رمال مصر لها قدسية خاصة عند المصريين،ولعلنا الشعب الوحيد بين شعوب العالم الذي يتحدث بإستفاضة عن رمال الوطن وقدسيتها،فالعاطفة وحب الوطن أمر متأصل في الشخصية المصرية،لذلك كنا ولازلنا أكثر الشعوب ترديدا للأغاني الوطنية التي تلهب المشاعر. ورمال مصر تنافس التاريخ أيهما اقدم،وأيهما وجد قبل الآخر.إرتوت علي مر العصور بدماء جنود مصر وهم يدافعون عنها ضد المغتصبين وأعداء الإنسانية. وتوقفت سجلات التاريخ كثيرا أمام رمال مصر،وإحتضانها للعديد من قصص البطولات والتضحيات التي قام بها المصريون. ورمال مصر كنز لم يستغل بعد.. فتلك الرمال التي مشي عليها الأنبياء والرسل،وقامت عليها أعظم حضارة عرفتها الإنسانية مازالت قادرة علي إبهارنا بما تحويه بين ذراتها من كنوز. قديما إستخرج منها الفراعنة المعادن والأحجار،وعبروا فوقها متجهين الي الشرق والغرب،واليوم مازالت قادرة علي امدادنا بالخير الوفير. الرمال المصرية ليست مجرد تكوينات جيولوجية، فهي تحمل بين ذراتها ما خبأه التاريخ من أحداث، ولو قدر لرمال مصر ان تنطق لحكت لنا الكثير،وكشفت لنا عن العديد من الأسرار. وتكاد تكون مصر بحرا كبيرا من الرمال، فأكثر من 90بالمائة من مساحة مصر مكسوة بالرمال التي تضفي عليها لونا ذهبيا فريدا. ولقد تعددت الدراسات والأبحاث حول كيفية الإستفادة الإقتصادية من الكنوز العديدة التي تحتويها رمال مصر. ولدينا من الخبراء في هذا المجال قامات عديدة يحتفي بها العالم أجمع. وحديثي اليوم يدور حول كيفية إستفادة القطاع السياحي من رمال مصر سواء في سيناء أو في الصحراء الغربية. وأرض مصر غنية بأنواع الرمال المختلفة،ومنها الرمال السوداء التي تعالج بعض الأمراض العصبية والروماتيزم،وبعض أمراض العظام.وهذا بكل تأكيد نمط من أنماط التنوع السياحي الواجب علينا تنميته بكل سرعة. ولكني أود أن أسلط الضوء حول أمر آخر شديد الأهمية كونه يعد مزيجا بين صناعة التعدين والثروة المعدنية وبين السياحة. بعض منا يعلم بالطبع أن مصر غنية بالرمال البيضاء والتي تعد وبحق كنز من كنوز مصر التي لم تستغل بعد. فتلك الرمال البيضاء تدخل في العديد من الصناعات الحديثة كصناعة الزجاج والخزف والسيراميك،وليس معقولا أن نقوم بتصدير تلك الرمال باسعار زهيدة ثم نقوم بإستيرادها مرة أخري بعد تصنيعها بأسعار عالية.وتعد منطقة أبوزنيمة بجنوب سيناء من أكثر المناطق التي تحتوي علي أجود انواع الرمال الصالحة للاستخدام الصناعي.. أما الحديث عن الرمال السوداء فهو حديث مملوء بالأسي والألم خاصة إذا ما عرفنا القيمة الاقتصادية لتلك الرمال السوداء. تحتوي تلك الرمال علي نسبة بسيطة من المعادن المشعة التي تفيد في علاج كثير من الامراض الجلدية والعظام،بالإضافة إلي إحتوائها علي بعض العناصر المفيدة لجهاز المناعة، وهي تدخل في صناعات عديدة مثل السيراميك والبورسلين والبويات والصواريخ والخلايا الشمسية وعدة إستخدامات طبية. كان لابد لي من سرد بعض الحقائق العلمية حتي يفهم القاريء الأهمية القصوي لرمالنا. ولكن ما الذي يمكن فعله للإستفادة من تلك الرمال في القطاع السياحي؟ أولا:من المعلوم أن المناطق الصناعية الكبري تجذب العديد من رجال الأعمال والمستثمرين الأجانب، بالإضافة الي الصحفيين والإعلاميين من مختلف دول العالم،وهذا لن يتحقق إلا إذا صممنا علي إنشاء مجتمعات صناعية عملاقة لإستخلاص المعادن من الرمال. الأمر الثاني:حركة الرواج الصناعي تجذب العديد من المهتمين بتلك الصناعات، لإجراء البحوث والدراسات ومنهم من يمكث شهورا طويلة حتي ينتهي من دراساته. خبراء و مستثمرين وعمال وعائلاتهم و إعلاميون و متابعين و أصدقاء،قوة شرائية كبري تستطيع تلك المجتمعات الجديدة بثها في القطاع السياحي. ولعل أكبر مثال علي ذلك هو مشروع الجلالة الذي يحتوي علي المصانع وبالقرب منها المنتجعات السياحية.ويحسب هذا المشروع الكبير للقيادة السياسية ورؤيتها الثاقبة.
ولابد من التفكير بجدية في إقامة منتجعات علاجية عملاقة لإستضافة كل من يريد التداوي بالرمال أو العيون الكبريتية المتوفرة بكثرة في كافة أنحاء البلاد والأهم أن تعمل الآلة التسويقية بكل جهد وإصرار علي أن تصبح هذه المنتجعات ذات سمعة عالمية،تجذب العميل أينما كان،خاصة كبار السن. . قلنا في مقالات سابقة بأن المسوق الجيد لا يستهين بأية فرصة لجذب السائح حتي لو كانت ضئيلة،والدول التي تصر علي وضع نفسها علي قمة هرم التدفق السياحي تعمل علي تشجيع الابتكار في التسويق.
كل مجتمع صناعي يستتبعه بناء فنادق قريبة ومدن حديثة تصلح لإقامة الأجانب ممن سيعملون بتلك المصانع.والمئات ان لم يكن الآلاف من الخبراء الاجانب يفضلون الاقامة الكاملة مع عائلاتهم،وهذا المناخ الاستثماري يوفر لمصر السمعة الجيدة في الخارج.
مازالت الجهود المبذولة في التسويق للسياحة العلاجية لا ترتقي الي المستوي المطلوب،فهي مجرد محاولات تكاد تكون فردية رغم إمكانية تحويل هذا الأمر الي طاقة إقتصادية كبري. . ما تملكه مصر من مقومات السياحة العلاجية (من رمال وعيون)يمكن أن يرفع من معدلات التدفق السياحي..
وعندما نتحدث عن ضرورة إقامة مجتمعات جديدة لخدمة السياحة العلاجية لا يجب ألا ننسي أن عندنا في سفاجا علي ساحل البحر الأحمر رمال سوداء نالت شهرة لا بأس بها، كذلك في واحة سيوة، وفي الفرافرة وعيون موسي.
المهم أن نتحرك سريعا لأن هناك دولا مثل(تونس والأردن) سبقتنا بمراحل عديدة في قطاع السياحة العلاجية.
يقيني لا يتزحزح بان القيادة السياسية قادرة علي وضع مصر في موقعها الذي تستحقه علي خارطة السياحة العالمية حفظ الله مصر جيشا وشعبا