بعد قرارات مجلس الوزراء هل بدأت الحكومة طريق المواجهة مع الإرهاب؟ الإجراءات الحكومية هامة.. لكن الأهم هو التطبيق والحسم السريع سؤال إلي النيابة العسكرية.. لماذا لا يتم تفعيل الدستور ومحاكمة القتلة أمام المحاكم العسكرية؟ بعض الإعلاميين هم طابور خامس وحان وقت المواجهة وكشف الأوراق الخفية!! الإجراءات التي اتخذها مجلس الوزراء مساء السبت الماضي هي إجراءات قوية وفاعلة لكن المهم هو تطبيق هذه الاجراءات في مواجهة القتلة الارهابيين ومن يقفون معهم من الاعلاميين الذين باعوا ضمائرهم وارتضوا أن يكونوا مجرد أداة لهدم الدولة. كان طبيعيا بعد عمليات القتل الإجرامية التي تقوم بها الفئة الضالة أن تتحرك الدولة بكل حسم وقوة، لتصنع حدًا لهذه الجرائم الخطيرة والتي كان آخرها قتل ستة من الجنود الأبرياء وهم نيام.. لقد تحرك الخونة وسط جنح الظلام وراحوا يقتحمون كمينا عسكريا في مسطرد ويطلقون رصاصاتهم الغادرة علي الجنود فسالت دماؤهم انهارًا وروت الأرض الطاهرة.. كان اجتماع مجلس الدفاع الوطني صاخبًا، وكان الغضب من جراء هذه الأحداث قد بلغ حدًا كبيرًا، لقد طالب الحاضرون باتخاذ إجراءات قوية وحاسمة حماية للدولة الوطنية ومؤسساتها وحماية للشعب المصري من جراء هذا الارهاب. وقد عرض خلال الاجتماع تفاصيل المخطط الإرهابي الذي تقف وراءه أمريكا وقطر وتركيا مع جماعة الإخوان، وهو مخطط يستهدف نشر الفوضي والاعتداء علي مؤسسات الدولة وبدء خطة واسعة لقتل الجنود والضباط والشخصيات العامة في البلاد.. وكان الموضوع الثاني الذي حاز علي قدر كبير من النقاش هو المتعلق أيضا بالتجاوزات الإعلامية التي تستهدف الجيش ومؤسسات الدولة من خلال حملات التشكيك والاهانة التي طالت المؤسسة في الفترة الماضية، وكذلك الحال نشر الأكاذيب التي من شأنها إثارة الفوضي وفقدان الثقة بين الشعب وقيادته. وقد تم الاتفاق في هذا الاجتماع علي ضرورة إصدار ميثاق للشرف الإعلامي فورًا وإتخاذ إجراءات هدفها مواجهة هذه التجاوزات والأجندات التي لا يمكن وصفها إلا بأنها أجندات تستهدف الدولة ومؤسساتها في هذا الوقت.. وقد عرضت خلال اللقاءات معلومات خطيرة عن هذا المخطط وتفاصيله، وهو يدخل ضمن إطار المخطط الأكبر الذي يستهدف إسقاط الدولة ونشر العنف والارهاب علي أراضيها. وفي أعقاب الاجتماع التقي رئيس الوزراء برئيس الجمهورية والذي كلفه بعقد اجتماع عاجل مساء ذات اليوم لمجلس الوزراء واتخاذ القرارات والاجراءات الكفيلة بالتصدي لهذا المخطط. وبعد عدة ساعات من هذا اللقاء أصدر مجلس الوزراء عدة قرارات حاسمة وهامة أبرزها: التصدي بكل حسم لمن تسول له نفسه الاعتداء علي المواطنين والمنشآت المدنية والحكومية والمرافق العامة. تختص كافة جهات القضاء المصري مدنية وعسكرية بنظر هذه الأحداث. وإعمالاً بحكم المادة 204 من الدستور، يختص القضاء العسكري دون غيره بالفصل في كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن في حكمهم. ويسري هذا الحكم علي أي اعتداء أو الشروع فيه علي الكمائن المشتركة المشكلة من أفراد القوات المسلحة والشرطة المصرية. تشديد الإجراءات الأمنية علي المرافق الحيوية والإستراتيجية في الدولة، والرقابة علي المنافذ الحدودية، وملاحقة العناصر الإرهابية وتقديمها للعدالة. كما أصدر رئيس مجلس الوزراء تعليماته للسادة الوزراء كل في وزارته باتخاذ كافة الإجراءات التأمينية التي تحقق الحماية والأمان للمواطنين والعاملين والمرافق العامة التابعة لها. وأهاب مجلس الوزراء بأعضاء النقابات وعمال المصانع والهيئات والعاملين بالدولة وكل من له مطالب فئوية، اعلاء المصلحة العليا للوطن وإرجاء تلك المطالب في هذه المرحلة الدقيقة. وأكد مجلس الوزراء أن الدولة عازمة علي المضي قدماً في استكمال خارطة الطريق، مهما كانت التحديات والتضحيات تلبية لمطالب الشعب في ثورتي 25 يناير و 30 يونيو. لقد أحدثت هذه القرارات حالة من الارتياح في الشارع المصري، غير أن الأمر لا يتعلق فقط بإصدار القرارات وإنما بتفعيلها علي أرض الواقع، وهو ما يستوجب اتخاذ خطوات تحترم هذه القرارات. إن المطلوب إجراء محاكمات عسكرية سريعة وفقا للقانون لمحاكمة الارهابيين والقتلة الذين يمارسون اعتداءاتهم وقتلهم للضباط والجنود العسكريين وفقا لما نص عليه الدستور. لقد تعرض المئات من الضباط والجنود لعمليات قتل بشعة، سالت فيها دماؤهم الطاهرة، ورغم أن الدستور يعطي المؤسسة العسكرية حق إحالة المتهمين إلي المحاكم العسكرية حق إحالة المتهمين إلي المحاكم العسكرية إلا أن النيابة العسكرية لم تتحرك حتي الآن لتفعيل دورها والتحقيق مع القتلة الذين يجري القبض عليهم، بل للأسف يحقق معهم حتي الآن بواسطة النيابة العامة وينتظرون المحاكمات لشهور طويلة قادمة. لقد أصدر 'الشيخ' محمد عبد المقصود دعوي تحريضية اسماها فتوي تبيح حرق سيارات ضباط وجنود الشرطة والقوات المسلحة واقتحام منازلهم، وهي دعوة تحرض علي القتل والإرهاب، وهكذا تحول بعض الشيوخ إلي أدوات تستبيح حياة البشر، وهو أمر يفتح الطريق أمام دعاوي مقابلة قد تنال من أسرة محمد عبد المقصود نفسه من قبل أي من المتضررين، وهي أمور لا نتمني أن تصل إلي هذا الحد، إلا أن دعاوي التحريض التي يقوم بها هؤلاء المجرمون حتمًا ستفتح الطريق إلي ذات الممارسات التي يقومون بها من قبل آخرين ضدهم وضد أسرهم. إن الفترة القادمة هي فترة حاسمة وخطيرة، وإذا لم تتخذ الدولة إجراءاتها الفاعلة، كما فعلت المملكة العربية السعودية فإن البلاد ستتعرض إلي مشكلات كبيرة، كما أن الإرهاب والقتل اللذان يمارسان حتمًا سيجدان من يرد عليهما سواء من أهل الشهيد أو من المجتمع ذاته ضد مرتكبي هذه الجرائم وأهليهم، وهو أمر من شأنه أن يقود المجتمع إلي حرب أهلية بين الشعب المصري وبين هذه الحفنة الإجرامية وأنصارها. أما عن الإعلام فحدث ولا حرج، لقد ابتلينا بطغمة من الملوثين والخونة الذين يتصدرون بعض الفضائيات ووسائل الإعلام، إنهم الطابور الخامس الذي كُلف بمهمة نشر الفوضي علي أرض مصر منذ أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير، إنهم أنفسهم الذين هتفوا يسقط حكم العسكر، وهؤلاء كان يتوجب محاسبتهم منذ فترة من الوقت إلا أن الأيدي المرتعشة تخوفت من الاقتراب من هذه العناصر.. فتركوها تعبث بالعقول وتزور الحقائق. إن الدولة الرخوة لا يمكن أن تنجح في التصدي للمخاطر التي تحيق بها من كل اتجاه، ذلك أن مصر في حاجة الآن إلي حكومة 'حرب'، لأن القضية الأولي والأساسية التي توجب أن تكون علي أجندة الحكومة هي قضية الإرهاب. إن الاستهانة بالإرهاب وعناصره أو التلكؤ في مواجهته سوف يساعد علي مزيد من الاستقطاب من خلال الأموال التي تدفع لبعض العاطلين والمشوشين ليكونوا في ذات الخندق مع هؤلاء المجرمين في مواجهة الشعب ومؤسساته المختلفة. إنني علي ثقة بأن حكومة المهندس إبراهيم محلب لن تألو جهدًا في استخدام كل آليات المواجهة وتوظيف كافة الطاقات وإصدار القوانين الكفيلة بوضع حد لهذه المؤامرة متعددة الأطراف. لقد أعلنت أمريكا أنها ليست ضد جماعة الإخوان ورفضت اعتبارها جماعة إرهابية وصممت ولا تزال علي التعامل معها، وكلها أمور تكشف عن حجم المؤامرة وأبعادها وعن مدي التورط الأمريكي في هذه العمليات والأفعال. إن الدولة المصرية مطالبة باتخاذ كل السبل والإجراءات التي تمكنها من التصدي لهذه المؤامرة، ولا يجب أن نعطي بالاً واهتمامًا لأمريكا أو بعض دول الغرب الذين هم طرف في المؤامرة بالأساس. إن مصر يجب أن تعطي رسالة واضحة للجميع تؤكد أن الأولوية هي لأمنها ولمصالح شعبها وأنه لا يهمها ردود الفعل الأمريكية أو الدولية إذا ما تعارضت مع أمن البلاد ومصالحها. لكل ذلك فإن قرارات مجلس الوزراء بالأمس هي بداية مهمة، ولكن الطريق طويل ويحتاج منا جميعًا أن نتكاتف في خندق واحد حماية للوطن وأمنه واستقراره، ذلك أن الرهان، علي اسقاط مصر هو رهان جد ولا هزل فيه ولا خيار أمامنا سوي كشف المخطط بكل أبعاده والتصدي لعناصره ودحرها وتجفيف منابعه.