صفعة جديدة تلقتها تركيا من القارة العجوز، ضربة أوروبية اخترقت الحلم التركي المستمر منذ 20 عامًا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ففي الوقت الذي تسعى فيه تركيا بكل ما تملك إلى تحقيق حلمها، يأتي ملفها الأسود بشأن حقوق الإنسان وحرية التعبير؛ ليحبط كل المحاولات، ويبقى التساؤل "هل يمكن لتركيا أن تعدل سلوكها فيما يخص حقوق الإنسان، أم أن الحلم التركي قد انهار؟". وجه الاتحاد الأوروبي، أمس الثلاثاء، انتقادًا علنيًّا للحملة الأمنية التي تشنها تركيا منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو العام الماضي، مشيرًا إلى أن أنقرة لا يمكنها الانضمام للاتحاد دون وقف انتهاكات حقوق الإنسان، حيث قال المفوض الأوروبي المشرف على محادثات العضوية، يوهانس هان، عقب اجتماع مع وزيري الخارجية وشؤون الاتحاد الأوروبي التركيين، مولود جاويش أوغلو، وعمر تشيليك، ومسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد، فيديريكا موغيريني، إنه يحتاج أن يرى عودة عن الاتجاه نحو السلطوية، وأضاف "هان" أن حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات الأساسية بما في ذلك حرية الإعلام كلها شروط أساسية إلزامية لإحراز أي تقدم نحو الانضمام للاتحاد الأوروبي. من جانبها قالت "موغيريني": شهدنا نمطًا مقلقًا من السجن لعدد كبير من أعضاء المعارضة الديمقراطية والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في تركيا، وأضافت: كما فعلنا دائمًا في الماضي، شددنا على أن تعاوننا وحوارنا يحتاجان إلى مواصلة خطوات ملموسة وإيجابية في مجالات سيادة القانون والحريات الأساسية. على الرغم من أن مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، وصفت الاجتماع بأنه كان بناء ومفتوحًا، إلا أن التوترات الأوروبية التركية ظهرت جلية في هذا الاجتماع والمؤتمر الذي عقبه، والذي أحبط أي آمال متبقية في انضمام أنقرة للاتحاد، إلا في حال إعادة تركيا حساباتها السياسية وإظهار تراجع عن السياسة التعسفية التي تتبعها ضد معارضيها. ظهر الغضب التركي في رد وزير الخارجية، جاويش أوغلو، على اتهامات "هان" و"موغيريني" بشأن محاكمة صحفيين كبار واعتقال عشرة نشطاء في مجال حقوق الإنسان، قائلًا: ينبغي ألا يضلل مدعو الصحافة الذين يساعدون الإرهابيين الاتحاد الأوروبي، هناك صحفيون وجنود وساسة ساعدوا في محاولة الانقلاب، يجب أن يواجهوا الأحكام الواجب، وأقر وزير الخارجية بوجود خلافات في الرأي حول بعض القضايا بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، وأضاف: بالطبع في علاقاتنا لدينا بعض التحديات، وبعض المشاكل، لكن من أجل التغلب على هذه المشاكل، نحن بحاجة إلى مواصلة حوارنا. بالتزامن مع انطلاق الاتهامات والانتقادات الأوروبية إلى تركيا، دعت منظمة العفو الدولية، أمس الثلاثاء، الاتحاد الأوروبى إلى إعادة النظر فى علاقاته مع تركيا، إذا لم تتوقف أنقرة عن قمع ناشطي حقوق الإنسان، حيث قال الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، سليل شتى: إننا نرى فى توقيف رئيس منظمة العفو الدولية فى تركيا ومديرتها تحولًا جذريًّا فى أزمة حقوق الإنسان فى تركيا، وأضاف شتى: على الاتحاد الأوروبى أن يقول بوضوح إن القادة الأتراك خرقوا بلا أي شك الخط الأحمر، ما يستدعي إعادة علاقاتهم مع الأوروبيين إلى الصفر، مشيرًا إلى أن تحركات الجيش في تركيا العام الماضي تحولت إلى ذريعة لسجن كل من يطرح سؤالًا أو يفتح نقاشًا. هذه الانتقادات العلنية من الاتحاد الأوروبي جاءت بعد أيام من طلب البرلمان الأوروبي تجميد محادثات انضمام تركيا للاتحاد، لتقطع بذلك الحديث حول مفاوضات الانضمام إليه، وانتقدت الخارجية التركية حينها طلب البرلمان الأوروبي تجميد المفاوضات، واعتبرته طلبًا منحازًا وغير موضوعي، واعتبرت لهجة البرلمان تفتقد للطابع البناء وغير مشجعة، وأصدرت الخارجية بيانًا بهذا الشأن، قالت فيه إن القرار يقوم على افتراءات عديمة الأسس، ويخدم بعض الجهات والأوساط المعادية لتركيا، وشددت على أنه سيضر بالعلاقات بين الجانبين، ولن يساهم أبدًا في منحها الطابع الإيجابي، وأضافت الخارجية التركية حينها أن القرار يسيء لسمعة البرلمان الأوروبي. الصفعة الأوروبية تأتي في خضم الخلافات العميقة والتوترات المشتعلة بين تركياوألمانيا، التي تعتبر من أكبر الأعضاء نفوذًا في الاتحاد الأوروبي، حيث أعلنت ألمانيا قبل أيام إعادة توجيه سياستها حيال تركيا، كما أعلنت أنها تدرس اتخاذ تدابير اقتصادية ضد تركيا، تشمل إعادة النظر في الضمانات والقروض والمساعدات المخصصة لتركيا، وطرحت مسألة تعليق مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي الجارية منذ 2005. من جانبه ألمح المفوض الأوروبي، يوهانس هان، إلى تأثير هذه الخلافات على انضمام تركيا إلى الاتحاد، حيث حذر من آثار سلبية للأزمة الحالية مع ألمانيا، معتبرًا أن الأزمة تضر بالمجتمع والاقتصاد التركيين، مضيفًا: أعتقد أنه على تركيا أن تدرك أسباب كل ذلك، وأن تعالج الأمر، فيجب ألا ننسى وقع مثل هذه الخلافات على المفاوضات مع تركيا.