بالأسماء.. وكيل الأزهر يعلن أوائل «ذوو البصيرة» بالثانوية الأزهرية    مؤتمرات حاشدة لكسب أصوات الناخبين ل"شيوخ الشرقية"    سويلم: مشروع مقاومة الحشائش بالبحيرات العظمى استجابة مصرية فورية لأوغندا    رسائل رئاسية حاسمة في العديد من القضايا المحلية والإقليمية والعالمية    التموين تخفض أسعار الدواجن المجمدة بالمجمعات الاستهلاكية    التموين: صرف مقررات أغسطس ل 40 ألف منفذ غداً    تموين أسوان: توريد 553 ألف طن من القمح بزيادة 82% عن موسم الحصاد الماضى    حياة كريمة بالأقصر.. محطة مياه إسنا تستقبل زيارة توعوية لتعزيز ترشيد الاستهلاك    وزارة الصحة في غزة: 57 شهيدا و512 مصابا خلال ال24 ساعة الماضية    مسؤول ب«حماس»: تصريحات ترامب حول التوصل لتهدئة في غزة «صادمة للجميع»    قوات الاحتلال تقتحم قلقيلية بالضفة الغربية    كمبوديا تغلق نحو 500 مدرسة جراء تصاعد حدة الاشتباكات مع تايلاند    الصومال يرحب بإعلان فرنسا الإعتراف بدولة فلسطين    ترامب "مجرم أمريكى مدان يصل أسكتلندا".. جدل بسبب مانشيت صحيفة محلية.. تفاصيل    برشلونة يؤدي تدريبه الأول في اليابان.. وغضب فليك    الزمالك يواصل البحث عن جناح أجنبي لتعويض صفقة تيدي أوكو    مطالبات في المصري بالتجديد لمحمود جاد    المدرسة الأمريكية تقترب من القيادة الفنية لرجال الطائرة بالأهلي    إنتر ميامي يتعاقد مع الأرجنتيني دي بول لاعب أتلتيكو مدريد    «صفية» الأولى على الجمهورية أدبي أزهري: «ربنا عمره ما بيخذل حد بيجتهد»    بعد فتوى سعاد صالح بعدم حرمانية الحشيش| «مكافحة الإدمان» يوضح الحقائق| فيديو    مصرع سيدة أسفل عجلات قطار بمدينة إسنا خلال توديع أبناؤها قبل السفر    رحلة في حياة فيروز.. ألم وحب وفن لا يموت    رامى عاشور: مصر تعطل أهداف الإبادة فى غزة وتحافظ على بقاء النبض الفلسطينى    سميرة عبد العزيز تنهى ندوة تكريمها بالقومي بمقطع من برنامج "قال الفيلسوف"    نجاح "الشاطر" مستمر.. و"ري ستارت" يبرز في المركز الرابع بإيرادات الجمعة    الحبس 3 أشهر لمدربة الأسود أنوسة كوتة في واقعة عامل سيرك طنطا    مركز الأزهر للفتوى: الحشيش إدمان مُحرّم .. وإن اختلفت المُسميات    ما حكم تعاطي «الحشيش»؟.. وزير الأوقاف يوضح الرأي الشرعي القاطع    الصحة: مصر تستعرض تجربتها الرائدة في مبادرة «العناية بصحة الأم والجنين»    بقيمة 46 مليون جنيه| «الصحة» تدعم البحيرة بجهازي قسطرة قلبية    «بلقمة عيش».. أسرع الطرق لإزالة شوكة السمك من الزور    وزير الأوقاف: مواجهة الفكر المتطرف وكل تحديات شعب مصر هو مهمتنا الكبرى    أوكرانيا وروسيا تعلنان عن سقوط قتلى وجرحى في هجمات جوية جديدة    الأونروا تحذّر: الإنزال الجوي للمساعدات قد يقتل المجوّعين بغزة    "الزراعة" تُعلن توصيات ورشة تنمية المهارات الشخصية للعاملين بالقطاع الزراعي    مصلحة الضرائب تحدد موعد إصدار ايصالات ضريبية إلكترونية على بيئة التشغيل    السيطرة على حريق مفاجئ في محول كهرباء بإحدى قرى بني سويف    إصابة سيدة في انهيار منزل قديم بقرية قرقارص في أسيوط    "خطر صامت".. الجيزة تحظر سير "الإسكوتر الكهربائي" لحماية الأطفال والمارة    الطائفة الإنجيلية: دور مصر تاريخى وراسخ في دعم القضية الفلسطينية    ماذا تأكل صباحًا عند الاستيقاظ منتفخًا البطن؟    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 154 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    "الثقافة صوت الأمة وضميرها" وزير الثقافة يهنئ المبدعين بيوم الثقافة العربية ويدعو لتعزيز الهوية وصون التراث    مفاجأة مالية في صفقة انتقال وسام أبو علي إلى كولومبوس كرو الأمريكي    النيابة تقرر إعادة استجواب الطاقم الطبي لأطفال دلجا بالمنيا    ب500 دينار.. وزارة العمل تعلن عن وظائف بالأردن    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    فلكيا.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 في مصر    تقارير: إيفرتون يقترب من الانضمام إلى بيراميدز    خالد الغندور: الزمالك يستعد للإعلان عن صفقة جديدة    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    يوم الخالات والعمات.. أبراج تقدم الدعم والحب غير المشروط لأبناء أشقائها    كيف احافظ على صلاة الفجر؟.. أمين الفتوى يجيب    بعد ظهور نتيجة الثانوية 2025.. وزارة التعليم: لا يوجد تحسين مجموع للناجحين    أجندة البورصة بنهاية يوليو.. عمومية ل"دايس" لسداد 135 مليون جنيه لناجى توما    الأوقاف تعقد 27 ندوة بعنوان "ما عال من اقتصد.. ترشيد الطاقة نموذجًا" الأحد    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجويدٌ بالقوةِ في الفلسفةِ السينويةِ
نشر في البديل يوم 07 - 03 - 2014

ابن سينا أميرُ الأطباءِ الذي يبحثُ عن صحةِ البدنِ هو نفسُهُ الفيلسوفُ الذي يبحثُ عن صحةِ الذهنِ.
لمْ يكتملْ للفلسفةِ الإسلاميةِ جوهرٌ ذو مظهرٍ براقٍ إلَّا بمعنى من "إشارات" ابن سينا على الرغم من أنَّ الفارابي والكندي سبقاه إلى إرساء دعائمِهَا في كثيرٍ من المواضعِ إلَّا أنَّ ابن سينا كان أعمقَ منهما حسًّا وأكثرَهُم إلمامًا وشموليةً في الشرحِ والتأويلِ والتفصيلِ والتبويبِ، وعلى يديهِ زالَ كلُّ شكٍّ فى إمكانيةِ وجودِ فلسفةٍ إسلاميةٍ راسخةِ الأسسِ عميقةِ الأثرِ قويةِ الدعائمِ بسماتٍ ومعالمَ مستقلةٍ واضحةٍ، مفطومةٍ من حلمةِ الغربِ وفلسفةِ الإغريقِ، لذا جازَ لنا أنْ نقدمَهُ عليهما، ونسميه "زعيم الفلسفة الإسلامية" فبفرطِ حسِّهِ وتناولِهِ الوجود والنفسَ الإنسانيةَ وتصنيفَ العلومِ استطاعَ أنْ يقدمَ المثالَ الكاملَ الشاملَ للفلسفةِ الإسلاميةِ؛ ثم نرفَعُهُ على فلاسفةِ العصورِ الوسطى أجمعين دون استثناء "جالينوس"، و"أفلوطين"، الذي يعتبرُ مؤسسَ الأفلاطونيةِ الحديثةِ، والتي كانتْ لها تأثيرٌ كبيرٌ في العصورِ الوسطى.
كان ابن سينا مترجمًا عن رُوحِ عصرِهِ، وإلى هذا يرجعُ تأثيرُهُ العظيمُ، وشأنُهُ في التاريخِ بالغَ الأثرِ قويَّهُ في نفوسِ الغربيين، واعتبره بعضُهُم قرينَ جالينوس في الطبِّ وأعلى منه في الفلسفةِ.
في فلسفتِهِ..
قصدَ ابن سينا في فلسفتِهِ إلى الوجودَ المطلقَ، الذي يحملُ على الوجودِ الذي لا علةَ فيه وعلى الوجودِ المعلولِ أي لا يكون نفسَ ماهيتِهَ ولا جزءًا منه ويكون عارضًا وهو إذن معلولٌ مستندٌ إلى علةٍ، مخالفًا أرسطو في أوّل مقالة الجيم ممّا بعد الطّبيعة بأنّه يوجدُ علمٌ موضوعُهُ الوجودُ بما هو موجودٌ، وهو الفلسفةُ الأولى، والذي قصد به الوجودَ من حيث هو موجود الوجودَ الأتمَّ والأشرفَ في مراتبِهِ كلِّها أي صورةِ الصّورِ، والمبدأُ الأوّلُ، ووافقه في التأويلِ الثاني الذي يُرَادَ به عمومُ الوجودِ الساري في الأشياء كلِّها، التي إذا نُظِرَ إليها فيما يخصّها كانت مواضيعَ علومٍ جزئيّةٍ تختصُّ باختصاصِهَا، وإذا نُظِرَ إليها فيما يعمُّها كلّها، كان ما يعمُّها الموضوعُ الأوّلُ لعلمِ الوجودِ بما هو موجودٌ، وهو المعنى المقوّمُ للقائمِ للذاتِ المتحققُ في الخارجِ، فكون الشيءُ ماهيةً لا تلحقُهُ بالقياسِ إلى وجودِهِ بإطلاقٍ، إنما بالقياس إلى وجودِهِ إلى شيءٍ آخر، غير أن مقدماته في النفس أرسطية بحتة فقد عرَّف النفسَ على أنها كمالٌ أوليٌّ لجسمٍ طبيعي آلي ذي حياةٍ بالقوةِ أي من جهة ما يتولد، وهو"مبدأ القوة المولدة"، ويربو فيكون "مبدأ القوة المنمية" ويتغذى فهو "مبدأ القوة الغاذية" وذلك كله ما يسميه بالنفس النباتية.
واستمد من الفارابي قبسة وضاءة وهاجة طور عل إثرها نظرية النفس، وسار على مضماره في فلسفته الطبيعية والإلهية ولا سيما "نظرية الصدور"، ناسجًا على منواله، حتى ادعى البعضُ منادته بالمبادئ التي يدعون أن الفارابي نادى بها من قبله بأنَّ الكونَ قديمٌ أزليٌّ وغيرَ مخلوقٍ، وأنَّ اللهَ يعلمُ الكلياتِ لا الجزئياتِ، وأنَّ الأجسامَ لا تقومُ مع الأرواحِ يوم القيامة، فكفَّره الغزالي في المنقذ من الضلال، وابن كثير في البداية والنهاية، وأكد ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب أن كتابه "الشفاء" اشتملَ على فلسفةٍ لا ينشرحُ لها قلبٌ متدينٌ، لكنَّ اتباعَهُ الملقبين ب"الأُلى" وأشهرهم النصير الطوسي الخواجا نصير الدين انتصرَ لمذهبِ ابن سينا وشرح "إشاراته"، وكان يسميها "قرآن الخاصة"، وردَّ على الشهرستاني في مصارعتِهِ ابن سينا بكتاب مصارعة المصارع.
وذهبَ الشيخُ الرئيسُ مذهبًا آخر في تأويلِ رؤيةِ أرسطو في النظرةُ في وجودِ الشيءِ لا في الشيءِ الموجودِ، على أساسِ اندراجِ الموجوداتِ تحت الوجودِ فهي إذن كلها "أي الموجودات" أقلُّ منه بيانًا وهو أظفرُ منها جميعًا فلا شيءَ إذن بأعرف من الوجودِ، وعليه فلا شيءَ يعرّفُهُ ولا دليلَ عليه إلَّا نفسهُ، فهو إذن بديهيٌّ وهو أولُ ما تستحضرُهُ النفسُ من معنى، لكنه يقرُّ بأنه لا حقيقةَ خارجِ الموجودِ، ولا علمَ إلَّا بالموجودِ، ووردَ هذا الرأيُ في كتابِهِ "إشارات وتنبيهات".
وسعى سعيًا حثيثًا إلى نفي الأباطيلِ وتكذيبِ من يذعنُ لنفسه التي تأخذُهُ على أنَّ الموجودَ هو المحسوس، وما لا يدركُهُ الحسُّ بجوهرِهِ ففرضُ وجودِهِ محالٌ، وما لا يتخصصُ بمكانٍ أو وضعٍ بذاتِهِ كالجسمِ أو بسببِ ما هو فيه كأحوالِ الجسمِ، فلا حظَّ له من وجودٍ. ومن هنا راحَ ينفي زعمَ من يقولون بعدمِ جوازِ شيءٍ ينالُهُ الحسُّ بأفعالِهِ لا بذاتِهِ، معتبرًا الوجودَ عرضًا للماهيةِ..
أحمد عبد العال الرشيدي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.