رغم اعلان "البنك المركزي" عن تراجع الاحتياطيات الرسمية لمصر بنحو 9.5 مليار دولار لتصل الي 26.5 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي بالمقارنة بنحو 36 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2010 الا أن هناك نقطة مهمة لم يتطرق اليها البنك ، ويعد إغفالها أحد الأمور التي يمكن أن تثير البلبلة، هذه النقطة تتمثل في تلاشي قيمة الودائع غير المدرجة في الاصول الاحتياطية (الاحتياطيات غير الرسمية) التي كانت قيمتها بنهاية نوفبر 2010 نحو 10 مليارات جنيه أصبحت قيمتها 36 مليون دولار فقط في نهاية فبراير 2011، أي في خضم ارتفاع حدة الثورة ، والسؤال هنا يوجه الي البنك "المركزي" ، أين تم انفاق هذه الأموال ، حيث إنه تم طرح السؤال علي هشام رامز نائب محافظ البنك المركزي في آخر مؤتمرات البنك وكان جوابه أن المركزي لا يتعامل سوي بالاحتياطيات الرسمية. ومن منطلق تقارير حصلت عليها "روزاليوسف" من البنك المركزي يتضح أن احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية تراجعت من نحو 36 مليار دولار الي 26.5 مليار دولار أي بنحو 9.5 مليار دولار ، وبحساب قيمة ما تم صرفه علي خروج الاجانب من أذون الخزانة يتضح أنه يبلغ 5.9 مليار دولار نظرا لأن قيمة استثمارات الاجانب تراجعت من 59.3 مليار جنيه الي نحو 24.1 مليار جنيه . وقام البنك المركزي بصرف نحو 999 مليون دولار في يناير لسداده مبلغ 665 مليون دولار من الدين الخارجي علي مصر لدول الاعضاء في نادي باريس وسداد جزء من مستحقات البنوك المحلية مقابل قيمة سندات الخزانة المصرية المقومة بالدولار ، كما تدخل البنك مرة واحدة لمساندة سوق الصرف بمبلغ لم يتجاوز 300 مليون دولار وتم استردادها في نهاية يوم ضخها. الا أن التقارير توضح أيضا أن الودائع غير المدرجة في الأصول الاحتياطية (الاحتياطيات غير الرسمية) تراجعت من نحو 10 مليارات دولار الي 36.5 مليون دولار فقط وهو الأمر الذي لم يتطرق اليه البنك بالشرح ، حيث تراجعت القيمة بدون ذكر أسباب ذلك. والاحتياطيات غير الرسمية أو الودائع غير المدرجة في الأصول الاحتياطية هي تلك السيولة بالعملة الأجنبية التي تتوافر لدي البنك المركزي ولا يستثمرها بالخارج لذا فهي لا تدرج ضمن الاحتياطيات الرسمية لأن المقررات الدولية تقتضي بأن تكون احتياطيات الدول مستثمرة في الخارج، أما الجزء الذي يبقيه البنك المركزي بالداخل فلا يدخل ضمن تعريف الاحتياطيات الرسمية ويستخدم المركزي ذلك الجزء من السيولة الأجنبية في مواجهة أي احتياجات عاجلة دون الحاجة إلي الخروج من الأدوات التي يستثمر فيها الاحتياطي الرسمي. من جانبه طالب الخبير الاقتصادي الدكتور شريف دلاور بضرورة أن تكون هناك شفافية في الاعلان عن الاحتياطيات النقدية رسمية كانت أو غير رسمية نظرا لأن عدم الشفافية يؤدي إلي تخبط ، وتراجع ثقة الناس في مؤسسات الدولة المهمة، وأكد دلاور ان الاحتياطيات النقدية لها هدفان أولهما تغطية السلع الاستراتيجية لمصر علي أن تغطي الاحتياطيات من 6 الي 9 أشهر واردات سلعية ، أما الهدف الثاني فهو مساندة العملة المحلية ، وحفظ اتزان سعر الصرف ويصب الهدفان في هدف واحد كبير ينص عليه قانون البنك المركزي وهو الحفاظ علي مستويات مقبولة للأسعار ومواجهة التضخم. وأشار دلاور الي أن العالم يتعامل مع مصر ، ويحكم علي قوتها من منطلق قيمة الاحتياطيات النقدية ، لافتا الي أنه خلال عام 1989 مرت مصر بأزمة نتيجة تلاشي الاحتياطي من النقد الأجنبي وكان ذلك في عهد رئيس الوزراء عاطف صدقي ، وطبقا لدلاور فقد تمثلت الأزمة آنذاك في أن قطاعات الحكومة والقطاع الخاص والقطاع العام أصبحت غير قادرة علي استيراد السلع اللازمة للسوق . وقال الخبير الاقتصادي ان احد أهداف دخول مصر في حرب الخليج وقتها كان لتوفير العملة الاجنبية ، حيث قام البنك الدولي في ذلك الوقت باسقاط نصف مديونيات مصر وجدولة القيمة المتبقية علي ثلاث شرائح . من جانبه يري الخبير المصرفي أحمد آدم ضرورة أن يسرع البنك المركزي في الافصاح عن أوجه صرف قيمة الاحتياطيات غير الرسمية لأن عدم كشف أسباب تراجعها يزيد من شكوك الناس ، في وقت لابد أن يتحلي فيه الجميع بشفافية عالية .