في الذكرى الثانية والأربعين لرحيل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ، أكد عدد من نقاد الفن التشكيلي على الانجازات التي شهدتها فترة الستينيات في مجال الفن التشكيلي، وفنون النحت والعمارة والتصوير الزيتي والحفر. في البداية رأى الناقد التشكيلي صبحي الشاروني إلى أهمية اصدار "ناصر" قرار إنشاء أكاديمية الفنون بروما ، وهو ما يعد حدثًا مهمًا في مجال الفن التشكيلي المصري، والتي لا تزال تعمل إلى الآن في خدمة الفن والفنانين. وأضاف الشاروني إلى أهمية تولي الناقد التشكيلي الدكتور ثروت عكاشة لوزارة الثقافة سنة 1958، والذي نفذ العديد من المشروعات الثقافية المتميزة حيث كان وزيراً تنويرًا على درجة كبيرة من العلم والمعرفة الثقافية بالإضافة إلى إثراءه للمكتبة الثقافية بالعديد من الكتب في تاريخ الفن. واستدرك الشاروني قائلاً: هناك بعض السلبيات "الناصرية" التي تخص الفن التشكيلي، ففي بداية عهد عبد الناصر ألغيت منحة "الاقتناء" التي كانت مخصصة لشراء أعمال الفنانين من ميزانية الدولة، ولم يتم إرجاع هذه المنحة إلا بتوسط كلا من الفنانين صلاح يوسف كامل وعبد السلام شريف. مشيرًا إلى إلغاء كمال الدين حسين، وزير المعارف وقتها، دراسة الموديل العاري من كليات الفنون الجميلة. كما أشار الشاروني إلى حادث "خبيئة الحضارة" التي عثر عليها فريق الترميم بقطاع الفنون التشكيلية أثناء عملهم بمشروع متحف الجزيرة الجديد (موقع متحف الحضارة بأرض الجزيرة) حيث فوجئوا بمدخل لسرداب سري بعمق يزيد عن خمسة أمتار خلف الديورامات (المشاهد المجسمة) المعروضة والخاصة بتاريخ مصر.. مشيرًا إلى أن عبد الناصر تعمد إخفاء أي أثر للملكية ولمحمد نجيب، فأزاح كل الأعمال التي تمثل كلا الحاكمين جانبا بغض النظر عن من رسم هذه الأعمال ولا ما تمثله للثقافة. وتابع الشاروني " هناك قاعتان لاحظنا إغلاقهما منذ فترة ووجدنا بعض التماثيل المحطمة، وكانت القاعتان تضمان كتالوجا لصور الملك فاروق تم تخزينه في هذا المكان ووضعت معه صناديق ولوحات تصور انجازات للأسرة العلوية كلها من محمد علي وحتى الملك فاروق، ومما عثر عليه لوحات تصور زيارة الملك فاروق للمحلة الكبرى، وجولات تفقدية للسفن الحربية والمواقع العسكرية ، وهناك عمل الفنان محمد حسن (اجتماع ملوك ورؤساء البلاد العربية بمؤتمر انشاص)، ومن أهم الأعمال التي أظهرها هذا الكشف هي أعمال الفنانين العظيمين كامل مصطفي والحسين فوزي اللذين تحمل أعمالهم قيمة فنية إبداعية هائلة . ومن جانبه، أكد الناقد محسن عطية أن جمال عبد الناصر كان شديد الاهتمام بالعلم والتطوير ، ولا يمكن أن ننكر أثره المهم في الثقافة والفنون، وعن إخفاء أعمال فنية وثقافية في عصره، أشار عطية إلى عدم وجود دليلاتهام عبد الناصر بإخفاء اللوحات الفنية، ومن الممكن أن تكون هذه الأعمال قد تم اخفائها في زمن السادات أو في زمن حسني مبارك ويجب ألا نتجاهل الفرق بين جمال عبد الناصر وحسني مبارك في أثر كل منهما على الثقافة، ففي زمن عبد الناصر كان لمصر وللثقافة الدور الرائد في الوطن العربي بل في العالم أجمع، أما في زمن حسني مبارك فقد اضمحلت الثقافة وهبطت. وأضاف عطية أن عصر عبد الناصر كان يحترم التعليم ويحترم الفن، فيما تعمد الآخرون تشويه صورته لأجل سياسات جديدة كان من مصلحتها ذلك. وتابع: طالما كرم عبد الناصر رموز العلم والمعرفة والثقافة ويكفينا أن نذكر مثلاً بالفنان الكبير فرغلي عبد الحفيظ الذي دائماً ما يفخر ويتفاخر بأنه سلم على جمال عبد الناصر في عيد العلم، فقد كرمه عبد الناصر كأحد أوائل دفعة الكليات الفنية. كذلك اتفق معه الدكتور سيد القماش في أن عهد عبد الناصر شهد نهضة في مجال الفن التشكيلي، مشيرًا إلى عدد من الإيجابيات، ومؤكدًا أن فترة الستينيات شهدت الحركة التشكيلية بعداً جديداً لأعمال التصوير والجرافيك والنحت وذلك من خلال القوافل الفنية لكبار الفنانين المبدعين في مصر في ذلك الوقت للتعبير علي هذا المشروع الضخم الذي كان أحد أحلام مصر في فترة سابقة، وقد أنتج في هذه الفترة أعمالاً قومية تثير الحس القومي والوطني من خلال الإحساس بالمسئولية الوطنية، فظهرت بعض الأعمال التي تؤكد على البعد القومي، وهناك أيضًا المشروعات الزراعية كحلم زراعة مديرية التحرير التي ألهمت الفنانين المصريين في التعبير عن أثر الزراعة في المجتمع المصري. وأضاف القماش أن ناصر قد أنشأ المتاحف، وقد كان لها ارتباط بمشروعات الزراعة والبعد القومي الاجتماعي، وهناك أيضًا مشروع "الميثاق" وقد كان ضمن الموضوعات التي ألهمت واستفزت الفكر التشكيلي في التعبير الراقي عن أثر "الميثاق" في التعليم والزراعة والصناعة والأرض الزراعية وظهرت أعمال واضحة كثيرة تؤكد علي ذلك موجودة بمتحف الفن وكثير من المتاحف الأخرى في مصر والعالم وهناك أيضا مشروع "عيد العلم" الذي كان يلهب مشاعر الفنانين في التعبير عن المشاريع القومية كالمصانع والتعليم والجامعات ودور ذلك على المجتمع المصري، بالإضافة إلى أعمال كثيرة تؤكد على ارتباط الفنان بالمشروع القومي الكبير الذي كان له أثر واضح خلال النصف الأول من الستينيات في فنون النحت والعمارة والتصوير الزيتي والحفر. Comment *