نشبت مؤخرًا حالة جدل حول فكرة المصالحة مع جماعة «الإخوان» أو مع المتعاطفين معها، وهى فكرة تظهر ثم تخبو ما بين الحين والآخر منذ إسقاط الشعب المصرى لحكم المرشد وتابعه مرسى فى ثورة 30 يونيو 2013م. وقد طرح السيناريست الكبير وحيد حامد رؤيته حيال الفكرة بضرورة قطع سبل أى حوار مع تلك الجماعة الإرهابية، وهى رؤية لا نخالفها، ولكنه قال فى هذا السياق أنه لا يثق فى من يقولون إنهم انشقوا عن «الإخوان»، مضيفًا أن الكاتب والمحامى ثروت الخرباوى ما زال دمه إخوانيًا رغم انشقاقه عنهم! وكلام حامد ربما يكون فى مجمله صحيحًا، ولكن حالة ثروت الخرباوى مختلفةً تمامًا عن غيره إذ يمكن وصفه ب«كاشف الغطاء الإخوانى»، فلولا هذا الرجل ما عرف المصريون البنية الفكرية والتنظيمية لجماعة «الإخوان»، والتى يصر دائمًا على عدم إلحاق كلمة «المسلمين» بها، لأن الدين الحنيف برىء من ممارسات جماعة إرهابية.. عميلة للغرب تتخذ من الإسلام ستارًا بالوصول إلى سدة الحكم! وقد كان أحمد السكرى.. أحد مؤسسى جماعة «الإخوان» مع حسن البنا 1928م.. هو صاحب أول قنبلة تفجرت فى وجه الجماعة منتصف ثلاثينيات القرن العشرين بسلسلة مقالات (رسائل) ضد البنا وديكتاتوريته على صفحات جريدة «صوت الأمة»، وذلك بعد فُصله من الجماعة إثر رفضه ممارسات صهر البنا «عبد الحكيم عابدين» اللا أخلاقية تجاه نساء الجماعة، واستمرت حالة الخروج من الجماعة على مدار السنوات -على استحياء- إثر ثورة 23 يوليو المجيدة 1952م، ومن أبرز الخارجين كان الشيخ محمد الغزالى الذى اتهم المرشد الثانى للجماعة «حسن الهضيبى» صراحة ب«الماسونية». وتلا ذلك خروجات من آخرين مثل أبو العلا ماضى.. مؤسس حزب الوسط.. وغيره. غير أن خروج ثروت الخرباوى من «المعبد الإخوانى»، كان خروجًا منهجيًا.. من الناحية الفكرية والتنظيمية.. وهو ما وصفه فى كتابه الأول «قلب الإخوان»، والذى يحكى فيه تجربته مع الجماعة منذ انضمامه لها عام 1978م حتى عام خروجه منها 2002م ب«إرادته الحرة» وبعد سنوات من التفكير والمتابعة والمعاناة، كاشفًا عن منهج الجماعة باعتبار: «التفكير.. خطيئة»، والاختلاف ممنوع، وضرورة تسليم عقلك عن رضى للجماعة.. وإلا خرجت من جنتها! وقد تنّى الخرباوى تجربته فى فضح «الإخوان» بكتابه المهم «سر المعبد»، وفيه كشف بوضوح علاقة الجماعة بالماسونية العالمية، واستخدام نفس تكتيكاتها وحتى ممارساتها، فضلًا عن الارتباط بأجهزة مخابرات عالمية.. لا سيما الإنجليزية.. والتى كانت وراء تمويل البنا ودعوته الإخوانية منذ النشأة؟!