تواصل نيابة الأموال العامة العليا التحقيق مع أعضاء أكبر شبكة دولية للإتجار بالأعضاء البشرية في محافظاتالقاهرةوالجيزة والقليوبية، تم ضبطها فجر أمس الثلاثاء، في عدد من المستشفيات والمعامل الخاصة للرعاية المركزة، تضم أساتذة جامعات بارزين وأطباء وأعضاء هيئة تمريض وأصحاب مراكز طبية ووسطاء وسماسرة مصريين وعرب، يستغلون الظروف الاقتصادية الصعبة لبعض المواطنين لشراء أعضائهم البشرية وبيعها بمبالغ مالية كبيرة. كانت معلومات وردت إلى هيئة الرقابة الإدارية تفيد بوجود تنظيم دولي لبيع ونقل الكلى من مواطنين مصريين إلى أشقاء عرب مقابل مبالغ مالية محددة تتراوح بين 10 إلى 50 دولارا بالمخالفة للقانون، في مستشفيات "ابن النفيس، أحمد ماهر التعليمي"، ومعهد الكلى بالمطرية، ونحو 4 مستشفيات خاصة شهيرة، و6 معامل خاصة متورط فيها نحو 45 شخصا، من بينهم 12 طبيبا و8 ممرضات وبحوزتهم ملايين الدولارات والجنيهات ومشغولات ذهبية. وداهمت حملة كبيرة تضم ضباطا من هيئة الرقابة الإدارية وممثلين لإدارة العلاج الحر بالوزارة وممثل لهيئة الإسعاف وفرع نقابة الأطباء في الجيزة، فجر الثلاثاء، عدة مستشفيات، بعضها مرخص وبعضها غير، في نطاق منطقتي الهرم والجيزة،وعثرت على عدد من المستندات الخاصة بالواقعة، وأجهزة الحاسب الآلى المحمل عليها وقائع الإتجار، وتم تفتيش 10 مراكز طبية ومراكز تحاليل في أقل من 24 ساعة. وتسلمت نيابة الأموال العامة العليا، محضر تحريات حول الواقعة، ومحاضر القبض على المتهمين وأحراز النيابة؛ لمواجهة المتهمين بها خلال التحقيق، تهميدا لاتخاذ الإجراءات القانونية حيال المتهمين، الذي تبين أن أحدهم يعمل مستشارا طبيا لإحدى سفارات الدول العربية. 45 متهمًا بينهم 12 طبيبًا و8 ممرضات قال الدكتور خالد مجاهد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، إن حملة الرقابة الإدارية، نفذت أمس الثلاثاء، 49 مأمورية في ثلاث محافظاتبالقاهرةوالجيزة والقليوبية، وأثبتت تورط 45 متهما في 8 مستشفيات و6 معامل خاصة شهيرة، في عمليات الاتجار بالأعضاء البشرية، مضيفا ل«البديل» أن أبرز المستشفيات، أحمد ماهر التعليمي، ودار ابن النفيس الخاص، ومستشفى الأمل بميدان لبنان، ومستشفى الدكتور مجدي سليمان بالمهندسين، ومعهد الكلى بالمطرية وغيرها من المعامل الخاصة للرعاية المركزة، موضحا أن شبكة الاتجار بالأعضاء البشرية التي تم ضبطها لم تضم أي مستشفى تابعة لوزارة الصحة أو مستشفيات جامعية، وإن كان أفرادها أساتذة جامعيون في القاهرة وعين شمس، وبعضهم يعمل في مستشفيات تابعة لوزارة الصحة والسكان. وأكد مجاهد أن حملة الرقابة الإدارية مستمرة، وسيتم إعلان جميع أسماء الأطباء والمستشفيات والمعامل الخاصة المتورطة في الجرائم المخالفة للقانون، بعد انتهاء جميع حملات الرقابة الإدارية وإيقافهم جميعا عن العمل بعد ثبوت اتهامهم في الواقعة. 7 آلاف عملية زراعة كلى غير شرعية سنويًا وتخضع عمليات زراعة الأعضاء لقوانين وشروط محددة وضعتها الدولة، طبقا لقانون زراعة الأعضاء ولجنة مختصة مشكلة من وزارة الصحة لمنح المستشفيات تراخيص زراعة الأعضاء، لكن انتشرت هذه التجارة المحرمة في مصر؛ نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة لبعض الأشخاص، وخلال العشر سنوات الأخيرة، سجلت مصر مركزا متقدما فى ترتيب الدول الأكثر عرضه لمرور هذه التجارة. ومنذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، أصدرت منظمة كوفس العالمية لمناهضة الاتجار بالبشر تقريرها الصادم من سويسرا عن مصر، مؤكدا إجراء نحو 7 آلاف عملية زرع كلى سنويا، وأبدت المنظمة الدولية مخاوفها الشديدة من أن تتحول مصر إلى برازيل الشرق الأوسط في تجارة الأعضاء. 33 حالة اتجار في سنة واحدة ومن جانبه، رصد المركز المصري للحق في الدواء، نحو 33 حالة اتجار أو بيع للأعضاء منذ أكتوبر 2015 إلى أكتوبر 2016، وتتركز الجريمة بشكل خاص في العاصمة؛ نظرا لوجود أعداد هائلة من المترددين على المستشفيات العامة والجامعية الكبرى، حيث يسهل اصطياد الضحايا بواسطة أطقم طبية موجودة في تلك المستشفيات. وتبدأ خيوط العملية في المراكز الحكومية عن طريق السرقة والمستشفيات الخاصة من خلال الاتفاق بالشراء والبيع، وثمة عيادات متخصصة ومعامل للرعاية المركزة تتولى تجهيز المتبرع سواء بمقابل مادي أو من دون مقابل واختبار مدى تطابق أعضائه مع المتبرع له. عام 2015، سجل خمس حالات سرقة لجثث متوفين، كان آخرها في مستشفى قصر العيني الجامعي، وتحديدا يوم 22 مارس من العام ذاته، حيث اتهم أهل المتوفية زينب سليمان، صاحبة ال33 عاما، إدارة المستشفى بسرقة القرنية، رغم أنها دخلت المستشفى الجامعي لعمل جراحة في قدمها، وتم عمل محضر بقسم شرطة السيدة زينب 1684 ورقم الصادر 737، واستدعت النيابة الشهود والمسؤولين الذين أقروا بالواقعة. وفى 8 أبريل 2014، اتهم مواطن أربعيني يدعى شعبان إبراهيم، مستشفى الإسكندرية بسرقة كليته، وتولت النيابة العامة التحقيق فى المحضر رقم 564 قسم المنشية، وثبت صحة الواقعة، وفي 25 يونيو 2015، حررت المواطنة رحمة عبد المنعم، المحضر رقم 7857 بقسم شرطة طنطا بمحافظة الغربية، ضد إدارة مستشفى الأمريكان، تتهمها بسرقة كليتها، وبعدها بشهر، تم ضبط تشكيل عصابي لتجارة الأعضاء بالمرج، ثم تشكيل عصابي آخر في الجيزة، وخلال الأسبوع الماضي، تم ضبط تشكيل عصابي منظم يحتجز نحو 11 طفلا في منطقة عين شمس، وأمرت النيابة العامة بحبس المتهمين 15 يوما على ذمة المحضر رقم 5114 لسنة 2016. صاحب مستشفى خاص يتاجر في الأعضاء منذ 2008 كانت المفاجأة التي كشفتها الرقابة الإدارية أمس، بالتعاون مع إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة، وجود إحدى المستشفيات الخاصة التى تم مداهمتها في شارع سوريا بالمهندسين، سبق أن داهمتها وزاره الصحة في مايو 2008، وتم ضبط أحد المرضى العرب "سعودي الجنسية" يستعد لعملية زرع كلى من المواطن عبدالله أحمد عبدالله، وتم تشميع المستشفى. وتضم قائمة المتهمين بحسب نيابة الأموال العامة، المدعو شريف إ.أ، ومحمد ح. ع، ومحمد ع. م، والطبيب سمير م. ح، وطبيب "نساء وتوليد" سعد أ. ل، وطبيب تخدير أحمد ر. ع، والطبيب أيمن إ. م، ووائل ف.ح" . وطالب المحامي محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، البرلمان بضرورة إعادة النظر في التشريعات الحالية المتعلقة بحماية الأرواح، خاصة أن مهنة الطب تعاني من أزمة أخلاقية، الأمر الذي أدى لانتشار ظاهرة تجارة الأعضاء البشرية بشكل مبالغ فيه خلال الآونة الأخيرة، بالمخالفة لقانون زراعة الأعضاء رقم 5 لسنة 2009، حتى وصلت تسعيرة الكلى في بعض المستشفيات إلى نحو 500 ألف جنيه. وأوضح فؤاد أن المادة الثالثة من القانون تحظر عمليات نقل الأعضاء من مصريين إلى أجانب عدا الزوجين إذا كان أحدهما مصريا والآخر أجنبيا وبلغ عمر زواجهما موثقا 3 سنوات كحد أدني، وهو ما لم يتم، مؤكدا أن هناك نحو 80% من عمليات الزرع تجرى لأجانب. وتابع: تنص المادة السابعة من القانون علي "لا يجوز البدء في عملية النقل بقصد الزرع إلا بعد إحاطة كل من المتبرع والمتلقي إذا كان مدركا بواسطة اللجنة الثلاثية المنصوص عليها في المادة 13 من القانون ذاته بطبيعة عمليتي النقل والزرع ومخاطرهما المحتملة على المدى القريب أو البعيد والحصول على موافقة المتبرع والمتلقي، أو موافقة نائبة أو ممثلة القانوني إذا كان من ناقصي الأهلية أو عديمها بالنسبة للخلايا الأم وفقا لما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 5، وتحرر اللجنة محضرا بذلك يوقع عليه المتبرع، والمتلقي ما لم يكن غائبا عن الوعي أو الإدراك أو نائبة أو ممثله القانوني". واستطرد: ومن ثم، فإن القانون المنظم لذلك يشدد على أهمية أن يصدر بيان كتابي – المحضر- من اللجنة الثلاثية للمنشأة الطبية التي سيجري بها عمليات النقل والزرع، بأن يوقع عليه كل من المتبرع والمتلقي ليؤكد أنه تم إعلامهما بالنتائج عن العملية في الوقت القريب والوقت البعيد، كما تؤكد المادة 5 من القانون علي أن يصدر التبرع بإرادة خالية من عيوب الرضا وثابتة كتابةً، حيث نصت علي أنه في جميع الأحوال يجب أن يكون التبرع صادرا عن إرادة حرة خالية من عيوب الرضاء، وثابتا بالكتابة على النحو الذي تحدده اللائحة التنفيذية لهذا القانون، ولا يقبل التبرع من الطفل، ولا يعتد بموافقة أبوية أو من له الولاية أو الوصاية عليه، كما لا يقبل التبرع من عديم الأهلية أو ناقصها ولا يعتد بموافقة من ينوب عنه أو بمن يمثله قانونا. وأكد فؤاد أن المادة السادسة حسمت الجدل؛ حيث وضعت نصا صريحا بتجريم الاتجار بالأعضاء في مصر من خلال غلق أبواب التكسب من نقل وزراعة الأعضاء، حيث نصت على "يحظر التعامل في أي عضو من أعضاء جسم الإنسان أو جزء منه أو أحد أنسجته على سبيل البيع أو الشراء بمقابل أيا كانت طبيعته، وفى جميع الأحوال لا يجوز أن يترتب على زرع العضو أو جزء منه أو أحد أنسجته أن يكتسب المتبرع أو أي من ورثته أية فائدة مادية أو عينية من المتلقي". الشطب والإيقاف للمتهمين وقال الدكتور إيهاب الطاهر، أمين عام نقابة الأطباء، إنه في حال ثبوت الاتهامات الموجهة للأطباء الذين تم إلقاء القبض عليهم بواسطة النيابة العامة، سوف تتخذ النقابة ضدهم إجراءات رادعة؛ بالتحويل للمحاكمة التأديبية وتبدأ العقوبات بالإيقاف من ممارسة مهنة الطب، وتصل إلى الشطب نهائيا من جداول القيد بالأطباء، مؤكدا ل«البديل» أن الفقر وغياب الضمير وراء تكرار مثل هذه الجرائم المحرمة بنص القانون، وتسيء إلى سمعة مصر والأطباء في العالم كله.