يوم الجمعة 12 ديسمبر الجارى، كنت أستعد أنا وإخوتى لتشييع جثمان أمى، رحمها الله، إلى مثواها الأخير فى إحدى قرى مركز القوصية بمحافظة أسيوط. فى هذه اللحظات جاءت إلى المنزل زميلة فى مقتبل عملها الصحفى. نزلت إليها ورحبت بها. هى قالت لى إن موقعها الصحفى كلّفها بتغطية جنازة أمى. أدرك أن الزميل رئيس تحرير الموقع أراد ربما أن يجاملنى فأرسل الزميلة لتغطية الجنازة، وله كل الشكر، لكن ولأنه ليس معتادا أن تأتى وسائل إعلام إلى قريتنا أو إلى القرى المجاورة لتغطية الجنازات، فقد اعتذرت بكل أدب للزميلة وشكرتها وشكرت موقعها. قلت لها يومها إن الجنازات فى الريف ليس فيها ما يغرى بالتغطية الصحفية. فأهل القرية سوف يصلون عليها عقب صلاة الجمعة، ثم سيذهبون لدفن الجثمان فى مدافن قرية مجاورة لقريتنا بنحو خمسة كيلومترات. لم افكر إطلاقا أن أكتب عن هذا الموضوع إلا حينما أثير الجدل بشأن تصوير الفنانة ريهام عبدالغفور بطريقة أغضبت الفنانة وبعض محبيها وجمهورها، من قبل أحد المصورين خلال العرض الخاص لفيلم «خريطة رأس السنة». هذا النوع من الجدل صار يتكرر كثيرا، والخبر السيئ أنه سوف يستمر فى التكرار لأنه لصيق بتطور وسائل الاتصال، خصوصًا الموبايل وسهولة التقاط الصور فى كل وقت، ومن كل الزوايا. لم نكن نسمع عن هذه المشاكل قبل اختراع الموبايل. كنا فقط نسمع عن «باباراتزى» أو المصورين الذين يطاردون النجوم المشاهير بحثا عن لقطة مثيرة، قد تجلب له ثروة طائلة. هذه الصور وطريقة تصويرها مثلما حدث لريهام عبدالغفور وقبلها أحمد الفيشاوى فى عزاء والدته الفنانة سمية الألفى انقسم بشأنها الكثيرون. فريق يرى أن من حق أى مصور صحفى أن يلتقط أى صور فى أى وضع للنجوم والمشاهير، طالما أنهم شخصيات عامة وليسوا أحد الناس العاديين. وفريق آخر يرى أن من حق الشخصية العامة أن تتمتع بالخصوصية أو بجزء منها على الأقل وأن حياتها ليست مشاعا للجميع طوال الوقت. وفى الواقعة الأخيرة الخاصة بالفنانة ريهام عبدالغفور انقسمت الآراء أيضا. فريق كبير يرى أن من حق الفنانة أن تتمتع بالخصوصية، وإلا يتم تصويرها بصورة سيئة أو يتم اختلاس لحظة أو لقطة بزاوية معينة وفى توقيت محدد، قد يخرج الصورة عن مسارها تماما ويظهر الشخصية بصورة مهينة. وأن المصور أخطأ خطأ جسيما حينما ركز على لقطة معينة لجسم الفنانة. الفريق الثانى يقول إن الفنانة كانت فى مكان عام مفتوح ومتاح للإعلاميين، وأن من حق أى مصور أن يلتقط أى صورة للحاضرين، خاصة أنهم من النجوم والمشاهير وليسوا من أحاد الناس، وطالما يتم التقاط الصور المحببة لهم فى أى وقت، وأى مكان، فما المانع أن يقوم المصور بالتقاط أية صورة لأى فنان فى أى وضع؟! يضيف هؤلاء أن الفنان أو الشخصية العامة هو الذى ينبغى أن يحرص على ارتداء الملابس اللائقة وأن يجلس بالصورة التى لا تحرجه حين يتم تصويره. مرة أخرى أكرر المطلوب أن نجتهد جميعا فى هذا الصدد كنقابة صحفيين وكل الأجهزة والمجالس ذات الصلة لمناقشة القضية بهدف الوصول إلى أفضل صيغة تحقق هدفين أساسييين، لكنهما متعارضان إلى حد ما، الأول حق الإتاحة فى الإعلام، أى حق وسائل الإعلام المختلفة فى تصوير ومتابعة أخبار الشخصيات العامة فى المناسبات العامة والمفوحة، والثانى حق هذه الشخصيات فى التمتع ببعض درجات الخصوصية. ونتذكر أن العديد من أسر المشاهير ترفض أحيانا السماح للمصورين وأحيانا حتى الصحفيين بدخول سرادقات العزاء أو قاعات الأفراح حرصا على خصوصيتهم، لكن المفارقة أننا نتفاجأ ببعض الحاضرين فى هذه المناسبات، خصوصا الأفراح، يسربون هذه الصور! والنقطة الأخرى المهمة هى ضرورة التفريق بين المصورين الصحفيين أعضاء النقابة، أو غير الأعضاء الذين يعملون فى صحف ومواقع معروفة ومرخصة، وبين المصورين الذين يعملون لحسابهم الشخصى ومواقع بير السلم وكل هدفهم اقتناص لقطة أو لحظة مميزة ومثيرة يبيعونها لمن يدفع أكثر. لا نريد أن نختزل النقاش فى هذا الموضوع المهم فى أن طرفا على حق كامل وطرفا على خطأ كامل. نحتاج لوضع قواعد عامة يلتزم بها الجميع وتكون معروفة ومعلنة للجميع وبعدها يمكننا معرفة وتحديد من كان على صواب ومن كان على خطأ.