العام الهجري الجديد.. فضائل شهر محرم وأسباب تسميته بهذا الاسم؟    وزير خارجية إيران يدين تصريحات ترامب تجاه خامنئي ويصفها بالمهينة    موعد مباراة بالميراس ضد بوتافوجو والقنوات الناقلة مباشر في كأس العالم للأندية    «عنده ميزة واحدة».. أول رد من الزمالك بشأن مفاوضات محمد شريف    فاجعة جديدة في المنوفية.. مصرع 3 من أسرة واحدة في حادث على كوبري قويسنا    استشهاد 11 فلسطينيا في قصف للاحتلال استهدف خيم النازحين بحى الرمال غربى غزة    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    دون فلتر.. طريقة تنقية مياه الشرب داخل المنزل    قانون العمل الجديد يصدر تنظيمات صارمة لأجهزة السلامة والصحة المهنية    رئيس الجمعية الطبية المصرية: دعم استخدام الذكاء الاصطناعي في التشخيص والعلاج    ستوري نجوم كرة القدم.. مناسبة لإمام عاشور.. تهنئة شيكابالا لعضو إدارة الزمالك.. رسائل لعبدالشافي    «ملوش علاقة بأداء الأهلي في كأس العالم للأندية».. إكرامي يكشف مفاجأة عن ريبيرو    عمرها 16 عاماً ووالديها منفصلين.. إحباط زواج قاصر في قنا    انتداب المعمل الجنائى لفحص حريق بمول شهير في العبور    أسماء أبو اليزيد: الضرب في «فات الميعاد» مش حقيقي    استمرار تدريبات خطة النشاط الصيفي بمراكز الشباب في سيناء    واشنطن تؤكد لمجلس الأمن: استهدفنا قدرات إيران النووية دفاعًا عن النفس    أحمد كريمة ينفعل بسبب روبوت يقوم بالحمل ورعاية الطفل خلال ال9 أشهر| فيديو    الخارجية الأردنية تعزى مصر فى ضحايا حادث التصادم فى المنوفية    جامعة الازهر تشارك في المؤتمر الطبي الأفريقي Africa Health ExCon 2025    عراقجي: إسرائيل اضطرت للجوء إلى الولايات المتحدة لتجنب قصفنا الصاروخي    جيش الاحتلال يصيب 4 فلسطينيين بالضفة    ترامب: من الممكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار بغزة خلال أسبوع    شيخ الأزهر ينعى فتيات قرية كفر السنابسة بالمنوفية ضحايا حادث الطريق الإقليمي    حسام الغمري: «الاختيار» حطم صورة الإخوان أمام العالم (فيديو)    طفرة فى منظومة التعليم العالى خلال 11 عامًا    أسعار الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض في الأسواق اليوم السبت 28 يونيو 2025    أسعار الذهب اليوم وعيار 21 الآن عقب آخر تراجع ببداية تعاملات السبت 28 يونيو 2025    عبداللطيف: الزمالك يحتاج إلى التدعيم في هذه المراكز    عمرو أديب: الهلال السعودي شرَّف العرب بمونديال الأندية حقا وصدقا    نجم الزمالك السابق: الأهلي يرفع سقف طموحات الأندية المصرية    رافينيا يوجه رسالة إلى ويليامز بعد اقترابه من الانضمام إلى برشلونة    فصل الكهرباء عن قرية العلامية بكفر الشيخ وتوابعها اليوم لصيانة المُغذى    تريلات وقلابات الموت.. لماذا ندفع ثمن جشع سماسرة النقل الثقيل؟!    التعليم تكشف تفاصيل جديدة بشأن امتحان الفيزياء بالثانوية العامة    مقتل شاب على يد ابن عمه بسبب الميراث    شيماء طالبة بالهندسة.. خرجت لتدبير مصروف دراستها فعادت جثة على الطريق الإقليمي    حزب الجبهة يقدّم 100 ألف جنيه لأسرة كل متوفى و50 ألفا لكل مصاب بحادث المنوفية    استمرار الأجواء الحارة والرطبة.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم والشبورة صباحًا    مصرع صياد وابنه غرقا في نهر النيل بالمنيا    «الزراعة»: ملتزمون بالتعاون مع إفريقيا وأوروبا لبناء سلاسل أكثر كفاءة    هدير.. طالبة التمريض التي ودّعت حلمها على الطريق الإقليمي    عماد الدين حسين: إيران وحدها من تملك الحقيقة الكاملة بشأن ضرب المنشآت النووية    عمرو أديب عن حادث المنوفية: «فقدوا أرواحهم بسبب 130 جنيه يا جدعان» (فيديو)    ستجد نفسك في قلب الأحداث.. توقعات برج الجدي اليوم 28 يونيو    الصحف المصرية: قانون الإيجار القديم يصل إلى محطته الأخيرة أمام «النواب»    لحظة إيثار النفس    «زي النهارده».. وفاة الشاعر محمد عفيفي مطر 28 يونيو 2010    مصر تفوز بعضوية مجلس الإدارة ولجنة إدارة المواصفات بالمنظمة الأفريقية للتقييس ARSO    مدارس البترول 2025 بعد الإعدادية.. المصروفات والشروط والأوراق المطلوبة    برئاسة خالد فهمي.. «الجبهة الوطنية» يعلن تشكيل أمانة البيئة والتنمية المستدامة    لماذا صامه النبي؟.. تعرف على قصة يوم عاشوراء    بعنوان "الحكمة تنادي".. تنظيم لقاء للمرأة في التعليم اللاهوتي 8 يوليو المقبل    أمانة الحماية الاجتماعية ب«الجبهة الوطنية»: خطة شاملة بأفكار لتعزيز العدالة الاجتماعية والتمكين الاقتصادي    فنانة شهيرة تصاب ب انقطاع في شبكية العين.. أعراض وأسباب مرض قد ينتهي ب العمى    اعرف فوائد الكركم وطرق إضافتة إلي الطعام    15 نقطة تبرع وماراثون توعوي.. مطروح تحتفل باليوم العالمي للتبرع بالدم بشعار تبرعك يساوي حياة    ماذا نقول عند قول المؤذن في أذان الفجر: «الصلاة خير من النوم»؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شادي عمر الشربيني: من الدوحة إلى لندن… قراءة في أسباب التخلي عن الجماعة
نشر في البديل يوم 03 - 05 - 2014

"التنظيم انتهى بلا رجعة" جملة أختتم بها معتز إبراهيم، أحد شباب جماعة الإخوان المسلمين المقيمين بالخارج، حديثه عن عملية تهجير أعضاء الجماعة من قطر إلى السودان و تركيا.
للوهلة الأولى يبدوا التصريح في الصميم، فمن الدوحة إلى لندن يبدوا أن هناك عملية واسعة لمحاصرة التنظيم و التبرؤ منه… فقد وقع السيد خالد العطية وزير خارجية قطر مساء الخميس 17 أبريل الماضي وفي اجتماع طارئ لوزراء الخارجية في دول مجلس التعاون الخليجي، انعقد في "قاعدة عسكرية في الرياض"، على "وثيقة الرياض"، وتعهد رسميا امام الوزراء الخمسة بتنفيذها، وهي الوثيقة التي رفض توقيعها في الاجتماع الأخير لوزراء مجلس التعاون الذي انعقد في الرياض قبلها شهر، هذه الوثيقة تحمل الشروط السعودية الإماراتية البحرينية للمصالحة مع قطر، ويمكن ايجاز هذه الشروط في النقاط التالية:
أولا: وقف إجراءات التجنيس من قبل قطر لشخصيات خليجية إسلامية معارضة لجأت اليها بعد ملاحقتها، اي هذه الشخصيات، من قبل أجهزة دولها الأمنية والقضائية بتهمة ارتكاب أعمال سياسية لزعزعة أنظمة
الحكم.
ثانيا: وقف دعم قطر لحركة الإخوان المسلمين التي وضعتها المملكة العربية السعودية على لائحة "الإرهاب" سواء بالمال أو الإعلام وتوفير الملاذ الآمن لرموزها وقياداتها ووجوب إبعادهم فورا دون تردد.
ثالثا: وقف قطر دعم المؤسسات الحقوقية والإعلامية كافة وما تفرع منها من صحف ومجلات ومحطات تلفزة، خاصة في أوروبا، وتعمل لصالح حركة الإخوان المسلمين، وضد مصر ودول الخليج وبإشراف مباشر او غير مباشر من قيادات إخوانية أو متعاطفة معهم والمشروع القطري الداعم لهم.
رابعا: لجم قناة "الجزيرة" الفضائية وأخواتها (الجزيرة مباشر مصر، والجزيرة العامة) ومنعها من التعرض لمصر ولدول الخليج وفتح شاشاتها لاستضافة رموزها وقياداتها للتحريض ضد السلطات المصرية الحالية.
خامسا: إغلاق بعض المراكز الدولية البحثية التي تستضيف الدوحة فروعا لها، مثل مؤسسة "راند" ومعهد بروكنغز الأمريكيين، بسبب اتهام هذه المؤسسات بالتجسس والتحريض على أنظمة الحكم في الخليج والسعودية خاصة والتخفي خلف الدراسات والابحاث الاكاديمية.
ثلاثة خطوات أقدمت عليهما قطر أخيرا يمكن أن يؤكد بداية هذه الالتزام:
الأولى: منع الشيخ يوسف القرضاوي رئيس هيئة علماء المسلمين من الخطابة من على منبر مسجد عمر بن الخطاب يوم الجمعة، بل و أصدر القرضاوي، الذي دأب أخيرا على مهاجمة الإمارات و السعودية لدعمهم لنظام 3 يوليو في مصر، بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني، يحتوي على ما يتعارض بالمرة مع موقفه السابق، حيث قال نصا: أحب كل بلاد الخليج، وكلها تحبني: السعودية، والكويت والإمارات، وعُمان، والبحرين. وأعتبر أن هذه البلاد كلها بلد واحد ودار واحدة. وقد عرفت كل ملوكها وأمرائها، واقتربت منهم جميعا، وشاركت في كل عمل حر، يوجهها ويبنيها …".
وخاطب السعودية والامارات بالقول انه حصل على أعظم جوائز منهما مثل "جائزة الملك فيصل" و "جائزة دبي الدولية للقرآن".
الثانية: التغيير الذي بدأ في بث قناة "الجزيرة" صباح اليوم التالي لتوقيع الاتفاق، فقد لوحظ أن أخبار مظاهرات جماعة الإخوان المسلمين في مصر تراجعت، ولم تعد موجودة بالكثافة التي كانت عليها قبل أيام معدودة، وعودتها أي القناة، إلى التركيز مجددا على الأزمة السورية وتطوراتها، تماما مثلما كان الحال قبل التغيير وإعطاء الأولوية للحدث المصري بعد الإطاحة بمحمد مرسي.
الثالثة: الاتفاق على ترحيل بعض الرموز الإخوانية وقيادات الجماعة الإسلامية إلى السودان و تركيا و تونس.
إذا فإن ثمن "المصالحة"، التي تعني بما لا يقبل الشك عودة القيادة القطرية إلى الحضن الخليجي، هو تقديم تنازلات كانت مطلوبة منها، لا سيما على صعيد العلاقة مع حركة "الإخوان المسلمين"، ما سينعكس بشكل مباشر على نشاط جماعة الإخوان في أكثر من إقليم عربي وإسلامي. فلماذا قبلت قطر بتقديم تلك التنازلات…؟؟
التفسير المباشر لهذا التغيير، هو أنه يأتي رضوخا للضغوط السعودية – الاماراتية – البحرينية التي تمثلت في سحب الدول الثلاثة لسفرائها من الدوحة، و ما أعقب ذلك من تلويح السعودية بإغلاق الحدود البرية والجوية السعودية أمام قطر… ولكن قبل أسبوعين فقط من رضوخها للشروط الخليجية لم تبد قطر أي اهتمام بالإجراءات التي اتخذتها الدول الثلاثة، و لم تهتم بتهديدات السعودية، حيث أعلنت مصادر مقربة من الحكومة القطرية لوكالة انباء "رويترز′′ العالمية أن قطر "لن ترضخ" لمطالب الدول الثلاث التي سحبت سفراءها من الدوحة ولن تقدم على تغيير سياستها الخارجية، وبلغ التحدي القطري الذي عبرت عنه المصادر نفسها ذروته عندما قال "قطر لن تتخلى عن استضافة أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين بمن فيهم الدكتور يوسف القرضاوي والذي ينتقد السلطات السعودية والاماراتية والمصرية في خطبة كل يوم جمعة من على منبر جامع عمر بن الخطاب في قلب العاصمة القطرية"، و من يعرف أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، يدرك جيدا أنه لا يميل الى التهدئة، ولا ينحني أمام العواصف وخاصة إذا كانت الشروط مهينة في طابعها، فهو ما زال الحاكم الفعلي للبلاد، ويتعاطى بشكل مباشر مع القضايا الاستراتيجية، والخليجية منها بالذات، ولكن من خلف ستار ويترك القضايا الأقل أهمية لابنه الشيخ تميم ومجموعة الوزراء المستشارين المحيطة به.
فلماذا تخلى أمير قطر عن عناده فجأة..؟؟!! و لماذا غيرت الدوحة موقفها بين ليلة و ضحها و تجرعت كأس السم الخليجي و قبلت مكرهة بكل شروطه التعجيزية كما يراها أمير قطر…؟؟!!
و في بريطانيا أعلن مكتب رئيس وزراء، على موقعه الإليكتروني، فتح الباب ل«الجهات المهتمة» للإدلاء بإفاداتها، تمهيدا لتجهيز تقرير داخلي عن جماعة الإخوان، حيث أمر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بإعداده لمعرفة «فلسفة ونشاط وأثر ونفوذ جماعة الإخوان المسلمين فيما يتعلق بمصالح المملكة المتحدة هنا وفى الخارج، وسياسة الحكومة البريطانية تجاه هذه الجماعة».. و يمثل هذا أيضا دائرة جديدة ترسم حول الجماعة في مكان يعتبر معقل لهم، فلم تتمتع قيادات الإخوان، والحركات الإسلامية عموما، بمساحة حركة مثلما يحدث في بريطانيا. قرار كاميرون جاء متزامنا مع محاولات إخوانية- قطرية لإطلاق سلسلة من وسائل الإعلام، المرئية والمقروءة، على أن يكون مقرها لندن. وتستفيد من التعاطف البريطاني الرسمي مع الإخوان، والذى بدا في مواقف متعددة، سعت خلالها لندن إلى ممارسة ضغوط مباشرة وغير مباشرة على القاهرة، على أن يتم توظيف العناصر الإسلامية الموجودة هناك، ومعظمها كوادر كانت حركية ثم تحولت إعلامية، لتوفير المزيد من الحشد لحساب مواقف الإخوان السياسية… و فجأة حدث ما يشبه بالفرملة لهذه الإجراءات و بدء رئيس الوزراء البريطاني في التحقيق بشأن الوجود الإخواني في لندن كأن حكومة جلالة الملكة تنتبهت لأول مرة لهذا الوجود…!!!
إذا أضفنا إلى ذلك أن وزير الخارجية الكندي جون بيرد ألمح إلى أن بلاده ستجري تحقيقاً مشابهاً للذي تعتزم الحكومة البريطانية إجراءه لمعرفة مدى ارتباط جماعة الإخوان المسلمين "المحظورة" بالإرهاب، فمن الواجب أن نقف و نتساءل: إذا كان يمكن تفسير التغير القطري بالرضوخ للشروط السعودية… فكيف يمكن تفسير التغير البريطاني و من بعده الكندي…؟؟!!
حسب ما تسرب من محضر اللقاء بين الملك عبد الله بن عبد العزيز و وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أثناء زيارة كيري للملكة يوم 17/11/2013 ، فإن اللقاء منذ بدايته حادا، حيث بدءه الملك عبد الله بانتقاد ومهاجمة موقف الولايات المتحدة الأمريكية وسياستها الجديدة في المنطقة، حيث قال لكيري أن ثقته وثقة القيادة السعودية قد اهتزت بالولايات المتحدة الأمريكية بدءاً من ما حصل في مصر حيث أن الأمريكان لم يكونوا موفقين بسياستهم اتجاه مصر وباعوا مبكراً حليفاً مهما واستراتيجيا في مصر (أي حسني مبارك) ولم يتجاوبوا مع المساعي السعودية منذ البداية بامتصاص وتهدئة الأوضاع الداخلية في مصر بل كانت مواقفهم مؤشراً واضحاً لزيادة انتفاضة الشعب المصري ضد مبارك. ثم مضى الملك عبد الله موجها كلامه إلى كيري و قال:-
1- إن أمريكا لم تكتفي بذلك بل كانت حريصة وداعمة لمجيء الإخوان المسلمين إلى مصر وهم خطر استراتيجي داهم على منطقة الخليج، وكنا قد تقدمنا لكم في دول مجلس التعاون الخليجي بمبادرة لإطالة فترة حكم المجلس العسكري في مصر حتى تستقر وتهدأ الأمور وقبل إجراء أي عملية انتخابية في مصر، ولكن للأسف كان هناك إصرار أمريكي على سرعة إنهاء المجلس العسكري وإجراء انتخابات مع أن كل المؤشرات كانت واضحة أن الإخوان المسلمين كونهم تنظيم قديم ومنظم في مصر هم من سيفوز بهذه الانتخابات.
2- وحذرناكم من أنه عندما يستلم الإخوان المسلمين الحكم في مصر وهي أكبر دولة عربية والقوة الأساسية فإن هذا سيقود إلى تغيير شامل في المنطقة ولكن مرة أخرى للأسف لم تتجاوبوا معنا ولم تعيروا وجهة نظرنا أي اهتمام.
3- وتسلسلت وتواصلت الأحداث في مصر وفي البداية قلتم لنا أنكم مع الشعب المصري ضد مبارك وأنتم مع خيار الشعوب ولكن عندما اسقط الشعب المصري نفسه مرسي وخيار الإخوان المسلمين أصبحتم ضد خيار الشعب المصري ووقفتم إلى جانب الإخوان ومرسي تحت عنوان أن مرسي قد انتخب من الشعب المصري وتغافلتم عن الأعداد الهائلة والملايين من أبناء الشعب المصري الذين نزولوا إلى الشوارع بأضعاف مضاعفة لمن انتخب مرسي.
واصل الملك عبد الله حديثه وان كان بين الفترة والأخرى يقوم الأمير سعود الفيصل بتذكيره ببعض القضايا، وانتقل الحديث بعد ذلك إلى سوريا و ما يجري فيها و حولها، و لكن هذا ليس موضوعنا في هذه المقالة، فالغرض هو توضيح مدى الغضب السعودي من الدعم الأمريكي لجماعة الإخوان المسلمين، فقد عرفت السعودية و فهمت أن خطة تصعيد جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة، لن تتوقف عند مصر، و لا حتى عند سوريا، و أن الدور قادم على دول الخليج و لن تستثنى حتى السعودية، حتى أن الملك عبد الله قال نصا لكيري: " أريد أن أستوضح من الوزير، هل أصبحت السعودية خارج تحالف الولايات المتحدة الأمريكية؟! هل أصبحت دول الخليج عبئاً على الولايات المتحدة؟ نريد منكم يا معالي الوزير أن تضعونا بصورة ما يجري ووجهة نظركم الآن اتجاه المنطقة هل نحن ما زلنا حلفاء أم أدوات؟!"
خلال هذا اللقاء حاول جون كيري تهدئة الملك عبد الله ونفي المخاوف التي رددها و التأكيد على علاقة التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والمملكة، وفي نفس وقت رجع كيري إلى مسألة تسويق جماعة الإخوان المسلمين، ونفى أنها تشكل تهديدا للخليج او المملكة، وأنها تمثل حليف أساسي في مواجهة المحور الشيعي وعلى رأسه إيران ونظام بشار الأسد في سوريا.
لكن السعودية لم تشتري بضاعة كيري، التي ظلت الإدارة الأمريكية تروج لها طوال الأشهر التالية للمقابلة، فالعديد من التقارير الاستخباراتية والإعلامية، ظلت تتدفق إلى الرياض، تشير إلى استخدام الدوحة لرجال الدين إلى جانب قناة الجزيرة وبعض الأكاديميين، كأدوات أساسية لتنفيذ سياسات قطر الخارجية الداعمة للتيارات الإسلامية التي صعدت بعد ثورات الربيع العربي، وبالأخص جماعة الإخوان المسلمين. وتشير التقارير إلى أن الخطّة القطرية التي انطلقت منذ أعوام عديدة، تهدف بالأساس إلى إيجاد أرضية صلبة للإخوان، خاصة في الداخل السعودي حيث تقرّبت الدوحة من كل من يحمل تعاطفا أو ينتمي إلى الجماعة.
وتفسّر محتويات تلك التقارير مقدار غضب السعودية من قطر واتخاذها، إلى جانب كل من الإمارات والبحرين، إجراءات «عقابية أولية» ضد الدوحة تمثلت في سحب السفراء منها، مبدية استعدادا لتصعيد تلك الإجراءات، ومظهرة إصرارا على أن لا يتم التصالح معها إلا في حال أثبتت عمليا التراجع عن سياساتها المهدّدة لأمن المنطقة، كما أنها صعدت مع جماعة الإخوان المسلمين وصنفتها كجماعة إرهابية.
و ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تحاول مع المملكة و حلفائها لرأب الصدع بينها و بين قطر، و إثناءها عن تصنيف الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، فقد رأت أن هذه الخلافات، أو بمعنى أدق هذا الصراع، يمكن ان يودي بكل ترتيبات و مخططات الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، و لكن السعودية، حسب ما كشفته صحيفة وورد تريبيون الأمريكية في عددها الصادر بتاريخ 13/03/2014 ، رفضت وساطة الولايات المتحدة لحل أزمة مجلس التعاون الخليجي مع قطر، و قال مسؤولون للصحيفة "إن المملكة العربية السعودية أعرضت عن الوساطة الأمريكية بالتدخل في حل الخلافات مع قطر"، و أضافوا أن " القيادة السعودية ترى أن الوساطة الأمريكية غير نزيهة، نظرا لتواجد قوات أمريكية كبيرة في قطر". وما يبرر ذلك ما قاله وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل " لن يكون هناك تسوية مع قطر التي تسببت بخلق هذه الأزمة مالم تغير قطر من سياستها" رافضا الوساطة الأمريكية معللا ذلك " الخلاف مع قطر هو قضية عربية ولا وساطة أمريكية لإنهاء الخلاف".
كانت الإدارة الأمريكية في صراع مع الزمن تسعى لتسوية الخلاف قبل زيارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما للسعودية نهاية شهر مارس، وعبرت واشنطن عن قلقها من أن تعرقل البحرين والسعودية والإمارات خطط الولايات المتحدة الرامية إلى التعزيز العسكري و التعاون الأمني لمجلس التعاون الخليجي.
لكن كل الجهود الأمريكية فشلت، و حاول أوباما بنفسه إثناء السعودية عن ما اتخذته من إجراءات ضد قطر و الإخوان المسلمين في زيارته الأخيرة للملكة، وهي من المرات القليلة ايضا التي يزور فيها رئيس أمريكي السعودية في ظل مخاوف سعودية كبيرة من تخلي واشنطن عن حليفها الأول في المنطقة حتى قبل اسرائيل، حيث تعود العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة الى العام 1945.
إن الموقف المتناقض بين السعودية والولايات المتحدة حول الإخوان فرض نفسه على زيارة أوباما للمملكة.. وعكست مراسم استقباله مدى الغضب السعودي من سياسته.. فلم يكن في انتظاره سوى أمير الرياض خالد بن بندر ونائبه تركى بن عبدالله. وحملت طائرة هليكوبتر أوباما إلى حيث مقر إقامة الملك في منتجع «روضة خريم» على بعد 60 كيلومتراً شمال شرقي الرياض.. ليكون في استقباله ولى العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز.
استمرت المباحثات 12 ساعة منها ساعتان مع الملك.. حضرها من الجانب الأمريكي صقور البيت الأبيض.. سوزان رايس مستشار الأمن القومي.. وفيل جوردن مساعد الرئيس لشئون المنطقة.. وروب مالي كبير مديري الشرق الأوسط.. وفى الجانب السعودي جلس ولى العهد.. وولى ولى العهد مقرن بن عبدالعزيز.. ووزير الدفاع سلمان بن عبدالعزيز.. ووزير الخارجية سعود الفيصل. وبالفعل فقد فشل الرئيس الأمريكي في إقناع الملك السعودي بالتراجع عن موقف بلاده.. أو في الحد الأدنى يربط الدعم الذى يقدمه إلى مصر بدخول الإخوان في العملية السياسية.
فما كان من الإدارة الأمريكية إلا أن اشارت للدوحة بالاستجابة للمطالب و الشروط السعودية-الإماراتية- البحرينية لتهدئة الأمور و عودة السفراء، فكان الاتفاق الذي وقعه خالد العطية وزير خارجية قطر مساء الخميس 17 أبريل في "قاعدة عسكرية في الرياض"، الذي أشرنا إليها في أول هذا المقال، و تجرعت قطر كأس السم الخليجي، بناءا على الطلب الأمريكي.
و لم تكتف الولايات المتحدة بذلك، بل اتفقت مع بريطانيا على الإعلان عن البدء في التحقيق في أنشطة جماعة الإخوان المسلمين على أرضها، و ذلك إمعانا في طمأنة المملكة العربية السعودية و إظهارا لحسن نوايها..!!!
بل وسعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى أثبات حسن نواياها تجاه نظام 3 يوليو في مصر، فاستبقت الخارجية الأمريكية زيارة «فهمى» بإعلان تسليم مصر مروحيات الأباتشى ال10، و تحركت إدارة الرئيس باراك أوباما لمطالبة الكونجرس بالإفراج عن 650 مليون دولار من إجمالي المساعدات المخصصة لمصر. وأكدت الخارجية الأمريكية، في بيان منفصل، أن كيري بحث مع اللواء محمد فريد التهامي، مدير المخابرات العامة المصرية، خلال اجتماعهما في واشنطن، سبل التعاون المشترك بين البلدين في مكافحة التهديدات الخارجية مثل الإرهاب. و إزاء كل هذا، لم تملك صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية نفسها، فكتبت أن سياسة الولايات المتحدة تجاه مصر تسير في طريق مرتبك، وانتقدت القرار الأمريكي بإتمام صفقة طائرات «أباتشي»، وقالت إن وراءه ضغوطا من إسرائيل و المملكة العربية السعودية و«الكونجرس» لتحسين العلاقات مع مصر.
إذا فقد فهمنا اسرار التحول القطري، و أنه جاء استجابة للإيماءة الأمريكية بمجاراة السعودية و تنفيذ شروط الملك عبد الله، يتبقى سؤال أكثر جوهرية و أهمية، و هو لماذا خضعت الإدارة الأمريكية أخيرا لطلبات و شروط السعودية…؟؟!!
كلمة السر في هذه المسألة هي بلا جدال "سوريا"… إذا أردت أن تعرف سر استجابة أمريكا للضغوط السعودية و مجاراتها لها… أبحث عن "سوريا".
كيف ذلك..؟؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في المقال القادم.
قالوا:
"تشاجرنا من يصعد أولا و اختلفنا على آلية الصعود نحو القمة. فحكم بيننا عدونا برضانا وبمسمى العدل. فبقينا جميعا في القاع."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.