رغم صدور قانون زراعة الأعضاء المصري منذ 16 شهرا بموافقة مجلس الشعب السابق عليه لمواجهة عمليات التجارة في الأعضاء البشرية التي تحولت لظاهرة مخيفة في السنوات الأخيرة فإن هذا القانون لم يفعل بعد ومازالت عمليات الزرع وخاصة "الكلي" تجري في مراكز غير مؤهلة لهذه النوعية من الجراحات والتي يطلق عليها مراكز "بئر السلم". "المساء" حاولت استطلاع آراء الأطباء والمتخصصين في هذه الجراحات عن موقف جراحات الزرع في مصر وعدد الحالات التي أجريت لديهم ونسبة النجاح ومدي حاجتنا لتطبيق القانون في زراعة الكلي والكبد.. وهل تمكنت وزارة الصحة واللجنة العليا المصرية لزراعة الأعضاء من تطبيق القانون سواء في زراعة الأعضاء من الأحياء أو من حديثي الوفاة وما هي العوائق التي تقف عثرة في التطبيق. أكد الخبراء والجراحون ان القانون لم يؤجل بعد وأن هناك مهلة للمستشفيات التي ترغب في إجراء الزرع لتوفير الاشتراطات التي ينص عليها القانون والحصول علي الترخيص حتي شهر سبتمبر القادم حتي يبدأ توقيع العقوبات علي من يخالف ذلك بالحبس والغرامة.. وان عمليات زرع الكبد من الأحياء لم يمر عليها أكثر من 5 سنوات ورغم ذلك فإن نسب النجاح في المعدلات العالمية.. واننا نحتاج لمشروع قومي للحصول علي الأعضاء من حديثي الوفاة بسبب الاستعدادات والتكاليف الباهظة لنقل وحفظ وتوزيع الأعضاء علي المرضي في قائمة الانتظار في أي مكان بالجمهورية خلال 6 ساعات من الوفاة.. وان كلية زراعة الأعضاء في المنصورة سوف تبدأ الدراسة بها لمنح الدراسات العليا للأطباء في المجالات التي تخدم عملية الزرع بعد موافقة المجلس الأعلي عليها في بداية شهر يونيه الحالي. يري د. محمود عمرو استشاري أمراض صدرية ان عمليات زرع الأعضاء في مصر تجري في مستشفيات ومراكز طبية عالية القدرة ومصرح لها من قبل وزارة الصحة منها قصر العيني وعين شمس التخصصي وإسكندرية الجامعي ودار الفؤاد ووادي النيل.. ولكن التوسع في هذه النوعية من العمليات يحتاج لتكاليف باهظة وخطط وزارية للقضاء علي مراكز بئر السلم التي تقوم بزرع الأعضاء. يضيف أن تفعيل قانون زراعة الأعضاء يحتاج إلي رقابة صارمة من وزارة الصحة بحيث تجري هذه العمليات بعد تجهيز المستشفي بالكوادر الطبية من الأطباء ومعامل تحاليل الدم والأنسجة وغرف العمليات والعناية المركزة وثلاجات حفظ الأعضاء والتعقيم.. وحصول المستشفي علي تصريح من وزارة الصحة بإجراء هذه العمليات بعد توافر هذه التجهيزات. يطالب وزارة الصحة بالتوسع في إقامة مراكز نقل وزرع الأعضاء في المحافظات بحيث تتحول الوزارة إلي الامركزية في تقديم الخدمات الطبية.. وأن تجهز هذه المراكز لتقديم الخدمة للمرضي علي مستوي عالمي والقضاء علي تجارة سرقة الأعضاء البشرية لمن يبحث عن الربح السريع من الأطباء والبائعين لأجسادهم ويتمني أن تعمل الوزارة علي تخفيض تكاليف إجراء عملية الزرع حتي تقدم بالمجان كما يحدث بالخارج حيث تجري في مستشفيات التأمين الصحي لمواطني البلد. يؤكد أن العقاب الصارم يكون بحبس الجراح ومدير المستشفي في حالة إجراء هذه النوعية من العمليات في أماكن لا تتوافر فيها الاشتراطات اللازمة وأن تغلظ العقوبة في حالة تكرار الجريمة. انتشار تجارة الأعضاء يري د. مدحت العجيل استشاري جراحة بمستشفي الهلال ان هناك أسبابا متعددة تساهم في انتشار تجارة الأعضاء وإجراء عمليات الزرع في أماكن غير مؤهلة لهذه الجراحات الدقيقة.. منها غياب الضمير لدي عدد كبير من الأطباء وانتشار الفقر والحاجة إلي المال الذي يدفع المواطن للتضحية وبيع عضو من أعضاء جسده. يؤكد أن وضع الضوابط الصارمة والمشددة والتي من السهل تنفيذها ضرورة لتفعيل قانون زراعة الأعضاء تبدأ من تشكيل لجنتين الأولي من أعضاء نقابة الأطباء البالغ عددهم 240 ألف طبيب من المتخصصين في إجراء هذه النوعية من العمليات والثانية من إدارييي وزارة الصحة لفحص الإخطارات التي تلزم كل مستشفي أو مركز طبي بارسالها إلي نقابة الأطباء ووزارة الصحة قبل إجراء أي عملية. كما لابد أن تقوم اللجنتان بفحص المتبرع والمريض والإمكانيات المتوافرة بالمستشفي لضمان نجاح العملية والطرق التي تضمن متابعة حالة المتبرع بعد العملية. يؤكد ان عمليات نزع الأعضاء من حديثي الوفاة تحتاج أيضاً لإجراءات صارمة منها ضرورة توثيق الإقرارات من المتبرعين بأعضائهم بعد الوفاة بالشهر العقاري.. وكذلك لابد من أخذ موافقة أهالي المتوفي في الحوادث قبل نزع الأعضاء لضمان القضاء علي مافيا تجارة الأعضاء. يضيف أن هناك ضرورة لتقنين أجر الجراح الذي يقوم بإجراء عمليات الزرع عن طريق وزارة الصحة حتي يمكن أن نحد من المغالاة في أتعاب هؤلاء الأطباء الذين لا يرحمون المرضي وحالتهم المرضية التي تستنزف كل ما يملكونه في سبيل أن يمن الله عليهم بنعمة الصحة. 3 غرف عمليات يقول د. طارق إبراهيم رئيس قسم الجراحة بمعهد الكبد القومي بالمنوفية إن القانون يتم تفعيله حتي الآن رغم صدوره منذ حوالي 16 شهراً ومنذ أيام بدأت وزارة الصحة في إخطار المراكز والمستشفيات التي ترغب في إجراء عمليات الزرع لتوفيق أوضاعها وتوفير جميع البنود والاشتراطات الطبية التي نص عليها القانون للحصول علي ترخيص بإجراء الزرع كتوفير 3 غرف للعمليات ووحدة للرعاية المركزة وأقسام للأشعة والتحاليل. يؤكد أن القانون سوف ينظم عمليات الزرع للكلي والتي انتشرت بصورة كبيرة حيث تجري في أي مستشفي أو مركز دون اتباع أي شروط طبية والتي يطلق عليها مراكز بئر السلم وينص القانون علي الحبس والغرامات المالية لكل من يجري هذه العمليات دون الحصول علي ترخيص من اللجنة المصرية لزراعة الأعضاء المكونة من كبار الأطباء بوزارة الصحة. أما بالنسبة لزراعة الكبد نظراً لأنها عملية معقدة وتحتاج لتقنية طبية عالية فإنها لا تجري إلا في المراكز والمستشفيات الكبري والتي وصل عددها ل 12 مركزا ومستشفي. أضاف ان المعهد القومي بالمنوفية بدأ في زراعة ثلاث حالات لمرضي الكبد عام 1992 ووصل عددها حتي الآن ل 127 حالة بنسبة نجاح 85% وعلي مستوي مصر كلها وصلت إلي 1500 حالة زرع من متبرع حي.. واننا نحتاج لنشر ثقافة التبرع للحصول علي كبده لان أعداد المرضي الذين يحتاجون لزراعة كبد في تزايد وهناك نقص فيمن يرغب في التبرع. يؤكد أن تنفيذ الجزء الخاص لزرع الأعضاء من حديثي الوفاة لم يفعل عندنا في القريب العاجل لأنه يحتاج لمشروع قومي باهظ التكاليف لتوفير الأجهزة والثلاجات لحفظ الأعضاء ووسائل النقل ووضع قائمة المرضي المحتاجين للزرع في جميع المحافظات علي شبكة الكترونية لمعرفة الحالات الأولي بالزرع وسرعة نقل الكبد من المتوفي وإجراء العملية قبل مرور 6 ساعات علي الوفاة. لم يدخل حيز التنفيذ يؤكد د. أشرف عبدالباسط عميد طب المنصورة أن قانون زراعة الأعضاء لم يدخل حيز التنفيذ بعد رغم أن هناك إجراءات بدأت للتحضير لتطبيق القانون من قبل اللجنة العليا المسئولة عن زراعة الأعضاء ومنح مهلة للمستشفيات لتوفيق أوضاعها وتوفير الاشتراطات الطبية لاجراء هذه الجراحات حتي نهاية شهر سبتمبر القادم.. قامت اللجنة واللجان المنبثقة منها بزيارة المستشفيات التي تقدمت للحصول علي ترخيص لإجراء الزرع وعددها 5 مستشفيات. يضيف ان هناك زيارات تمت لكل من مركز الكلي بالمنصورة وكذلك مركز جراحة الجهاز الهضمي من هذه اللجان للوقوف علي قدرتنا لاجراء جراحات الزرع والتي نقوم بها بمركز الكلي منذ بداية الثمانينيات حيث أجرينا 2600 عملية زرع كلي. أما مركز جراحة الجهاز الهضمي فقد أجرينا به منذ عام 2007 حوالي 135 حالة زرع كبد.. ومازالت قائمة الانتظار طويلة بأسماء المرضي وعددهم حوالي 1000 مريض. يؤكد ان القانون الجديد ينص علي عقوبات مشددة بالسجن والغرامة والإيقاف عن ممارسة المهنة عند مخالفة حالات كثيرة أهمها الحصول علي ترخيص من اللجنة المصرية لزراعة الأعضاء لمزاولة الزرع والتجديد كل 3 شهور وكذلك الترخيص للفريق الطبي الذي يقوم بالجراحة لمزاولة النقل وزرع الأعضاء.. وذلك كله من الأحياء "المتبرعين" أما الجزء الخاص بالحصول علي الأعضاء من الأموات لن يبدأ في مصر قبل الاستعداد والتجهيز له لانه يحتاج لتكاليف واستعدادات خاصة لمنع التلاعب والتجارة وسرقة أعضاء البشر. يضيف أن جامعة المنصورة قد حصلت علي موافقة بمرسوم من المجلس الأعلي للقوات المسلحة لبدء العمل في كلية زراعة الأعضاء التابعة لطب المنصورة في بداية شهر يونيو الحالي.. والتي تم إقامة وتجهيز مبانيها داخل حرم كلية الطب منذ سنوات وتم إقرار لائحتها الداخلية من قبل المجلس الأعلي للجامعات. يضيف أن هذه الكلية سوف تمنح الشهادات الطبية العليا كالماجستير والدكتوراه لخريجي كليات الطب في جميع التخصصات التي تخدم عمليات زراعة الأعضاء كالتخدير والعناية المركزة والمناعة وغيرها لخلق كوادر طبية مؤهلة من الناحية النظرية والعملية.. وهي أول كلية من نوعها علي مستوي مصر والشرق الأوسط لتأهيل الأطباء في هذا المجال. معدلات عالمية يقول د. محمد الحفناوي مدير مستشفي الساحل ان صدور قانون زرع الأعضاء سوف ينظم هذه العمليات ويقضي علي أي تلاعب أو تجارة نظرا لنصوصه التي تضع قواعد ولوائح وعقوبات مشددة.. كما أن اللجنة العليا لزراعة الأعضاء بوزارة الصحة والتي تشكلت بنص هذا القانون تقوم بفحص طلبات المستشفيات التي ترغب في الترخيص بها بإجراء عمليات الزرع والتي تقوم بها بالفعل منذ سنوات كما هو الحال في مستشفي الساحل. اننا نقوم بزراعة الكبد منذ عام 2007 حيث أجرينا حتي الآن حوالي 75 عملية زرع وصلت نسب النجاح فيه للمعدلات العالمية.. وقد حصلنا علي ترخيص وزارة الصحة منذ أيام بعد زيارة أعضاء اللجنة العليا للمستشفي والتأكد من توافر الاشتراطات الفنية والكوادر الفنية من الأطباء الذين نقوم بتزويدهم بالتدريب المستمر والسفر للخارج لتبادل الخبرات المتقدمة في هذا المجال. عمليات منخفضة التكاليف يشاركه في الرأي د. عصام أنور رئيس قسم الكبد وعضو لجنة زراعة الكبد بمستشفي الساحل بأن مشروع زراعة الأعضاء في مصر يقتصر علي زراعة الكبد والكلي فقط.. ونأمل أن نصل لزراعة باقي أعضاء الجسم بالكامل وان زراعة الكبد في مستشفي الساحل بدأت منذ أكثر من 6 سنوات بدمج الخبرات الموجودة بالمستشفيات الجامعية مع خبرات وزارة الصحة بسبب تزايد أعداد مرضي الفشل الكبدي وأورامه وليس أمام المريض أي فرصة للشفاء دون الزرع. يضيف أن مشروعنا يهدف لإجراء عمليات مخفضة التكاليف لمحدودي الدخل أو بالمجان لمعدومي الدخل حيث أجرينا أكثر من 15 عملية بالمجان. أما باقي الحالات فإن وزارة الصحة تساهم بمبلغ 50 ألف جنيه أو 75 ألف جنيه لمرضي التأمين الصحي.. كما أقامت المستشفي صندوقا لرعاية مرضي الكبد والمساهمة في تكلفة العمليات حيث وصلت التكلفة التي يتحملها المريض لأقل من نصف تكلفة العملية التي تصل حاليا ل 250 ألف جنيه.. ووصلت نسبة نجاح عملية الزرع بالنسبة للمتبرع 100% أما للمرضي وصلت لأكثر من 70%. يؤكد ان المستشفيات الحكومية التي تعمل في مجال الزرع تتوافر بها الرقابة المستمرة الصارمة المنتظمة من قبل وزارة الصحة لان هذه المستشفيات لا تهدف إلي الربح وأن قانون زرع الأعضاء حدد المتبرعين من الأقارب حتي الدرجة الرابعة ليضمن اختفاء شبهة الربح. يضيف أن نصوص القانون الجديد بمواده ال 18 مادة يحدد ويضمن شروط المستشفيات والمراكز التي تقوم بنقل وزرع الأعضاء وأهمها ضرورة أن تكون جميع التخصصات الطبية متكاملة في المكان من معمل وبنك للدم وغرف عمليات وفريقين من الأطباء الأول يقوم بتحضير المريض والمتبرع قبل وبعد العملية والثاني يقوم بالجراحة ولا يقل كل فريق عن 12 طبيبا من جميع التخصصات الطبية. يؤكد كل من د. عاطف عبدالغني ود. شادية عبدالمحسن ود. نرمين صبري بمعامل تحاليل الدم والأنسجة بمستشفي الساحل أن المستشفي مزود بأحدث أجهزة لفحص أنسجة كبد المتبرعين وكشف مدي ملاءمته للزرع من عدمه من حيث نسبة الدهون أو وجود أورام أو التهابات.. وكذا لتحليل كبد المريض بعد إجراء العملية ونزعه منه لتحديد جرعات الأدوية المثبطة للمناعة وتقبل الجسم للعضو المنزرع.. كما لدينا جهاز آلي لتحليل سوائل الجسم للمريض والمتبرع أثناء إجراء العملية وجميع هذه التحاليل تجري إما بالمجان أو بأسعار مخفضة تصل إلي ربع قيمة تكاليف اجرائها بالمعامل الخاصة. أورام سرطانية * سامي رشدي "محاسب": أجريت لي عملية زرع كبد منذ أسبوع وكان المتبرع ابني طالباً جامعياً وذلك بعد معاناة من اصابتي بأورام بالكبد منذ عامين.. والحمد لله وجدت كل الرعاية من الأطباء والتمريض داخل هذا الصرح الحكومي مشيراً إلي أن تكلفة العملية حوالي 250 ألف جنيه وهي تكلفة تصل لنصف القيمة التي تجري بها عمليات الزرع في المراكز الأخري. قال سوف أخرج من العناية المركزة بعد 15 يوما حتي أعود لمنزلي وقد خرج ابني المتبرع وهو بصحة جيدة حاليا ويتردد علي المستشفي لمتابعة العلاج.