تسللت طائرات وصواريخ العدوان الأمريكي الفرنسي البريطاني فجرًا إلى الأجواء السورية كالخفافيش، مخترقة سيادة الدولة التي تحارب الإرهاب منذ أكثر من سبع سنوات، لتشن ضربات محدودة وغير مؤثرة على بعض الأهداف، وتهرب سريعًا قبل أن تطالها نيران المقاومة السورية، ورغم أن أزيز طائرات العدوان وانفجار صواريخها أيقظ العديد من الدول التي سارعت بإدانة العدوان الغاشم، إلا أن البلدان العربية لا تزال تغط في سبات عميق. عدوان ثلاثي شنت الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وفرنسا، فجر اليوم السبت، هجومًا صاروخيًا على سوريا استهدف مناطق عدة في محافظتي دمشق وحمص، وذكرت مصادر عسكرية سورية، أن العدوان الثلاثي الذي استمر لأقل من ساعة استهدف نحو 10 مواقع في سوريا؛ تركز معظمها في دمشق وريفها، إضافة إلى حمص وسط البلاد. وأوضحت المصادر أن الطيران الحربي الأمريكي شارك في العدوان على سوريا بمعاونة سفينتين حربيتين متواجدتان في البحر الأحمر، وقاذفات استراتيجية أمريكية "B-1B" من منطقة التنف جنوبسوريا، فيما أشارت مصادر عسكرية سورية وروسية إلى أن الطائرات المعتدية على سوريا انطلقت من "قاعدة العديد" القطرية، فيما أطلق 30 صاروخ توماهوك وكروز من البحر. وفي السياق، أكدت وزارة الدفاع الفرنسية، أن مقاتلات "ميراج" و"رافاييل" مع 4 مدمرات شاركت في العملية العسكرية ضد سوريا، وبدورها، أكدت وزارة الدفاع البريطانية، أن 4 طائرات من نوع "ترنيدو راف"، اشتركت في العدوان واستهدفت منشآت قرب منطقة حمص. ضربات محدودة التأثير الضربات التي وجهتها واشنطن وباريس ولندن، رغم أنها تأتي من دول صعدت مؤخرًا لهجتها ضد سوريا وهددت بتدمير النظام ودفاعاته واستهلكت مئات الصواريخ مرتفعة الكلفة وباهظة الثمن، إلا أن تأثيرها جاء محدودًا، حيث استهدفت في معظمها مناطق للبحوث العلمية، ووفق مصادر عسكرية سورية، استهدف الضربات نحو 10 مواقع في سوريا؛ هي الحرس الجمهوري لواء 105 دمشق، قاعدة دفاع جوي في جبل قاسيون، مطار المزة العسكري في دمشق، مطار الضمير العسكري، البحوث العلمية برزة دمشق، البحوث العلمية جمرايا ريف دمشق، اللواء 41 قوات خاصة ريف دمشق، مواقع عسكرية قرب الرحيبة في القلمون الشرقي ريف دمشق، مواقع في منطقة الكسوة في ريف دمشق، مركز البحوث العلمية في ريف حماة، كما طال القصف مستودعات تابعة للجيش في حمص. وأكدت مصادر عسكرية سورية أنه تم إسقاط 13 صاروخًا فوق الكسوة، في حين أفاد نشطاء بأن الدفاعات أسقطت نحو 15 صاروخًا، كما أكدت المصادر الرسمية أن المضادات الجوية تصدت لصواريخ معادية في منطقة دنحة في ريف حمص الغربي وأصيب 3 مدنيين، كما تصدت للصواريخ المعادية في برزة، حيث اقتصر ضررها على الماديات فقط. من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن مواقع عسكرية ومدنية في سوريا تعرضت لأكثر من 100 صاروخ مجنح بينها "جو-أرض" أطلقتها القوات الجوية والبحرية، الأمريكية والبريطانية والفرنسية، وأضافت الوزارة أن الدفاعات الجوية السورية التي تصدت للهجوم الثلاثي هي منظومات "إس-125″ و"إس-200″ و"بوك" و"كفادرات"، التي صنعت في الاتحاد السوفيتي قبل أكثر من 30 سنة. وأضاف بيان الوزارة أن مطار الضمير العسكري شرقي دمشق، تعرض لهجوم ب12 صاروخًا مجنحًا وأن الدفاعات الجوية السورية اعترضتها جميعها، مؤكدا أن أيًا من الصواريخ المجنحة التي أطلقتها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها على مواقع سورية، لم تخترق منطقة مسؤولية الدفاعات الجوية الروسية التي تحمي القاعدتين في حميميم وطرطوس. وأكدت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية، أن الدفاعات الجوية تصدت بكفاءة عالية لصواريخ العدوان وأسقطت معظمها، وورد في بيان الجيش السوري: "لقد تعرضت سوريا لعدوان ثلاثي غادر شنته في الساعة الثالثة وخمس وخمسين دقيقة من فجر اليوم، الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وفرنسا، بإطلاق حوالي مائة وعشرة صواريخ باتجاه أهداف سورية في دمشق وخارجها، لكن دفاعنا الجوي تصدى بكفاءة عالية لصواريخ العدوان وأسقط معظمها"، وأضافت أن بعض الصواريخ المعادية أصابت أحد مباني مركز البحوث في برزة، والذي يضم مركزًا تعليميًا ومخابر علمية. على جانب آخر، كشف مصدر أمني سوري، أن الدفاعات الجوية السورية تمكنت من اعتراض أكثر من 20 صاروخًا، تم إطلاقهم من السفن والطائرات الحربية لدول العدوان، وأكد مصدر عسكري من القوى الرديفة التابعة للجيش السوري، تصديهم للهجوم الثلاثي، وتم إجلاء المواقع المستهدفة منذ أيام بفضل تحذير روسي، قائلا: "تلقينا تحذيرًا مبكرًا من روسيا، وتم إجلاء جميع القواعد العسكرية قبل بضعة أيام". التأكيدات الروسية والسورية بأن الضربة الثلاثية كانت محدودة التأثير، كررتها أيضًا وسائل الإعلام الإسرائيلية، حيث رأت صحيفة "يديعوت أحرنوت"، أن "الضربة الأمريكية البريطانية الفرنسية في سوريا جاءت أقل مما كانت تتوقعه إسرائيل، وهي لن تؤثر على صمود الرئيس بشار الأسد وقدرته على مواصلة الانتصارات في معركته ضد المجموعات المسلحة في سوريا"، مضيفة أن "الصواريخ التي أطلقت كانت ذكية وجميلة وحديثة، لكن أثرها الفعلي يساوي صفر، وهذا الأمر لا يمثل خبرًا جيدًا بالنسبة لإسرائيل". رغم العدوان.. سوريا تنبض بالحياة بعد ساعات قليلة من العدوان الثلاثي على سوريا، عادت الحياة الطبيعية سريعًا إلى دمشق، حيث نزل المئات من الشعب السوري للشارع متحدين كل الصواريخ والطائرات الأمريكية، وتظاهر آلاف السوريين في شوارع العاصمة دمشق وباقي المحافظات، اليوم السبت، منددين بالعدوان الثلاثي على بلادهم، ومعلنين تأييدهم المستمر لحكومتهم وجيشهم ونظامهم، فيما نشرت الرئاسة السورية، فيديو يظهر الرئيس السوري، بشار الأسد، يمارس عمله في مكتبه بشكل اعتيادي بعد العدوان الثلاثي على سوريا. إدانات دولية.. أين الدول العربية؟ في ظل صمت عربي معتاد، انتفضت العديد من دول العالم لإدانة العدوان الغاشم الذي حضرت له أمريكا وحلفاؤها منذ أسابيع، حيث كانت روسيا في طليعة المنتقدين للضربات، حيث حمّلت وزارة الخارجية الروسية وسائل الإعلام الغربية بعض المسؤولية عن العدوان الثلاثي على سوريا، واعتبرته قائمًا على تقارير تلك الوسائل، قائلة: "قصف دمشق جاء في لحظة حصول البلاد على فرصة لمستقبل سلمي"، مضيفة أن "القصف استهدف عاصمة دولة ذات سيادة تحارب الإرهاب منذ أعوام"، فيما قال السفير الروسي لدى واشنطن، إن "كل العواقب ستلقى على عاتق واشنطن ولندن وباريس بعد الضربات العسكرية على سوريا". من جانبها، أدانت الخارجية الإيرانية بشدة العدوان الثلاثي على سوريا، وحذرت من تبعاته، قائلة، اليوم السبت: ندين بشدة الهجوم الصاروخي الذي شنته أمريكا وحلفاؤها على سوريا ونحذر من تداعياته الإقليمية والدولية، وأضافت: العدوان يشكل تجاهلًا لسيادة سوريا الوطنية ووحدة أراضيها، ويعد عدوانًا وخرقًا صارخًا للقوانين والمعايير الدولية"، وتابعت: الهجوم مغامرة جديدة في المنطقة ستكون أمريكا وحلفاؤها مسؤولين عن نتائجها، مؤكدة أنه يأتي للتعويض عن الهزيمة التي منيت بها الجماعات الإرهابية في الغوطة. وأشارت الخارجية الإيرانية إلى أن "العدوان جاء دون أي إثبات لاستخدام السلاح الكيميائي وقبل إعلان منظمة حظر السلاح الكيميائي نتائج فحوصها"، وأضافت أن "العدوان على أراضي سوريا، سيضعف بنى السلام والأمن العالميين وسيزعزع الاستقرار في المنطقة ويزيد قوى الجماعات الإرهابية والمتطرفة"، كما دعت طهران المؤسسات والمنظمات الدولية إلى إدانة العدوان والتحرك ضد السلوك الفوضوي الدولي في العالم. كوبا أيضًا دخلت على خط الإدانة، حيث أصدرت الخارجية الكوبية بيانًا بعد دقائق قليلة من العدوان، أكدت فيه أن هذا العمل الأحادي الجانب والذي تمّ خارج إرادة مجلس الأمن يشكل انتهاكًا سافرًا لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة ولدولة ذات سيادة، محذرة من أن هذا العدوان يأتي ليزيد من حدة الصراع القائم في سوريا والمنطقة بأكملها، وعبر بيان الخارجية الكوبية عن تضامن الحكومة الثورية في جمهورية كوبا مع الشعب والحكومة السوريين في وجه هذا العدوان البربري، وما نتج عنه من خسائر بشرية ومادية. كما انتفضت المقاومة العربية في لبنان واليمن، حيث أكد حزب الله اللبناني، أن العدوان الثلاثي على سوريا انتهاك صارخ للسيادة السورية وكرامة الشعب السوري وشعوب المنطقة، معلنًا وقوفه الصريح والثابت إلى جانب الشعب السوري وقيادته وجيشه الباسل، وأضاف الحزب أن "العدوان يمثل تأييدًا صريحًا ومباشرًا لعصابات الإجرام والقتل والإرهاب التي طالما رعاها وموّلها"، معتبرًا أنه "استكمال واضح للاعتداء الصهيوني الأخير على سوريا". وشدد حزب الله على أن الذرائع والمبررات التي استند إليها أهل العدوان، واهية لا تستقيم أمام العقل والمنطق، وتستند إلى مسرحيات هزلية فاشلة، مشيرًا إلى أن هذه الذرائع تمثل غاية الاستهتار والإهانة بما تبقى من الأممالمتحدة ومجلس الأمن، فيما رأت "حركة أمل" اللبنانية أن تداعيات العدوان ستطال منطقة الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنه يأتي في توقيت مشبوه، كما أكدت الحركة أن العدوان يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي واعتداء على الدولة السورية. من جانبه، دان رئيس اللجنة الثورية العليا في اليمن، محمد علي الحوثي، العدوان على سوريا، مشيرًا إلى أنه ينم عن عدم احترام للقانون الدولي ويمثل اختراقًا فاضحًا له، ورأى الحوثي أن عدم الالتزام بالقانون الدولي واحترام السيادة بات سمة أمريكية، وهو ما يعاني منه الشعب اليمني طيلة العدوان المستمر عليه، كما رأى أن أفضل رد على العدوان يكون بقصف السعودية المموّلة وإسرائيل المشاركة.