استغرقنا 6 سنوات لإعداد المسودة النهائية.. وفصل الخدمة عن التمويل الرعاية الصحية تضم مستشفيات الجيش والشرطة والمراكز المتخصصة والمستشفيات العامة دور شركات القطاع الخاص تكميلي.. وإلغاء العلاج المجاني وعلى نفقة الدولة 140 مليار جنيه إجمالي الميزانية المرصودة لتنفيذ القانون بواقع 14 مليار سنويًا 72% من الخدمة الصحية في مصر من جيب المواطن القانون الجديد يطبق على 5 محافظات.. و15 مصدرا للتمويل حوار- ربيع السعدني أكثر من 6 سنوات مضت على القرار الوزاري الخاص بإنشاء اللجنة المُشكلة، لإعداد المسودة النهائية لقانون التأمين الصحي الاجتماعي الشامل من قبل وزير الصحة الأسبق، الدكتور أشرف حاتم، نتيجة احتواء مسودة 2010 التي كانت جاهزة للعرض على البرلمان حينذاك على عوار دستوري، يسمح ب"خصخصة الصحة".. هذا ما أكده الدكتور عبد الحميد أباظة، مساعد أول وزير الصحة السابق لشؤون الأسرة والسكان ورئيس لجنة إعداد قانون التأمين الصحي الذي أوضح أنه تم الانتهاء من إعداد الصيغة الأخيرة للقانون من بين 50 نسخة سابقة وتم عرضها على وزير الصحة ومجلس الوزراء منذ أكثر من 6 أشهر. وأضاف أباظة أن القانون الجديد يحتاج إلى 140 مليون جنيه لتنفيذه على مدار 10 سنوات، لكن لا توجد إرادة سياسية حالية لإقراره، والمواطن المصري وحده من يتحمل 72% من قيمة الخدمة الصحية المقدمة في المستشفيات، مؤكدًا أن الصيغة الحالية تعد الأنسب لإنقاذ المواطنين من نار الفواتير الخاصة بالعلاج، وأن دور القطاع الخاص تكميلي فقط في القانون الجديد، وجميع الخدمات الطبية سوف تقدم عبر هيئة رعاية صحية شاملة، التي بإقرارها، يتم إلغاء العلاج المجاني والعلاج على نفقة الدولة، وغيرها من الملفات الشائكة.. وإلى نص الحوار.. حدثنا عن اللجنة الوزارية المُشكلة لإعداد الصيغة النهائية للتأمين الصحي الشامل ومتى تم تشكيلها ومن اختارها؟ اللجنة الوزارية تم تشكيلها بقرار وزاري صادر من قبل الدكتور أشرف حاتم، وزير الصحة الأسبق وأمين المجلس الأعلى للجامعات لتعديل مسودة القانون السابق المعروض في عام 2010 والذي كان مُعدا لدخول البرلمان آنذاك، لكن كان يوجد به عوار دستوري كبير، وكان يدعو للخصخصة عبر ما يُسمى الشركة المصرية القابضة للرعاية الصحية التي تنتقل إليها ملكية جميع مستشفيات وعيادات وأصول التأمين الصحي في مصر. هذه الشركة التي تم الطعن عليها أمام القضاء الإداري وحُكِم بوقفها؟ طبعًا وكل الكلام حول الخصخصة تم إلغاؤه تماما، وهي 4 مواد، وحاليا القانون الجديد يحتوي على 46 مادة رئيسية. من أعضاء اللجنة الوزارية التي وضعت النسخة النهائية للقانون الجديد؟ أنا على رأس اللجنة، بالإضافة إلى 3 من رؤساء الهيئة العامة للتأمين الصحي السابقين، وهم الدكتور عبد الرحمن السقا، والدكتور محسن عزام، والدكتور نبيل المهيري، ورئيس الهيئة الحالي، والدكتور علي حجازي، والدكتور محمد نصر، نقيب أطباء الجيزة وممثل عن حزب الوفد، والدكتور سمير فياض، ممثل عن حزب التجمع، والدكتور يوحنا الخراط، ممثلا عن القوى العاملة، وأمينة النقاش، ممثلة عن التأمينات الاجتماعية، والدكتور محمد معيط، ممثلا عن وزارة المالية، والدكتور عماد المهدي، ممثلا عن السلفيين الذي حل بديلا لممثل الإخوان المسلمين الدكتور إبراهيم مصطفى، والدكتور علاء غنام، والدكتورة وجيدة أنور، والدكتور طارق الغزالي حرب، رحمه الله. هل المسودة الأخيرة تعد الأنسب للمرضى؟ دون شك تعد أنسب مسودة تم أخذها من مسودة 2010 التي كانت جاهزة للعرض على البرلمان وأجرينا بها عدة تعديلات، وعملنا أكثر من 14 حوارا مجتمعيا مع 14 جهة مختلفة؛ لاستطلاع أرائهم وكذلك رأي وزارة العدل لإجراء التعديلات الأخيرة. ما أبرز الفئات المجتمعية التي التقيتم بها؟ استطلعنا رأي اتحاد العمال ونقابة الفلاحين وجميع الأطياف المجتمعية التي لا تخضع لقانون التأمين الصحي السابق مع وزارة العدل ومستشارين من مجلس الدولة، حتى وصلنا للمسودة النهائية وأي تغييرات فيها سوف تحدث في حدود ضيقة جدا. كم استغرقت اللجنة في إعداد مسودة القانون النهائية؟ أكثر من 6 سنوات منذ عام 2011 حتى مارس الماضي. ما أبرز التعديلات التي أدخلتها اللجنة على مسودة 2010؟ أولا: نواة التأمين هي الأسرة وليس الفرد، ثانيًا: لا يوجد خروج على التأمين الصحي بمعنى أن الأغنياء أصحاب الدخول العالية سوف يسددون اشتراكاتهم كنوع من التكافل الاجتماعي، والنظام الحالي المُتفق عليه يسمح بالخروج بعد سداد الغرامة المالية المحددة عليه، وبالتالي يجعل المستفيدين من التأمين الصحي فقط أصحاب المعاشات والدخول البسيطة. ثالثا: الاشتراك سوف يتم على قيمة الدخل ككل وليس المرتب أو الأجر الأساسي، وهذا يحدث بالاشتراك مع الضرائب حتى يتم تحديد الدخل الحقيقي لكل فرد، والذي على أساسه يتم ربط الاشتراك، رابعًا: حزمة الخدمات سوف تزيد لتشمل جميع الأمراض كما ينص الدستور، وأخيرًا فصل الخدمة عن التمويل وهذه هي محور وفلسفة القانون الرئيسية، وفي ظل الوضع الحالي، فإن هيئة التأمين الصحي التي تعطي الخدمة وتتعاقد وتراقب وتتحكم في كل شيء، وهو ما يُحدث نوعًا من الانفلات. كيف تعامل القانون الجديد مع كل ذلك؟ في القانون الجديد توجد هيئة للتأمين الصحي تتعاقد وتدير جميع أموال المشتركين المؤمن عليهم، وهيئة للرعاية الصحية تضم كل مقدمي الخدمة، وبالتالي فلن يكون هناك جامعة ولا جيش ولا هيئة تعليمية ولا أمانة المراكز الطبية المتخصصة، الكل سوف ينضم للهيئة الجديدة في ظل وجود هيئة جودة واعتماد ورقابة تراقب أنشطة تلك المنشآت حتى تتأكد من تقديمها للخدمة، وفقا لمعايير الجودة العالمية . يوجد تخوفات من تحول الهيئة الجديدة إلى بوابة لشركات القطاع الخاص؟ الشركات لا علاقة لها بالهيئة، ودورها طبقًا للقانون الجديد في مادة واضحة جدا، دور تكميلي. بمعنى؟ إنك تشترك في التأمين الصحي غصبا عنك وتشترك أيضا في القطاع الخاص كما تحب بحيث إنك تجري عملية أو جراحة في مستشفى يخصص لك التأمين مثلا 10 قروش، وفي الوقت ذاته تحجز في جناح آخر خاص ب20 قرش، وبالتالي فإن هذا الفارق تتحمله الشركات الخاصة التي لا تدخل هيئة الرعاية الصحية حتى المستشفيات الخاصة كذلك. على ماذا تشتمل هيئة الرعاية الصحية إذا؟ جميع مستشفيات الدولة والقوات المسلحة والتأمين الصحي والمراكز الطبية المتخصصة مثل معهد ناصر ودار الشفاء والمستشفيات الخاصة، تكون ملزمة بالأسعار التي تضعها هيئة التأمين الصحي، وبالتالي فإن دور القطاع الخاص تكميلي. طرف مكمل في حالة العجز؟ لا أبدا، لكن في حالة أن تكون محتاجًا لمستوى طبي أعلى من التأمين الصحي، مثلا المريض يكون رايح لمستشفى السلام الدولي أوفر له كتأمين غرفة بسرير هناك، وإن احتجت إلى جناح فارق السعر هذا تتحمله الشركات الخاصة. وهل الميزانية المخصصة للإنفاق على قطاعات الصحة كافية للتمويل؟ إحنا اقترحنا في القانون الجديد 15 مصدر تمويل، على رأسهم ال3.5% من الناتج القومي التي نص عليهم الدستور في 2017، وهم يتخطون اليوم 100 مليار جنيه لتغطية التأمين الصحي بسهولة، حيث لن نفرض ضرائب جديدة، لكن سوف نأخذ نسبة من ضريبة المبيعات والطرق السريعة والسجائر والمبالغ والغرامات المحكوم عليها في جرائم الصحة، وكذلك على الملاهي والسينمات وجميع ملوثات البيئة من السيراميك والحديد والأسمنت، وسوف ترتفع قيمة التصاريح الطبية الممنوحة للمراكز والمستشفيات الخاصة لتغطية تمويل القانون الجديد. كيف يُطبق القانون الجديد وهل يشمل جميع المحافظات؟ يتم تطبيقه جغرافيًا ليشمل 5 محافظات، وبالتالي حينما نقول إننا نحتاج إلى 120 أو 150 مليار جنيه، فإننا لا نريدهم في عام واحد، لكن على مدار 7 أو 10 سنوات حسب الدراسة الإكتوارية الجارية. كم يبلغ اجمالي الميزانية المرصودة لتنفيذ القانون الجديد؟ حوالي 140 مليار جنيه خلال 10 سنوات بواقع 14 مليار سنويًا وهو مبلغ ليس كبيرا. ما الذي قدمته الحكومة للتأمين الصحي الجديد؟ حتى الآن لم تقدم شيئًا، فالقانون تم الإنتهاء منه قبل 6 أشهر وما يزال في أدراج مجلس الوزراء، بداية مطلوب منك أن تقر القانون أولا، وتُجري عمليات تنظيمية فيه وتُعد التخصيص ل5 أو 6 محافظات بهذا المبلغ المخصص، وبعد ذلك سوف يأتي التمويل من التبرعات والمساعدات المجتمعية، وبالتالي فإن جميع الأموال المخصصة للإنفاق على الصحة سوف تتجمع في وعاء واحد وهو التأمين الصحي. وما موقف العلاج على نفقة الدولة من القانون الجديد؟ سوف يتم إلغاء العلاج المجاني والعلاج على نفقة الدولة، وهي منظومة أشمل سوف ترفع من مستوى الخدمة وتوحدها وتعطي المريض كارنيه لدخول أي مستشفى للعلاج. وماذا عن موقف مستشفيات التكامل الصحي المطروحة للشراكة مع القطاع الخاص؟ كل ذلك سوف يتم إلغاؤه أيضًا، وكل المستشفيات التي دخلت في الخصخصة سوف تعود مجددًا إلى هيئة الرعاية الصحية. المواطن اليوم من يتحمل فواتير العلاج والدواء؟ في آخر دراسة، 72% من الخدمة الصحية في مصر من جيب المواطن. بخصوص اشتراكات الطلبة هل تتم زيادتها ؟ لن يتم زيادتها، وكذلك جميع اشتراكات المواطنين ثابتة، لكن الفارق الوحيد بعد أن كان الفرد هو نواة التأمين الصحي، فإن الأسرة ستكون النواة الجديدة، مثلا لو انت موظف فإنك تسدد الاشتراكات لك وحدك، ولو زوجتك ربة منزل أو ابنك في الجامعة أو يعمل، فإنهم ليس لهم تأمينًا صحيًا، ومن ثم، فإنك اليوم سوف تكون ملزمًا بالسداد لأسرتك ولو انت أسرتك 5 أفراد فإنك تضاعف الاشتراك 5 أضعاف، وبالتالي يزيد أكثر من مصادر التمويل. من المسؤول عن تأخر إقرار القانون طوال السنوات الماضية؟ في تصوري القانون ليس الأزمة، لكن الإرادة السياسية لا تريد القانون في الوقت الحالي؛ بدليل أن القانون في أدراج الحكومة منذ أكثر من 6 أشهر، ولدي إحساس أنه لا يوجد اهتمام بالقانون كما ينبغي نتيجة عدم تحرك الدولة طوال الشهور الماضية لتحريك القانون وعرضه على البرلمان، فما الأكثر أهمية من توفير الصحة والدواء للمواطن؟ التأخير من قبل البرلمان أم الحكومة؟ أعتقد من ناحية الحكومة؛ لأن البرلمان لم يصله القانون حتى الآن، وحين نتواصل مع أعضاء لجنة الصحة بمجلس النواب بشكل غير رسمي يقولون لنا "بس القانون يعرض علينا ونبتدي نناقشه مع اللجنة الوزارية ونعدل فيه"، حتى يتم مراجعته قانونيا ودستوريا أمام مجلس الدولة بعد إقراره، وبعدين ده مش قرآن ولا انجيل، إنما وضعه مجموعة مختصين بجهود مُضنية شديدة على مدار 6 سنوات، وقابل للتعديل، لكن المهم أن يتحرك ويظهر للنور ويبدأ الإعلام والصحافة يتحدثون عنه.