هل من قبيل المصادفة المحضة.. أن يبث التليفزيون المصري.. حوارًا طويلاً علي امتداد ساعة ونصف الساعة تقريبًا للرئيس «عبدالفتاح السيسي».. لأول مرة منذ أن تولي الحكم منذ سنتين.. ويكون توقيت الحوار.. هو عشيةً 5 يونيو؟! هل من قبيل المصادفة المحضة أن يقف الحوار علي محطات أساسية من الانجازات.. فيقدم ما يشبه كشف حساب لإنجازات تحققت بالفعل علي أرض الواقع.. مثل شبكة الطرق والكباري، ومشروعات الطاقة.. ثم مشروعات أخري اتخذت فيها الخطوات الأولي.. مثل زراعة 1.5 مليون فدان في الفرافرة.. والمفاعل النووي «الضبعة».. نعم أراد أن يزرع الأمل فى عيون المصريين ويقرنه بالعمل.. وهو الأمر الذي ظل يردده مع المحاور والمذيع «أسامة كمال». وقد حدد فيه مطلبه الأول والأساسي من المصريين كل المصريين.. العمل ثم العمل ثم العمل.. وأن يكونوا علي قلب رجل واحد. نعم يأتي هذا الحوار.. في وقت شديد الأهمية.. ففضلاً عن كونه يحاول أن يغير مسحة الحزن.. و«الندب» الذي تعودنا عليها في عهد المخلوع حسني مبارك، وخاصة عندما كان يهّل علينا «يونيو».. وكأن المطلوب احمدوا ربنا علي ما أنتم فيه من مشاكل أو حتي «كوارث».. لأن من شاف بلاوي التاريخ.. يهون عليه مصائب الحاضر!! نعم يأتي الحوار.. ومعظم القنوات الفضائية الخاصة.. في الإعلام المرئي تحظي بنسب مشاهدة أعلي بكثير من التليفزيون المصري «ماسبيرو» وبقنواته المتعددة، فهل يعد هذا الحوار بمثابة قبلة الحياة، التي تدفع الدماء من جديد في شرايين «ماسبيرو».. أم أن الأمر يتطلب أكثر من ذلك بكثير؟.. لأن ما حدث أثناء إذاعة الحوار.. لا يخفي علي المشاهد الفطن.. والذي لاحظ أن بداية بث الحوار جاءت من النهاية.. فإذا بهم يقطعون البث.. ويعاودونه بعد دقائق.. من البداية الصحيحة للحوار!! لعل هذا الخلل، يؤكد ما أشار له الرئيس «السيسي» في ثنايا الحوار.. من أهمية الإعلام.. وأهمية تنظيمه تبعًا للدستور.. وأن الإعلام المصري بلا قائد مسئول وهذا عكس ما هو موجود في العالم! من الأفكار المهمة والتي استوقفتنى في الحوار.. مقولة الرئيس «السيسي» «امتلاك القدرة».. في الزراعة، في التسليح، في الطاقة، في المشاريع الكبري.. لكي نسترد هيبة مصر ومكانتها بالعمل لا بالقول.. ففي ظل الفراغ الإقليمي.. وصراع قوى بعينها علي تنصيب نفسها قوة إقليمية كبري من تركيا إلي إسرائيل إلي إيران.. كان لابد لمصر أن تمتلك القدرة التي بها تصبح لاعبًا إقليميًا مهمًا في الإقليم.. بعد أن تغيب هذا الدور علي امتداد ما يزيد على أربعة عقود!! حاول المذيع أسامة كمال أن يحذو حذو الواقع.. فقد أراد للحوار أن يكون هادئًا، غير متكلف، وغير مشاغب، أو طموح لمعرفة الرؤية المستقبلية.. أراد له أن يلامس قضايا مطروحة.. تلوكها الألسن.. وتشغل الناس.. وتتشعب من الغلاء وحتي الشباب.. ومن مقاومة الفساد وحتي المشروعات الكبري.. ومن قضايا التعليم والصحة والتي يحتاج إصلاحها إلي وقت طويل، فضلاً عن ميزانيات ضخمة.. وجهد ومثابرة قد تطول من 12 : 13 عامًا كما عبر عن ذلك الرئيس.. إلي سيناء بين الإرهاب والتعمير.. إلي العلاقة بأمريكا.. والتي أكد فيها الرئيس أنه غير مقيد لاتباع سياسة الماضي.. لا أحد يلزمه بها.. سياسة الإملاءات.. أو بالأحري سياسة السمع والطاعة.. والمقولة الشهيرة للسادات والتي ظلت تحكمنا.. وهي أن ٪99 من أوراق اللعبة في يد الأمريكان.. إلي أن أسقطت بعد ثورتي يناير ويونيو. وإذا كنت أود تلخيص الحوار.. فهو متاح للجميع.. لكنني أود الوقوف علي معاني وأفكار جد هامة.. منها مقاومة الفساد الذي نحتاجه بشدة.. فهو يقول الخطأ واضح، والفساد واضح.. «إحنا قعدنا سنين طويلة بلا بناء ولا تعمير».. والبناء والتعمير ليس سهلاً ولا يسيرًا.. البناء بياخد وقت وجهد فماذا عن بناء الحريات والديمقراطيات؟! الشباب المصري لم نستطع أن نوجد صيغا للحوار معه.. من حقهم يسمعونا، ومن حقنا نسمعهم. الضرر كل الضرر من شرذمة الآراء وفرقتها.. لابد من ضبط الإيقاع.. الكل يسعي لمصلحة مصر بالأساس.. ولنختلف بعد ذلك.. ٪90 من الشباب الموجود فى السجون «جنائي» ٪10 فقط دون ذلك.. وأعد بخروج دفعة رابعة قريبًا.. أنا لا أفاصل في المشاريع الكبري.. وإنما أتفاوض.. إذن فلنسمها ثقافة التفاوض لا الفصال. ومن تلك النقطة.. كم كنت أتمني أن يمسك هذا الخيط المذيع «أسامة كمال» ويمتد به ليسأل الرئيس.. ويبحر معه في ثقافة الحريات التي بها تبني الديمقراطيات خاصة أن هناك ملتقي دوليا، أقامته وزارة الثقافة المصرية.. من 29 : 31 تحت عنوان «تجديد الخطاب الثقافي»، والذي جاءت فيه أفكار تؤكد أنه في المجتمعات النامية.. قد تصبح الثقافة أهم من الطعام.. فكان من المهم أن نتعرف علي رؤية الرئىس.. والمفاهيم المتعددة للثقافة ولدورها والتي تصب في بناء الإنسان الفاعل والمنتمي.. بعد أن أشاد الرئيس في أكثر من مرة بوعي الناس العالي الذي حمي الدولة من السقوط في أكثر من موقع في الحوار. كم أود أن يقف بنا الحوار أمام قضايا هامة ومصيرية منها قضية ازدراء الأديان.. قضية نقابة الصحفيين التي لن تحل إلا بتدخله شخصيًا.. علي أن أهم القضايا.. قضية المياه وسد النهضة التي صارت هاجس كل بيت وأسرة مصرية.. نعم إنه حوار لا تنقصه الصراحة، ولا الشفافية.. وإن كنا طموحين إلي إبحار أعمق في الشخصية.. والواقع.. والمستقبل.