في مثل هذا اليوم، تمر الذكرى ال27 لوفاة الكاتبة المصرية ومناضلة المقاومة الفلسطينية "صفاء زيتون"، المولودة بالإسكندرية، والتي كانت حياتها مليئة بالعمل الدءوب المنتظم في مجالات عديدة ومتنوعة، رغم رحيلها المبكر في أوائل الأربعينيات من عمرها. ترأست زيتون إدارة مؤسسة "دار الفتى العربي"، متابعة لتفاصيل العمل في التأليف و الطباعة و النشر، وكانت ناشطة اجتماعية وسياسية على الجانب المصري والفلسطيني، وأخذ نشاطها السياسي يتصاعد عندما تزوجت من الدكتور نبيل شعث، وهو مفوض العلاقات الخارجية لحركة "فتح"، فانخرطت في صفوف الثورة الفلسطينية إلى جانب زوجها عندما كان عضو المجلس الوطني الفلسطيني . وعن زيتون، تتحدث ابنتها الفنانة والمصور راندا شعث مؤكدة أن والدتها كانت جادة جدا وصارمة في أدق التفاصيل، وكان هناك مواعيد محددة للطعام والمذاكرة والخروج ، وتتعامل بصرامة مع من يخالف ذلك. وتقول راندا "إن تلك الدقة والنظام يرجع إلى أن والدتها تحملت مسئولية أخواتها الثمانية مع أمها بعد وفاة والدها، وأنها كانت تتحمل مسئوليتهم كاملة في غياب والدهم وحتى عندما يتعرض لمخاطر الاغتيال كانت لا تشعرهم بأي قلق، ولا يتسبب ذلك بأي خلل في نظام البيت ذلك كله بجانب انتظامها في عملها، فقد تربت في منزل لا تعرف فيه التفرقة بين مصر وفلسطين، ووعت على أنهما يمثلان قضية واحدة . ورغم أن "راندا" ترى أمها إمرأة مثالية ومتكاملة، ولا تستطيع هي القيام بكل الأدوار التي كانت والدتها تقوم بها ، فإن جدية وصرامة والدتها في نظام المنزل جعلها تكتب لها "رسالة عتاب" وهي في سن الثانية عشرة، تخبرها فيها بأنها عندما تصير أما ستربي أولادها تربية جيدة ولا تكون عصبية معهم ، " وعندما يخطئون ستضربهم باليد وليس بالشبشب ". والمفارقة أن ترد الأم صفاء على ابنتها بخط مختلف في نفس الرسالة " لما تكون ماما راجعة من الشغل تعبانة يجب ألا نتضايق من بعض وممنوع الصريخ .... اللي عمره 12 سنة يجب ألا يفعل ما يستحق الضرب عليه" . وكانت زيتون واسعة الاتطلاع على تراثنا العربي خاصة الشعبي منه، ونشر لها عدة كتب في الإدارة "إدارة الذات و تحديد الأهداف "، اتخاذ القرارات ، تنظيم الأفراد "، و منها أيضا مؤلفات سياسية و أدبية مثل " حكايات خرافية من أمريكا ،" الأطفال والحرب " ،" حكايات شعبية من مصر " و في أعقاب مذبحة صبرا و شاتيلا، أصدرت زيتون كتاب "صبرا وشاتيلا المذبحة 16 18 إيلول 1982 "، و تضمن الكتاب شهادات حية لأناس عاصروا مجزرة مخيمي صابرا و شاتيلا الفلسطينيين، كما نقلت تفاصيل المجزرة التي راح ضحيتها ما بين 3500 إلى 4000 شهيد.، كما كتبت لأطفال فلسطين تحثهم على الاعتزاز بالوطن و التشبث بالأرض و الدفاع عن المقدسات و التحلي بالصبر و الشجاعة . وجاء كتابها الأخير " عصافير على أغصان القلب"، متضمناً حبها الكبير لفلسطين قضية و شعب ، فجمعت بين دفتيه القصائد لشعراء فلسطين الكبار، أمثال إبراهيم طوقان و فدوى طوقان و محمود درويش و هارون هاشم رشيد و سميح القاسم و توفيق زياد . و في السبعينيات كلفتها القيادة الفلسطينية بمهمة رسمية بالأمم المتحدة، حتى اختارها الرئيس عرفات قائد الثورة الفلسطينية للعمل في مركز الدراسات الوطنية للرد على الرسائل الإعلامية و إعداد الدراسات السياسية للمواقف العربية والدولية و تنظيم المؤتمرات، و إصدار البيانات التي توضح الوجهة الرسمية للقيادة الفلسطينية.