تحركات تركية سريعة ومفاجئة على المحور الروسي الإيراني، أرجعها بعض المراقبين إلى الحادث الذي استهدفت فيه غارة جوية قوات تركية في مدينة الباب السورية، حيث سارعت أنقرة إلى اتهام القوات السورية بارتكابه، فيما أرجعها آخرون إلى محاولات للتنسيق بين تركياوإيرانوروسيا في سوريا. وصل صباح أمس السبت، وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، ورئيس جهاز المخابرات التركي، هاكان فيدان، إلى طهران، في زيارة مفاجئة لإجراء مباحثات مع المسؤولين الإيرانيين، ركّزت على القضايا الإقليمية. التقى المسؤولين الأتراك خلال زيارتهما الرئيس الإيراني، حسن روحاني، ووزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، وأجريا مشاورات بشأن العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث قال روحاني خلال محادثاته مع أوغلو: إن استقرار المنطقة يجب أن يكون من أصول التعامل التركي الإيراني، وأضاف أنه إذا وقفت القوى الإقليمية إلى جانب بعضها بعضا، فإن أزمتي العراقوسوريا ستحلان من دون الحاجة لقوى خارجية. ومن جانبه، قال وزير الخارجية التركي، إن لإيران دورا بناءً ومهما في القضايا الدولية وإقرار السلام ومحاربة الإرهاب في المنطقة، معتبرًا أن الحفاظ على أراضي العراقوسوريا ووحدتهما الوطنية يصب في مصلحة إيرانوتركيا، ولفت أوغلو إلى أن تعامل الدول الغربية مع قضايا المنطقة يهدف إلى تحقيق مصالحها فقط. الزيارة المفاجئة تعد الثانية لوزير الخارجية التركي إلى طهران منذ الانقلاب العسكري الفاشل، الذي وقع في تركيا منتصف يوليو الماضي، فيما أجرى وزير الخارجية الإيراني، خلال أشهر زيارتين إلى أنقرة، الأولى في 12 أغسطس، والتقى خلالها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ووزير خارجيته مولود جاويش أوغلو، والثانية كانت زيارة قصيرة في 28 سبتمبر، بعد عودته من نيويورك للمشاركة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. تكثيف المحادثات الروسية التركية بالتزامن مع الزيارة، ينسق أيضا الرئيس أردوغان، شؤون بلاده مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، حيث تلقى الأخير اتصالًا هاتفيًا نظيره التركي، أمس السبت، للمرة الثانية في يومين، وتشاور فيها الطرفان حول الوضع في سوريا. وكان الاتصال الهاتفي الأول، جرى أول أمس الجمعة، بمبادرة من تركيا وخُصص للتشاور بشأن العلاقات بين موسكووأنقرة وكذلك لحل النزاع السوري والحوار الهادف إلى تنسيق الجهود التي تبذل في مكافحة الإرهاب، أوضح مسؤولون أتراك أنه خلال الاتصال الأول، تم بحث مقتل ثلاثة جنود أتراك في سوريا، الخميس الماضي، في قصف نسبته أنقرة إلى النظام السوري الذي تدعمه موسكو. تنسيق عسكري أم إعادة حسابات؟ تكثيف الاتصالات التركية مع روسياوإيران، رأى فيه مراقبون محاولات من أنقرة لتعزيز التنسيق العسكري المتبادل بين الأطراف الثلاثة في سوريا، حتى لا يتكرر حادث الغارة السورية على القوات التركية مرة أخرى، حيث تحاول أنقرة مخاطبة القيادات السورية من خلال داعميها الرئيسيين، روسياوإيران، خاصة مع ورود أنباء تفيد بأن الغارة السورية كانت بمعرفة القيادات الروسية. ويرى آخرون أن تركيا أعادت حساباتها فيما يخص تهديداتها بالرد على حادث مقتل الجنود الأتراك، حيث تعلم أنقرة جيدًا أن القوات الروسية لديها منظومات دفاع جوي صاروخية في سوريا تستطيع إيقاف أي تهديد للقوات السورية هناك، حيث إن منظومات "إس–300″ و"إس–400" الصاروخية المنصوبة في سوريا تستطيع إسقاط أي طائرة تركية تهاجم مواقع القوات السورية، الأمر الذي سيعرقل أي خطط تركية لمهاجمة قوات الجيش السوري. "مدينة الباب خط أحمر".. رسالة سعى الجيش السوري إلى إيصالها للقوات التركية هناك، حيث سبق وحذرت القيادة السورية القوات التركية من اقتحام مدينة الباب الاستراتيجية، ففي 20 أكتوبر الماضي، أرادت أنقرة اختبار رد الفعل الروسي والسوري، وحينها قصفت مقاتلات تركية قرية حساجك الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وأسقطت عدد من المدنيين فيها، وهو ما قابلته القيادة السورية بتحذيرات في حال تكرار الاختراقات، وحملت القيادة السورية أنقرة المسؤولية الكاملة عن التداعيات الخطيرة التي قد تترتب على أمن المنطقة.