تغيرات جديدة نحو حلحلة الأزمة العراقية؛ بدأت مطلع الأسبوع الجاري، بمفاوضات بين وفدي الحكومة المركزية ونظيرتها في إقليم كردستان، ورغم أجواء المفاوضات الإيجابية، إلا أن العديد من العراقيل والملفات العالقة بين الطرفين لاتزال تقف حائلًا دون التقارب التام بينهما، الأمر الذي يتطلب المزيد من الاجتماعات والمفاوضات التي تسعى الحكومة العراقية إلى إنهائها قبل دخول الانتخابات التشريعية المقررة في مايو المقبل. تسليم المطارات.. القطفة الأولى للثمار يبدو أن الأزمة المشتعلة منذ نحو أربعة أشهر بين الحكومة المركزية في بغداد ونظيرتها في إقليم كردستان العراق، تقترب يومًا بعد يوم من الحلحلة؛ حيث أعلنت سلطات إقليم كردستان العراق، أول أمس الاثنين، توقيع اتفاق مع الحكومة العراقية خلال اجتماع عقد في أربيل بين اللجنة العليا المكلفة من الحكومة الاتحادية بخوض الحوار مع سلطات الإقليم، وممثلي كردستان العراق، برئاسة وزير داخليته، كريم سنجاري، ويتضمن الاتفاق عدة بنود تمهيدًا لرفع الحظر عن المطارات، أهمها موافقة حكومة كردستان على إخضاع مطارات أربيل والسليمانية لقرارات وقوانين سلطة الطيران المدني العراقية، وتطبيق قرار الحصول على موافقة الحكومة المركزية بهبوط وإقلاع أي طائرة من المطارين. وأضافت السلطات الكردستانية أنه "تم الاتفاق على تواجد ممثلين عن وزارة النقل العراقية بشكل دائم في المطارين، إضافة إلى تطبيق إدارتيهما لنظام الأجور في المطارات المدنية رقم 5 لسنة 2008، وتزويد سلطة الطيران بكشف حساب عن أجور هبوط الطائرات وضريبة المسافرين شهريًا، وأكدت السلطات، أن الطرفين اتفقا على عقد اجتماعات دورية برئاسة سلطة الطيران لجميع مدراء المطارات شهريًا، لغرض التواصل وحل المشكلات، وتسمية منسق عن مطاري أربيل والسليمانية؛ لتسهيل التواصل مع سلطة الطيران والتواجد بشكل دائم في السلطة. من جانبها، أكدت اللجنة العليا التي وجه رئيس مجلس الوزراء، حيدر العبادي، بتشكيلها برئاسة الأمين العام للمجلس، عقدت خمسة لقاءات ثنائية بين المختصين في الجوانب الأمنية والحدودية والمطارات والجمارك والمنافذ الحدودية والسدود والنفط، ولفتت إلى أن "الاجتماعات سادها جو من الثقة والتفاهم، وانتهت بصياغة محاضر لكل محور من المحاور المذكورة"، مبينًا أنها "تضمنت عددًا من التوصيات سيتم رفعها بموجب ما ورد في الأمر الديواني رقم 137 لسنة 2017، الذي تشكلت بموجبه اللجنة العليا مع استمرار الفرق التي لم تستكمل مهماتها بالعمل ورفع تقارير لاحقة بذلك". وفي السياق، أعلنت مديرية مطار أربيل الدولي، أمس الثلاثاء، قرب استئناف الرحلات الجوية الدولية، في مطاري أربيل والسليمانية، بعد حظر استمر لأكثر من ثلاثة أشهر، الأمر الذي يشير إلى أن اتفاق "بغداد- أربيل" على تسليم مطاري السلمانية وأربيل إلى الحكومة العراقية، يعتبر القطفة الأولى لثمار المفاوضات والزيارات المتبادلة بين وفدي الطرفين منذ أيام، حيث وصل وفد كردي برئاسة وزير داخلية إقليم كردستان العراق، كريم سنجاري، إلى بغداد السبت الماضي، في زيارة تُعد الأولى على مستوى وزاري منذ اندلاع الأزمة بين الطرفين على خلفية استفتاء 25 سبتمبر الماضي، فيما وصل أول أمس الاثنين وفدًا من بغداد إلى أربيل لاستكمال المباحثات حول مطاري السليمانية وأربيل والمنافذ واتخاذ القرارات الحاسمة. تفاؤل حذر في ظل الأجواء التفاؤلية بقطع وفدي الطرفين شوطًا لا بأس به في المفاوضات بينهما، لم يتم التقارب الفعلى والنهائي وغير المشروط بين حكومتي بغداد وأربيل حتى الآن، حيث لاتزال هناك العديد من الملفات العالقة بين الطرفين؛ على رأسها الرواتب، والمنافذ الحدودية، والمناطق المتنازع عليها مع البيشمركة، حيث يرى بعض المراقبين أن تسليم المطارات إلى الحكومة المركزية في بغداد خطوة اتخذتها حكومة إقليم كردستان كبادرة حسن نية تجاه بغداد، لكنها لن تُقدم على المزيد من الخطوات ما لم تجد من الحكومة المركزية ردا إيجابيا من جانبها. وسبق أن اشترطت بغداد دفع رواتب موظفي حكومة إقليم كردستان، مقابل تسليم إيرادات الإقليم النفطية والمنافذ الحدودية والمطارات إلى الحكومة المركزية، واستبق رئيس حكومة الإقليم، نيجيرفان بارزاني، عقد المفاوضات بين الطرفين، بالتأكيد على الاستعداد لتسليم واردات النفط والمطارات والمعابر الحدودية وجميع الإيرادات للحكومة المركزية ببغداد، مقابل إرسال الرواتب و17% من الموازنة والمستحقات المالية للإقليم. ويرى عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، محيي الدين المزوري، أن استكمال الحوار بين بغداد وأربيل قد يكون بعد الانتخابات؛ لأن هناك جهات سياسية تفكر بأن التفاوض مع حكومة إقليم كردستان سيؤدي إلى خسارتها العديد من الأصوات، فيما استبعد النائب عن الحزب ذاته، ماجد شنكالي، التوصل إلى حل سياسي قريب مع بغداد، مضيفًا أن حل الخلافات سيتأخر لحين الانتهاء من الانتخابات المقبلة، مؤكدا أنّ حكومة الإقليم مستعدة لتنفيذ قرارات المحكمة الاتحادية فيما يخص تسليم المطارات والمنافذ الحدودية، على أن تلتزم بغداد بدفع مستحقات الإقليم المالية ورواتب الموظفين. في المقابل، قال مصدر قريب من مكتب رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، إن الأزمات الرئيسية بين الطرفين والمتعلقة بالنفط والرواتب والمعابر لاتزال عالقة ولا يوجد فيها أي تقارب، موضحًا أن رئيس الحكومة يسعى لتخفيف العقوبات عن الإقليم، كبادرة حسن نية لهم، لأجل أن يقبلوا بالشروط الأخرى لحل الأزمات، مشيرًا إلى أن "الكرد يسعون لاستغلال فترة الانتخابات بالضغط على العبادي، من خلال تلويحهم بالتقرب مع جهات سياسية مناوئة له"، مؤكدًا أن العبادي حذر الوفد مرارًا من مغبة خلط الأوراق، وضرورة أن يبحث موضوع الأزمة منفصلا عن المواضيع الأخرى.