الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    بالمخالفة للدستور…حكومة الانقلاب تقترض 59 مليار دولار في العام المالي الجديد بزيادة 33%    مساعدات ب 3,6 مليار جنيه.. التضامن تستعرض أبرز جهودها في سيناء    غدا، بدء تطبيق غلق محلات الجيزة بالتوقيت الصيفي    البنتاجون يدعو إلى تحقيق شامل حول المقابر الجماعية في غزة    «القاهرة الإخبارية»: دخول 38 مصابا من غزة إلى معبر رفح لتلقي العلاج    رغم ضغوط الاتحاد الأوروبي.. اليونان لن ترسل أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا    بيان مهم للقوات المسلحة المغربية بشأن مركب هجرة غير شرعية    علي فرج يتأهل إلى نهائي بطولة الجونة للإسكواش    ب 3 ذهبيات، منتخب الجودو يحصد كأس الكاتا بالبطولة الأفريقية في القاهرة    «ترشيدًا للكهرباء».. خطاب من وزارة الشباب ل اتحاد الكرة بشأن مباريات الدوري الممتاز    موقف ثلاثي بايرن ميونخ من مواجهة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا    المشدد 15 سنة لعامل قتل عاطلا داخل مقهى بسبب الخلاف على ثمن المشروبات    القبض على شخص عذب شاب معاق ذهنيا في ميت عنتر طلخا بالدقهلية    بالأسماء.. مصرع وإصابة 9 أشخاص في انقلاب ميكروباص بالدقهلية    رضا البحراوي: عندي 8 عيال آخرهم ريان والعزوة أهم حاجة في حياتي (فيديو)    جمال شقرة: سيناء مستهدفة منذ 7 آلاف سنة وبوابة كل الغزوات عبر التاريخ    أحمد عبد الوهاب يستعرض كواليس دوره في مسلسل الحشاشين مع منى الشاذلى غداً    عبد العزيز مخيون عن صلاح السعدني بعد رحيله : «أخلاقه كانت نادرة الوجود»    محمد الباز: لا أقبل بتوجيه الشتائم للصحفيين أثناء جنازات المشاهير    دعاء قبل صلاة الفجر يوم الجمعة.. اغتنم ساعاته من بداية الليل    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    لماذا حذرت المديريات التعليمية والمدارس من حيازة المحمول أثناء الامتحانات؟    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    انخفضت 126 ألف جنيه.. سعر أرخص سيارة تقدمها رينو في مصر    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على مواقيت الصلاة غدًا في محافظات الجمهورية    هل الشمام يهيج القولون؟    فيديو.. مسئول بالزراعة: نعمل حاليا على نطاق بحثي لزراعة البن    وزارة التموين تمنح علاوة 300 جنيها لمزارعى البنجر عن شهرى مارس وأبريل    أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية بالاستفزازية    الأهلى يخسر أمام بترو الأنجولي فى نصف نهائى الكؤوس الأفريقية لسيدات اليد    يمنحهم الطاقة والنشاط.. 3 أبراج تعشق فصل الصيف    تشكيل الزمالك المتوقع أمام دريمز الغاني بعد عودة زيزو وفتوح    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    استجابة لشكاوى المواطنين.. حملة مكبرة لمنع الإشغالات وتحرير5 محاضر و18حالة إزالة بالبساتين    سبب غياب حارس الزمالك عن موقعة دريمز الغاني بالكونفيدرالية    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    جامعة حلوان توقع مذكرتي تفاهم مع جامعة الجلفة الجزائرية    طريقة عمل مافن الشوكولاتة بمكونات بسيطة.. «حلوى سريعة لأطفالك»    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    أبطال سيناء.. «صابحة الرفاعي» فدائية خدعت إسرائيل بقطعة قماش على صدر ابنها    مستقبل وطن: تحرير سيناء يوم مشهود في تاريخ الوطنية المصرية    الرئيس السيسي: خضنا حربا شرسة ضد الإرهاب وكفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    خبير في الشؤون الأمريكية: واشنطن غاضبة من تأييد طلاب الجامعات للقضية الفلسطينية    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    الهلال الأحمر يوضح خطوات استقبال طائرات المساعدات لغزة - فيديو    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتفاضة فلسطينية ثالثة احتجاجًا على قرار ترامب ودفاعًا عن القدس..
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 11 - 12 - 2017

فى ظل التقدم البطئ فى ملف المصالحة الفلسطينية، الذى تمكنت مصر من إنجازه منتصف شهر تشرين أول/ أكتوبر 2017 الماضى، بعد مُضى أحد عشر عامًا على الانقسام الفلسطينى الأسود، وكذلك فى ظل استمرار آثار الانقسام الفلسطينى ووجود الكثير من المعوِّقات التى تحاول عرقلة تقدم وتحقيق المصالحة وتنفيذ كافة بنودها التى تم الاتفاق عليها فى القاهرة، بالإضافة إلى حالة الوهن والضعف والتفكك والانقسام العربى والإسلامى، والصراعات والفتن والمصائب المؤلمة والحروب والصراعات الطائفية والمذهبية والمؤامرات التى تشهدها المنطقة، وكذلك نزيف الدماء العربية والإسلامية فى أكثر من دولةٍ عربية وإسلامية، ومؤامرات وجرائم التنظيمات الإرهابية التكفيرية الوحشية التى تستهدف مصر الشقيقة الكبرى وسوريا والعراق وليبيا واليمن والصومال والباكستان وأفغانستان وغيرها من الدول العربية والإسلامية، وسعي هذه التنظيمات الإرهابية الملعونة إلى استنزاف واشغال دول المركز فى العالم العربى، وخصوصًا مصر الشقيقة الكبرى، الداعم والمؤازر والحاضن الأكبر لفلسطين وقضيتها العادلة.. فى ظل كل ذلك لم يكن مفاجئًا القرار الذى أعلنه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يوم الأربعاء الماضى 6/12/2017 بالاعتراف بمدينة القدس المحتلة - بشطريها: الغربى الذى تم احتلاله عام 1948، والشرقى الذى تم احتلاله عام 1067، عاصمةً أبدية للكيان الصهيونى الغاصب لكل أرض فلسطين التاريخية، وتعهد ترامب بموجب القرار بنقل السفارة الأمريكية من مدينة تل الربيع (تل أبيب) المحتلة عام 1948، إلى مدينة القدس المحتلة. ويأتى هذا القرار العدوانى الأرعن المتهور لترامب فى نهاية العام الأول لتوليه رئاسة الولايات المتحدة، تنفيذًا لوعدٍ صريحٍ أطلقه فى حملته الانتخابية واعدًا به اللوبى اليهودى الصهيونى فى الولايات المتحدة والقيادة اليمينية المتطرفة للكيان الصهيونى، وهو بذلك أطلَقَ رصاصة الرحمة على عملية السلام والمفاوضات الفلسطينية الصهيونية المُتعثِّرَة، وحَسَمَ مستقبل مدينة القدس المحتلة لصالح العدو الصهيونى، وأخرجها من دائرة التفاوض، وقضى نهائيًا على حل الدولتين، وكَشَفَ بُمنتهى القُبح حجم الانحياز والدعم الأمريكى لصالح الكيان الصهيونى، وكذلك مستوى وحجم تأثير اللوبى اليهودى على الإدارة الأمريكية، وكذلك على وسائل الإعلام الأمريكية ومختلف المؤسسات الأخرى.
عدوان أمريكى على الفلسطينيين والشرعية الدولية
يشبه القرار والوعد الأمريكى، فى دلالاته ومضمونه وتأثيراته، وعد بلفور المشؤوم، وبإعلانه فإنَّ الإدارة الأمريكية تعلن الحرب على الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة وحقوقه التاريخية والثابتة التى أقرتها الشرعية الدولية، وضد الإسلام والعرب والمسلمين، وتنسف كافة مقررات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولى والهيئة العام للأمم المتحدة التى أقرت أنّ: (مدينة القدس بشطريها الغربى والشرقى هى مدينة محتلة)، وتصطدم بالقانون الدولى وكافة المواثيق والأنظمة والأُسس والمعاهدات الدولية، بل إنها تعلن صراحةً بهذا القرار العدوانى، عن موت منظمة الأمم المتحدة ومعها النظام الدولى ومؤسساته المختلفة، وأنَّ الولايات المتحدة الأمريكية هى المتفردة بقيادة العالم، وقراراتها هى المرجعية الدستورية له!!.
وبالطبع فلن يقبل أحد فى العالم سوى الكيان الصهيونى المجرم وحلفاءه، بهذا الاعتداء الأمريكى على المواثيق والأنظمة والاتفاقيات والمنظمات الدولية، وبالفعل فقد عبَّر غالبية أعضاء مجلس الأمن الدولى فى الجلسة الطارئة التى عقدها يوم الجمعة 9/12/2017، عن غضبهم العارم ورفضهم الصريح والواضح للقرار الأمريكى، وأكدوا أنّ مدينة القدس هى مدينة محتلة يجب المحافظة على وضعها مثلما هو، دونَّ أى تغيير لهويتها التاريخية وتركيبتها الديمغرافية، وعدم المساس بخصوصية ووضعية الأماكن المقدسة بداخلها، ووقف كافة عمليات الاستيطان والتهويد ومصادرة الأراضى والممتلكات فيها، إلى حين التوصل إلى إتفاق فلسطينى/صهيونى، وعربى/صهيونى، لإنهاء الصراع العربى/الصهيونى، وحسم موضوع المدينة المقدسة من خلال المفاوضات والاتفاق النهائى الفلسطينى العربى/الصهيونى، وعبَّرَت أيضًًا جميع الدول العربية والإسلامية وغالبية الدول الأوربية والغربية ودول العالم، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامى، ومنظمة المؤتمر الإفريقى، والأزهر الشريف، واتحاد دول الخليج العربى، وغيرها من المنظمات والمؤسسات والأطر والأحزاب الدولية والإقليمية والعربية عن رفضها الشديد للقرار الأمريكى المتهور، وطالبوا الرئيس الأمريكى بالتراجع عن قراره، وأكدوا جميعًا أنَّ هذا القرار سوف يشعل الأوضاع فى المدينة المقدسة وكافة الأراضى الفلسطينية المحتلة، والعالمين العربى والإسلامى، وسيهدد الاستقرار فى المنطقة والعالم، وهو بالفعل ما حدث تمامًا، حيث انفجر الغضب الفلسطينى والعربى والإسلامى جماهيريًا ورسميًا..
المرجعية القانونية والدستورية لوضع القدس:
من المعروف أنّ المرجع القانونى الدولى لوضع القدس المحتلة، هو قرار التقسيم (181)، الذى أصدرته الهيئة العامة للأمم المتحدة بتاريخ 29/11/1947، رغم انحيازه الكبير لصالح العدو الصهيونى، حيث منح الصهاينة قرابة 57% من أرض فلسطين التاريخية لإقامة كيانهم الاستعمارى، ومنح الفلسطينيين أصحاب الحق والأرض التاريخيين نحو 43% من أرض فلسطين التاريخية، ومن أجل التمهيد لإقامة الكيان الاستعمارى الصهيونى، نص القرار على: (إنهاء الانتداب البريطانى على فلسطين، وتقسيمها لدولتين عربية ويهودية، وتحويل القدس بضواحيها ومدينة بيت لحم والأراضى المجاورة لهما إلى وحدة إقليمية ووضعها تحت الوصاية الدولية الخاصة)، بالإضافة إلى العديد من القرارات الدولية الأخرى الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى منذ العام 1947، حتى العام الحالى 2017، والتى أقرت جميعها باعتبار القدس مدينة محتلة، وأنَّ لها وضعية دولية خاصية، ومصيرها يتم تحديده من خلال المفاوضات بين العرب والفلسطينيين من جانب، والصهاينة من جانبٍ آخر، وبالتالى فإنَّ قرار ترامب نسف كافة قرارات ومواثيق وأنظمة وأسس وعمل منظمات الشرعية الدولية، وخصوصًا قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، وكذلك نَسَفَ الوضع والأساس القانونى الدستورى الدولى للمدينة المقدسة، وهذه أول سابقة على مستوى العالم، إذ لا يحق لرئيس الولايات المتحدة، أو غيره، تجاوز القانون الدولى، والقانون الدستورى الدولى، وأيضًا القانون الإنسانى الدولى، ويتدخل بهذا المستوى من الوقاحة والاستبداد والعنجهية ليعلن إلغاء الأساس القانونى والدستورى والإنسانى الدولى الذى حافظت بموجبه الأمم المتحدة على وضع القدس لأكثر من ثمانين عامًا، وكذلك أنَّ يتجاوز الحق التاريخى والواقعى والجغرافى والديمغرافى للفلسطينيين فى القدس المحتلة، ليعلن بهذا الشكل السافر الوقح أنَّ القدس عاصمة للكيان الصهيونى، بل ويرِوِج للرواية والأساطير الصهيونية المكذوبة التى تزعم أنها كانت عاصمة لمملكة اليهود منذ ثلاثة آلاف عام، وهو بذلك وبضربة واحدة حَسَمَ متطوعًا وضع القدس فى الماضى والحاضر والمستقبل لصالح الكيان الصهيونى، وهذه سابقة سياسية، غير قانونية وغير دستورية، لم يحدث لها مثيل فى العالم من قبل، ولا فى الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، حيث أعلن الرئيس الأمريكى عن مدينة محتلة عاصمة لدولة احتلال تغتصب الأرض والشجر والحجر، وتحاول اغتصاب التاريخ والحاضر والمستقبل، وتسعى لتزوير حقائق الحضارة والواقع والجفرافيا والديمغرافيا والقانون الدولى، وإن تمكن ترامب وإدارته المتصهينة، والكيان الصهيونى، من تمرير هذه السابقة الخطيرة، فستصبح سابقة قانونية يسعى من خلالها إلى نسف ما تبقى من قرارات للشرعية الدولية لصالح القضية الفلسطينية، وبالتالى الموت الرسمى لمنظمة الأمم المتحدة، لتلحق بسابقتها عصبة الأمم، ولتصبح قرارات الرئيس الأمريكى ؛ أى رئيس أمريكى هى معيار الشرعية الدولية والقانون الدولى، والدستور الدولى، والإنسان الدولى!!
قرار ترامب يُشعِل انتفاضة القدس/ الانتفاضة الثالثة
بمجرد صدور هذا القرار الأمريكى المُتَوَقع، يوم السادس من كانون أول / ديسمبر 2017، بالتزامن مع إحياء الفلسطينيين للذكرى الثلاثين لانتفاضة الحجارة/ الانتفاضة الأولى، الذى تحدت به الجميع الإدارة الأمريكية الحالية المُنحازة كليًا إلى جانب الكيان الصهيونى والداعمة لعدوانه المتواصل ضد شعبنا وحقوقنا وقضيتنا العادلة، انفجر بركان الغضب الفلسطينى والعربى والإسلامى، وخرجت الجماهير الفلسطينية والعربية والإسلامية تعبِّر بمنتهى الوضوح والقوة عن رفضها العارم لهذا القرار العدوانى الاستعمارى، الذى يُعطى مَنْ لا يملك إلى مَنْ لا يستحق، ويكافئ القاتل والغاصب الظلم والمُستعمِر والمُعتدى والمجرم، ويقف ضد المظلومين وأصحاب الأرض والمقدسات والحق الحضارى والتاريخى والجغرافى والديمغرافى والقانونى.ورغمَ أنَّ المصالحة الفلسطينية تسير بخطى بطيئة جدًا ومازال الفلسطينيون يعانون من استمرار آثار الانقسام البغيض، إلا أنَّ القرار الأمريكى العدوانى الأرعن الأهوج دفع الفلسطينيين جميعًا للتوحد صفًا واحدًا خلف قيادتهم من أجل مواجهة هذا العدوان الأمريكى/ الصهيونى/ التلمودى، السافر على المدينة المقدسة وقضيتهم العادلة وحقوقهم الحضارية التاريخية وثوابتهم ومقدساتهم الإسلامية والمسيحية، وأشعلَ الفلسطينيون الغاضبون انتفاضتهم الفلسطينية الثالثة/ انتفاضة القدس والأقصى والحق، انتفاضة الكرامة والحرية، انتفاضة الغضب والوحدة، وبدأوا منذ مساء الأربعاء الماضى، مازالت مستمرة حتى كتابة هذه السطور (عصر السبت)، بتظاهرات ومسيرات ومواجهات غاضبة مع جيش العدو الصهيونى فى المسجد الأقصى المبارك القدس المحتلة وكافة مدن الضفة الغربية المحتلة، وكذلك فى قطاع غزة المحاصر، وزحف الفلسطينيون الغاضبون فى قطاع غزة، نحو خطوط التماس مع جيش العدو على الحدود الشرقية والشمالية للقطاع، ورشقوا جنود العدو بالحجارة وزجاجات المولوتوف وأحرقوا الأعلام الصهيونية والأمريكية وصور الرئيس الأمريكى وصور رئيس حكومة كيان العدو، ورددوا الهتافات والشعارات الغاضبة ضد ترامب ونتنياهو والاحتلال الصهيونى والعدوان الأمريكى / الصهيونى، وكان يوم الجمعة 8/12/2017، يومًا فريدًا للغضب والغليان الفلسطينى، ولم تخلُ مدينة أو مخيم أو قرية أو بلدة فلسطينية من التظاهرات والمسيرات والمواجهات الغاضبة مع جيش العدو الصهيونى، ورد جيش العدو كعادته بمنتهى الوحشية والبربرية على الجماهير الفلسطينية ومسيراتها السلمية، وقصف طيرانه الحربى مساء وليل الجمعة وفجر السبت العديد من الأماكن فى قطاع غزة، مما أدى إلى ارتقاء أربعة شهداء فى قطاع غزة، وسقط فى القدس والضفة والقطاع أكثر من 1114 جريحًا، جراح العشرات منهم خطيرة، وبعضهم مازال يمكث فى الرعاية المُكثَّفة فى المستشفيات، وغالبيتهم مازال يتلقى العلاج فى المستشفيات، ويأتى هذا العدوان البربرى الصهيونى ضد الأبرياء والمدنيين من أبناء شعبنا والمسيرات السلمية، استكمالًا للعدوان الأمريكى ضد شعبنا المظلوم، ويتحمل الرئيس الأمريكى وإدارته المُتصهينة المسؤولية الكاملة عن أرواح ودماء الأبرياء من الشهداء والجرحى الفلسطينيين، والذين من المتوقع أن ترتفع أعدادهم، ويتوجب عليه أن يتراجع عن هذا القرار الأحمق، قبل أن تشهد الأراضى الفلسطينية والمنطقة العربية والإسلامية المزيد من التصعيد، والمزيد من نزيف الدماء البريئة، حيث إن غالبية الدول العربية والإسلامية - وفى مقدمتها مصر الشقيقة الكبرى- شهدت العديد من التظاهرات وأشكال الاحتجاج والمسيرات الغاضبة من القرار الأمريكى ضد القدس الشريف، وعلى الجميع أن يعى أنّه لا يمكن للفلسطينيين أن يهدأوا أو يصمتوا أو يتوقفوا عن موجات الغضب وعن الاستمرار فى انتفاضتهم الثالثة، ما لم يتراجع الرئيس الأمريكى عن قراره، فالفلسطينيون ليس لديهم ما يخسرونه إلا أرواحهم التى يقدمونها غالية نفيسةّ من أجل فلسطين والقدس والمسجد الأقصى المبارك، ونيابة عن جميع المسلمين والعرب فى مواجهة العدوان السافر الصهيو/أميريكى.
القرار الأمريكى تكريس للرواية والأساطير الصهيونية
لم يكن من الغريب أن يتضمن القرار الأمريكى الأرعن تصديقًا وتكريسًا للرواية والأساطير والأكاذيب الصهيونية المؤسسة لنشأة الكيان الصهيونى الغاصب لأرض فلسطين الطاهرة، حيث إنَّ الولايات المتحدة هى الشريك الرئيس والأول للعدوان والإجرام الصهيونى المستمر ضد شعبنا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وهى التى ورثت بريطانيا ومستعمراتها وهمينتها وتأثيرها فى الشرق الأوسط ومختلف مناطق العالم، ومنذ ذلك الحين كانت الولايات المتحدة الداعم الأكبر للعصابات والجرائم اليهودية الصهيونية، وهى التى رّعت واحتضنت ولادة ونشأة الكيان الصهيونى فوق الغالبية العظمة من أرض فلسطين التاريخية عام 1948، ثم رعته وحمته ووفرت له الأسلحة والعتاد والدعم اللوجيستى والمادى والسياسى والمعنوى والاقتصادى، وهى التى وفرت - ومازالت توفر له - كافة سُبل الحياة والتطور والهيمنة والتقدم والعدوان والاستبداد والإجرام والتوحش، حتى تمكن من احتلال بقية الأراضى الفلسطينية وشبه جزيرة سيناء المصرية والجولان السورى عام 1967، ومنذ ذلك الحين مازال الدعم الأمريكى مستمرًا للكيان الصهيونى ليبقى هو القوة العسكرية والاقتصادية والأمنية المُهيمنة والمُتقدمة فى المنطقة، وكل قطرة دماء فلسطينية أو عربية وإسلامية سالت بسبب الاعتداءات الصهيونية ضد شعبنا وأمتنا الإسلامية والعربية، تسبب بها السلاح الأمريكى المتفوق الذى تمنحه مجانًا الولايات المتحدة الأمريكية للعدو الصهيونى، وبالتالى فليس غريبًا أن يسعى الرئيس الأمريكى بنفسه لترويج الرواية التاريخية والأسطورة الصهيونية المكذوبة حول القدس وفلسطين، وردًا على ترامب وأكاذيبه الصهيونية، نؤكد كذب ما ضمَّنه من مزاعم وافتراءات فى قراره الملعون، حول القدس الشريف، فلم تكن القدس فى أى يومٍ من الأيام عاصمة لمملكة يهودية، لم تقم أصلًا فى التاريخ، ونؤكد أنه لم يكن هناك منذ أن خُلِقت البشرية وبُعِثَ الأنبياء أى وجود لليهود على أرض فلسطين التاريخية رغم أنَّ بعض المفسرين والمؤرخين السابقين وقعوا بشكلٍ أو بآخر ضحايا الإسرائيليات، وقد حرّم الله تعالى أرض فلسطين (الأرض المباركة) على بنى إسرائيل والنبى موسى (عليه السلام) واليهود، وكذلك حرمها الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن بعده الخلفاء الراشدون، وجميع الخلفاء (رضى الله عنهم)، فلم تطأ أقدام اليهود أرض فلسطين الطاهرة، إلا عقب الحملة الفرنسية الاستعمارية (1798) حيث حمل مع نابليون بونابرت بعض الخبراء والمستشارين اليهود من احل إقناعهم بدعمه لاستعمار الشرق مقابل إقامة وطن قومى يهودى صهيونى فى فلسطين العزيزة، وقد عادوا معه إلى فرنسا عقب هزيمته النكراء فى غزة وعسقلان وعكا والجليل والإسكندرية، وبدأ اليهود الصهاينة بالتسلل إلى فلسطين فى منتصف القرن التاسع عشر فى ظل مؤامرة غربية / استعمارية، خططت لاحتلال فلسطين ومنطقتنا العربية والإسلامية، وجعلت من فلسطين العزيزة رأس رمحٍ لمشروعها الاستعمارى، لإقامة دولة الكيان الصهيونى، لتبقى غُدة سرطانية فى قلب الأمة فلسطين، وتفصل ما بين شرقها وغربها وشمالها وجنوبها، ومزيدًا من التوضيح رغم أنَّ المجال لا يتسع هنا، وبإذن الله تعالى، سوف أعكف على كتابة موضوع متكامل حول هذا الموضوع لم تكن هناك فى التاريخ أى مملكة للنبى داوود (عليه السلام)، فى فلسطين، ولم تكن مملكة النبى سليمان (عليه السلام) فى فلسطين، ولم يبنِ (عليه السلام) شيئًا اسمه (هيكل سليمان) لا فى فلسطين، ولا حيث كانت مملكته فى اليمن، بجانب مملكة سبأ، ولم يكن على الإطلاق هناك شيء فى التاريخ اسمه (هيكل سليمان)، عدا عن أن يكون هناك هيكل أول وثانٍ، وخراب للهيكل المزعوم، ولاعلاقة لسليمان (عليه السلام) بالمسجد الأقصى المبارك، ولا إعادة بنائه وإعماره، ولا ببناء سور القدس وسور البلدة القديمة، ولاغير ذلك من الآثار الهامة والمقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس المحتلة، والذى شيَّد سور القدس الشريف، هو الخليفة والسلطان العثمانى الفذ سليمان القانونى (رضى الله عنه) وبإذن الله تعالى سيكون مقال وبحث بهذا الخصوص. ومنها فإن العدوان الأمريكى ضد الإسلام والمسلمين وحضارتنا وتاريخنا وأمتنا وشعبنا، لم يكن فقط بإصدار القرار الجائر، إنَّما أيضً،ا بترويح الرواية والأساطير والإفتراءات والمزاعم والأكاذيب الصهيونية التوراتية التلموذية بحق القدس ومقدساتها، مما يؤسس لتهويد القدس بكاملها، وتهويد المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة وجميع المقدسات الإسلامية والمسيحية فى القدس الشريف وجميع فلسطين.
تأثير القرار على المصالحة الفلسطينية
سيكون لهذا القرار الأمريكى العدوانى من حيث لا يريد العدو الصهيونى وترامب، أكبر الأثر الإيجابى على مستقبل المصالحة الفلسطينية، فلقد تنامت القناعة الفلسطينية لدى جميع القيادات والفصائل والجماهير الفلسطينية، أنَّ سنوات الانقسام الفلسطينى البغيض أضعفت مكانة وحضور وأولوية ومركزية القضية الفلسطينية فى الوجدان العربى والإسلامى والضمير الإنسانى الدولى، وأنَّ حجم التحديات الخطيرة التى أنتجها قرار الرئيس الأمريكى ترامب بحق القدس، تستدعى توحيد الصفوف الفلسطينية، والالتفاف حول الرئيس الفلسطينى، وتوفير كل سبل الدعم له، ليتمكن مع القيادة الفلسطينية من تشكيل قوة ضغط عربية وإسلامية ودولية، تُرغِم الرئيس الأمريكى على التراجع عن قراره، وكذلك ضرورة التوحد لمواجهة الضغوط الأمريكية والصهيونية التى سيتعرض لها الرئيس أبومازن مع القيادة الفلسطينية، بالإضافة إلى ضرورة التوحد من أجل التصدى للاعتداءات الصهيونية التى بدأت تتصاعد ضد جماهير شعبنا الغاضبة، وضد الانتفاضة الفلسطينية الثالثة التى ستتدحرج سريعًا وقويًا، ولا يعلم أحد إلى أين يمكن أن تصل ارتداداتها وتأثيراتها وانعكاساتها، وليس أمام الفلسطينيين سوى الوحدة، وتنفيذ جميع بنود المصالحة التى ترعاها وتحتضنها مصر، ولا بد للفلسطينيين من التجاوب مع الجهود المصرية الحريصة على وحدتهم الوطنية والساعية لإزالة كافة آثار الانقسام، وإنَّ الرد الأكبر على العدوان الصهيو/ أمريكى، لابد أن يكون بإنجاز وإنجاح الجهود المصرية لتنفيذ كافة بنود المصالحة فورًا، فالوحدة هى التى ستجنب الشعب الفلسطينى المؤامرة الكبرى التى تتعرض لهم قضيتهم، وصفقة القرن التى كانت أولى بشائرها قرار الرئيس ترامب العنصرى بحق القدس، وبالتأكيد ستكون خاتمتها تصفية القضية الفلسطينية وطرد وتهجير الفلسطينيين من جديد، وإنهاء أى وجود فلسطينى للفلسطينيين فوق أرضهم، وبتقديرى أنّ كل فلسطينى حريص على إتمام المصالحة وإنجاحها، ولن يغفر شعبنا والتاريخ لمن سيضع المعوَّقات أمامها..
الخلاصة:
بتنا نحن الفلسطينيين والعرب والمسلمين أمام مفترق طرق خطير وصعب، والتحدى الأكبر أمامنا، هو أن نتمكن من إحباط المؤامرة الصهيونية الأمريكية الكبرى التى لا تستهدف فقط القدس وفلسطين والفلسطينيين، إنما تستهدف الأمة كل الأمة، فالأمة يتحدد مصيرها بالتماس مع فلسطين، قضيتها المركزية والرئيسة، إما بقاءً وإما فناءً...
فهل ننجح فى الامتحان والتحدى الأصعب والأخطر، أم نفشل؟
هذا ما ستجيب عنه الأيام والأسابيع القادمة ...
سياسى ومؤرخ ومفكر فلسطينى
رئيس تيار الاستقلال الفلسطينى، وعضو المجلس الوطنى الفلسطينى
البريد الإلكتروني [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.