في الوقت الذي يحاول فيه الكيان الصهيوني، بمساندة ودعم من حليفته الأمريكية، الإستيلاء على الأراضي والمقدسات الفلسطينية بطرق غير مشروعة وقرارات مشبوهة جائرة، غير مبالٍ بالأعراف أو القوانين الدولية والقرارات الأممية المعترف بها، تسير القيادة الفلسطينية بخطوات ثابتة نحو تحقيق المزيد من الانتصارات الدبلوماسية، وانتزاع اعترافات العديد من الدول الأوروبية بكون فلسطين دولة وإسرائيل مُحتلا غاشما، وذلك في خضم توجه الدولة الفلسطينية إلى التعاون مع الدول الأوروبية واختيار وسيط نزيه من بينها لرعاية عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كبديل للوسيط الأمريكي الذي أثبت عدم نزاهته ووضع نفسه في عزلة دولية وفقد أهليته كراعٍ لمفاوضات السلام. دول أوروبية تعترف بفلسطين قالت القناة العاشرة الإسرائيلية، إنه من المتوقع أن تعترف سلوفينيا في الأسابيع القادمة بفلسطين كدولة، وأن 3 دول أوروبية أخرى تدرس الخطوة ذاتها، هي بلجيكا ولوكسمبورغ وإيرلندا، وكانت الحكومة السلوفينية قد عقدت قبل أسبوع اجتماعًا بحثت فيه قرارًا يقضي بالاعتراف بدولة فلسطين، ورفعت القرار إلى البرلمان للمصادقة عليه، لأنه المؤسسة المخولة بالاعتراف بالبلدان الأخرى بحسب القوانين السلوفينية، وسيجرى التصويت بهذا الشأن في فبراير المقبل، ومن المرجح أن يصادق البرلمان السلوفيني على توصية الحكومة، ويعلن الشهر القادم الاعتراف بدولة فلسطين. في الوقت نفسه، أعلنت حكومات بلجيكا ولوكسمبورغ وإيرلندا أنها تدرس اتخاذ قرارات مماثلة، وكان وزير الخارجية الإيرلندي قد أكد للإسرائيليين خلال زيارته التي قام بها مؤخرًا إلى تل أبيب، أن بلاده تدرس بشكل جدي مسألة الاعتراف بفلسطين كدولة، فيما دعا وزير خارجية لوكسمبورغ يان أسلبورن، الخميس الماضي، الاتحاد الأوروبي للاعتراف بفلسطين، واقترح في مقابلة مع صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية، تبني مبادرة فرنسا للاعتراف بالدولة الفلسطينية التي تحظى بوضع المراقب في الأممالمتحدة منذ عام 2012، وتوقع أن تحذو حذو باريس في هذا الاتجاه دول أوروبية عديدة، فيما أشار مسؤولون كبار في إسرائيل إلى أن الحكومة البلجيكية تنظر بجدية في الاعتراف بفلسطين أيضًا. فرنسا.. هل تقود المبادرة؟ يأتي الحديث عن قرب اعتراف 4 دول أوروبية بدولة فلسطين في خضم الحديث أيضًا عن توجه عدد من البلديات الفرنسية للاعتراف بدولة فلسطين، هي بلديات "سانت" و"بوندي" و"فيتري سوجسين" و"أوست دو سين"، حيث نقلت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، السبت الماضي، عن مكتب عمدة مدينة "جينيفيلييه" بمقاطعة "أوست دو سين"، قوله، إنه سيعترف رمزيًا بدولة فلسطين وكذلك البلديات الأخرى في ضواحي باريس. وأضاف رئيس بلدية جينيفيلييه، باتريس ليكليرك، في بيان له أن "فرنسا أعلنت من خلال وزير خارجيتها السابق لوران فابيوس، إمكانية الاعتراف بفلسطين في حالة الجمود في العملية في نهاية عام 2016، ولكن لا شيء حدث"، وتابع أن "الرئيس إيمانويل ماكرون يرفض اعتراف فرنسا بهذه الطريقة، ولكن إذا ما أقدمت آلاف المقاطعات والبلديات على هذه الخطوة، فإن هذا سيؤدي إلى أن تعترف فرنسا رسميًا بالدولة الفلسطينية"، داعيًا باقي البلديات والمقاطعات الفرنسية لاتخاذ الإجراء ذاته، وشدد "ليكليرك" على أنها مسألة إعادة تأكيد رغبة فرنسا في نقل الإسرائيليين والفلسطينيين إلى السلام الذي لن يتحقق إلا بإقامة دولة فلسطينية على نحو ما نصت عليه قرارات الأممالمتحدة منذ العام 1947. في ذات الإطار، فقد أكدت صحيفة لوموند الفرنسية، على أن فرنسا تعمل على تحسين وضع السلطة الفلسطينية في الاتحاد الأوروبي، واقترحت أن يوقع الاتحاد الأوروبي اتفاقية تجارة حرة مع السلطة الفلسطينية على غرار الاتفاق الذي وقعه في الماضي مع إسرائيل، الأمر الذي قد يكون خطوة أولية تمهيدية لحشد اعتراف أوروبي بدولة فلسطين، خاصة أن فرنسا كانت على رأس الدول التي رفضت بشكل قاطع قرار ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في 6 ديسمبر الماضي، وأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حينها، عن تعاطفه مع القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن "تطلعات الشعب الفلسطينى لها صدى كبير فى المجتمع الدولى، وأن فلسطين ليست بمفردها"، مشددًا على أنه "لن يحذو حذو أمريكا". عباس في أوروبا تأتي هذه التطورات الأوروبية في الوقت الذي يصل فيه رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، اليوم الإثنين إلى بروكسل، للاجتماع مع وزراء خارجية الدول ال28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، حيث من المتوقع أن تكون قضية الاعتراف بفلسطين كدولة في صميم مناقشات الاجتماع، وهو ما أكده وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، حيث قال إن عباس سيبلغ الاتحاد الأوروبي أنه يتوجب عليه أخذ هذه الخطوة "كوسيلة للرد" على قرار الرئيس الأمريكي، وسيطالبه باتباع نهج الحكومة السويدية التي اعترفت في أكتوبر عام 2014 بفلسطين كدولة، وأضاف المالكي، أن عباس سيعيد التأكيد أيضًا على التزامه بعملية السلام في الشرق الأوسط، مشددًا على أنه "بما أن قرار ترامب قد غيّر قواعد اللعبة، فإن عباس يتوقع من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المبادرة والاعتراف بشكل جماعي بدولة فلسطين كوسيلة للرد على قرار ترامب". في المقابل، أكدت مصادر دبلوماسية أوروبية لصحيفة "الحياة اللندنية"، أن الاتحاد الأوروبي سيطلب من الرئيس محمود عباس، خلال استقباله في بروكسيل، التريث وعدم الانسحاب من العملية السياسية، والانتظار لحين معرفة تفاصيل الخطة الأمريكية المقبلة، وعدم مقاطعة الإدارة الأمريكية، وعدم تطبيق قرارات المجلس المركزي الأخيرة في شأن إلغاء الالتزامات الفلسطينية بموجب اتفاق أوسلو وتجميد الاعتراف بإسرائيل ووقف التنسيق الأمني معها وغيرها، فيما سيجدد الاتحاد الأوروبي دعمه المالي للسلطة البالغ حوالى 200 مليون دولار سنويًا، وسيرفع عدد من دوله دعمها ل"وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين" لتعويض تقليص الدعم الأمريكي للوكالة. البحث عن وسيط زيارة عباس، إلى الاتحاد الأوروبي تأتي في خضم المحاولات الفلسطينية التوجه إلى الدول الأوروبية والسعي لإيجاد بديل عن الولاياتالمتحدة لقيادة عجلة الوساطة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فقد سبق أن زار الرئيس الفلسطيني قبل نحو شهر فرنسا لحشد التأييد الأوروبي، بعد أيام من صدور القرار الأمريكي الخاص بالقدس، والذي أثار غضب العديد من الدول العربية والأوروبية، الأمر الذي يعطي لفرنسا على وجه التحديد فرصة لتكون وسيطًا نزيهًا تثق به دول الشرق الأوسط في حل أزماتها، خاصة أنها تدخلت في وقت سابق في الأزمة "السعودية اللبنانية" وتمكنت من حلحلتها، وهو ما يعطيها نفوذا وقوة سياسية تجعلها تنافس الولاياتالمتحدة التي تراجع نفوذها بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، وخاصة منذ تولي ترامب منصبه.