"الزيادة السكانية" كانت أبرز القضايا التى جاءت في حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال خطابين متتاليين، أولهما أثناء كلمته في احتفالية عيد الشرطة، والثانية أثناء خطابه في مؤتمر الشباب بأسوان، إذ أكد خطورة الظاهرة وأهمية مواجهتها، وهي الإشارة التي اتفق معها عدد من الخبراء وعلماء الاجتماع، مؤكدين استفحال أزمة الزيادة السكانية والتهامها لكل نمو اقتصادي مرتقب. الرئيس، فى كلمته باحتفالات عيد الشرطة، قال "لقد تغير الكثير في مصر خلال السنوات الستين الماضية، زاد عددنا من حوالى 20 مليونًا ليصل اليوم إلى ما يزيد على 92 مليونًا، وأمام تضاعف عدد السكان بأكثر من 4 أضعاف ونصف ما كان عليه عام 1952، كان لزامًا أن تزيد جهودنا التنموية بأضعاف هذه النسبة إذا ما أردنا تقدمًا حقيقيًّا يشعر به كل الناس". وفى مؤتمر أسوان شدد السيسى على ضرورة تنمية مرافق الدولة بشكل جيد؛ لمواجهة الزيادة السكانية الكبيرة، مضيفًا "لا بد من تخطيط يكافئ النمو السكاني، وإلا فمصر كلها ستكون عبارة عن كتلة عشوائيات، أو كتلة تخطيط غير منضبط" . الدكتور عصام علي مدكور، مدير عام الإدارة العامة للمتابعة بالمجلس القومي للسكان، قال ل"البديل" إن اهتمام القيادة السياسية بقضية الزيادة السكانية وحديث الرئيس عنها فى خطابين متتالين يعكس شعورًا بخطورة الملف، وإدراكًا لأن المشكلة السكانية هي نقمة وقنبلة موقوتة في المرحلة الحالية، تؤثر على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلد. وأوضح أن الزيادة السكانية لا تخص فقط الأسرة التي تنجب عددًا كبيرًا من الأطفال، ولكنها أزمة تخص المجتمع كله، حيث يترتب عليها ارتفاع معدلات أطفال الشوارع والعشوائيات، والتسرب من التعليم، وارتفاع أعداد متعاطي المخدرات، ومن ثم فالمشكلة لها عدة أوجه متشابكة وخطيرة، وتحتاج إلى مواجهتها بقوة. وأضاف مدكور أن الاستراتيجية القومية للسكان تستهدف خفض معدلات النمو السكاني في الفترة 2015- 2030، وتعتمد في تنفيذها على التعاون مع الجهات الشريكة من كافة وزارات الدولة ومنظمات المجتمع المدني، وتركز على عدة محاور، أبرزها التعليم والصحة والشباب وصحة المراهقين والإعلام وتمكين المرأة. مدكور أشار إلى أن وزارة الأوقاف شريك في الاستراتيجية، وقال: "نستهدف من وجودها توجيه خطاب ديني يحث المواطنين من الصعيد إلى الإسكندرية على تنظيم النسل وتوضيح خطورة الزيادة السكانية على الأسرة والمجتمع"، وأكد أن الاستراتيجية سوف تؤتي ثمارها حال نجاحها في خفض معدلات الإنجاب في الأسرة من 4 أطفال إلى طفلين، وقال: "لو نجحنا في تنفيذ هذه السياسات لن نصل إلى مرحلة الخطر المتمثلة في وصول عدد السكان في مصر عام 2020 إلى 122 مليون نسمة"، مؤكدًا أن الزيادة السكانية وحش يلتهم الموارد الاقتصادية للدولة، ويحتاج إلى مواجهة الأفكار والعادات والتقاليد السلبية الراسخة لدى شرائح عديدة في المجتمع. الدكتور مسعد عويس، رئيس مجلس أمناء مؤسسة عويس للبحوث الاجتماعية والديموجرافية، في تصريحات خاصة ل"البديل"، أكد أن مواجهة ارتفاع معدلات الزيادة السكانية تحتاج إلى دراسة الأفكار والعادات الخاطئة الراسخة في الأذهان منذ سنوات، خاصة فى الريف والصعيد، والتى لا تدرك معنى السياسات أو الاستراتيجيات، بل هي تحتاج إلى طرق سهلة لمخاطبتها، وهو ما يجب أن تلعبه الدراما التليفزيونية والإعلانات التوعوية وخطاب أئمة المساجد والقساوسة بالكنائس، مشيرًا إلى أن حل المشكلة جزء أصيل من عمل الرئيس السيسي وواجبه، إذا أراد تحقيق تنمية اقتصادية شاملة، وقال: "طالما هناك ملايين تولد فستحصد كل الإمكانيات المتوفرة". جدير بالذكر أن الدكتور طارق توفيق، مقرر المجلس القومي للسكان، ذكر خلال كلمته في مؤتمر المجلس المنعقد منذ يومين، أنه في حال بلوغ معدل الإنجاب 4 أطفال لكل سيدة سيكون عدد السكان 122 مليونًا بحلول 2030، بينما لو كان معدل الإنجاب الكلي 2.4 طفل، سيكون التعداد 110 ملايين عام 2030. وقال إن معدل المواليد حاليًّا 2.6 مليون طفل سنويًّا، بينما لو طبقت الاستراتيجية القومية للسكان سيكون 1.8 مليون مولود سنويًّا. وأضاف أنه في حال عدم تطبيق الاستراتيجية القومية للسكان سترتفع نسبة الإعالة من 55.2 % إلى 70 %. وأوضح توفيق أن مصر بحاجة إلى 120 ألف طبيب و250 ألف ممرضة و8 آلاف سرير في حال عدم تطبيق الاستراتيجية القومية للسكان، كما ستحتاج إلى 5400 فصل دراسي، و750 ألف وحدة سكنية بتكلفة 50 مليار جنيه، مؤكدًا أن معدل التضخم في مصر سيرتفع بحلول عام 2030، إذا لم يتم تطبيق الاستراتيجية القومية للسكان إلى 28.4.