إرتبطت أعياد قدماء المصريين بالظواهر الفلكية وعلاقاتها بالطبيعة ومظاهر الحياة المختلفة، ولذلك إحتفلوا بعيد الربيع، حيث أطلقوا على ذلك العيد إسم عيد (شموش) الذي يشير إلى بعث الحياة وتحول في العصر القبطى إلى إسم (شم) ثم أضيفت إليه كلمة النسيم نسبة إلى نسمة الربيع الجميلة التي تعم على أراضي المحروسة في ذلك الوقت من السنة. هذا ما أكدته الدكتورة لمياء لطفى الاستاذ المساعد بالإقتصاد المنزلى بجامعة كفر الشيخ و خبيرة التغذية . حيث اوضحت انه تطبيقاً لنظرية إعرف عدوك أولاً، يجب ان يعلم الاشخاص ان الاسماك المملحة بها بكتيريا تسبب مرض الشلل الرخو، بكتيريا Clostridium botulinum والتي إذا تعرض لها الفسيخ أفرزت فيه توكسين شديد الخطورة يبدأ بسلسلة من الأعراض البسيطة المتعارف عليها ما بين 12- 48 ساعة مثل الغثيان، القيء، تعب شديد، دوار في الرأس، صداع، جفاف الجلد والفم والحنجرة ثم ينتهي المسلسل بشلل في العضلات ثم الجهاز التنفسي ثم القلب ثم الوفاة في حوالي 65% من حالات الإصابة. واضافت " لطفى " انه عند تعرض الشخص للإصابة ببكتيريا الكلوستريديوم نتيجة إستهلاك الفسيخ أو الأسماك المملحة يجب علاجه بإستخدام المصل المضاد بسرعة بقدر الإمكان وإن كان هذا غير فعال بدرجة كبيرة، موضحة ان من أكثر أنواع الأغذية تعرضاً للإصابة ببكتيريا هذا التسمم اللحوم المحفوظة والأسماك والأغذية المتعادلة بصفة عامة. وأشارت " لطفى " الى ان المصريون اعتادوا على تناول الأسماك المملحة وأولها الرنجة المدخنة يليها السردين المملح ويليها الملوحة وأخيراً الفسيخ، مشددة على تجنب الاكثار من تناول هذه الاسماك و التقليل بشدة من تناول اسماك الفسيخ لأنه بعد إصطياده يترك ليعفن فى الشمس لمدة ثلاث أيام ،مما يجعله خطير لأنه يحتوى على الميكروبات التي تسبب التسمم كما سبق ذكره . وأوصت "لطفى ان " الاشخاص اللذين يناولون هذه الاسماك بنقع الفسيخ فى خل وليمون وبصل من الليل لإزالة الميكروب ولكسر حدة الملوحة ، فضلا الى تناول المشروبات التي تساعد على سرعة الهضم مثل " الينسون والتمر هندي وعصير الليمون والبرتقال " حيث تحسن حركة الجهاز الهضمى وتقلل الإحساس بالعطش كما تقلل من تركيز الأملاح وتزيد من حامضية الوسط فتجعله غير مناسب لنمو البكتيريا ولا ينصح بشرب المياه الغازية أو المياه العادية. وعن التعرف على الانواع الجيدة لهذه الاسماك قالت لطفى " بالنسبة للتسويق، فإن البيع فى موسم شم النسيم يكون عشرة أضعاف أيام السنة والسمك المستخدم فى صنع الرنجة هو سمك (الهرنج الهولندي)، وهو النوع الوحيد المستخدم فى صنع الرنجة، ومن مميزات هذه السمكة أنها ذات لون ذهبي وبدون قشور وتحتوي على نسبة دسم عالية، ويوجد فيها بطارخ بكثرة ويتم صنع الرنجة بالتمليح والتدخين، لذلك لا يتم إستعمال مواد حافظة أثناء التصنيع، ويتم التدخين بإستخدام نشارة خشب الموالح وخشب الزان وهى مواد غير ضارة على الإطلاق. واضافت "لطفى " ان جميع شعوب العالم تتناول مأكولات محببة خاصة بها متفردة ومتنوعة في أعيادها القومية والدينية، وبرغم أنه لا يجب حرمان الناس من هذه المأكولات بدعوى أنها ضارة، إلا أنه يجب الإلتزام بإحتياطات الأمن والسلامة التي تجعل من هذه المناسبات ذكريات سارة ،لافته بوجود حالات مرضية التى ينصح بإمتناعها عن تناول الأسماك المملحة من الرنجة والفسيخ وغيرها مثل مرضى الفشل الكبدي ومرضى إرتفاع الضغط ومرضى هبوط القلب ، كما تشمل القائمة أيضاً بعض حالات الحساسية وتورم القدمين، ويرجع هذا إلى زيادة نسبة الملح (كلوريد الصوديوم) فى هذه الأغذية، مما يسبب ضرراً كبيراً لهؤلاء المرضى خاصة فى حالة مرضى الكبد وبالذات أن الأسماك تحتوى على بروتين وهو يساعد فى حدوث الغيبوبة الكبدية لإرتفاع نسبة الأمونيا فى الدم بعد تناول هذه الأغذية، ولكنه مقصور فقط على مرضى الفشل الكبدى، ولا يمتد إلى أمراض الكبد المتكافئة، ففى حالة الإصابة بفيروس (سى) على سبيل المثال يستطيع المريض أن يتناول ما يشاء من الأطعمة، إذا كانت حالة الكبد متكافئة وحالته العامة مستقرة ولا يعانى غيبوبة كبدية متكررة أو إستسقاء فى البطن. من المهم التأكد من شراء الفسيخ من مصادر آمنة ونظيفة وأن تكون عمليات التمليح قد تمت فى براميل خشبية وليس فى صفائح مغلقة، حتى لا تتوافر البيئة اللاهوائية والتى تساعد على تكاثر ميكروب الكولستريديوم الذى يؤدي للتلوث الغذائى لطعام الانسان. أما بالنسبة لعملية تصنيع الفسيخ، فعادة ما يتم عمل التفسيخ أولاً لأسماك البورى لمدة 2-3 أيام. ثم توضع الأسماك فى براميل خشبية أو صفائح مغلقة، وهنا يجب أن تغمر الأسماك تماماً في الملح مع عدم ترك أى فراغ يمكن أن يساعد على نمو الفطريات وحدوث التعفن للأسماك. ويلاحظ أن الملح يقوم بسحب السوائل من الأسماك فى بداية عملية التمليح ومن ثم يتكون محلول ملحى يغمر الأسماك ويساعد على تمليحها. حيث أن إستخدام الصفائح فى هذه العملية يكون أكاسيد الحديد السامة. وعلى النقيض عند إستخدام البراميل الخشبية لا يحدث الصدأ. المشكلة الأخرى أن المنتجين يستخدمون المحلول الملحي الموجود بالبراميل للتخليل مرة أخرى وهذا قد يساعد على التعفن، لأن المحلول القديم يحتوى على دهون من الأسماك السابقة تساعد فى هذه العملية. واوضحت "لطفى "انه يجب التعرف على المواصفات الجيدة للأسماك المالحة، ففي الفسيخ الجيد تكون السمكة غير منتفخة ولا تنبعث منها رائحة تعفن وغير مهترئة ولا توجد عليها بقع أو بروز الأحشاء من فتحة الشرج وليس بها جفاف نتيجة لزيادة الملوحة و لونها وردي ولا تنبعث منها رائحة غير طبيعية. أما الرنجة الجيدة فلونها ذهبى وغير مهترئة وغير منتفخة ولحمها غير متقطع، بل متماسكة وتفضل التي بها بطارخ كبيرة. أما الملوحة فتكون الأسماك متماسكة وليس بها أى تهرؤ ولونها وردي وغير منتفخة وليس لها رائحة غير طبيعية.