يأتى العمل الإرهابى المروع الذى قام به إرهابى استرالى متطرف وقتل خلاله 49 من المصلين داخل مسجدين بنيوزيلندا أثناء أداء المسلمين لصلاة الجمعة ليثبت للعالم أجمع مسئولية قادة وأحزاب ومتطرفى أمريكا والغرب وغيرهم معاداتهم للإسلام والمسلمين، وذلك بعد تنامى موجات العداء والكراهية ضدهم بسبب الأفكار والخطابات التحريضية المتواصلة ضد المهاجرين واللاجئين المقيمين فى تلك البلدان، والذين يعانون ليل نهار من هبات ومظاهر وأشكال العنصرية التى يواجهونها فى حياتهم اليومية، والتى تصل إلى حد القتل المتعمد على هذا النحو المروع الذى ينتشر الآن فى بلاد الغرب، وللأسف يحدث ذلك على مرأى ومسمع قادة وسلطات ومؤسسات تلك الدول بدافع ما يسمى ب )الإسلام فوبيا( هذا المصطلح العدائى المستحدث الذى يعنى الخوف والكراهية الموجهة ضد الإسلام كقوة دينية سياسية اجتماعية أى التحامل والتمييز ضد المسلمين، وبخاصة فى أمريكا وبلاد الغرب، ومما يثبت مؤخرا مسئولية قادة ومفكرى وسياسيى تلك البلدان عن تلك الحوادث النكراء ضد العرب والمسلمين هى جريمة نيوزيلندا المروعة التى وقعت يوم الجمعة الماضية عندما قام الإرهابى الاسترالى )برينتون تارانت( بالهجوم المسلح على مصلى المسجدين، ثم نشره على الإنترنت مانفستو مكونًا من 73 صفحة تحت عنوان الاستبدال الكبير والذى برر خلاله هدفه ومنه أنه أراد قتل المسلمين منطلقًا من أيديولوجية عنصرية تدعى الدفاع عن الجنس الأبيض والمستوحى من كتاب يحمل نفس الاسم للكاتب الفرنسى )رونو كامى( بشأن اختفاء الشعوب الأوربية البيضاء واستبدالها بشعوب أخرى غير أوربية مهاجرة، إضافة إلى تأثره وتأثر مثل تلك العقليات المتطرفة بالكثير من تصريحات قادة الغرب المتواصلة ضد العرب والمسلمين، وعلى رأسهم قادة أمريكا وآخرها تصريحات وعقوبات واتهامات الرئيس الأمريكى ترامب وإدارته ضد البلدان الإسلامية، ناهيك عن ايديولوجيات الإعلام الغربى الأمريكى العدائى والتحريضى مع نظريات الأحزاب اليمينية المتطرفة فى أوربا وأمريكا ضد الهجرة والمسلمين وأزماتهم ورفع رايات العداء والكراهية ضدهم وإستباحة دمائهم والعمل على طردهم. وبهذا فما جرى بنيوزيلندا لا يمكن النظر إليه بأنه عمل إجرامى فردى فقط بل هو ضرب من ضروب الخلايا المتطرفة والحاقدة التى ملأت سماوات الغرب وأمريكا والمرشحة وفقًا للواقع المعيشى الآن إلى الازدياد خلال الأيام المقبلة، والتى مع تكرارها وعدم التصدى الجاد لها من الغرب سوف يفقد العالم أمنه وسلامته، وبالتسبب فى مزيد من إراقة الدماء الزكية المسالمة لتشكل وصمة عار فى جبين الإنسانية خلال ألفيتها الثالثة، فمن يا ترى المسئول عن تلك الجرائم الإرهابية الخسيسة وعما تخبئه الأيام المقبلة تجاه الطيور المهاجرة نتيجة موجات العداء؟! فبرغم ما يحدث من جرائم يومية ضد العرب والمسلمين والمهاجرين، فإن الغرب لا يزال غير صادق فى القيام بالدور المنوط به على غرار اهتماماته وقراراته المرضية وعقوباته ضد معاداة السامية، فمن قوانين أمريكا وقانون ترامب الأخير إلى قوانين الاتحاد الأوربى المتواصلة بخصوص السامية وآخرها قانون وزراء الداخلية بدول الاتحاد الأوربى وقراراته الصارمة لتحذير العرب والمسلمين دون غيرهم من معاداة السامية، ومع اهتمام هؤلاء بالسامية إلى هذا الحد المبالغ فيه وفق مصالحهم، فإنهم لا يفعلون الشىء نفسه تجاه الإسلام وتجاه حماية الجاليات العربية المسلمة التى تعيش فى بلدانهم، ولا يتخذون الخطوات الصارمة لوقف هذا العداء المتواصل ضد العرب والمسلمين، فأين هم من جرائم الاحتلال الإسرائيلى الشنيعة والمتواصلة ضد الشعب الفلسطيني؟ أين هم من جرائم الإبادة ضد مسلمى الروهنجيا فى ميانمار، ومسلمى الصين؟ أين هم من الجرائم اليومية التى يتعرض لها أبناء الجاليات العربية والإسلامية المسالمة فى أمريكا والغرب؟ مما يثبت وبما لاشك فيه معاداة تلك الدول للإسلام والمسلمين الأمر الذى يزيد الفجوة بين الشرق والغرب بعد ذكريات وآفات وجرائم الاستعمار، وما من شأنه أن يزيد من فجوة الحقد والبغضاء وإسالة الدماء ومن ثم صراع الحضارات ونشوب حرب كونية العالم فى غنى عنها. ومع ازدياد هذا العداء وسط تنامى ظاهرة )الإسلام فوبيا( فما زالت بلداننا العربية والإسلامية غير قادرة على توحيد طاقاتها وصلب اهتماماتها لتفضح جرائم الغرب المتشدق مع أمريكا بقضايا حقوق الإنسان وتشجيع ظاهرة )الإسلام فوبيا(، والتصدى الحقيقى من جانب بلداننا لمواجهة دعاة التطرف والحقد فى تلك البلدان عبر الإعلام وعبر المحافل الدولية، لان التطرف اليمينى فى كل أحواله وبكل مظاهره الإجرامية ما هو إلا تطبيق لرؤى ذهنية قبل أن يكون رصاصات غادرة تطال الأبرياء والمسالمين من أبناء شعوبنا على هذا النحو الحزين والمشين فى وجه الإنسانية.