احتدم الصراع .. وتزايد الشقاق بين الاطراف التي شاركت في صناعة الثورة .. وتحولت الساحة المصرية من ساحة للتآلف والارتباط .. إلي ساحة للتناقض والصدام .. وكانت الأحداث التي جرت في مناطق متعددة .. من العباسية ومسرح البالون .. وأمام ماسبيرو .. إلي محمد محمود ومجلس الوزراء ومجلس الشعب.. كانت كلها تؤذن ببداية فترة جديدة في مسار الثورة .. سرعان ما انعكست علي تزايد حدة التوتر بين الفاعليات والقوي السياسية .. وبين بعض شباب الثورة والمجلس العسكري .. وأصبحنا ندور في فلك متجدد .. من الخلاف الدائم .. والمتواصل .. بعد أن صدت أبواب الحوار .. وعلا منطق السباب .. وراحت مسيرات متعددة .. تجوب شوارع العاصمة .. وبعض المحافظات .. تمهد لواقع جديد .. قد يدفع البلاد هذه المرة نحو المجهول. هناك بعض من يتهمون المجلس العسكري بالتقاعس عن تنفيذ التزاماته .. وهناك من يدعون لتشكيل مجلس انتقالي مدني يقود البلاد في الفترة المتبقية .. وهناك من يسعون لإحداث صدام دام .. معلنين ساعة الصفر في الخامس والعشرين من يناير .. وبين هؤلاء وأولئك كان الشعب في مجموعه .. علي الجانب الآخر .. يعلن رفضه لما يجري من أحداث وتداعيات. لقد مل الناس في الشارع طول فترة الانتظار والترقب .. فما حدث خلال الأحد عشر شهرًا الماضية .. اربك حسابات الأسر والعائلات .. ووضع الجميع عند مرحلة جديدة .. تزايدت فيها مخاوفهم من النتائج التي أحدثتها الثورة. لم ينظر هؤلاء إلي ما حققته الثورة من مكاسب .. سواء بإزاحة النظام السابق من فوق سدة الحكم في البلاد .. أو تطهير الحياة السياسية من بعض رموز الفساد والاستبداد .. أو بدء خطوات سليمة نحو ارساء أسس وقواعد الديمقراطية .. بل راحوا ينظرون للآثار السلبية للثورة .. وفي مقدمتها زيادة حالات الفقر في المجتمع .. وتزايد أعداد المهمشين .. وسقوط آلاف الشباب ضحايا للبطالة .. خاصة بعد أن أغلقت العديد من الشركات أبوابها .. وتعرض قطاع السياحة لضربة قاسمة. لم يعد الناس يتحملون الكثير .. ورأوا فيما يجري من مظاهرات واحتجاجات ومليونيات سلبيات ينبغي التوقف عنها فورًا .. ورويدًا رويدًا .. راحت الثورة تفقد رصيدها في الشارع السياسي .. بل وراح العديد من المواطنين يعتدون علي بعض الشباب الذين يجوبون المناطق .. داعين المواطنين لمشاركتهم وقفتهم في ذكري الخامس والعشرين من يناير. كانت كل الأجواء تشي باحتقان الشارع .. وكانت الأحداث تسير بإيقاع سريع قبل أيام معدودة من الذكري الأول للثورة .. والتي تواكبها المخاوف من كل اتجاه. وإلي الغد..