تحمل الحكومة الإيطالية المعينة حديثا برئاسة باولو جينتيلوني، رقم 64، في تاريخ الجمهورية الإيطالية التي تبلغ 70 عاما، وبعد ضربة الاستفتاء التي أدت إلى استقالة رئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي، اختار الرئيس سيرجيو ماتاريلا، العضو المتشدد في الحزب الديمقراطي وزير الخارجية السابق، جينتيلوني لرئاسة الحكومة المؤقتة، لإخراج البلد من تيار الفوضى السياسية، مما يمهد الطريق لسلطة تشريعية جديدة. يدعم مجلس وزراء جينتيلوني، بأغلبية الأصوات، التحالف بين الديمقراطيين واليمين الوسط، وخضع الفريق الحكومي لتعديل وزاري طفيف، حيث لا تزال هناك عملية حاسمة لضم الوزراء الرئيسيين في حكومة رينزي، مما أثار ردود فعل عنيفة من الشعبويين والمعارضة، وبالتالي بقاء هذه الحكومة على قيد الحياة على المدى الطويل أمر غير محتمل. ومن جانبه، قال دانيلو تونيلي، نائب معارض للحكومة من حركة خمس نجوم اليمينية المتطرفة: "الحكومة الجديدة مجرد صورة من حكومة رينزي، لا تمتلك سلطة ولا شرعية للقيام بأي شيء، وبمفردها لن تصدر القوانين الجديدة أو تمرر الإصلاحات أو تغير القانون الانتخابي". رفض أعداء رينزي طلب الوحدة الوطنية؛ فكل الأحزاب وليس فقط الديمقراطين، تقاسموا عبء تمرير تدابير حاسمة وإجراء الإصلاحات، والسيناريوهان الأكثر احتمالا، هما عقد انتخابات مبكرة خلال شهري فبراير ومارس المقبلين، بعد توقع تمرير قانون الانتخابات في إيطاليا، أو في يونيو بعد قمة السبعة التي تعقد في صقلية. دعت حركة الخمس نجوم اليمينية إلى تصويت فوري وتعهدت بمنع عمل جينتليوني بجميع الوسائل الممكنة، والعمل على إنشاء برنامج حكومي جديد من خارج البرلمان، عن طريق طرح استفتاء على الإنترنت للمواطنين عن آرائهم حول كيف يريدون بلدهم، كما أكد دانيلو تونيلي أنه سيكون هناك عرقلة عنيفة لمساعي الحكومة، حال لم يكن هناك فرصة للتعاون. يمثل جينتيلوني حلا مؤقتا، وبالتأكيد ليس حلا طويل الأجل لمشاكل إيطاليا الملحة، فقبل كل شيء ترتفع أعباء الدين والمشاكل العامة، بالإضافة إلى الفوضى السياسية التي حلت في مرحلة ما بعد الاستفتاء، وعدم اليقين حول استقرار النظام المالي الإيطالي، حيث يتم خنق المقرضين من خلال القروض المعدومة التي تصل قيمتها إلى 360 مليار يورو، ويبدو أن البنوك لن تكون قادرة على البقاء على قيد الحياة دون التدخل الحكومي المباشر. واحدة من الأمور المتوقع أن يتعامل معها جينتيلوني، هو رسم مخرج طوارئ لحماية البنوك المتعثرة، رغم وجود خطط لإعادة احترام قواعد الاتحاد الأوروبي، وهو قد يعتمد غالبا على هذه التدابير ولكن في الوقت المناسب. القضية الشائكة الثانية، التصويت على القانون الانتخابي الحالي؛ فمن المتوقع أن تصدر المحكمة الدستورية الإيطالية حكما في 24 يناير المقبل، بشأن عدم دستورية القانون الانتخابي الجديد، الذي وافق عليه رينزي وترفضه الأحزاب المعارضة. ووافقت معظم الأحزاب السياسية على الانتظار حتى صدور الحكم من أجل تغيير القانون الانتخابي، قبل مواجهة إجراء انتخابات مبكرة، لكن الشعبويين يريدون التصويت على الفور. يشارك رئيس الوزراء الجديد قلق الرئيس الإيطالي ماتاريلا، والمتمثل في أنه لا ينبغي عقد انتخابات مبكرة في الوقت الحالي، لأنه يوجد نوعان من القوانين الانتخابية المختلفة التي تنظم الانتخابات البرلمانية، وهما مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ما من شأنه خلق نظام مزدوج، يؤدي إلى وجود أغلبيات مختلفة في البرلمان وكذلك يعيق عملية التشريع. ومع رغبة الشعبويين في انتخابات عاجلة، ربما لن ينجح رئيس الوزراء الجديد في التوفيق بين اثنين من أنظمة التصويت، وقد يحتاج الأمر على الأقل لسنة واحدة، أي حتى عام 2018، وهو ما سيرفضه أيضا الديمقراطيون، لعدم استعدادهم الانتظار لفترة طويلة. استقالة رينزي لا تعني خروجه من الحلبة السياسية، ففي الوقت الراهن يضمد جراحه، إلا أنه سيستمر في قيادة الحزب الديمقراطي، حيث يراه العديد "القائد الحقيقي الوحيد في إيطاليا". تايم