خطوة جديدة اتخذتها الحكومة لسد الحاجة من السكر، الذي يتم استيراده بكميات كبيرة تصل إلى مليون طن سنويًا، وسط تزايد الكثافة السكانية عامًا تلو الآخر، وعدم كفاية 2.2 مليون طن منتج محليا للاكتفاء المحلي، تتمثل في مشروع قومي جديد بالتوجه إلى صحراء المنياالغربية والتي تمتد لآلاف الكيلوات، وزراعة مساحات شاسعة بمحصول البنجر، لما له من قدرة كبيرة في التأقلم مع تلك المناطق الصحراوية، وإعطاء نسبة سكريات عالية. المشروع الذي أُعلن عنه منذ أيام قليلة ماضية، يتمثل في استصلاح وزراعة 181 ألفا و100 فدان بمنطقة غرب المنيا بالظهير الصحراوي الغربي، بمحصول بنجر السكر والذي سيكون له النسبة الأكبر في تلك المنطقة، بالإضافة إلى محاصيل أخرى، وكذلك إقامة مصنع لإنتاج السكر من البنجر بالتعاون مع الجانب الإماراتي بإجمالي استثمارات تُقدر بحوالي مليار دولار، ويستهدف سد العجز المحلي بنسبة 75 % من إجمالي استيراد مصر للسكر، بإنتاج ما يزيد على 900 ألف طن سنويًا. وقال إبراهيم ربيع، نقيب الفلاحين بمركز ملوي محافظة المنيا، إن البدء في المشروع المرتقب قريبًا، والذي يعد نقطة تحول كبيرة في مجريات الزراعة المصرية عامة، والمنيا خاصة، التي عانت من التخبط في العقود الأخيرة، أدت لتراجع المساحات المنزرعة وتراجع إنتاج العديد من المحاصيل، على رأسها القصب والقطن، فزراعة 180 ألف فدان، بالإضافة إلى مساحة 370 ألف أخرى بصحراء المنياالغربية، يمثلان النسبة الحالية المنزرعة بالمحافظة والتي تُقدر بنحو 550 ألف فدان تقريبا، ما يعني مضاعفة المساحة بشكل كامل، وتشغيل عمالة بعشرات الآلاف وتوسيع الحدود المستصلحة، وخلق أسواق جديدة لعدد من المجالات الأخرى. وأضاف ربيع ل"البديل"، أن توجه الدولة لزراعة تلك المنطقة بمحصول البنجر، بدلا من القصب يأتي لعدة أسباب؛ أبرزها قدرة البنجر على تحمل العوامل الجوية الصعبة، وقابلية زراعته بالمناطق الصحراوية بجودة عالية، وعدم الاحتياج لكميات كبيرة أسوة بالقصب، مستبعدًا ما يتردد عن توجه الدولة لتقليل مساحات القصب المنزرعة وتعويضها بالبنجر، إذ تمثل نسبة السكر في القصب ما يقارب ضعف الكميات المنتجة من البنجر تقريبًا، ولا غنى عنه، لكن القرار جاء بزراعته نتيجة للمنطقة وطابعها الصحراوي. وأوضح عماد عبيد، رئيس اتحاد الفلاحين، إن المشروع سيساهم بشكل كبير في الحد من معاناة المجتمع من نقص سلعة استراتيجية وهي السكر، التي ظهرت أزمتها بشكل كبير في السنوات الأخيرة، أدت لارتفاع سعر الكيلو إلى الضعف ثلاث مرات، مضيفًا أن مشكلة بنجر السكر، لا تتمثل في سعره على الإطلاق، بل في قلة مزارعيه، نظرًا لفترة بقائه في الأرض والتي تقترب من 6 أشهر، وفي النهاية تكون الإنتاجية للفدان الواحد ما يقرب من 25 طنا فقط، والكمية لا تغطي احتياجات الفلاحين في ظل ارتفاع مستلزمات الزراعة، لكن الوضع الحالي المشروع يختلف تماما؛ إذ الدولة، المالكة بالتعاون مع شركة إمارتيه كبرى، والكميات المنتجة من المحصول ستدخل في صناعة السكر بالمصنع التابع للمشروع، ما يؤكد أن الخطة ستنجح بشكل كبير، بالإضافة إلى خدمة أكثر من 50 ألف عامل زراعي يعملون في الحقول باليومية، وحالتهم الاجتماعية صعبة. وأكد عبيد ل"البديل"، أن البنجر ذو أهمية كبيرة في حل أزمة السكر حاليًا؛ إذ إن طن البنجر ينتج من 65 : 70 كيلو سكر، بينما ينتج طن القصب من 120 كيلو تقريبا، لكن في ظل توجه الدولة إلى تعمير واستصلاح الصحراء، فإن محصول البنجر سيكون الأنسب للزراعة هناك. من جانبه، أعلن عصام البديوي، محافظ المنيا، تفاصيل المشروع، قائلا إنه سينقل المنيا بصفة خاصة نقلة نوعية كبيرة، وكذلك ينقل مصر بصفة عامة نقلة كبيرة في مجال زراعة وتصنيع السكر؛ حيث سيضع المحافظة في مصاف المحافظات الاقتصادية الكبرى، والمشروع سيقام قريبا بين الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وشركة القناة للسكر التابعة لمجموعة الغرير الإماراتية، ضمن حرص الدولة على جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية وتقديم التيسيرات اللازمة بما يسهم في تحقيق تنمية مستدامة في مختلف القطاعات، وينتج ما يقرب من مليون طن سكر سنويا لتلبية احتياجات السوق المحلية وخفض الاعتماد على الاستيراد. وأوضح البديوي أن المشروع يهدف إلى زيادة الرقعة الزراعية، وتوفير المزيد من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، حيث يوفر 200 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، باستثمارات تصل إلى مليار دولار، وتبلغ تكلفة إنشاء المصنع فقط 450 مليون دولار لسد الفجوة خلال 4 سنوات، وسيتم إنشاؤه بنسبة 33% للغرير الإماراتية والباقي محلي.