تحرك دولى مهم ضد جريمة الاستيطان التى تواصل إسرائيل التمادى فيها. أصدرت 14 دولة غربية بينها بريطانيا وفرنسا وألمانيا «إلى جانب كندا واليابان وبلجيكا والدنمارك ونيوزيلندا وإيرلندا وهولندا واسبانيا والنرويج ومالطا وإيطاليا» بيانا مهما أدانت فيه قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلى إقامة 19 مستوطنة فى الضفة الغربىة مطالبة إسرائيل بالعدول عن القرار الذى ينتهك كل القوانين الدولية ويهدد اتفاق غزة وينشر عدم الاستقرار فى المنطقة. كما أكد البيان أن الدول المشاركة فى اصداره مصممة على دعم حق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم وفى حل عادل وشامل يستند إلى حل الدولتين. بيان مهم يصدر فى وقت تظن فيه دولة الاحتلال أن اهتمام العالم بالقضية الفلسطينية يمكن أن يتراجع، وأن اتفاق غزة الذى مازالت المراوغات الإسرائيلية تعطل انتقاله إلى المرحلة الثانية والأساسية يمكن أن تستخدمه إسرائيل فى تغطية التوسع فى الاستيطان الشيطانى فى الضفة الغربية وفى نفس كل طريق يؤدى إلى قيام الدولة الفلسطينية.. بيان الدول الغربية «التى كانت ضمن أهم حلفاء إسرائيل وأكبر شركائها التجاريين» يشير إلى أن الحق الفلسطينى فى تقرير المصير لم يعد محل نقاش، وأن جرائم إسرائيل لم يعد ممكنا تمريرها تحت أى ظرف، وأن سلوك دولة الاحتلال يؤكد أنه لا مجال لأى حل لا ينطلق من وحدة الأراضى الفلسطينية فى دولة موحدة ومستقلة تضم كل غزة وكل الضفة والقدس العربية. ومع الأهمية القصوى لبيان الدول الغربية الرئيسية إلا أنه يطرح السؤال الأساسى فى مواجهة العربدة الإسرائيلية وهو: متى تتم ترجمة هذا الموقف الحاسم من جرائم إسرائيل إلى عقوبات رادعة هى وحدها القادرة على إرغام إسرائيل على احترام الشرعية الدولية والخضوع للقوانين والقرارات الدولية، والتسليم بأنه لا سلام ولا استقرار إلا بإنهاء الاحتلال وإزالة المستوطنات والاعتراف بالحق الفلسطينى فى الأرض والدولة والاستقلال الوطني. بدون العقوبات الرادعة السياسية والاقتصادية وإيقاف التسليح، سوف تمضى دولة الاحتلال فى ارتكاب المزيد من الجرائم وفى محاولة افشال اتفاق غزة الذى لم تحترم التزاماتها فى جولتها الأولى وتراوغ للإفلات من الانتقال لمراحله الأهم وسوف يمضى نتنياهو فى إشعال الموقف على كل الجبهات، وسوف يمضى الكيان الصهيونى إلى المزيد من الحروب والمزيد من الاستيطان والمزيد من إفشال كل محاولة جادة نحو سلام عادل وضرورى للمنطقة والعالم. يبقى أن صدور بيان الدول الغربية فى هذا التوقيت، وقبل لقاء ترامب ونتنياهو المرتقب يحمل رسالة مهمة لابد أن تكون حاضرة على مائدة المفاوضات فى واشنطون من أقرب الحلفاء لأمريكا وإسرائيل «أو من كانوا كذلك».. رسالة تقول لنتنياهو إن إدانة العالم لجرائم إسرائيل ستظل تتصاعد حتى تدرك إسرائيل أنها لن تنعم بالأمن والسلام إلا بالحل العادل الذى يقر بحقوق شعب فلسطين فى أرضه ودولته المستقلة والموحدة، وأن كل ما تفعله إسرائيل بجرائمها أنها تحمل الإسرائيليين عبء هذه الجرائم وتكلفتها الباهظة. ورسالة أخرى من دول الغرب للرئيس ترامب أن ما يهدد اتفاق غزة ليس فقط انتهاكات إسرائيل وجرائمها فى القطاع، وإنما أيضا عربدتها فى الضفة الغربية ومخططاتها لابتلاع الأرض وبناء المستوطنات. وأنه لا مجال للفصل بين الضفة الغربية والقطاع، ولا حياة لأى حل لا ينطلق من الحقيقة الأساسية إنهاء الاحتلال، وحق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره وبناء دولته فى إطار «حل الدولتين»، الذى يتوافق عليه العالم بأكمله. رسالة واضحة: العالم لن ينسى جرائم إسرائيل، ولن يسمح باستمرارها. والهروب من استحقاقات السلام لن يفيد. والاستيطان فى الضفة أكبر تهديد لاتفاق غزة الذى يحمل اسم ترامب ووعد نتنياهو بإفشاله كما فعل مع كل اتفاق مماثل منذ أوسلو وحتى الآن.