أثار استشهاد شيخ الزاهدين سليمان أبو حراز، على يد تنظيم داعش الإرهابي أول أمس حالة من الغضب لدى أهالي وأبناء محافظة شمال سيناء؛ نظرًا لقيمته الدينية والاجتماعية كونه كبير مشايخ الصوفية بسيناء، وكبير عائلة السواركة، وهي أكبر العائلات التي تقطن شبه جزيرة سيناء. الطريقة الوحشية التي قتل بها داعش الشيخ سليمان أبو حراز كان لها أكبر الأثر في حالة الغضب التي شاعت بين الأهالي بسيناء، حيث تمثلت في قطع رقبته بالسيف على جذع شجرة، وعلى إثر ذلك أعلن أبناء قبيلته وعمومته وأهالي سيناء ومحبيه من باقي المحافظات بالقصاص له، متوعدين القتلة من تنظيم داعش الإرهابي بالرد القريب بأنفسهم على مقتل كبير مشايخ سيناء. وكان تنظيم داعش الإرهابي في سيناء قد أعلن، عبر صفحات التواصل الاجتماعي، عن إعدام كاهنين ومع ظهور الصورة تبين أنها لشيخين معتدلين؛ أحدهما للشيخ أبو حراز، الذي اختطف منذ شهور وأطلق سراحه، وتم اختطافه مرة أخرى ليستشهد على يد تنظيم داعش. وبرر داعش قتله للشيخ الضرير المسن، ذي الشعبية الجارفة داخل سيناء وخارجها، وأحد دعاة الدين الإسلامي المعتدل، بأنه ساحر وكافر؛ لأنه يحث الناس على الإكثار من الصلاة على النبي كطريقة للتقرب إلى الله، وهو ما اعتبرته الجماعات الارهابية شركًا، بحجة أن كل سائل لغير الله هو مشرك مستدلين بقول النبي «إذا سألت فاسأل الله» ولا يجب أن تكون هناك واسطة بين العبد وربه إلَّا أن الحاج سليمان أبو حراز يجيز الاستعانة بالأنبياء والأولياء. ويقول الشيخ حسن خلف، كبير مجاهدي سيناء: استشهاد الشيخ سليمان حراز بهذه الطريقة الوحشية أثار غضب الجميع، مؤكدًا أنه لن يمر مرور الكرام، مرددًا في عصبية: «منحطين وكفرة وسفلة» ولن نغفر لهم ما يفعلونه بأبنائنا وشيوخنا. وتابع أن هذا الحادث أثبت خوفهم من رجال الدين المعتدلين الصالحين، فالشيخ سليمان حراز مشهود له بالصلاح والتقوى ويحب الناس ويحثهم دائمًا على فعل الخير، وحياة الزهد التي عاشها كانت أغرب من الخيال، مؤكدًا أن إعدامه على الهواء في هذا المشهد لا يأتي إلا من منحطين وسفلة، حتى يقتلوا مسنًّا هكذا لم يؤذِ أحدًا، مؤكدًا أن الحادث جعل جميع أبناء سيناء يدًا واحدة ضد الإرهاب، ولن ينام الأشراف والمجاهدون في سيناء إلَّا بعد القصاص له، مؤكدًا أنه لا يستبعد أن يتعاون الكثير مع أبناء الجيش للقضاء عليهم والأخذ بالثأر. وقال: أبناء سيناء على أتم الاستعداد لمشاركة القوات المسلحة في القضاء على هؤلاء السفلة القتلة، لافتًا إلى أن «أبناء سيناء شاركوا القوات المسلحة سابقًا في محاربة إسرائيل، فلماذا لا يتم التعاون للقضاء على هؤلاء الإرهابيين والأخذ بالثأر لشيوخهم وأبنائهم». وقال محمد سليمان، أحد المقربين له: كانت طريقة الشيخ سليمان أبو حراز البسيطة في توصيل تعاليم الدين الوسطي سببًا في العداء بينه والجماعات التكفيرية بشمال سيناء، فاختطفوه أكثر من مرة، وتابع أن الدواعش لم يحترموا سنه أو شيبته أو مكانته الاجتماعية والدينية بين أهالي سيناء، مؤكدًا أنها ليست الحادثة الأولى، فكثيرًا ما قتل الإرهابيون أبناء سيناء بحجة تعاونهم مع الجيش والشرطة ضدهم، لكنها الواقعة الأولى التي يقتلون فيها شيخًا مسنًّا ضريرًا في مكانة الشيخ سليمان حراز. واكد أن الشيخ أبو حراز ليس له أتباع مثل المتصوفة، بل هو عابد زاهد عن الدنيا وملذاتها، يزوره أصحاب الحاجات ويطمئنهم، وكانت تزوره أعداد كبيرة يوميًّا باختلاف حاجاتهم، وكل ما كان يفعله لهم قراءة القرآن، والتأكيد على الإكثار من الاستغفار والصلاة على النبي، وله كثير من المواقف التي يعتبرها الصوفية كرامات للشيخ. وقال: الشيخ سليمان أبو حراز كان يجيز الاستعانة بالأنبياء والأولياء في الدعاء إلى الله ليستجيب لدعواتهم، مؤكدًا أن جميع أهالي سيناء ومشايخها يعرفون أن الشيخ أبو حراز تنبأ بهزيمة 67 وانتصار أكتوبر 73 وتنبأ بالعمليات الإرهابية وبالدماء التي ستشهدها سيناء، وانتشار القتل بالطرق الوحشية، وقال إنه سيذهب ضحية هذه الأحداث، وقال ستنتصر إرادة الله على تخطيط المتآمرين، وكان يشدد على أن إسرائيل وأمريكا وراء الفتن، وأن أمريكا تريد تقسيم المنطقة، وإضاعة القدس وحق المسلمين في فلسطين. كان ذلك الشيخ الذي تجاوز عمره ال100 عام يسكن منطقة المزرعة جنوبالعريش بمنزل بسيط يكتفي فيه بتعاليم الدين الوسطى للمواطنين والأهالي، وذاعت شهرته بشكل كبير جدًّا وأصبح له تلاميذ ورواد يأتون من المحافظات كافة، بل ومن البلدان العربية أيضًا، وهو ما أقلق التنظيم الإرهابي من كم الحب والشعبية التي أحاطت بالشيخ العجوز، والتي وصفتها الجماعات الإرهابية بالسحر، وزراد زهده ورفضه أي ترف دنيوي من حيرة الجميع حتى أطلقوا عليه «شيخ الزاهدين».