وحدد العلماء موضوعات لخطبة الجمعة في رمضان وطالبوا الدعاة بتوصيل هذه المعاني لرواد المساجد بالطريقة التي تناسب كل الفئات, فمثلا الجمعة الأخيرة من شهر شعبان. لابد أن تشمل الحديث عن استقبال رمضان وفضل الصيام, والجمعة الأولي من رمضان يجب أن تتضمن الحديث عن صلة الأرحام ورعاية الأيتام وتجنب الأخطاء الشائعة في رمضان, والجمعة الثانية تتناول فضل القرآن الكريم وقيام الليل والإشارة لغزوات الرسول صلي الله عليه وسلم في رمضان, والجمعة الثالثة عن العشر الأواخر من رمضان وفضل ليلة القدر, والجمعة الأخيرة من رمضان تكون عن زكاة الفطر وكيف يستقبل المسلم العيد وأدب الاحتفال بالأعياد في الإسلام. وقال الدكتور زكي عثمان الأستاذ بكلية الدعوة جامعة الأزهر إن تجديد موضوع خطبة الجمعة في رمضان يعد ضرورة دينية, ولابد أن يقوم الدعاة وخطباء المساجد بالاستعداد الجيد قبل رمضان, لأن موضوع خطبة الجمعة ينبغي بالضرورة أن يكون مختلفا في رمضان, فيتناول القضايا التي تهم المواطنين وتؤثر في حياتهم. وينصح خطباء المساجد بضرورة الاجتهاد في هذه الأيام الكريمة للتأثير في الناس بالكلمة الصالحة التي تصل إلي قلوبهم. وأشار إلي أن الإمام الذي يدرك المسئولية التي تقع عليه في هذا الشهر الكريم- لأنه يحمل لواء الدعوة ويوجه الناس ويصحح المفاهيم- لابد أن يقوم بالتركيز في كل خطبه علي قضية معينة خاصة بالصيام وصلاة التراويح وفضل قراءة القرآن الكريم, وتدريب الأطفال علي الصيام وغيره من القضايا التي يجد أنها تمس واقع رواد المسجد, وكذلك من الضروري أن يخصص الإمام جزءا من الخطبة للإشارة لبعض الفتاوي التي توجه إليه من المواطنين, ومن المهم جدا أن تكون الخطبة الأخيرة في شهر شعبان تركز علي استقبال شهر رمضان وفضل هذا الشهر الكريم, وعليه أن يحث رواد المسجد علي كسب الطاعات في رمضان لأنه موسم للعبادة والتقرب إلي الله, وأفضل هذه الأعمال صلة الأرحام والإحسان إلي الجيران ورعاية الأيتام وقراءة القرآن الكريم والحرص علي الصلاة في المسجد والاعتكاف في العشر الأواخر وإخراج زكاة الفطر. الخطيب الماهر ويضيف أن الخطيب الماهر مثل الطبيب الماهر الذي ينظر إلي الأمراض المنتشرة ويقدم العلاج النافع الذي يقضي علي المرض, ولذلك فمن الطبيعي أيضا أن يوجه الأئمة والدعاة في خطبة الجمعة الكثير من النصائح الخاصة بعدم الإسراف في رمضان, لأن الاعتدال مطلوب في كل شيء والإسراف منهي عنه, كذلك لابد أن تكون هناك نصائح للتجار بعدم استغلال حاجة الناس لرفع الأسعار أو لاحتكار السلع, فكل هذه القضايا مرتبطة أيضا بالصيام, ولابد أن يكون لخطباء المساجد دور في تناول هذه الموضوعات وغيرها من الموضوعات الاجتماعية, لأن كل إمام يعلم أهم المشاكل التي يعاني منها الأهالي الذين يعيشون في المنطقة التي يقع بها المسجد, وليس عيبا أن يتناول الخطيب الموضوعات الاجتماعية في رمضان,لأنه يجب أن تكون كل الخطب خاصة بالأمور الفقهية والشرعية فقط, بل لابد أن تمتد للقضايا الاجتماعية والظواهر السلبية التي تنتشر في المجتمع مثل انشغال الناس بوسائل الإعلام ومتابعة الفضائيات والسهر أمام وسائل الإعلام, وعقوق الوالدين التنوع ضرورة دينية. وشدد علماء الدين علي ضرورة تنوع الدعاة في تناول الموضوعات سواء في خطبة الجمعة أو في الدروس الدينية اليومية, وقال الدكتور عبدالفتاح إدريس أستاذ الفقه جامعة الأزهر إن شهر الصوم هو شهر جني الثمار, وشهر السباق إلي مضاعفة الأجر, بحسبان أن نهاره صيام, وهو عبادة, وليله قيام وذكر واجتهاد في عبادة الله تعالي, وأيامه كلها زمان للمسابقة إلي الخيرات, فكان من المناسب أن ينوع الداعية في خطابه في هذا الشهر ليحفز الناس علي التزود منه بالطاعات, وليجعلوا منه شحنة لما بعده من شهور السنة-, ونهجا يسيرون عليهم في بقية هذه الشهور, وهذا يقتضي من الأئمة والدعاء أن يبينوا للناس أن هذا الشهر يعظم فيه الجزاء, وأن الالتزام بصيام نهاره سبب لتكفير ذنوب وسيئات العام المنصرم, وكأن استكمال صيامه إيمانا واحتسابا ولادة أخري, كما ينبغي عليهم تذكير الناس بأنه شهر التكافل الاجتماعي, ومدارسة العلم, والإحساس بما يعانيه الغير, وشهر التراحم والتواد والتذكير بيوم النشور, وينبغي ألا يغفل الداعية بيان حكم شرعي للناس متعلق بالصيام, لحرص الناس علي قبول صيامهم, وإجزائه لهم, وأن يبين لهم ما يكمل به الأجر في العبادات وما ينقصها, ليفعلوا ما يكمل به أجرهم فيها, ويتجنبوا ما ينقصها, وأن يبين للناس الطرق الموصلة للاجتهاد في العبادة والقرب من الله تعالي, كل هذا وغيره يقتضي من الدعاة والأئمة أن ينوعوا في خطابهم للناس في هذا الشهر, ليمسوا هذه الجوانب. التحضير للخطبة كما طالب علماء الدين بضرورة أن يقوم الدعاة بالتحضير للخطبة وأن يكون هناك هدف واضح لكل خطبة في رمضان, وقال الدكتور عادل هندي المدرس المساعد بكلية الدعوة جامعة الأزهر إن تجديد موضوع خطبة الجمعة في رمضان ضروري للغاية لأن خطبة الجمعة عليها تركيز من المسلمين وأن البعض يعتبرها ضرورة لا يتنازل عنها علي الرغم من أنك قد تجده متكاسلا تماما عن بقية الصلوات, ومن هنا يلزم علي الداعية والخطيب أن يطور من خطبته ليوصل رسالته إلي القلوب ويجعل من ورائها سلوكا عمليا لإنتاج حياة متميزة في دنيا الناس. ويناشد الداعية ضرورة تحديد هدف واضح للخطبة والرسالة التي يريد توصيلها لرواد المسجد, ويكتبها علي ورقة التحضير, وعليه ألا ينسي أن للخطبة المؤثرة أهدافا ثلاثة لا بد من وضوحها في خطبته, وتتمثل هذه الأهداف في: هدف معرفي وهو المعلومات, وهدف وجداني يركز علي المشاعر والأحاسيس, وهدف سلوكي ومهاري يرشد الناس إلي وصايا عملية للبناء والتغيير, ولذلك علي الداعية أن يستخدم الرفق والحنان والمحبة في الله عند مخاطبة الناس, كذلك لابد من استخدام القصة المشوقة في الخطابة حتي يستطيع الداعية التأثير في الناس, ولابد أن يكون الخطيب مطلعا علي أخبار المجتمع محليا وعالميا قبل أن يصعد علي المنبر, ويضيف قائلا: لا تنس أيها الخطيب أن تراجع شرائح المجتمع من أطفال وشباب وبنات ورجال وأزواج وزوجات وعمال وفلاحين, فلابد من أن تراعي كل هؤلاء في خطبك وأن تخاطب الجميع ولا تجعل خطابك موجها لفئة دون أخري. مراعاة التقاليد وينصح الأئمة والدعاة بعدم الاصطدام بأعراف وتقاليد الناس, ولابد أن يكون الإمام حكيما عند مناقشة أي قضية خلافية, وأنصح بترك السياسة في رمضان, وإن أجزنا الحديث عن السياسة العامة في غير رمضان, فلابد أن نجعل من رمضان شهرا روحانيا للتغيير الذاتي والمجتمعي من خلال القواسم المشتركة بين الجميع, وضرورة التركيز علي الأخلاقيات وعلاجها فأخطر أزمة تمر بها بلادنا بالفعل هي أزمة الأخلاق والسلوكيات, لأن منظومة القيم تراجعت بالفعل داخل المجتمع ولابد أن يكون للدعاة دور في إحياء وعودة منظومة القيم للمجتمع, وأقترح عليك أخي الداعية خطبا في هذا الشهر الكريم عن خطورة تضييع الوقت والذي يعد جريمة في رمضان, ويتم التركيز علي معارك رمضان وغزواته, ومع القرآن الكريم في رمضان, كنوز العشر الأواخر من رمضان, وهذه مقترحات وخطوط عريضة قد تناسب البعض ويجد فيها رسائل للتأثير في الناس. البعد عن السياسة وشدد علماء الدين علي ضرورة أن يبتعد الدعاة عن السياسة وأن يركز الخطيب علي القضايا الدينية والاجتماعية التي تهم المواطنين, وقال الداعية الإسلامي الشيخ أحمد ترك علي الخطيب ألا يقحم المنبر في المهاترات السياسية أو أن يجعله بوقا للدعاية لحزب أو تيار سياسي, لأن هذا سيقسم الناس ويجعلهم شيعا يلعن بعضهم بعضا, ومن يفعل هذا فهو آثم قلبه ولسانه وقد حذر رسول الله صلي الله عليه وسلم من خطباء الفتنة. وأشار إلي أن المضمون والمقصود من خطبة الجمعة في رمضان يختلف عنه في غير رمضان, لأنها في هذا الشهر الكريم تكون دافعة للمسلمين نحو التخلي عن السوء والتحلي بالايمان والتجلي لله بالخشوع, وأيضا مرغبة في رحمة الله ومرهبة من عذابه, لأن رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار, كما أشار النبي صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف, ولذلك علي الداعية أن يختار موضوع الخطبة المناسب لاحتياجات الناس بناء علي الاحداث الجارية, فمثلا نري شدة الفقر تزداد بسوء الحالة الاقتصادية وحاجة بعض الناس إلي المأكل والاحتياجات الأساسية في شهر رمضان, فعلي الداعية في هذه الحالة أن يرغب الناس في الإنفاق وضرورة تواصل الأغنياء مع الفقراء, وأن يذكر الأغنياء بحديث الرسول صلي الله عليه وسلم اتقوا النار ولو بشق تمرة, وهنا من الممكن الإشارة لما حدث بين المهاجرين والأنصار في المدينة, ولابد من ترغيب الناس في الاطمئنان علي بعضهم البعض فيما يخص الشبع, كما قال صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف: والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن! ؟ قالوا من يارسول الله؟ قال من بات شبعانا وجاره جائع وهو يعلم به.