لقد فجرت ثورة الخامس والعشرين من يناير مكنونات الأفكار التي مازال يتبناها أنصار التيار الإسلامي وخاصة السلفيون وأقطاب السلفية الجهادية، فبعيداً عن دعوات تطبيق الشريعة، التي ألف الجميع على سماعها منذ بداية تأسيس جماعة الإخوان المسلمين، التي نشأت كرد فعل لسقوط الخلافة العثمانية، ظهرت دعوات بعض الأحزاب السلفية كحزب "التحرير السلفي" الذي يدعو لعودة الخلافة الراشدة. الدكتور محمد عفيفي رئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة، قال ل"للبديل"أن جماعة الإخوان أسسها الإمام حسن البنا كرد فعل أساسي لسقوط دولة الخلافة العثمانية، وحلم عودة الخلافة الإسلامية الراشدة، ومن هنا عملت الجماعة منذ بدايتها على أن تكون جماعة عالمية، لها أذرعها في دول العالم، لتحقيق الهدف من تأسيسها، وهو عودة الخلافة. القيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين ثروت الخرباوي أكد ل "البديل" سعي جماعة الإخوان بعد تمكنها من الحكم والسيطرة على مفاصل الدولة، إقامة النواه الأولى للحلافة الإسلامية، بعد إبرام عدة تحالفات مع أطراف إقليمية، "السودان – الجزائر – ليبيا – سوريا – تونس"، وتكون تلك النواه هي البذرة الاولى لدولة الخلافة، ثم التحالف مع تركيا واندونسيا وغيرها من البلاد الذي يغلب على طباع أهلها التدين. الباحث في أدبيات الجماعات الإسلامية تجده دائماً ما يستند إلى حديث حزيفة ابن اليمان "ستكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة"، وذلك هو السند الشرعي الذي تعتمد عليه الجماعات الإسلامية الداعية لعودة دولة الخلافة. وقد شهدت الأيام الماضية ظهور أول حزب سلفي يدعو لعودة الخلافة الإسلامية الراشدةوهو حزب "التحرير السلفي" تحت التأسيس، والذي نظم عدة مؤتمرات للتنظير لمفهوم الخلافة. من جانبه قال شريف زايد -المتحدث الرسمي باسم حزب التحرير- أنهم قدموا مشروع لدستور دولة الخلافة ضم 191 باباً، للجنة المفترحات، إلا أن اللجنة لم تستفيد من أي باب منه، موضحاً أن دولة الخلافة منصوص عليها من النبي، ولها أدلتها الشرعية، وأن الحزب يسعى لإقامة دولة الخلافة من خلال ثلاث مراحل، الأولى هي مرحلة التثقيف، التي يبدأ فيها الحزب بتثقيف الفرد، لتمكينه من الرد على خصومه، مشيراً إلى ان الدورات تتضمن تدريس أبواب الفقه والسياسة الشرعية. بينما تشمل المرحلة الثانية بعد حالة تثقيف الفرد التي مر بها، محاولة إيجاد رأي عام بين المسلمين، لتأكيد على فرضية الفكرة، ومحاربة جميع الأفكار التي قسمت المجتمع إلى فئات مثل القومية والناصرية والليبرالية، أما المرحلة الأخيرة فهي المرحلة التي يطلب فيها الحزب النصرة من المؤسسات العسكرية، لتبني الرأي وإقامة دولة الخلافة، معتبراً أن مصر ستكون هي قلب الخلافة الإسلامية، ثم تبدأ بالبلدان المجاورة السودان وليبيا وفلسطين. كما شددت السلفية الجهادية هي الأخرى على ضرورة إنشاء خلافة إسلامية راشدة، وفقاً لما جاء في صحيح السنة، من أحاديث تؤكد وجودها، وأن إقامة خلافة إسلامية راشدة هي من أولى اهداف طليعة السلفية المجاهدة. بينما قال كرم زهدي القيادي بالجماعة الإسلامية في تصريحات ل "البديل" أن عودة الخلافة أمل كل مسلم، إلا ان تحقيق هذا الحلم من المحال لعدم سماح الغرب بذلك، كما أن الاختلافات الفكرية بين قيادات ورؤساء الدول الإسلامية، تحول دون تحقيق الحلم، معتبراً أن دعوات إعادة دولة الخلافة التي تتبناها بعض الأحزاب الإسلامية لا تزيد عن الرثاء الذي قدمه احمد شوقي أمير الشعراء عند سقوط الخلافة، مشيراً إلى أن بديل إقامة الخلافة الآن هو إقامة سوق عربية مشتركة، وإقامة إتحاد إسلامي على غرار الاتحاد الاوربي. المتحدث الرسمي باسم الشيعة في مصر بهاء أنور وصف دعوات إعادة الخلافة بالخرافة، التي لايقبلها أحد، وإن دلت فإنما هي تدل على الإفلاس السياسي للجماعات التي تنادي بها، والإفلاس في المشروع الأقتصادي والاجتماعي، الذي تنادي بها هذه الجماعات، التي ما صدرت للمجتمع إلا دعوات التكفير منذ ظهورها، مضيفاً، عندما حلوا بالسودان انقسمت إلى دولة في الجنوب وأخرى في الشمال، وبنزولهم الصومال، احدثوا فيها حروب الأهلية. Comment *