انتشر على شبكة الإنترنت ملف مكون من عشرات الصفحات منسوب لحملة المرشح عبد الفتاح السيسي يقدم إجمالا فكرة برنامجه الرئاسي المرتقب .. لفت نظري الطريقة المنظمة التي بدأ بها البرنامج وتحديد الرؤية والهدف وقراءة الواقع .. أكثر ما توقفت عنده وربما كنت ابحث عنه لا شعوريا هو رسالة السيسي لشباب 25 يناير .. ولا أنكر ان الكلمات جذبتني فالملف يبدو منذ الوهلة الأولى متفهما لما يعانيه الشباب من احباط وعدم ثقة وتصديق وخصوصا ان الواقع المعاش يمنع بالكلية اي احساس بالأمل ، كان مطلع الرسالة التي من المفترض انها على لسان السيسي "أنا عارف إن كثير منكم حاسس إن آمالكم فى مصر جديدة لم تتحقق" وهي الجملة التي تجبرك ان تكمل قراءة الرسالة .. كاتب الرسالة طرح بمصداقية ما يشعر به الشاب المصري من يأس واحباط بل واعترف بصراحة ان الشباب لا يريد عسكريا لحكم مصر ولم يخفي معرفته بهذه المشاعر .. قرأت الرسالة .. التي بدت نهايتها ليست لطيفة كبدايتها .. وقرأت باقي الملف بما فيه من كلام منمق وما فيه من رسائل قصيرة كالتفريق بين الوعد والمبادرة .. والحديث ضمنيا عن مقدمة غير مبرهنة مسبقا عن عداء الغرب لمصر وغير ذلك .. ولكن أكثر ما استوقفني ليس محتوى الرسالة وانما مرسلها .. من هو ؟؟ الملف منشور على الإنترنت بشكل سبق صحفي منسوب لموقع الشرق .. وهو حال أيضا أول إعلان مصور للسيسي الذي أيضا كان سبقا صحفيا للمصري اليوم .. وهو حال كل ما نعرفه عن المرشح "تسريبا وانفرادات وروايات على لسان آخرين" هذا الأسلوب الذي أشعرني شخصيا بتعالي المرشح الرئاسي علي أبناء الوطن فضلا عن كونه اسلوبا غير مفهوم الأسباب إلا أنه أيضا غير ملائم بالمرة لمرشح يستهدف مخاطبة الشباب .. الشباب الذي على ما يبدو ان فهمه أصبح مستعصيا بشكل رهيب على أي قائد يريد حكم البلاد في العقود الأخيرة .. أمسى هذا الشباب لغزا لذاك الجيل الذي لا يريد أن يعي مقدار التغيرات العقلية والزمنية التي حدثت فقط في العشر سنوات الأخيرة .. هذه الرسالة التي قرأتها من السيسي لم أرى أنها سوى موجهة إلى كاتبها .. فلو كان كاتبها هو السيسي فيشعر معها المرشح المضمون فوزه بالراحة النفسية .. ولو كان غيره فيشعر معا كاتبها بتحقيق هدفه المنشود من نشرها ونسبتها إلى السيسي .. أما أنا فلا أعلم هل السيسي هو من كتب ذلك فعلا أم لا ؟؟ لم أعد أعلم شيئا عن المرشح الذي يطلب أن يكون قائدا للبلاد سوى عن طريق "الإنفرادات الصحفية والتسريبات الإعلامية " ولو حالفني الحظ تصريح من حملته الرسمية .. أما هو فلا يخاطب أحدا ولا يتحدث مع الشعب الذي يريده ان يمنحه ثقته .. يظل الأمر غامضا حتى الملل بين قيل وقال وتضارب أنباء .. حول ترجمة هل وفقت أن تم تحريف معناها .. حول موقفه والمغزى منه حول رفضه أو تأييده لشي ما .. أقول للسيسي نحن أحوج ما نكون للقائد فعلا كما قرأت في الملف المنسوب لحملتك .. وهي حقيقة لا ينكرها أحد .. ولكننا نحتاج للقائد الذي يكاشفنا بنفسه ويتحدث إلينا ويخاطبنا ويخبرنا بنفسه عما يدور في خاطره .. لقد قال سقراط تكلم حتى أراك .. يا سيادة المشير لو كان هذا الملف بالفعل صحيح فكان لابد ان نسمعه من المرشح لا عبر وسائط وتسريبات واذا لم يكن صحيح فأوقف هذا المهزلة من التسريبات والإنفرادات واقطع قول كل متحدث وخاطب الشعب في خطابات متكررة لنفهم من هو الشخص الذي يريد أن يصبح قائدنا .. هذا الشخص الذي ينظر إليه الناصريين أنه ناصر جديد وفي نفس الوقت ينظر إليه الساداتيين أنه سادات جديد هذا الشخص الذي ينظر له المتصوفة أنه المنقذ ويؤيده السلفيين .. هذا الشخص الذي يحظى بدعم السعودية وفي نفس الوقت يدعم الدولة السورية وبشار الأسد .. هذا الشخص الذي يخرج من التبعية الأمريكية ويتقارب مع روسيا ولكنه في نفس الوقت حريص على استمرار المساعدات الأمريكية لمصر ويصفهم بالأصدقاء .. هذا الشخص الذي لم يتحدث عن "اسرائيل" اغلب هذا الشعب من الشباب يا سيادة المشير.. الشباب الذي لم يعد يعشق الصمت ودهاء الحواديت الذي كانت ترويه لنا امهاتنا .. ومن يعجبهم ذلك الآن ممن يلتفون حولك لن يكونوا سندا ولا دعامة لك في الحقيقة إما لأنهم لن يبقوا في الزمن طويلا وإما لأنهم ليسوا متكأ يتكأ عليه الرجال وقت الشدة .. وانما سندك ودعامتك من يتطلعون لمستقبل طويل ويحملون على أكتافهم أطفال رضع ينظرون إليهم لا يعلمون ما ينتظرهم .. ولن يطول انتظارهم طويلا فخوفهم على المستقبل يؤرق نومهم .. يا سيادة المشير هم فقط يعرفونك من الصحف والتسريبات ولا يمتلكون كلاما مباشرا منك إلا في خطابات وحوارت تعد على الاصابع بعضها للأسف مع وسائل إعلام ليست مصرية والباقي حديث بسيط منمق هادي لا يبرد نار هذا الشباب ولا يجيب على تساؤلاتهم .. تحدث اليهم حتى يعرفوك .. يا سيادة المشير .. الصمت عندهم يعدونه تعالي وليس هيبة والحديث إليهم عبر الوسائط يعتبرونه إهانة وليس عظمة .. صواب كان ذلك أم خطأ هو واقعهم الذي لم يدركه من سبقك فهل تدركه أنت ؟