انتهت الجولة الأهم فى معارك تكسير العظام داخل التنظيم اﻹخوانى اﻹرهابى الأردنى بمصادرة بليون دينار أردنى كانت من أهم الأرصدة الظاهرة والمسجلة باسم أكبر مؤسسة إخوانية تمارس نشاطها تحت غطاء العمل الخيرى وتضم خمسة عشر مركزًا طبيًا وأربعة عشر مركزًا مهنيًا، ومستشفيين فى عمان والعقبة وعددًا من العقارات والوحدات اﻹدارية، ولم تنجح جمعية «اﻹخوان» المرخصة عام 2015 فى الحصول على حكم قضائى يمنحها حقوق الوريث القانونى لاسم التنظيم وأمواله، فبدأت رحلة جديدة للبحث عن ثروات الجماعة التى استحوذ عليها بعض رموز التنظيم وسجلوها بأسمائهم وأسماء آخرين من الأهل والأقارب والمقربين. أصبحت الجماعة الأم فى الأردن مُنحلّة قانونًًا وتكرر فشل التنظيم اﻹخوانى الدولى فى حسم الصراعات الداخلية بين أهم وأقوى رموزه وقياداته التاريخية فى المنطقة العربية، وانتهت الجولة الأولى والأهم فى الصراع على ميراث وثروات التنظيم اﻹخوانى الأردنى بحكم قضائى أصدرته محكمة التمييز، يوم الأربعاء 12 يونيو 2019، ويقضى باعتبار جماعة «الإخوان» المرخصة عام 1946 مُنحلّة بموجب أحكام القانون، وذلك اعتبارًا من تاريخ 16 يونيو 1953، وذلك لعدم قيامها بتوفيق أوضاعها وفقًا لأحكام القانون، وكذلك عدم اعتبار جمعية جماعة الإخوان المرخصة عام 2015 خلفًا قانونيًا للجماعة المنحلة، كون هذه الجماعة قد انحلت وانقضت، ولم يعد لها وجود قانونى منذ عام 1953، حسب نص القرار. وأصدرت جمعية «اﻹخوان» التى تضم فى عضويتها من يعتبرهم التنظيم الدولى منشقين عن الجماعة، بيانا يوم الخميس 13 يونيو، أعلنت فيه أنها تُعبر «عن اعتزازها وثقتها بنزاهة القضاء الأردنى وعدالته، وتعتبر القرارات الصادرة عنه عنوانًا للحقيقة وسيادة القانون»، وقالت الجمعية فى بيانها: إن مجموعة من قيادات جماعة اﻹخوان فى الأردن استشرفت «منذ أعوام طويلة الوضع القانونى للجماعة وما يحيط بها من مخاطر قانونية تستهدف وجودها ودورها، وقد رفضت قيادة الجماعة آنذاك الاستماع لرأى إخوانهم، وتنكروا لطلبهم بضرورة تصويب الوضع القانونى للجماعة، مما دفع هذه القيادات من الإخوان للنهوض بدورهم للحفاظ عليها فتقدمت هذه القيادات الإخوانية بطلب ترخيص وتوفيق لأوضاع الجماعة، حمايةً لها ولأفرادها، وللحفاظ على دورها»، وأضاف البيان : «وقد تبين اليوم وبعد صدور القرار القضائى صحة ودقة موقف الإخوان الذين ذهبوا لتصويب الوضع القانونى للجماعة». وقال البيان: «لم تكن مقرات وممتلكات الجماعة والتى هى ملك لكل الأردنيين سببًا فى تصويب وإعادة تسجيل الجماعة من جديد، فنحن لم نقدم على هذه الخطوة التاريخية من أجل مال ولا مقرات، بل للحفاظ على دعوتنا، وحماية أهدافها وأفكارها ومنهجها .. ومن ثم تسجيل هذه الممتلكات والعقارات باسم مؤسسة رسمية قانونية»، وأوضح البيان: «أن بعض هذه العقارات والممتلكات كان يتم تسجيلها باسم أشخاص، بعضهم قد توفاه الله وذهبت هذه الممتلكات لورثتهم، وبعضهم ما زال على قيد الحياة». وأكد البيان أن جماعة اﻹخوان فى اﻷردن «ليست عابرة للحدود، ولا تأتمر بأمر أى تنظيم خارجي» وذلك فى إشارة إلى تمردهم على قيادات التنظيم اﻹخوانى الدولى وانشقاقهم عن الجماعة الأم، وكشف البيان أن الجمعية ومنذ إعادة التصويب تقدمت بمبادرة «تعالوا إلى كلمة سواء» وتم إرسالها إلى قيادات وأعضاء الجماعة، تدعوهم فيها إلى الانضمام للجماعة المرخصة قانونيا، مع التأكيد على استعدادهم لإجراء انتخابات مبكرة لجميع الأُطر القيادية، إلا أن هذه المبادرة قوبلت بالتنكر والرفض». وجاء قرار محكمة التمييز تأكيدًا لانتفاء شرعية التنظيم اﻹخوانى الأردنى واعتبارها والعدم سواء، بعد نزاع قضائى بين مجموعة من أبرز القيادات التاريخية، يتزعمهم المراقب العام السابق «همام سعيد» ونائب المراقب العام السابق «زكى بنى ارشيد» والقيادى اﻹخوانى سعود أبو محفوظ وآخرون، فى الدعوى القضائية التى أقامتها جمعية الإخوان المسجلة فى عام 2015، والتى طالبت بالأموال المنقولة التى كانت تسيطر عليها الجماعة الأم، وبناء على هذا القرار القضائي؛ تم حسم الخلاف باعتبار جماعة الإخوان فى الأردن مُنحلة ولا وريث لأموالها وممتلكاتها سوى الدولة. بدأت الخلافات الداخلية فى التنظيم اﻹخوانى عام 2008، وظلت نارًا تحت رماد إلى أن ارتفعت أصوات قيادات إخوانية خلال العام 2014، تُعلن عن اكتشاف «التنظيم السري» الداخلى أو «التنظيم الخاص» المُهيمن على قرارات جماعة «الإخوان» ومواردها المالية فى الأردن، وكان فى طليعة هذه الأصوات، عضو مكتب الإرشاد العالمى المراقب العام السابق لجماعة «الإخوان» فى الأردن عبد المجيد ذنيبات، والدكتور شرف محمود القضاة رئيس مجلس علماء المسلمين (مجلس علماء جماعة الإخوان فى الأردن)، وعضو ما يسمى ب«الاتحاد العالمى بعلماء المسلمين (اتحاد القرضاوي)، وخليل عسكر القيادى فى التنظيم الأردنى، وهدد اﻵلاف من أعضاء الجماعة بعصيان تنظيمى يتضمن تعليق بعض أو كل النشاطات التنظيمية الرمزية، وإيقاف التعامل مع المكتب التنفيذى القيادى، وإيقاف دفع الاشتراكات الشهرية، والقيام باعتصام عام فى المركز العام للجماعة، فى حال عدم حل التنظيم السري. ولجأت قيادات إخوانية بارزة إلى وسائل اﻹعلام وأعلنت أنها تتهم القيادات التاريخية فى التنظيم الأردنى ب «الكذب، وشراء الذمم بالمال السياسى من خلال دفع الاشتراكات، والتوظيف فى مؤسسات الجماعة، والمؤسسات التابعة للتنظيم السري». وخرج الدكتور رحيل محمد غرايبة رئيس المكتب السياسى وعضو المكتب التنفيذى لجماعة «الإخوان» فى الأردن، عن قواعد السمع والطاعة، وكتب مقالًا فى صحيفة الدستور الأردنية فى عددها الصادر يوم الخميس 11 سبتمبر 2014 تحت عنوان «عودة إلى الخلاف داخل الإخوان»، كشف فيه عن قيام «التنظيم السرى الداخلي» باستخدام أموال الجماعة «فى دفع الاشتراكات وشراء الذمم وتحصيل الأغلبية» وقال: « وقد جرى ذلك فى أغلب الشُعب، وتم التحقيق فى إحدى الشُعب وثبت ذلك بالاعتراف المكتوب، وهناك أموال تدفع لأبواب أخرى مثل الأقساط الجامعية ومساعدات وقروض، وهناك نوع آخر من استخدام المال عن طريق إنشاء الشركات والمصالح المالية المتنوعة والمتعددة التى تضمن ارتباط بعضهم بمصالح مالية إلى الأبد، وانشاء شبكات اقتصادية متحيزة ومختارة بعناية»، وأوضح الدكتور رحيل غرايبة أن التنظيم السرى يعتمد على» .. نشر الشائعات وإطلاق سيل من الاتهامات، التى مازالت تجرى على ألسنة كبارهم وصغارهم بلا أدنى تحرج تجاه الطرف المخالف، ويتم ممارسة الاغتيال الممنهج والتصفية المعنوية». وكتب القيادى اﻹخوانى الدكتور شرف محمود القضاة مجموعة من الرسائل فى صفحته على «الفيس بوك» منذ بداية سبتمبر 2014، تضمنت هجومًا عنيفًا على الجماعة وتنظيمها السرى وقال فى إحدى رسائله: «كل أمراض المجتمع والأنظمة تقريبا سرت إلى الجماعة، فأصبح التنظيم الداخلى يمارس التشكيك والتشويه للمخالفين، والإقصاء والتهميش لهم، وله فتاواه الخاصة التى تبيح لهم حتى الكذب، وتم شراء الذمم بالمال السياسى وأضاف: «وصارت القرارات تُتخذ قبل الجلسات، وأصبح القضاء محاصصة، (يقصد قضاء المحكمة الداخلية للجماعة) وتم التلاعب به، فأسقط من التهم ما شاء عمن شاء، وصارت العقوبات مزاجية، إلى آخر ما هناك من الفساد الإدارى والمالي»!!! واتهم الدكتور شرف القضاة، قيادات الجماعة بالتستر على الفساد الداخلى والمرض الذى ضرب الجسد الإخوانى، وقال: «أغمض البعض عينيه عن المرض الذى ينخر الجماعة، رغم أنه يطالب بإصلاح المجتمع والنظام» واتهم بعضهم بأنه» تعمد أن يخالف فى السر ما يقوله فى العلن، ومارس التَّقية التنظيمية» وأكد أن هذه هى سياسة التنظيم السرى الذى يستدل على أفعاله بقاعدة: «ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب». وردًا على الرسائل اﻹخوانية الغاضبة التى طالبت بحسم الخلافات، قال د. شرف محمود القضاة: «وهل ترك لنا إخواننا مجالا للتفاهم؟!!» لقد أصبحت معارك تكسير العظام داخل التنظيم اﻹخوانى الأردنى صورة متكررة للصراعات الطاحنة بين صفوف القيادات اﻹخوانية فى مصر والجزائر وليبيا وتونس وتركيا وغيرها من الدول، والأسباب الحقيقية للمعارك، هي: الخلاف على المواقع والمناصب الإدارية، وما تحققه صلاحيات المناصب من ثروات تتدفق على شخصيات بعينها من أبواب التبرعات والاشتراكات والمساهمات والأعمال المُسماة زورًا وبهتانًا بالخيرية والإنسانية والدعوية، وما هى فى حقيقتها إلا تربح من الدين وباسم الدين والدين منهم براء.