تحاول الحكومة الإثيوبية بشتى الطرق تغيير حقيقة الأحداث التي تدور على أراضيها حتى تبرر وسائل القمع المختلفة تجاه المتظاهرين والمحتجين وبدلا من أن ينال الإثيوبيين المحتجين تعاطف المجتمع الدولي تقلب الأمور لتنال الحكومة هذا التعاطف. وقال موقع إثيوميديا في فبراير 2016، اندلعت احتجاجات شعبية كبيرة في منطقة شرق هارارغي في أوروميا، ومع تقدم الحشد استقبلتهم الشرطة الإقليمية والشرطة الفيدرالية، والجيش، بإطلاق الذخيرة الحية على الحشد، وكان من بين المتظاهرين شخص يدعى توليسا تعرض لإطلاق النار أربع مرات، ولكنه نجا بإعجوبة. وتابع الموقع أن منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الانسان قابلت توليسا في أبريل 2016، ليتحدث عن الانتهاكات خلال الأشهر الستة الأولى من احتجاجات أورومو، وأوضح كيفية الانتهاكات التي قوبل بها المحتجين وقتل العشرات منهم ونجاته من الموت بإعجوبة، ولكن تقرير اللجنة التي أعدتها الحكومة الإثيوبية لحقوق الإنسان حيال تلك الاحتجاجات بين يونيه وسبتمبر جاء فيه أن هناك 669 شخصا قتلوا، من بينهم 633 من أفراد قوات الأمن. وأضاف الموقع أن اللجنة التي شكلتها الحكومة الإثيوبية لحقوق الإنسان، قالت إن استخدام القوة كان مناسبا ومتناسبا في الغالب، ولكن الحقيقة تؤكد أن هناك تناقض صارخ بين تقرير الدولة ووصف توليسا للحادث الذي اعتمدت عليه هيومن رايتس ووتش، حيث أكد توليسا أن مجموعة من المتظاهرين السلميين أغلبهم من الأطفال والمراهقين تعرضوا لأبشع وسائل القتل والتعذيب في تلك الاحتجاجات. وتابع الموقع أن الحكومة الإثيوبية تقوم بتزوير الحقائق وتخفيها تماما وبعد فرض حالة الطواريء ومنع العديد من الصحف المستقلة من النشر والسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي لا يوجد هناك من يتصدى لأكاذيب الدولة ويقدم الحقيقة. وفي تقرير الدولة الشفوي الأول المقدم إلى البرلمان في يونيه، خلصت اللجنة أيضا إلى أن مستوى القوة التي تستخدمها قوات الأمن الاتحادية في أوروميا متناسب، ولم يتم الإعلان عن هذا التقرير المكتوب إلا هذا الأسبوع بعد مرور 10 أشهر. كما لا يوجد ذكر لقوات الأمن التي تطلق النار على المتظاهرين أو الاعتقالات الجماعية أو التعذيب في الاحتجاز أو أي من الانتهاكات الأخرى التي تم الإبلاغ عنها على نطاق واسع. وأشار الموقع إلى أنه من المحتمل أن العديد من المتظاهرين وضحايا انتهاكات قوات الأمن لن يتكلموا أمام أي لجنة تقوم بسؤالهم بسبب التصور الواسع بأن أي لجنة لحقوق الإنسان ليست مستقلة عن الحكومة. ورغم أن الاستقلال أمر حاسم بالنسبة لأي لجنة وطنية ناجحة لحقوق الإنسان، إلا أن المؤسسة الإثيوبية قد فشلت في الوفاء بهذا الشرط لسنوات عديدة، كما أن المحتجين فقدوا الثقة في أي مؤسسة تابعة للدولة بعد رفض عدة محاكم مختلفة استمرار التحقيق في الادعاءات المتزايدة بتعذيب المحتجزين. والجدير بالذكر أن أوروميا ليست المكان الوحيد في إثيوبيا الذي شهد انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان من قبل قوات الأمن بل في غامبيلا، وثقت هيومن رايتس ووتش جرائم محتملة ضد الإنسانية من قبل الجيش الإثيوبي في عامي 2003 و 2004، بما في ذلك عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والاغتصاب والتعذيب. وفي الصومال ارتكب الجيش الإثيوبي جرائم حرب وربما جرائم ضد الإنسانية بين منتصف عام 2007 وعام 2008 أثناء حملته لمكافحة التمرد ضد جبهة أوغادين للتحرير الوطني، وبدلا من السماح للمحققين المستقلين بالدخول، أغلقت الحكومة الإثيوبية الباب باستمرار أمام المحققين وأصرت على أن المؤسسات الإثيوبية، مثل لجنة حقوق الإنسان، يمكنها القيام بهذه المهمة. وأوضح الموقع أن الإثيوبيين فقدوا الأمل في وقوف المجتمع الدولي في صفهم خاصة بعد اعتمادهم تقارير لجنة حقوق الاإسان التابعة للحكومة الإثيوبية المغلوطة وعدم الاعتماد على تقارير هيومن رايتس ووتش، وكذلك لمدى علمهم بالصلات الوثيقة بين الحزب الحاكم والقوى الدولية التي تدعمه كما أنهم يعلمون أن هناك العديد من الطلبات المعلقة من مراقبي الأممالمتحدة بشأن التعذيب وحرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وغير ذلك. وقد تم رفض جميع الدعوات التي وجهها مؤخرا كبار مسؤولي الأممالمتحدة في مجال حقوق الإنسان، واللجنة الأفريقية، والبرلمان الأوروبي، وبعض أعضاء الكونجرس في الولاياتالمتحدة، لإجراء تحقيقات دولية. كما تتجنب الحكومة التدقيق القضائي على أعلى مستوى لأنها ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية. ومن المؤكد أن إثيوبيا غير راغبة في التدقيق الدولي في سجل حقوقها، ويوضح ذلك أنها غير مستعدة لوقف استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين أو تعذيب المعارضين، وكل ذلك سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز الانتهاكات لأن الحكومة الاثيوبية بارعة في ثقافة الإفلات من العقاب بل وتزييف الحقائق بدعم دولي صارخ.