لماذا لا تعلن حالة الطوارئ؟ أين المحاكمات العسكرية؟ أين تعديلات قانون الإجراءات الجنائية؟! طرح الحادث الإرهابى الجديد الذى وقع أمس بكنيسة مارجرجس بمدينة طنطا، العديد من التساؤلات حول مدى قدرة الدولة على تجفيف منابع الإرهاب وفق الآليات الراهنة. لقد ذهب ضحية هذا الحادث العشرات من الشهداء والجرحى، وراحت الأصوات الرسمية والشعبية تشجب وتندد، إنها ذات اللغة التى تعقب مثل هذه الأحداث الإرهابية، ولكن الفعل على أرض الواقع، لا يتغير، لا من الناحية التشريعية، ولا من ناحية الوعود التى يتم إطلاقها خلال فترة الغضب، التى يبدو أنها لا تستمر سوى ساعات محدودة. لقد تحدثنا داخل البرلمان وخارجه، عن ضرورة اتخاذ الإجراءات الفاعلة لمواجهة هذه الظاهرة الإرهابية ووأدها فى المهد ومنها: 1- إجراء تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية تتيح سرعة التقاضى وتحقيق العدالة الناجزة من خلال اختصار درجات التقاضى، ورغم أن الحكومة وعدت بذلك أكثر من مرة إلا أنها لا تزال تدرس الأمر حتى الآن.. ولقد طالب الرئيس السيسى خلال جنازة الشهيد هشام بركات بضرورة تفعيل هذه الإجراءات ولكن ذلك لم يحدث حتى الآن، وهنا يتحمل البرلمان والحكومة معًا المسئولية الأساسية أمام الشعب فى عدم الإنجاز حتى الآن. 2- تفعيل مواد الدستور والقانون التى تقضى بإحالة كل من يرتكب جرائم ضد ضباط وجنود القوات المسلحة والمنشآت العسكرية والمنشآت المدنية التى تقوم بحراستها قوات من الجيش أو الشرطة إلى المحاكمات العسكرية، ولكن يبدو أنالأصوات التى تحذر والتى تبرر والتى تنظِّر والتى تقعر، كانت وراء تأجيل تفعيل قانون حماية المنشآت تحديدًا، وأصبح البعض يرى أن المحاكمات المدنية طويلة الأجل هى الحل، ويجب أن ننأى بأنفسنا عن «بعبع» المحاكمات العسكرية، وهؤلاء يخدمون بشكل أو بآخر ظاهرة الإرهاب وعناصرها الإجرامية. 3- إن تجفيف منابع الإرهاب ومنح السلطات الأمنية المختصة الفرصة للمواجهة والمبادأة فى التصدى للإرهاب وعناصره يتوجب إعلان حالة الطوارئ، حتى يمكن بالفعل الحيلولة دون تنفيذ هذه العمليات من خلال القبض على المشتبه فيهم، دون انتظار للإذن من الجهات المعنية، وهو أمر تم تطبيقه فى العديد منالبلدان التى تتعرض للإرهاب وفى مقدمة هذه البلدان فرنسا وتونس.إن مجلس النواب سوف يفتح الباب اليوم فى جلسته العامة لمناقشات حول ما جرى بالأمس الأحد فى طنطا من فعل إرهابى خسيس وجبان، ولكن يتوجب ألا تكون هذه المناقشات مجرد سفسطة هدفها امتصاص الغضب، ذلك أن الشعب المصرى بات يحمِّل المجلس المسئولية الأساسية باعتباره صاحب الحق الأول فى التشريع. إن العملية التى استهدفت أشقاءنا الأقباط أثناء تأدية الصلاة وفى يوم عيدهم استهدفت إرسال عدد من الرسائل أبرزها: - أن يد الإرهاب مازالت قوية، وتملك من الآليات ما يجعلها تخترق واحدة منأهم الكنائس المصرية رغم كافة الإجراءات الأمنية، ورغم التحذيرات التى أعقبت تفجير الكنيسة البطرسية فى ديسمبر الماضى. - إن الهدف من وراء هذه العملية هو إشعال الفتنة، ودفع الناس إلى إعلان سخطهم ضد وزارة الداخلية وإجراءتها الأمنية، واستغلال حالة الغضب فى إثارة المشاعر، والرهان على الفوضى التى تعقبها الفتنة. - أن هذه العملية النوعية، أرادت أيضًا أن تبعث برسالة إلى الأقباط المصريين فى الخارج بهدف إثارتهم ودفعهم إلى التحريض، متناسين مواقفهم الوطنية وإدراكهم أن الوطن كله مستهدف وليس أبناءه من الأقباط فقط. - أن العملية أرادت أيضًا أن تبعث برسالة إلى العالم الخارجى تقول: إن مصر باتت غير آمنة سعيًا من هؤلاء القتلة إلى اجهاض نتائج الزيارة الناجحة للرئيس السيسى إلى أمريكا وبدء عودة السياحة إلى البلاد، وفتح الطريق أمام عودة المستثمرين، وتحسن صورة الاقتصاد المصرى فى الخارج. إن هذه الأزمة التى تواجه الوطن بكل أبنائه، يجب ألّا أن تمر مرور الكرام، ويجب ألّا أن تمضى كما مضى غيرها من أزمات، بل إن الكرة الآن باتت فى ملعب مجلس النواب والحكومة معًا، فهل نمتلك شجاعة اتخاذ القرار؟!