بدء الاقتراع في اليوم الأول من المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    قرار جمهورى بإضافة كليات جديدة لجامعتى «اللوتس» و «سفنكس»    ارتفاع صادرات مصر من المشغولات الذهبية ل 6.76 مليار دولار خلال 10 أشهر    وزيرة التخطيط تفتتح منتدى الأعمال المصري الأذري بالقاهرة    غدًا.. المؤتمر الصحفي للإعلان عن تفاصيل بطولة العالم للكاراتيه    «الداخلية» تعلن ضبط متهمين بغسل 210 ملايين جنيه    الداخلية تواصل عقد لقاءات مع طلبة المدارس والجامعات للتوعية بمخاطر تعاطى المواد المخدرة    إندونيسيا: إصابة 3 أشخاص ونزوح أكثر من 500 شخص جراء ثوران بركان سيميرو    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بمنتصف التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    الكونفدرالية - دون تعادلات.. كل ما تريد معرفته بعد نهاية الجولة الأولى    واشنطن تهدد كييف بوقف كامل المساعدات.. وروسيا تصعد على الحدود الأوكرانية    الفيضانات توقف حركة القطارات وتقطع الطرق السريعة جنوبي تايلاند    كشف ملابسات ادعاء تعدي شخص على نجل سيدة بالإسكندرية    بعد واقعة مدرسة «سيدز الدولية».. «التعليم» تطلق حملة لتوعية الطلاب بالحفاظ على السلامة الجسدية    دولة التلاوة.. وترزية الجباية    في تعاونها الثاني مع كريم محمود عبدالعزيز .. دينا الشربينى تروج لفيلمها الجديد طلقنى عبر حسابها على إنستجرام    الصحة: لا توصية دولية بإغلاق المدارس بسبب الفيروسات التنفسية لعدم جدواها    طريقة عمل سبرنج رول بحشو الخضار    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل 26 ألف مواطن خلال شهر نوفمبر الجاري    الوزراء: مصر في المركز 65 عالميًا من بين أفضل 100 دولة والأولى على مستوى دول شمال إفريقيا في بيئة الشركات الناشئة لعام 2025    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    جامعة حلوان تطلق منافسات الألعاب الإلكترونية وسط مشاركة طلابية واسعة وحماس كبير    رئيسة المجلس القومي للمرأة تدعو جميع سيدات مصر للإدلاء بأصواتهن في الانتخابات    أسعار اللحوم اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    وزارة الدفاع الروسية: مسيرات روسية تدمر 3 هوائيات اتصالات أوكرانية    البرهان يهاجم المبعوث الأمريكي ويصفه ب"العقبة أمام السلام في السودان"    ترامب يؤكد انتظاره لقرار المحكمة العليا بشأن الرسوم الجمركية    أحمد صيام يعلن تعافيه من أزمة صحية ويشكر نقابة المهن التمثيلية    بانوراما الفيلم الأوروبي تعلن برنامج دورتها الثامنة عشرة    عمرها سبعون عاما.. سعودية تتم حفظ القرآن الكريم فى جمعية ترتيل بالباحة    التشى ضد الريال.. الملكى يعانى وألونسو يبحث عن حلول عاجلة    الرئيس البرازيلي السابق يبرر إتلاف سوار المراقبة بهلوسات ناجمة عن الدواء    ننفرد بنشر تفاصيل تعديلات قانون الضريبة العقارية الجديدة المقدمة من الحكومة    وزير الصحة يستعرض المنصة الرقمية الموحدة لإدارة المبادرات الرئاسية ودمجها مع «التأمين الشامل»    بدء توافد المواطنين على لجان الانتخابات بشمال سيناء للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع    محافظ دمياط يتابع انتخابات مجلس النواب من مركز السيطرة    ماراثون التصويت ينطلق بقوة.. شبين القناطر تسجل كثافة لافتة أمام اللجان    مأساة على طريق القاهرة-الفيوم.. وفاة شخصين وإصابة آخرين في تصادم سيارتين    الذهب يفشل في الاستقرار فوق 4100 دولار خلال الأسبوع الماضي .. ما الجديد في حركة المعدن؟    وزارة الداخلية تقرر إبعاد 5 أجانب خارج مصر    وزير الأوقاف يدلي بصوته فى انتخابات مجلس النواب بالقاهرة    «حازم بدوي»: كل صوت في صندوق الاقتراع له أثر في نتيجة الانتخابات البرلمانية    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    مواعيد مباريات الإثنين 24 نوفمبر 2025.. نهائي مرتبط السلة والمربع الذهبي بمونديال الناشئين    كيفية تأثير الأجهزة اللوحية على نوم الأطفال ؟    اليوم.. نظر محاكمة 9 متهمين بخلية داعش مدينة نصر    مسلم: «رجعت زوجتي عند المأذون ومش هيكون بينا مشاكل تاني»    تجديد ديكور البيت بدون أي تكلفة، 20 فكرة لإعادة تدوير الأشياء القديمة    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر وأفضل الأذكار التي تقال في هذا الوقت المبارك    أحمد عبد الرؤوف: الزمالك كان قادرًا على حسم مواجهة زيسكو من الشوط الأول    الزمالك يكشف تفاصيل إصابة عبد الله السعيد أمام زيسكو الزامبي    نتيجة وملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد إلتشي في الدوري الإسباني    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 24نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    نقيب المأذونين ل«استوديو إكسترا»: الزوجة صاحبة قرار الطلاق في الغالب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    القمة النارية بين آرسنال وتوتنهام الليلة.. موعد المباراة القنوات الناقلة والتفاصيل الكاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد نور الدين: أردوغان والنهاية المحتومة
نشر في البديل يوم 29 - 12 - 2013

يشبه رجب طيب أردوغان، رئيس «حزب العدالة والتنمية» رئيس الحكومة التركية، كل رؤساء وملوك العالم الثالث. ليس فيه شيء من المعايير الأوروبية التي تنطحت لها تركيا على امتداد تسعين عاما، فانتهت إلى أن تكون دولة عالمثالثية بقوالب حديثة، وهذا أسوأ واخطر من أن تبقى على طبيعتها.
التهمة عند أردوغان جاهزة: «إنها مؤامرة خارجية». فعلها بعد «انتفاضة تقسيم جيزي» ويفعلها الآن بعد فضيحة الفساد المدوية التي أصابت حزبه وسلطته وهو، بمقتل لا سابق له.
يزعم أردوغان أن القوى الخارجية تسعى إلى الإطاحة به عبر أدوات داخلية «عميلة»، مسميا مباشرة جماعة فتح الله غولين. أما السبب الذي يورده فهو أن العالم يريد وقف تقدم تركيا وقطع الطريق أمام أن تكون لاعبا مركزيا في المنطقة والعالم. تشير أصابع أردوغان مباشرة، ومن دون تردد، إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل تقفان خلف هذه الفضيحة. ربما هي من المرات النادرة التي لا يسمي فيها سوريا. هذا ليس مؤشرا على تغير موقفه من النظام السوري، لكنها إشارة إلى أن الطوق يزداد حول أردوغان بازدياد أعداد خصومه.
تحتاج أطروحات أردوغان وهي ليست فقط من بنات رأسه هو، فالمنظرون حوله كثر، من مستشاره يالتشين آق دوغان، الذي باتت مقالاته في صحيفة «ستار» مفتاحا لفهم بعض ما يجري، إلى وزير الخارجية احمد داود اوغلو إلى تقييم موضوعي هادئ خارج أي حساسيات أو تشفيات.
1 إن أحدا عندما كان أردوغان يتغلغل في المنطقة ويدخلها على حصان أبيض وتنفتح له الأبواب لم يدع إلى وقف مسار تركيا الانفتاحي الجديد، ولقد فتح الجميع قلوبهم وإمكاناتهم كي تكون تركيا جزءا أصيلا من هذه المنطقة ومن هويتها. ولن ينسى السوريون مثلا أنهم ضحوا بجزء من صناعتهم الوطنية، وهذا من أخطائهم، من أجل أن ينقلوا تركيا من موقع العدو إلى موقع الصديق. والأمر نفسه ينطبق على كل دول المنطقة، من إيران إلى العراق ولبنان ومصر والسعودية ودول الخليج وغيرهما.
لكن سياسة أردوغان الخارجية هي التي ضحت بكل هذه الإنجازات، عندما اتبع مع قيادات «حزب العدالة والتنمية» سياسات لا تليق ببلد يسعى لعلاقات صداقة وتعاون مع العرب والمسلمين. فتحولوا إلى طرف في الصراعات الداخلية في هذه البلدان، كما في العراق وسوريا، وتعاملوا مع بعض الدول كما لو أنها ولاية عثمانية، كما مع مصر ولا سيما بعد سقوط جماعة «الإخوان المسلمين»، وعملوا من منطلقات مذهبية أيضا لهزيمة العقائد الأخرى. واتبعوا سياسة التحريض على ضرب الاستقرار بدعم الحلول العسكرية وحوّلوا الأراضي التركية إلى قاعدة للتنظيمات المتطرفة المجمع على إرهابها، مثل تنظيم «القاعدة» و«جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق وسوريا» (داعش). بعد كل هذا، أليس من الموضوعية أن يكون أردوغان بسياساته الخاطئة هو الذي جعل تركيا بلدا معزولا، وهو الذي يقطع طريق تركيا لتكون لاعباً موثوقا وله دوره في المنطقة؟
2 من أخطاء تركيا في السياسة الخارجية أنها لم تستطع أن تقوم بقراءة واقعية عميقة لاستراتيجيات الدول الكبرى، ولا للتوازنات الإقليمية والدولية. فكانت تراهن على سلوك هنا وتغير هناك لهذه الدولة الكبرى أو تلك. وأكبر خطأين في هذا المجال أن تركيا، الجارة الجغرافية والتاريخية لروسيا، كانت قاصرة عن فهم أهمية «المياه الدافئة» للدب الروسي، وكون سوريا هي الجزيرة الأخيرة لها فيها، فراهنت بغباء على تحول في الموقف الروسي الذي كان أرسل رسالة سابقة، لم يقرأها ولم يلتقطها الأتراك، على أهمية المجال الحيوي لروسيا عندما كانت روسيا مصممة على ضرب جورجيا حتى لا يصبح القوقاز الشمالي منطقة نفوذ معادية لها.
الخطأ الثاني الكبير والمميت هو أن تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي والحليف للولايات المتحدة والمتطلعة إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي والتي شكل تاريخها جزءا من تاريخ أوروبا والغرب، أظهرت عجزا أيضا في قراءة المواقف والمصالح والاستراتيجيات الغربية، ولا سيما خطوطها الحمر. من ذلك أنها استمرت في دعم التنظيمات الإرهابية رغم التحذيرات الأميركية المتكررة (لا نبرئ هنا الدعم الأميركي للإرهاب)، واستمرت في عرقلة التقارب مع إسرائيل رغم اعتذار الحكومة الإسرائيلية على حادثة «مرمرة»، مع الإشارة إلى أن الموقف التركي هنا كان لتوظيفه في الصراع مع القوى المسلمة في المنطقة وعدم خسارة الورقة الفلسطينية كورقة استغلال. وبالتالي لم تفهم أنقرة أن إسرائيل خط احمر للغرب، ومن هنا تحرك اللوبيات اليهودية ومعها واشنطن ضد اردوغان.
3 ليس من بلد يمكن أن يكون قويا ومحصنا تجاه الخارج إذا لم يكن قويا في لحمته ووحدته الداخلية. ولقد جاء اردوغان في السنوات الأولى من حكمه محفوفا بدعم كل أطياف المجتمع التركي، لأنه شكل الأمل لحل المشكلات المزمنة التي ورثها. لكن مع مرور الزمن، ولا سيما بعد العام 2011 كانت الآمال تنطفئ والتطلعات تخبو، فلا المشكلة الكردية حلت ولا المشكلة العلوية عرفت بداية معقولة للحل، بل تراجع منسوب الحريات إلى الصفر مع اعتقال الصحافيين وطردهم من مراكز عملهم. وانصرف اردوغان إلى محاولة التخلص حتى من شركائه ومنهم عبد الله غول، رفيق دربه، وبولنت ارينتش، ذراعه اليمنى. وانفض من حوله أو من حزبه كل الرموز الليبرالية واليسارية والدينية المعتدلة، وآخرهم فتح الله غولين، وبات حكمه بمثابة حكم الرجل الواحد والحزب الواحد. وأصر على أن الديموقراطية هي فقط ما يخرج من صندوقة الاقتراع، ولو على حساب كل المعارضين.
واليوم، بدلا من أن يجيب عن سؤال واحد هو: هل هناك فضيحة فساد أم لا، وهل هو متورط فيها أم لا، وهل ابنه بلال متورط فيها أم لا، وإذا لم يكن وزراؤه متورطين فلماذا استقالوا؟ بدلا من كل ذلك إذ به يقول للمريد خذني عبر عرقلة التحقيق وتصفية قيادات الشرطة وتغيير أصول المحاكمات وإلقاء اللوم على الخارج. أليست هذه الأخطاء في السياسة الداخلية هي التي تضعف تركيا، وتجعلها رخوة وهشة أمام أي محاولة للتخلص من اردوغان ومن حزبه؟.
تخلق استطالة مدة الحكم لأي حزب أو زعيم عوامل ضعفه وانكساره. حتى الكبار مثل شارل ديغول أو وينستون تشرشل أو أي رئيس أميركي لم يبقوا في الحكم أكثر من ثماني إلى عشر سنوات. لكن اردوغان في عصر الادعاء بأن تركيا دولة ديموقراطية يريد أن يكون حاكما مطلقا لاثنين وعشرين عاما. بدأت عام 2003 رئيسا للحكومة، وإذا أصبح رئيسا للجمهورية فسيبقى خمس سنوات قابلة للتجديد مع محاولة تغيير النظام إلى رئاسي ليكون حاكما بكامل الصلاحيات. هذا كثير على رجل تعبت روحه فاستبد، وحزب ترهلت عقيدته فتحلل، وسلطة نخرها الفساد فتعفنت، فأتعبوا الأتراك وجلبوا المخاطر والاضطراب على البلد. وهنيئا لمن يعرف حده فيقف عنده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.