أشرقت شمس أول جمعة في رمضان وسط زخم من الأحداث والصراعات السياسية، فينقسم المصريون بين من يستعد للإفطار الجماعي بميدان التحرير، ومن يشد الرحال للزحف إلى "رابعة العدوية"، وآخرين لا يشغلهم سوى أنه يوم إجازتهم التي يقضونها مع ذويهم، فيتعبدون لله؛ لعلهم يكونون من الفائزين في نهاية هذا الشهر الكريم، وحتى لا تتحول المساجد إلى ساحات للعراك والاختلاف بسبب توجه الأئمة ورأيهم في السياسة؛ يقدم "البديل" نصائح الأزهر والأوقاف؛ لكي تكون الخطبة سببًا في التهدئة والتقارب بين المصريين. تقول الدكتورة آمنة نصير العميدة السابقة لكلية البنات بجامعة الأزهر إن خطبة اليوم الجمعة لا بد أن تتميز بالحكمة فى جميع المساجد، فعلى الشيوخ والأئمة توعية المصلين بشكل واضح بأن هذا الشهر المبارك الذى نحياه يتميز بالتسامح والعفو والخير. وشددت على ضرورة أن يكون الإمام واعيًا؛ فيدخل فضائل هذا الشهر الكريم الذى نعيشه فى السياسية؛ حتى يجعل الناس تبدأ صفحة ناصعة البياض مع بعضهم بعضًا، متنازلين عن الخلاف السياسى وحالة الاستقطاب التى يعيشها المجتمع. وأضافت نصير "أتمنى من عقلاء الشيوخ أن يعملوا على تقويم فكر المصلين أثناء صلاة الجمعة.. عليهم التحدث عن واقع المجتمع وما يحدث من نزاع وصراع، ولا داعي للعنف والفوضى، فالمصريون دماؤهم محرمة على بعضهم"، موضحة أن أنصار مرسى عليهم العلم كامل العلم بأنه لم يعد رئيسهم، وكفى شغل الناس عن دينهم، فقد جعلوا المصريين يتركون صلاتهم وتسامحهم فى هذا الشهر الكريم لنزاع حول شخص الرئيس". وأشارت إلى أن مكان الخطبة يحدد المادة التي تقال فيه، فإذا كان الإمام يقدمها لمعتصمى رابعة العدوية عليه توعيتهم بأن النزاع عن الشخص غير صحيح دينيًّا أو أخلاقيًّا أو سياسيًّا، وعليهم ن يدركوا أن مصر لابد أن تسير فى طريق السلامة؛ حتى يطبقوا شرع الله الصحيح كما يدعون"، مضيفة أنه "يجب توعيتهم أيضًا بأن الدنيا لم تنتهِ بعدم وجودهم فى الحكم، فمرسى نفس بشرية والنفس لا بد أن تصيب وتخطئ"، وأضافت "أما إذا كانت الخطبة فى ميدان التحرير فعليه أيضاً أن يختار خطبة تتناسب مع المصلين تجعلهم يخشعون لله ويخافونه، ويقررون البدء فى مصالحة مع الجميع والتسامح سياسيًّا ودينيًّا، وأن يتحدوا لإعلاء مصلحة الوطن وتقدمه". ونصحت أئمة المساجد الموجودة في المناطق السكنية البعيدة عن بؤر الأحداث في التحرير أو رابعة العدوية بأن يقوموا بتوعية المصلين بفضل هذا الشهر الكريم وفضل العبادة فيه وطاعة الخالق، وأن يبتعد الإمام عن الحديث فى السياسة أو إبداء رأيه فى الأمر العام، وعليه نشر الخلق "التسامحى". ومن جانبه قال الشيخ محمود زغلول أحد علماء الأوقاف إن خطبة اليوم لا بد أن تبتعد بشكل كامل عن السياسة وتتحدث عن فضل رمضان، وتبعث فى نفوس المواطنين حالة من الطمأنينة والأمل والحب، وبالتالى سيؤثر عليهم ويجعلهم يتصالحون مع أنفسهم، مشيرًا إلى أنه إذا تحدث الإمام عن رأيه وتكلم فى السياسة، فلن يستفيد المصلون؛ لأن جميعهم ليسوا على رأى واحد، فهناك المؤيد لهذا الرأى السياسى، وهناك المعارض، وهناك الذى لا يهمه الأمر. وأضاف زغلول أنه من المفترض ألا يتحدث الشيوخ الذين يؤمون المصلين فى الجوامع عن السياسة، ولكن مع تداخل الأمور فى بعضها فى عهد الرئيس مرسى أصبح كل من يشاء أن يتكلم فى شيء يتكلم فيه دون وعى منهم أن ذلك يؤثر سلباً على المصلى، ويجعله فى حالة استقطاب وإحتقان شديد عقب الصلاة، مشيرًا إلى أن ما يحدث من خلط الأمور فى بعضها هو ما جعلنا نصل لتلك الحالة التى تعيشها مصر. وأكد زغلول أن الخطبة لا بد وأن تتناول فضل التسامح وعفة اللسان وتقبل الآخر، موضحاً أن معتصمى جامعة القاهرة ورابعة وميدان التحرير وغيرها إذا كانوا يتحدثون عن أحد بالغيبة فى اعتصامهم فهذا يعنى أن صيامهم جميعًا غير مقبول؛ لأن للصيام شروطًا، وهذه الشروط لا بد من توضيحها اليوم؛ حتى يبدأ المسلمون فى صيامهم صيامًا صحيحًا، مطهرين قلوبهم من كل سوء.