أسعار الدولار اليوم الأحد 17 أغسطس 2025    استشهاد 10 فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي لعدة مناطق بقطاع غزة    ضمن أعمال المترو| تحويلات مرورية جديدة بنفق المندرة بالإسكندرية    محافظ أسيوط يتابع الحالة الصحية لمصابي حادث انقلاب أتوبيس على الطريق الصحراوي الغربي    مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ينعي مدير التصوير تيمور تيمور    "بشكركم إنكم كنتم سبب في النجاح".. حمزة نمرة يوجه رسالة لجمهوره    السعودية ترحب بقمة ألاسكا وتؤكد دعمها للحوار الدبلوماسي    وفاة شاب صعقا بالكهرباء داخل منزله بالأقصر    طلاب الثانوية العامة يبدأون امتحان مادة اللغة الثانية    تاريخا جديدا في فوز إنتر ميامي ضد لوس أنجلوس.. فيديو    انفجاران عنيفان يهزان صنعاء إثر قصف إسرائيلي استهدف محطة كهرباء    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    قوات الاحتلال تُضرم النار في منزل غربي جنين    "محاولة التخلص منه وصدمة والدته".. 15 صورة وأبرز المعلومات عن عائلة محمود الخطيب    القافلة السادسة عشرة.. شاحنات المساعدات تتدفق من مصر إلى قطاع غزة    حياة كريمة.. 4 آبار مياه شرب تقضى على ضعفها بقرية الغريزات ونجوعها بسوهاج    السيسي يوجه بزيادة الإنفاق على الحماية الاجتماعية والصحة والتعليم    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم في مصر الأحد 17 أغسطس 2025 بعد خسارة 1.7% عالميًا    خالد الغندور يكشف ردًا مفاجئًا من ناصر ماهر بشأن مركزه في الزمالك    اليوم، البورصة المصرية تطلق رسميا أول تطبيق لها على الهواتف المحمولة    مشيرة إسماعيل تكشف كواليس تعاونها مع عادل إمام: «فنان ملتزم جدًا في عمله»    100 عام على ميلاد هدى سلطان ست الحسن    للتخلص من الملوثات التي لا تستطيع رؤيتها.. استشاري يوضح الطريق الصحيحة لتنظيف الأطعمة    خروج يانيك فيريرا من مستشفى الدفاع الجوى بعد إجرائه بعض الفحوصات الطبية    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 17 أغسطس 2025    وزير خارجية روسيا يبحث مع نظيريه التركي والمجري نتائج قمة ألاسكا    الأهلي يعلن تفاصيل إصابة محمد علي بن رمضان لاعب الفريق    10 صور لتصرف غريب من حسام عبد المجيد في مباراة الزمالك والمقاولون العرب    مصرع سيدة وإصابة 9 آخرين فى حادث مرورى بين سيارة أجرة وتروسيكل بالإسكندرية    وكيل صحة سوهاج يصرف مكافأة تميز لطبيب وممرضة بوحدة طب الأسرة بروافع القصير    مصرع شابين وإصابة آخر في حادث انقلاب دراجة بخارية بأسوان    رويترز: المقترح الروسي يمنع أوكرانيا من الانضمام للناتو ويشترط اعتراف أمريكا بالسيادة على القرم    تدق ناقوس الخطر، دراسة تكشف تأثير تناول الباراسيتامول أثناء الحمل على الخلايا العصبية للأطفال    8 ورش فنية في مهرجان القاهرة التجريبي بينها فعاليات بالمحافظات    منافسة بنكية ساخنة على رسوم تقسيط المشتريات تزامنًا مع فصل الصيف    رابط نتيجة تقليل الاغتراب.. موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 والكليات والمعاهد المتاحة فور اعتمادها    في تبادل إطلاق النيران.. مصرع تاجر مخدرات بقنا    رئيس جامعة المنيا يبحث التعاون الأكاديمي مع المستشار الثقافي لسفارة البحرين    الداخلية تكشف حقيقة مشاجرة أمام قرية سياحية بمطروح    تعرف على موعد ومكان تشييع جنازة مدير التصوير الراحل تيمور تيمور    لأول مرة بجامعة المنيا.. إصدار 20 شهادة معايرة للأجهزة الطبية بمستشفى الكبد والجهاز الهضمي    تعليق مثير فليك بعد فوز برشلونة على مايوركا    نجم الزمالك السابق: سنندم على إهدار النقاط.. ومن المبكر الحكم على فيريرا    المصرية للاتصالات تنجح في إنزال الكابل البحري "كورال بريدج" بطابا لأول مرة لربط مصر والأردن.. صور    «أوحش من كدا إيه؟».. خالد الغندور يعلق على أداء الزمالك أمام المقاولون    كيف تتعاملين مع الصحة النفسية للطفل ومواجهة مشكلاتها ؟    «زي النهارده».. وفاة البابا كيرلس الخامس 17 أغسطس 1927    "عربي مكسر".. بودكاست على تليفزيون اليوم السابع مع باسم فؤاد.. فيديو    يسري جبر يوضح ضوابط أكل الصيد في ضوء حديث النبي صلى الله عليه وسلم    عاوزه ألبس الحجاب ولكني مترددة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز إخراج الزكاة في بناء المساجد؟.. أمين الفتوى يجيب    حزن ودعوات| المئات يشيعون جثمان «شهيد العلم» في قنا    القائد العام للقوات المسلحة: المقاتل المصري أثبت جدارته لصون مقدرات الوطن وحماية حدوده    وزير الأوقاف: مسابقة "دولة التلاوة" لاكتشاف أصوات ذهبية تبهر العالم بتلاوة القرآن الكريم    الشيخ خالد الجندي: الإسلام دين شامل ينظم شؤون الدنيا والآخرة ولا يترك الإنسان للفوضى    الإصلاح والنهضة يواصل تلقي طلبات الترشح لعضوية مجلس النواب عبر استمارة إلكترونية    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد نور الدين: أردوغان والنهاية المحتومة
نشر في البديل يوم 29 - 12 - 2013

يشبه رجب طيب أردوغان، رئيس «حزب العدالة والتنمية» رئيس الحكومة التركية، كل رؤساء وملوك العالم الثالث. ليس فيه شيء من المعايير الأوروبية التي تنطحت لها تركيا على امتداد تسعين عاما، فانتهت إلى أن تكون دولة عالمثالثية بقوالب حديثة، وهذا أسوأ واخطر من أن تبقى على طبيعتها.
التهمة عند أردوغان جاهزة: «إنها مؤامرة خارجية». فعلها بعد «انتفاضة تقسيم جيزي» ويفعلها الآن بعد فضيحة الفساد المدوية التي أصابت حزبه وسلطته وهو، بمقتل لا سابق له.
يزعم أردوغان أن القوى الخارجية تسعى إلى الإطاحة به عبر أدوات داخلية «عميلة»، مسميا مباشرة جماعة فتح الله غولين. أما السبب الذي يورده فهو أن العالم يريد وقف تقدم تركيا وقطع الطريق أمام أن تكون لاعبا مركزيا في المنطقة والعالم. تشير أصابع أردوغان مباشرة، ومن دون تردد، إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل تقفان خلف هذه الفضيحة. ربما هي من المرات النادرة التي لا يسمي فيها سوريا. هذا ليس مؤشرا على تغير موقفه من النظام السوري، لكنها إشارة إلى أن الطوق يزداد حول أردوغان بازدياد أعداد خصومه.
تحتاج أطروحات أردوغان وهي ليست فقط من بنات رأسه هو، فالمنظرون حوله كثر، من مستشاره يالتشين آق دوغان، الذي باتت مقالاته في صحيفة «ستار» مفتاحا لفهم بعض ما يجري، إلى وزير الخارجية احمد داود اوغلو إلى تقييم موضوعي هادئ خارج أي حساسيات أو تشفيات.
1 إن أحدا عندما كان أردوغان يتغلغل في المنطقة ويدخلها على حصان أبيض وتنفتح له الأبواب لم يدع إلى وقف مسار تركيا الانفتاحي الجديد، ولقد فتح الجميع قلوبهم وإمكاناتهم كي تكون تركيا جزءا أصيلا من هذه المنطقة ومن هويتها. ولن ينسى السوريون مثلا أنهم ضحوا بجزء من صناعتهم الوطنية، وهذا من أخطائهم، من أجل أن ينقلوا تركيا من موقع العدو إلى موقع الصديق. والأمر نفسه ينطبق على كل دول المنطقة، من إيران إلى العراق ولبنان ومصر والسعودية ودول الخليج وغيرهما.
لكن سياسة أردوغان الخارجية هي التي ضحت بكل هذه الإنجازات، عندما اتبع مع قيادات «حزب العدالة والتنمية» سياسات لا تليق ببلد يسعى لعلاقات صداقة وتعاون مع العرب والمسلمين. فتحولوا إلى طرف في الصراعات الداخلية في هذه البلدان، كما في العراق وسوريا، وتعاملوا مع بعض الدول كما لو أنها ولاية عثمانية، كما مع مصر ولا سيما بعد سقوط جماعة «الإخوان المسلمين»، وعملوا من منطلقات مذهبية أيضا لهزيمة العقائد الأخرى. واتبعوا سياسة التحريض على ضرب الاستقرار بدعم الحلول العسكرية وحوّلوا الأراضي التركية إلى قاعدة للتنظيمات المتطرفة المجمع على إرهابها، مثل تنظيم «القاعدة» و«جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق وسوريا» (داعش). بعد كل هذا، أليس من الموضوعية أن يكون أردوغان بسياساته الخاطئة هو الذي جعل تركيا بلدا معزولا، وهو الذي يقطع طريق تركيا لتكون لاعباً موثوقا وله دوره في المنطقة؟
2 من أخطاء تركيا في السياسة الخارجية أنها لم تستطع أن تقوم بقراءة واقعية عميقة لاستراتيجيات الدول الكبرى، ولا للتوازنات الإقليمية والدولية. فكانت تراهن على سلوك هنا وتغير هناك لهذه الدولة الكبرى أو تلك. وأكبر خطأين في هذا المجال أن تركيا، الجارة الجغرافية والتاريخية لروسيا، كانت قاصرة عن فهم أهمية «المياه الدافئة» للدب الروسي، وكون سوريا هي الجزيرة الأخيرة لها فيها، فراهنت بغباء على تحول في الموقف الروسي الذي كان أرسل رسالة سابقة، لم يقرأها ولم يلتقطها الأتراك، على أهمية المجال الحيوي لروسيا عندما كانت روسيا مصممة على ضرب جورجيا حتى لا يصبح القوقاز الشمالي منطقة نفوذ معادية لها.
الخطأ الثاني الكبير والمميت هو أن تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي والحليف للولايات المتحدة والمتطلعة إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي والتي شكل تاريخها جزءا من تاريخ أوروبا والغرب، أظهرت عجزا أيضا في قراءة المواقف والمصالح والاستراتيجيات الغربية، ولا سيما خطوطها الحمر. من ذلك أنها استمرت في دعم التنظيمات الإرهابية رغم التحذيرات الأميركية المتكررة (لا نبرئ هنا الدعم الأميركي للإرهاب)، واستمرت في عرقلة التقارب مع إسرائيل رغم اعتذار الحكومة الإسرائيلية على حادثة «مرمرة»، مع الإشارة إلى أن الموقف التركي هنا كان لتوظيفه في الصراع مع القوى المسلمة في المنطقة وعدم خسارة الورقة الفلسطينية كورقة استغلال. وبالتالي لم تفهم أنقرة أن إسرائيل خط احمر للغرب، ومن هنا تحرك اللوبيات اليهودية ومعها واشنطن ضد اردوغان.
3 ليس من بلد يمكن أن يكون قويا ومحصنا تجاه الخارج إذا لم يكن قويا في لحمته ووحدته الداخلية. ولقد جاء اردوغان في السنوات الأولى من حكمه محفوفا بدعم كل أطياف المجتمع التركي، لأنه شكل الأمل لحل المشكلات المزمنة التي ورثها. لكن مع مرور الزمن، ولا سيما بعد العام 2011 كانت الآمال تنطفئ والتطلعات تخبو، فلا المشكلة الكردية حلت ولا المشكلة العلوية عرفت بداية معقولة للحل، بل تراجع منسوب الحريات إلى الصفر مع اعتقال الصحافيين وطردهم من مراكز عملهم. وانصرف اردوغان إلى محاولة التخلص حتى من شركائه ومنهم عبد الله غول، رفيق دربه، وبولنت ارينتش، ذراعه اليمنى. وانفض من حوله أو من حزبه كل الرموز الليبرالية واليسارية والدينية المعتدلة، وآخرهم فتح الله غولين، وبات حكمه بمثابة حكم الرجل الواحد والحزب الواحد. وأصر على أن الديموقراطية هي فقط ما يخرج من صندوقة الاقتراع، ولو على حساب كل المعارضين.
واليوم، بدلا من أن يجيب عن سؤال واحد هو: هل هناك فضيحة فساد أم لا، وهل هو متورط فيها أم لا، وهل ابنه بلال متورط فيها أم لا، وإذا لم يكن وزراؤه متورطين فلماذا استقالوا؟ بدلا من كل ذلك إذ به يقول للمريد خذني عبر عرقلة التحقيق وتصفية قيادات الشرطة وتغيير أصول المحاكمات وإلقاء اللوم على الخارج. أليست هذه الأخطاء في السياسة الداخلية هي التي تضعف تركيا، وتجعلها رخوة وهشة أمام أي محاولة للتخلص من اردوغان ومن حزبه؟.
تخلق استطالة مدة الحكم لأي حزب أو زعيم عوامل ضعفه وانكساره. حتى الكبار مثل شارل ديغول أو وينستون تشرشل أو أي رئيس أميركي لم يبقوا في الحكم أكثر من ثماني إلى عشر سنوات. لكن اردوغان في عصر الادعاء بأن تركيا دولة ديموقراطية يريد أن يكون حاكما مطلقا لاثنين وعشرين عاما. بدأت عام 2003 رئيسا للحكومة، وإذا أصبح رئيسا للجمهورية فسيبقى خمس سنوات قابلة للتجديد مع محاولة تغيير النظام إلى رئاسي ليكون حاكما بكامل الصلاحيات. هذا كثير على رجل تعبت روحه فاستبد، وحزب ترهلت عقيدته فتحلل، وسلطة نخرها الفساد فتعفنت، فأتعبوا الأتراك وجلبوا المخاطر والاضطراب على البلد. وهنيئا لمن يعرف حده فيقف عنده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.