لا تختلف الدعوة إلى حل التنظيم العالمى اﻹخوانى عن خدعة «الفصل بين الدعوى والسياسي» فى تونس، أو ادعاء حركة «حماس» وكيانات الجماعة اﻹرهابية فى عدد من الدول العربية بأنها تنتمى ل»اﻹخوان» فكرًا لا تنظيما.. ولا اختلاف بين الدعوة إلى تفكيك «التنظيم الدولي» وبين مخطط العودة إلى العمل السرى وارتداء أقنعة الانشقاق والتوبة، ثم الاندماج فى خلايا عنقودية نائمة فى مصر!! وليس جديدًا الادعاء بأن الجماعة قررت تفكيك التنظيم الدولى أو الادعاء بأن التنظيمات اﻹخوانية فى العديد من الدول لا صلة لها بالقيادة العامة (مكتب اﻹرشاد العالمي) فى مصر، وقد تكررت التصريحات اﻹخوانية الخادعة التى تعلن أنه لا وجود لما يُسمى ب»التنظيم الدولي»، ثم تفضح الجماعة نفسها بمعاركها الداخلية، وتخرج القيادات وتعترف صراحة بأنه يوجد هرم قيادى إخوانى دولى يتصدر قمته «مكتب اﻹرشاد العالمي» ويضم فى هيئاته ما يُسمى ب»مجلس الشورى العالمي»، وتُعلن الجماعة عن إقالات واستقالات وتعيينات فى مناصب قيادية دولية داخل التنظيم اﻹخواني. فى أكتوبر من العام 2009، نفى القيادى اﻹخوانى اﻹرهابى «يوسف ندا»، وجود تنظيم دولى ل»الاخوان»، وقال فى مقابلة مع تليفزيون «بى بى سى العربي»، فى برنامج « فى الصميم» إن «الاخوان» يحترمون الالتزامات الدولية، ووصف هذا التنظيم بأنه « شائعة صدقها الكثير من الاخوان»، وزعم أن» الاخوان فى كل مكان فى العالم يلتقون وفى كل مكان يتبادلون خبراتهم وآراءهم وهذا ليس معناه «تنظيم عالمي»، وأشار إلى أن «التنظيم العالمي» يتنافى مع مفهوم الدولة التى لا تقبل أن يأخذ رعاياها تعليمات من « دولة أخرى أو فصيل فى دولة أخرى»، زاعمًا التزام الإخوان بولائهم للدولة، كما نفى وجود مكتب إرشاد عالمي، وقال: «يوجد مكتب واحد للإرشاد، وفى كل دولة مراقب عام ومجموعة من الإخوان تدير شؤونها لكن لا علاقة لها بمكتب الإرشاد». وقبل أن ينتهى العام 2009، استخدم المرشد العام لجماعة «اﻹخوان» اﻹرهابية «محمد مهدى عاكف» اسم «التنظيم العالمي» فى رده على تصريحات الدكتور محمد السيد حبيب النائب الأول للمرشد العام، والذى أعلن فى نهاية ديسمبر من العام 2009 أنه قدم استقالته من جميع مواقعه التنظيمية التى تتضمن «النائب الأول للمرشد العام، وعضوية مكتب الإرشاد العالمي، وعضوية مجلس الشورى العالمي»، وقال عاكف لصحيفة «المصرى اليوم»: «الدكتور محمد حبيب أخ وصديق ونُكن له جميعًا كل تقدير واحترام، لكن استقالته لم تعرض علىّ إلى الآن وعمومًا فهذه الاستقالة ليس لها أى تأثير فالإخوان ليسوا مرشدًا أو نائبًا بل مؤسسات وتنظيم عالمي». وتم استخدام صفة «عضو مكتب الإرشاد العالمي» فى حديث عدد من القيادات أمام وسائل اﻹعلام ومنهم: كمال الهلباوى المتحدث السابق باسم «التنظيم العالمى للإخوان» فى الغرب، وكذلك القيادى اﻹخوانى التونسى راشد الغنوشى، وعبد المجيد ذنيبات المراقب العام السابق لجماعة الإخوان فى الأردن، وحسن هويدى المراقب العام السابق لجماعة اﻹخوان فى سوريا، والأخير ظل نائبا للمرشد العام فى مكتب اﻹرشاد العالمى خلال عهود المرشدين السابقين: «حامد أبو النصر» و»مصطفى مشهور» و»محمد المأمون الهضيبي»، ومحمد مهدى عاكف، واستمر «هويدي» فى منصبه بمكتب اﻹرشاد العالمى إلى أن توفى فى مارس من العام 2009م. نشأ «التنظيم العالمي» فى بدايته ك»مكتب» أو مجلس تنفيذى لجماعة الإخوان يضم فى عضويته أفرع الجماعة وكياناتها فى الدول العربية والأجنبية فى عهد المرشد المؤسس حسن البنا، وتوقف نشاط المكتب فى مناورة وخدعة اختفاء، بعد صدور قرار بحل الجماعة فى مصر عام 1954، لكنه استمر فى العمل السرى بقيادة الجيل الأول من العناصر اﻹخوانية المصرية الهاربة فى الخارج، وعقد المكتب التنفيذى اجتماعات متكررة فى بيروت وعمان وإسطنبول وعدد من الدول الأوروبية. و مع نهاية سنوات حكم الرئيس الراحل أنور السادات هربت قيادات التنظيم اﻹخوانى من قرارات التحفظ التى أصدرها السادات فى سبتمبر من العام 1981، وبدأ القيادى اﻹخوانى مصطفى مشهور فى تنظيم صفوف الجماعة وكياناتها فى عدد من الأقطار العربية، وتأسس التنظيم الدولى من جديد، وتم اﻹعلان عن لائحة التنظيم العالمى التى تحدد نسبة تمثيل الكيانات اﻹخوانية غير المصرية فى مكتب اﻹرشاد العالمى ومجلس الشورى العالمى، وتم التوافق على أن تكون الغالبية والقيادة للتنظيم المصرى، ومن ثم سيطرت قيادات التنظيم المصرى على حصيلة اشتراكات العضوية والتبرعات المتدفقة من كافة الكيانات المنتشرة فى العديد من الدول باستثناء «حماس» فى فلسطين والتنظيم اﻹخوانى فى الصومال وعدد من الكيانات الفقيرة التى كان يتم التسول والتربح باحتياجاتها. ضربت الخلافات الداخلية كيان التنظيم العالمى بعد انفصال إخوان سوريا وتمسكهم بالعمل المسلح فى مواجهة مؤسسات الدولة، وزادت الجراح بانقسام التنظيم اﻹخوانى السودانى وخروج حسن الترابى عن الجماعة، وانسحاب إخوان الكويت منه بعد حرب الخليج، وانشقاق إخوان الجزائر وتمردهم على قرارات القيادة اﻹخوانية المصرية، ولم تجد كيانات إخوانية فى عدد من الدول مفرًا من ادعاء انفصالها عن التنظيم العالمى حتى تحصل على اعتراف قانونى يسمح لها بالعمل السياسي. اقترب التنظيم العالمى من مشروع الخلافة اﻹخوانية المزعومة، بوصول جماعته إلى الحكم فى مصر، بعد أحداث يناير من العام 2011، وامتطاء الكيانات اﻹخوانية لما يسمى ب«الثورات» فى دول الربيع العربى، وجاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، وأطاحت رياح ثورة الثلاثين من يونيو 2013 بحكم الجماعة اﻹرهابية، وظن التنظيم العالمى أنه يستطيع بمخططاته الإجرامية أن يعود بالجماعة إلى حكم البلاد والعباد، وظل التنظيم اﻹخوانى على مدار ست سنوات يلهث خلف سراب العودة إلى العرش.. ولكن فجأة توقف الجميع أمام قرار مرتقب من اﻹدارة الأمريكية باعتبار جماعة «اﻹخوان» تنظيمًا إرهابيًا، والخطر الأول الذى يُهدد قيادات التنظيم المصرى بصفة خاصة من مثل هذا القرار هو التحفظ على أموالهم وضياع استثماراتها المنتشرة فى العديد من دول العالم، وتوقف اشتراكات العضوية وكنوز التبرعات التى تتدفق على خزائن أصحاب القرار المتربحين من التنظيم اﻹخواني. وجاء طوق النجاة بالدعوة إلى حل التنظيم العالمى، وهى الفكرة التى أطلقها القيادى اﻹخوانى السابق إبراهيم الزعفراني، خلال الأسبوع الأول من مايو 2019، ووجد فيها الكثيرون فرصة سانحة للقفز من سفينة التنظيم اﻹخوانى المصرى الغارقة، بينما يرى أصحاب القرار اﻹخوانى أنها الخدعة المناسبة لإنقاذ ثرواتهم وممتلكاتهم، ولا مانع لديهم من اﻹعلان عن حل التنظيم العالمى أو اﻹعلان عن انسحاب الكيانات اﻹخوانية من هذا التنظيم وتغيير الأسماء والمسميات، ونقل الأموال والممتلكات صوريًا إلى شخصيات لا صلة لها بجماعة «اﻹخوان» اﻹرهابية. فهل يفعلها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ويكتب شهادة وفاة التنظيم العالمى اﻹخوانى اﻹرهابي؟!