في 15 مايو 1948 نتذكر جميعاً ما حل بالشعب الفلسطيني من تنكيل وتهجير وإبادة جماعية بغية اجتثاث العرق الفلسطيني من المنطقة لتقوم على أشلائه دولة الكيان الصهيوني ,لم تكن نكبة 48 بداية الصراع للمخطط الاستعماري الذي استهدف الفلسطينيين لكنها كانت بمثابة التتويج شبه النهائي للمؤامرة التي حيكت ضد الشعب الأعزل بأكمله حيث تعرض لمأساة انسانية كبرى قبل تاريخ النكبة ,عندما كانت العصابات الصهيونية الارهابية تهاجم بلدات وقرى فلسطينية من حين لأخر بغية بث الرعب والذعر بين سكانها تمهيداً للحادث الأكبر . كان قرار التقسيم رقم 181 الصادر من الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947 بداية النكبة الحقيقية للشعب الفلسطيني حيث قضي بانتهاء الانتداب البريطاني وتقسيم الأراضي الفلسطينية إلى 3 كيانات جديدة ,دولة عربية تقع على الشريط الحدودي مع مصر ,دولة يهودية تمتد من السهل الساحلي حتي أم الرشراش المصرية أو ما يعرف (بإيلات)ثم القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة التي تقع تحت الوصاية الدولية . كان هذا القرار هو المقدمة الحقيقية لنكبة الشعب الفلسطيني ,تلك النكبة التي تحققت فيما بعد بطرق ممنهجة وفق خطط صهيونية استعمارية عالمية لتنفيذ عمليات التهجير والإبادة معاً,فتم طرد الشعب الفلسطيني من أرضه من قبل الحركة الصهيونية الارهابية التي نشأت في وسط وشرق أوروبا أواخر القرن التاسع عشر ودعت اليهود للعودة إلى أرض الآباء والأجداد ,وقد ارتبط هذا الفكر المتطرف باليهودي النمساوي (هرتزل)الذي يعد الداعية الأول للعنصرية المتطرفة بطرد الفلسطينيين من أراضيهم التي استباحت الدماء العربية بشتى الطرق الوحشية ,وفقاً لمعتقداتها العنصرية تجاه العرق العربي عامة والفلسطيني خاصة ,فتم تشريد 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين يعيشون في مخيمات غيرآدمية على الأطراف المترامية لحدود الدولة الفلسطينية ,وقد ارتكب العدو الصهيوني كافة المجازر البشعة ضد الشعب الفلسطيني ,حيث هدم ما يقرب من 500 قرية فضلاً عن تدمير المدن الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية من خلال إزاحة القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب . كان قرار التقسيم ينص على تخصيص 52%من مساحة فلسطين للعصابات الصهيونية ,لكن بفشل العرب في تحقيق النصرفي حرب 48 واسترداد فلسطين زادت رقعة الأرض العربية التي استولى عليها الصهاينة لتصل إلى75%من المساحة الكلية ,ومن ثم بدأتهويد المدن الفلسطينية بمحو الأسماء العربية وإحلال الأسماء العبرية بديلاً عنها,وحتي لاننسى فإن ما ارتكبه الصهاينة من مجازر القتل الجماعية لايمكن محوها من الذاكرة العربية وهى أكبر من أن تحصى، لكن تظل مذبحة صبرا وشاتيلا التي وقعت 1982 في مخيمات الفلسطينيين بلبنان أحد أهم المجازر الشاهدة على تعطش الصهاينة لإراقة الدماء الفلسطينية حيث قتل في أقل من أربعين ساعة ما يقرب من 5000 رجلاً وطفلاً وامرأة في حين هرب البعض الآخر لينجو بنفسه من الحصار والقتل,لم يكف الصهاينه عن ممارسة العنف بل توالت المذابح الدموية في قانا والخليل ودير ياسين وجميع أرجاء الأرض العربية المحتلة التي مازالت تقاوم في صراع دائم على الوجود لا على الحدود . وإذا كانت ذاكرة التاريخ تحفل بأحداث جسيمة سجلتها مكتوبة ومسموعة ومرئية في قضايا الصراع العربي الصهيوني فإن هذا لايعني أن تمر ذكرى النكبة الفلسطينية التي أعلنت دولة الكيان على أراضيها في اليوم التالي مباشرة لعملية التهجير القسرية مرور الكرام بل ينبغي تذكير العالم بما ارتكبه هذا الكيان في حق الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته بإعادة فتح الأوراق وما يتوجب فعله في المرحلة القادمة لاستعادة القدس العربية والثأر من هذا الكيان الغريب المزروع في قلب الوطن العربي رغم أنف المعاهدات والمواثيق التي تدعو لسلام زائف لايتولد عنه سوى الذل والعار,إن الشعب المصري يؤمن بحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق ويتبنى قضاياه مدافعاً ومسانداً منذ النكبة وإلى أن يتحقق النصر والاستقلال ,وإذا كانت بعض الفصائل الفلسطينية ألقت ببعض الحجارة عن قصد أو دونه في المياة الراكدة فإن هذا لن يؤثر على علاقات الشعبين الشقيقين الفلسطيني والمصري الذي يعلم أن أمنه القومي يمتد من ليبيا غرباً حتى فلسطين شرقاً وأن فلسطين عربية وأن يوم التحرير قادم لا محالة وساعتها ستنشد فيروز وسنردد معها: لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي.