تواجه مصر أزمة مالية طاحنة، بعد 4 أشهر، بحسب توقعات خبراء المال، حول مدى قدرة مصر على سداد الدين الخارجى والبالغة قيمته نحو 50 مليار دولار حتى أغسطس الماضى، طبقا لتقرير صادر عن وزارة المالية خلال مارس 2013 من وصول حجم الدين الخارجي للبلاد إلى نحو 38.44 مليار دولار، بجانب 12 مليار دولار أخرى خلال اغسطس الماضي كمنحة من الدول العربية (4 مليار دولار من الامارات، 5مليار من الكويت،4 مليار من السعودية)، إضافة إلى الدين المحلي بقيمة 1.6 تريليون جنيه، مؤكدين أن المنح العربية مجرد مسكنات لسد عجز الموازنة، فيما عجزت الحكومة الحالية عن وضع حلول نهائية للقضاء على الدين المحلي والخارجي، مثلما فعل الإتحاد الأوروبي مع اليونان ومنحها 300 مليار دولار. وبحسب ما جاء بالتقرير السنوي للبنك المركزي المصري بنهاية يونيو2012، فان حجم الدين الخارجي لمصر وصل إلى 34.4 مليار دولار تم تصنيف مديونيات مصر لصالح قرابة 17 دولة منتمية لنادي باريس منها أمريكا بقيمة 2.9 مليار دولار واليابان ب4.2 مليار دولار ودول الاتحاد الاوربي بقيمة اجمالية قدرها 9.5 مليار دولار منها دول ( فرنسا ب2.9 مليار دولار، ألمانيا بقيمة 3.3 مليار دولار، انجلترا ب1.2 مليار دولار، اسبانيا بنحو 562مليون دولار، ايطاليا 483 مليون دولار، النمسا 328 مليون دولار،الدنمارك 247 مليون دولار، هولندا 133 مليون دولار،بلجيكا 95.5مليون دولار،السويد 40.6 مليون دولار، اخري 31.8 مليون دولار). فيما جاءت الدول اجمالية الدول العربية بنحو 1.7 مليار دولار منها ( الكويت 967مليون دولار، السعودية 290.6 مليون دولار، الامارات 107.7 مليون دولار، ليبيا 53.9 مليون دولار، قطر 46.2 مليون دولار، الاردن 29.1 مليون دولار، اليمن 19.3 مليون دولار، السودان 25 مليون دولار، اخري 118.8 مليون دولار). ووصلت اجمالية الديون لصالح المؤسسات الدولية والاقليمية بنحو 11.068 مليار دولار منها ( هيئة التنمية الدولية بنحو 1.25مليار دولار، الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي بحوالي 1.33 مليار دولار، بنك الاستثمار الأوربي 1.7 مليار دولار، البنك الدولي 2.94 ملياردولار،صندوق النقد العربي بنحو 336.5 مليون دولار، البنك الاسلامي للتنمية بنحو 118.4مليون دولار، صندوق وبنك التنمية الافريقية بقيمة 1.62مليار دولار، مؤسسات أخري 1.72مليار دولار، دول أخري 1.18 مليار دولار). وخلال العام 1991 و نتيجة لاشتراك مصر في رد العدوان عن الكويت في اعقاب حرب الخليج اسقطت الولاياتالمتحدة كامل ديونها العسكرية عن الدولة وقتها بقيمة قدرت بنحو 7 .2 مليار دولار و نحو21 مليار اخري توسطت امريكا لاعضاء نادي باريس لاسقاطها عن الدولة المصرية بما يساوي 50% من تلك المديونات واعادة جدولتها مرة أخري. وفي تصريحات سابقة للدكتور هشام رامز، محافظ البنك المركزي، اكد ان مصر ملتزمة بسداد نحو 700 مليون دولار كل 6 أشهر لصالح نادي باريس بحسب الاتفاقية الموقعة بينها وبين تلك الدول، لافتا الي ان الدولة ملتزمة بسداد تلك الاقساط ولم تتخلف عن التزاماتها رغم الظروف الصعبة منذ 3 سنوات وحتي الأن. من جهة اخرى قال الدكتور عبد الخالق رئيس مركز النيل للدراسات الاستراتيجية، ان الحكومة ارتكبت خطأ في تحويل نحو 8.8 مليار دولار من اموال المنحة العربية الاخيرة والمودعة بالبنك المركزي لسد الفجوة التمويلية التي تعاني منها الموازنة العامة في مقابل طبع نحو 60 مليار جنيه بنكنوت لتلبية الاحتياجات الضرورية. واضاف ان ما قامت به الحكومة من تلك الاجراءات يعد خطرا خاصة وان تلك النفقات كانت ضمن الاحتياطي النقدي للدولة، مشيرا الي الحل يستلزم اهتمام الدولة بالاصول الانتاجية وحل أزمة المصانع المتعثرة حتي تساهم في تقليل عجز الموازنة العامة. وفى نفس السياق قال اسامة غيث الخبير الاقتصادي، انه جري خلال الفترة الاخيرة الماضية الحديث عن الوديعة العربية الاخيرة علي انها منها او ايداعات بالبنك المركزي دون اعتبارها ديون علي الخزانة العامة خاصة وانها تتسبب في رفع فوائد الديون و سدادها علي فترة زمنية محددة. واشار غيث إلى طرح تلك المبالغ فى صورة سندات وأذونات خزانة بفائدة معينة، لافتا الي ان ما تعلنه وزارة المالية و البنك المركزي من بيانات غير دقيق ولا يتسم بالشفافية، منتقدا قرار الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور بتحويل 8.8 مليار دولار من المنحة العربية لسد عجز الموازنة العامة وتحويلها بالنقد المصري علي ان يتم دمجها بموازنة الدولة علي انها ايرادات عامة مباشرة، مشيرا الي مسألة التعامل مع التدفقات المالية الخارجية تتم بلا ادني درجات الشفافية خاصة وان تلك النفقات لن تظهر في أي من بنود الموازنة العامة. واضاف ان ما تم الاعلان عنه من مساعدات خارجية بالدولار لا يتم الحصول عليه بشكل كامل ولكن بصورة جزئية خاصة بعد اعلان محافظ البنك المركزي الدكتور هشام رامز خلال الايام الماضية عن وصول الدعم من عدة دول منها قطروالاماراتوالكويت بقيمة بلغت 7 مليار دولار فقط، رغم وجود توريدات منتجات سلعية كالمواد البترولية، مشيرا الي ان تلك السلع غير محددة او واضحة علي الاطلاق. ولفت غيث الي انه رغم الاعلان عن وصول الحزمة المالية العربية بقيمة 12 مليار دولار، الا ان الاحتياطي النقدي ارتفع بشكل ضئيل جدا وبزيادة قدرها 4 مليار دولار فقط، بالاضافة الي تصريحات الدكتور حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء خلال زيارته للامارات عن وصول منحة مالية جديدة بقيمة 4.9 مليار دولار، لا تعد امرا جديدا وانما تشمل المنحة المعلن عنها مسبقا. ولفت غيث الي ان الرئيس المعزول محمد مرسي حصل علي مساعدات عربية بقيمة 8 مليار دولار موزعة بين السعودية وقطر وتركيا ووصل حجم الدين الخارجي في عهد المجلس العسكري الي 36 مليار دولار، بالرغم من عدم اتساق معايير ذلك الدين خلال الفترة الحالية مع أدني المعايير الفنية المطبقة. واشار غيث الي ان فاتورة الديون الخارجية والتي اقتربت من 50 مليار دولار لا تؤثر علي الاقتصاد المصري لانه مشروطة وخلال فترة زمنية معينة، مشيرا الي ان الخطورة تتمثل في ارتفاع فاتورة الدين العام المحلي والذي ارتفع مؤخرا الي 1.6 ترليون جنيه بسبب عطاءات واذونات الخزانة والتي بلغت اسعار فائدتها الي 14% والتي تؤثر علي استقرار سعر صرف العملة الوطنية. وطالب غيث بضرورة تفعيل التجارب الدولية مثل اليونان خلال ازمتها المالية، وإيجادها حزمة انقاذ اقتصادي دون الاعتماد علي القروض الخارجية فقط وانما اجراءات مساندة دولية وتخفيض المديونات الخارجية بنسبة 50%، لافتا الي انه بحلول العام 2009 حصلت اليونان علي مساعدات من الاتحاد الاوربي بقيمة 300 مليار دولار، واصفا المساعدات بقيمة 12 مليار دولار لمصر مؤخرا بانها مجرد مسكنات لشراء السلع الضرورية خلال 4 شهور علي الاكثر. وشدد علي ضرورة الالتزام ببرنامج اصلاح اقتصادي قاسي من خلال ترشيد دعم الطاقة والتي تلتهم مليارات الجنيهات من مخصصات الموازنة العامة، لافتا الي ان حكومات ما بعد الثورة صرحت اكثر من مرة بتنفيذ ذلك الا انه لم يتخذ أي اجراء في ذلك الشأن.