شوادر تتزين بالأنوار والفراشة العربي تملأ شوارع مذبح السيدة زينب، تتدلي منها الخراف والأبقار المذبوحة، دماء على الأرض من آثار الذبح، جلود الماعز والماشية ملقاة على الأرصفة، كل جزار في موقعه يستخدم السكاكين فوق قرمته بحرفية ورشاقة وكأنه مايسترو يعزف ويقود فرقة من المساعدين الصغار بمنتهي التناغم، زبائن تتفحص بعناية خراف على وشك شرائها، وأخرى تلوح للجزار شراء قطعة لحمة حمراء من فخذ العجل .. تجولت "البديل" لتتعرف على الأسعار ومدى الإقبال الجماهيري في أشهر مذابح القاهرة. يقول المعلم زينهم علي – جزار- أسعار اللحوم هذا العام مرتفعة جدا، سواء كانت ضأن أو بقري، حيث وصل كيلو الضأن صاحي إلى 28 جنيها بعد أن كان 22 جنيها عن العام الماضي، وكيلو الضأني مذبوح ب55 جنيه بزيادة عشرة جنيهات عن العيد الماضي، أما البقري فالكيلو ب60 جنيها، والمفروم ب40 جنيها. وأوضح أن هناك عدة عوامل ساهمت في ارتفاع الأسعار كأسعار العلف التي تم تربيه المواشي عليه، بالإضافة إلى أزمة الوقود التي تضيف علي مصاريف النقل نفقات إضافية، فهذه المواشي يتم جلبها من محافظات الصعيد كأسيوط والمنيا وسوهاج، ومن ثم أجرة السيارة تضاعفت بدلا 500 جنيها أصبحت 1000 هذا العام، ومن ثم إضافة فرق التكلفة على سعر الماشية نفسها. بينما رد – مصطفي شوشة- صاحب محل جزارة – بغضب شديد "هو فين العيد أصلا؟!، شوارع المدبح كانت مثل هذه الأيام لا يوجد فيها موطأ قدم، فالزحام والشراء كان على أشده، لكن الناس قرفانة وخائفة تنزل من بيوتها، بسبب النكد اللي الإخوان عيشوا في الشعب المصري ليل نهار. أضاف شوشة أن حركة الشراء أصبحت مقتصرة على ساعتي النهار ولا يدخل المحل سوى زبائن معدودة ،والمواطن الذي كان يشتري 3 كيلو لحمة أصبح يشتري كيلو لفرحة الأولاد أول يوم العيد فقط، وبدلا ما كان العيد الكبير اسمه عيد اللحمة وكان المصريين يتناولون فيه اللحوم لمدة أربعة أيام، سيقتصر هذا العام على يوم واحد، نظرا للظروف الاقتصادية السيئة. والتقط منه الحديث الحاج عبد المنعم أحمد – جزار – قائلا "أنا دبحت في العيد اللي فات 500 خروف من آخر 10 أيام في ذي القعدة، أما هذا العام فلم أكمل 50 خروفا حتى الآن، برغم أن المدبح مشهور بانخفاض الأسعار فيه، فمثلا الضأن يباع في المذبح ب50 جنيها للكيلو عند الجزار قطاعي سوف يباع ب 80 جنيه، ولكن مع ذلك لا توجد حركة شراء. وفسر هذا الركود تعود بإنفاق المواطنين أموالهم مع الموسم الدراسي الجديد، والمصاريف والمستلزمات المدرسية، ومن يشتري لحوم الآن أصبح هو المقتدر ليس الموظف الذي اصبح لا يكمل أول عشرة أيام في الشهر. بينما يرى عباس مجدي – جزار- أن الإقبال محدود وليس معدوما، خاصة على البتلو نظرا لأن سعرها متوسط فالكيلو ب35 جنيها، أما الكندوز ب50 جنيها، بالإضافة إلى صناعة الكفتة بالأرز والذي يكلف ربة المنزل فقط 50 جنيها ل2كيلو. وأضاف عباس أن البقري الأكثر مبيعا، فهناك كثير من الأسر لا تفضل الضأن لأنه دسم ولا يناسب مرضى القلب والسكر، لكن ريش الضأن هي الأصلح للشواء ويبلغ سعر الكيلو منها 65 جنيها. وبسؤال الزبائن قال المهندس حسام فرغلي– إنه كل عام يأتي إلى المذبح ويصطحب أطفاله لشراء خروف العيد، ليشارك الأطفال الفرحة، مضيفا أنه يشترك مع أخيه في ثمن الخروف الواحد، وعند ذبحه يتم قسمته بينهما بدلا من شراء لحم جاهز. بينما تشتكي فتحية أيوب – ربة منزل- من غلاء الأسعار، وأنها اضطرت لتخفيض الكمية التي كانت تنوي شرائها من لحمة العيد والتي لا تتناسب مع ميزانية المنزل، واكتفت بشراء 3 كيلو لحم كندوز بدلا من 5 كيلو، حتى تتمكن من شراء باقي متطلبات المنزل، من لحم مفروم لخبز صواني الرقاق، والكوارع لفتة الخل والثوم، فضلا عن شراء الحلويات الشرقية .