم، لم يرتكب ذنبًا أو إثمًا، ليُحاسب أو يُعاقب عليه، وإنما دفعه ظلم مجلسكم الموقر، للاعتصام والإضراب عن الطعام، حسبه رفع الظلم عنه وزملائه، دون البحث عن مجدٍ شخصى أو ترف دنيوى، فقد تحمل مغص البطن وتضاؤل الأمعاء، للحصول على حق اعترفتم بأنه الأجدر به، إلا أن أسبابا أخرى منعتكم من إيفائه إياه، وأنصحكم فى النهاية بتذكر أن قاضى السماء، يطلع على ما نحن فيه، ولن يفلت منه أحد.. فويل لنقيب الصحفيين من قاضى السماء.