طالب خبراء الاقتصاد الحكومة بالاتجاه لوضع خريطة اقتصادية تستلزم بعودة السياحة والاستثمارات الاجنبية بما يعزز الاحتياطي النقدي المنخفض بعد تقرير صادر عن البنك المركزي خلال الخميس الماضي ووصوله الي 18.5 مليار دولار بنهاية الشهر الماضي بعد ان حقق 18.7 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2013.. وقال الدكتور رشاد عبده، رئيس المركز المصري للدراسات الاقتصادية، ان الوديعة العربية الاخيرة بقيمة 12 مليار دولار ليست مملوكة بالكامل للحكومة وانما جزء منها غير قابل للرد بقيمة 3 مليار دولار، منتقدا قرار رئيس الجمهورية المستشار عدلي منصور بتحويل نحو 8.8 مليار دولار لسد عجز الموازنة البالغ 240 مليار جنيه. وأضاف عبده أن وصول الاحتياطي النقدي إلى 18.5 مليار دولار، طبقا لتقرير صادر عن البنك المركزي يعد أمرا خطيرا، نظرًا لانه كان من المفترض زيادته بعد الوديعة الإخيرة إلى نحو 24 مليار دولار، إلا انه بعد رد 4 مليار دولار لقطر، مشيرا الي ان ذلك الاحتياطي لن يكفي لشراء السلع الضرورية الا لمدة تتراوح بين 8 الي 9 شهور مقبلة. وانتقد عبده اتجاه الحكومة حاليا للاقتراض من الخارج، مشددا على ضرورة ان تعتمد علي نفسها في ادارة الملف الاقتصادي واعداد تشريعات ملائمة وجاذبة للاستثمارات المحلية والاجنبية وعمل حوارات مجتمعية مع الخبراء لوضع التصورات الخاصة بحل المشكلة الاقتصادية. واضاف عبده ان الدولة بحاجة لعودة السياحة و الاتجاه للانتاج وعدم الاعتماد علي الاقتراض من الخارج، لافتا مشيرا الي ان اهداف الثورة لم تتحقق بعد فالفساد مازال موجود بالمؤسسات الحكومية طبقا لتقرير صادر عن منظمة الشفافية العالمية بوصول مصر عقب الثورة الي المرتبة 120 بين الدول الاكثر فسادا بعد ان كان 97 قبيل الثورة. واتهم عبده الحكومة بأنها لم تقدم اية خطط اقتصادية حقيقة تسعي لتغيير الوضع الاقتصادي الراهن، لافتا الي ان خطة التحفيز التي اعلنت عنها الحكومة كانت لأجل الحصول علي المنح العربية دون ان تظهر علي الانتاج والنمو. واشار عبده الي اتجاه وزارة المالية لتقليل الدعم علي المصانع بشكل تدريجي سيؤدي لربع تكلفة تلك المؤسسات الصناعية وبالتالي سيؤثر علي المعروض من السلع علي المنتجات بالسوق المحلي بما يسمح في اللجوء للمنتجات الاجنبية لانخفاض اسعارها بما يضر بالمنتج المحلي، او لجوء منتجو تلك السلع الي رفع الاسعار علي محدودي الدخل والطبقات الفقيرة. واضاف ان ذلك سيؤدي الي اغلاق المصانع وزيادة اعداد البطالة وتحميل الموازنة العامة لأعباء اضافية، لافتا الي ان ما حدث في مصانع الاسمدة من وجود ازمات نتيجة غياب الدعم الحكومي لها و تثبيت اسعار السلع النهائية لها منذ عام 2007 حتي الان ودون مراعاة لارتفاع اسعار المواد الخام و اجور العاملين، كان سببا في تعثرها . واشار الي ان تلك المصانع اصبحت عرضة للافلاس والتدهور، مطالبا بضرورة التأني في دراسة الابعاد الاقتصادية جراء القرارات التي تصدرها الحكومة. من جهتها قالت الدكتورة سلوي العنتري الخبيرة الاقتصادية ورئيس اللجنة الاقتصادية بالحزب الاشتراكي، ان الاحتياطي النقدي لم ينخفض بشكل كبير سوي بحوالي 200 مليون دولار فقط، مع الاخذ في الاعتبار ان موارد الدولة مازالت متوقفة سواء في السياحة و الصادارات وتحسن الاستثمارات وعودتها للبلاد. واشارت العنتري ان البنك المركزي رد الوديعة القطرية دون يتأثر الاحتياطي النقدي البالغ قيمته 18.5 مليار دولار، لافتة الي ان معايير كفاء ذلك الاحتياطي تقاس بمدي تغطيته لشراء السلع والخدمات خلال فترة محددة و القروض قصيرة الاجل. واضافت العنتري، ان ايرادات قناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج لم تتوقف ومازالت الصادرات تغطي نصف تكلفة الواردات، مشيرة الي ان اللجوء للاحتياطي النقدي يتم في حالة الضرورة والطوارئ فقط، مشيرة الي ان هناك معدلا عالميا بمدة 4 شهور لشراء السلع الاستراتيجية. واعتبرت العنتري ان الوضع حتي الآن ليس خطيرا ولكنه ما حدث من زيادة مؤخرة في قيمة الاحتياطي النقدي كانت بفعل المساعدات العربية الاخيرة والتي حققت توازنا في ذلك الاحتياطي، مشيرة الي ان الاقتصاد المصري مازال بحاجة لاستعادة مكانته وتنشيطه من خلال الاستثمارات وعودة القطاعات الاقتصادية الاخري والتي تسهم في الاقتصاد مجددا. ولفتت العنتري الي ان اتجاه الحكومة لالغاء الدعم علي المصانع كثيفة استغلال الطاقة يعد استجابة لمطالب الخبراء خلال الفترة الماضية، خاصة وان عددا من المنشآت الصناعية العاملة بقطاعات الحديد، الاسمنت، السيراميك تستهلك كميات كبيرة من الغاز والكهرباء بسعر مدعوم و تبيع منتجاتها بأكثر من السعر العالمي بالسوق المحلي مما يحقق ارباحا طائلة لها، مشيرة الي عدم وجود أي منطق لذلك. وطالبت العنتري بوضع حد اقصي لهامش ربح تلك المصانع لمنع نقل اعباء زيادة اسعار تلك المنتجات علي محدودي الدخل والطبقات الفقيرة والسوق المحلي، مشيرة الي ان تلك المصانع تستخدم عمالة مصرية رخيصة تحقق من وراءها ارباحا، لافتة الي ان تلك الخطوات لن تعوق اية استثمارات جديدة للبلاد مادامت لن تكون محتكرة للسوق. كان البنك المركزي قد اعلن خلال اليومين الماضيين عن وصول الاحتياطي النقدي الي 18.5مليار دولار بنهاية اكتوبر الماضي، بعد ان حقق 18.7مليار دولار خلال سبتمبر الفائت؛ نظرا لرد نحو 500 مليون دولار لدولة قطر أول نوفمبر الجاري. وعلي نفس السياق اعلن الدكتور احمد جلال وزير المالية عن اتجاه الحكومة لتقليص الدعم علي الطاقة بشكل تدريجي علي المصانع و القطاعات كثيفة الطاقة نظرا لما تمثله عبئا بقيمة 20 مليار جنيه علي الموازنة العامة ودون تأثير ذلك علي محدودي الدخل والطبقات الفقيرة.