أوكسفام: الأثرياء يزدادون ثراء بينما يتفاقم الفقر العالمي    ترامب يرغب في تعيين وزير الخزانة سكوت بيسنت رئيسا للاحتياطي الاتحادي رغم رفضه للمنصب    ترامب يعلن عن لقاء مع زهران ممداني الجمعة في البيت الأبيض    تنبيه من الأرصاد بشأن طقس اليوم الخميس    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    زوار يعبثون والشارع يغضب.. المتحف الكبير يواجه فوضى «الترندات»    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    منى أبو النصر: رواية «شغف» تتميّز بثراء نصّها وانفتاحه على قراءات متعددة    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    تراجع في أسعار اللحوم بأنواعها في الأسواق المصرية اليوم    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    مهرجان القاهرة السينمائي.. المخرج مهدي هميلي: «اغتراب» حاول التعبير عن أزمة وجودية بين الإنسان والآلة    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    موسكو تبدي استعدادًا لاستئناف مفاوضات خفض الأسلحة النووي    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    بالأسماء| إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي بأسيوط    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    قليوب والقناطر تنتفض وسط حشد غير مسبوق في المؤتمر الانتخابي للمهندس محمود مرسي.. فيديو    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع:
تخوفاتي من صعود التيار الديني بدأت تتحقق
نشر في أخبار اليوم يوم 20 - 01 - 2012


د. رفعت السعيد
الإخوان لن يتمكنوا من تطبيق دولة الخلافة وسيمنحون الثقة لحگومة الجنزوري
مصر سترگب » المرجيحة « لو تم تفصيل الدستور
سببان رئيسيان كانا وراء إجراء الحوار مع د.رفعت السعيد رئيس حزب التجمع.. أولها ان د.السعيد ظل لسنوات يحذر من سيطرة التيارات الإسلامية علي المشهد السياسي، وعبر مرارا عن تخوفه من صعود تلك التيارات ووصولها للحكم.. إلا ان نتائج انتخابات مجلس الشعب جاءت عكس تلك التحذيرات، وتفوق الإخوان والسلفيون وعدد من الاحزاب الدينية الاخري وتمكنوا من تحقيق الاغلبية البرلمانية.. ثاني الاسباب ان مطالب ثورة يناير والتي تمثلت في "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية".. كانت نفس ما نادي به حزب التجمع منذ نشأته وحتي اليوم، وكان متوقعا ان يلتف الثوار حول الحزب في الانتخابات.. إلا ان النتائج لم تسفر سوي عن فوز التجمع ب 6 مقاعد وفي هذا الحوار واكد د. السعيد ان جماعة الإخوان لن تتمكن رغم اغلبيتها البرلمانية من تحقيق ما تصبو إليه من تطبيق دولة الخلافة، وطالب بقية الاحزاب الممثلة تحت القبة بالتوحد للحفاظ علي مدنية الدولة، ومواجهة أي محاولة تقوم بها الاحزاب الدينية للانفراد بالجمعية التأسيسية للدستور، وأشار السعيد إلي انه علي الرغم من اكتساح الاحزاب الدينية في تحقيق الاغلبية.. إلا انها لن تسعي للصدام مع القوي السياسية الاخري داخل البرلمان
حذرت منذ سنوات من صعود التيارات الدينية..فماذا تقول بعد ان استحوذت تلك التيارات علي غالبية مقاعد البرلمان و تم فتح حوارات معها من جانب الحكومة والمجلس العسكري؟
اعتقد ان كل ما كان لدي من تخوفات حول صعود التيار الديني علي الساحة ووصوله للحكم بدأ يتحقق الآن.. ولكن هذا الأمر لم يأت عبثا.. فالمجلس العسكري حينما تولي السلطة يبدو وأنه كان في خلفيته ما قام به الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من الدخول في مشادة مع محمد نجيب حول من يذهب أولا لقراءة الفاتحة علي قبر حسن البنا، ولكن عبد الناصر سبق نجيب في ذلك.. إلا ان نجيب قرر ان يسجل موقفا فذهب لقبر البنا وظل يبكي وكأنه توفي لحظتها، و كذا قيام عبد الناصر بتعيين المستشار سليمان حافظ في موقع نائب رئيس مجلس الدولة ومنحه الصلاحيات الكاملة لوضع القوانين التي استخدمها عبد الناصر بعد ذلك ضد الإخوان و التيارات السياسية الاخري.. فعندما قرر المجلس العسكري تشكيل لجنة التعديلات الدستورية وضع علي رأسها المستشار طارق البشري والمعروف بتوجهاته الدينية.. وضم إليها صبحي صالح القيادي بجماعة الإخوان، ولكن لابد عندما تكون اللجنة منوطا بها وضع تعديلات في الدستور يجب ان يمثل فيها تيارات سياسية مختلفة، وطالما تم الاستعانة بصبحي صالح وهو محام من بين نصف مليون محام كان لابد من الاستعانة بمحامين من الوفد والتجمع والقوي الليبرالية والمستقلين خاصة انه لا يوجد مشكلة في عدد اعضاء اللجنة، و ينطبق هنا بيت الشعر الذي قالت فيه المعشوقة لعشيقها »إذا جئت فأبعث طرف عينك نحونا لكي يعرفوا ان الهوي حيث تنظر".. واختيار لجنة تعديلات الدستور بهذا الشكل أسفر عن ان كافة النصوص الدستورية التي صاغتها اللجنة جاءت "لحساب" الإخوان.. ومن هذا المنطلق استشعر المواطنون والقوي السياسية من اليوم الأول لتشكيل هذه اللجنة ان "عيون" المجلس العسكري علي جماعة الإخوان والتي أطمأنت بدورها إلي ان الطريق ممهد أمامها لتحقيق أهدافها، والدليل علي ما اقوله انه خلال الاستفتاء علي التعديلات الدستورية والتي رفضتها معظم الاحزاب استغل الإخوان 120 ألف مسجد لتوجيه المواطنين للتصويت "بنعم" وجري الاستفتاء تحت شعار "إذا كنت تريد الجنة قل نعم" وذلك علي الرغم من ان المجلس العسكري حظر استخدام الشعارات الدينية.. إلا ان هذا الحظر لم ينفذ بصورة غير مفهومة، فمعلوماتي ان القائد العسكري حتي وإن كان ملازما حينما تعرض عليه أوراق لا يقول "اوافق" بل "تصدق".. أي ان قرارت العسكريين واجبة النفاذ.. وأنا اعترف ان الإخوان يمتلكون أرضية قوية تستند علي القدرة التنظيمية و"أكوام" من الأموال التي انفقوها علي مدي السنوات الماضية وعلي سبيل المثال يقع بجوارسكني جمعية خيرية مملوكة للإخوان توزع شهريا زجاجات زيت وأكياس شاي وسكر ولحوم و 50 جنيها علي 500 اسرة.. و بالتالي لا يستطيع منافسة ذلك إلا من لديه تنظيم قوي وموارد مالية ضخمة، وأود ان اشير إلي ان ضعف جهاز الدولة وتنحيه عن القيام بمسئولياته ساعد الإخوان.. ففي نهاية عهد مبارك اعلنت في مجلس الشوري ان مصر هي البلد الوحيد الذي يزداد فيه نسبة الوفيات رغم التقدم الطبي، كما ان عدد الأسرة انخفض 30 ٪ في المستشفيات، ورد وزير الصحة وقتها بأن المصريين يتشائمون من الذهاب للمستشفيات.. فأستغل الإخوان تلك الثغرة وأقاموا عيادات طبية ومدارس حتي انهم اقاموا مدارس للغات و ال "I G " وتمكنوا من أن يضعوا انفسهم بديلا عن جهاز الدولة المفترض وبدأوا يضعوا حلولا لمشاكل المواطنين وإن كانوا حصلوا علي نسبة كبيرة في البرلمان فذلك لأنهم انفقوا أموالا بلا حدود تجاوزت الحد الاقصي الذي نص عليه القانون، كما أن خوض السلفيين للانتخابات جاء هو الاخر في صالح الإخوان حيث ان الناخبين تخوفوا من تشدد السلفيين فصوتوا للإخوان باعتبارهم أقل تشددا ويمثلون التيار الديني المعتدل.. ومن العوامل التي ساعدت في تفوق الإخوان أنهم لعبوا علي وتر الدين لجذب الناخبين وأطلقوا شعارات دينية مثل " كن مع الله فصوت لنا" و"الديمقراطية والليبرالية كفر" لدرجة انني أبلغت احد المسئولين عن استغلال التيارات الدينية للمساجد وللشعارات الدينية في الانتخابات فقال لي "لو راجل امنعهم"، وهناك نظرية تؤكد ان الإنسان عندما يجد نفسه في مأزق بلا حل يلجأ إلي السماء.. فالكاتب هيمنجواي في إحدي روايته الشهيرة حكي ان احد المركسيين كان فوق الجبل وجاءت طائرة فأطلقت قذيفة فقال "تحيا الإمبريالية" فعادت الطائرة واطلقت قذيفة ثانية فقال "تحيا الجمهورية" فأطلقت عليه قذيفة ثالثة فأستنجد بمريم العذراء، وهذه الرواية تنطبق علي مايحدث في مصر.. فحينما قام الشباب بالثورة التي طالما حلموا بها واسقطوا النظام السابق حددوا عدة مطالب وهي عدالة اجتماعية وحرية ومواطنة ووحده وطنية وبمرور الوقت سرقت الثورة منهم وأحتل الإسلاميين الميدان في جمعة قندهار وارتفعت الاعلام السوداء وصور "بن لادن"، واصبحنا امام ثورة أجهضت اهدافها، فكان من الطبيعي ان يلجأ المواطنون إلي السماء تحت عبارة "نجرب الناس بتوع ربنا"، ومايحتاج لتفسير في هذه الانتخابات هو الظهور المفاجئ للسلفين في الحياة السياسية.. فبعد الإفراج عنهم جمعيا بثلاثة شهور كان لهم حزب سياسي قوي رغم ان التمويل السلفي - علي حد علمي - لا يأتي للحزب وإنما لجمعيات دينية دعوية ولقد وصل هذا التمويل إلي 175 مليون جنيه وفقا لإحصائيات وزارة العدل.. وانا لا اعرف كيف اكتسبوا هذه الخبرة السياسية في هذا الوقت القصير.. و تتردد أقاويل بأنه تم تدريبهم علي كيفية تأسيس أحزاب ومخاطبة وحشد المواطنين و"ترهيبهم" ثم احتضانهم بعد ذلك، ولكن لا توجد اية وثائق تؤكد ذلك، و تأسيس السلفيين لعدة احزاب فور الإفراج عنهم يعني أنهم حصلوا علي "عفو" عن العقوبات التبعية وتم إلغاء حظر مباشرتهم لحقوقهم السياسية، وتم استضافتهم بكثافة في التليفزيون الحكومي.. لدرجة ان زميلنا الكتاب جلال عامر قال انه تعلم ان الحديث في السياسة يتطلب قراءة 40 كتابا اما الان فيتطلب "تربية الذقون"، ولقد فوجئنا بأن احد الأشخاص يخرج من الزنزانة إلي التليفزيون الحكومي مباشرة ليتباهي بأن الله منحه القدرة علي قتل السادات في 30 ثانية وكأننا نقول للمواطنين ان هذا هو الصنف البطولي الان.. وعلي اية حال يجب ان أؤكد ان الإخوان تلاعبوا بالمجلس العسكري ومشاعر المواطنين.. ففي البداية اعلنوا انهم لن يترشحوا إلا علي 40 ٪ من المقاعد ثم طمعوا وزادت النسبة وبلغت 50٪ تحت شعار "الضرورات تبيح المحظورات"، كما تحدثوا عن نيتهم للتشاور مع القوي السياسية لاختيار رئيس توافقي لمجلس الشعب وقبل هذا التشاور رشحوا د. سعد الكتاتني.. حتي في السياحة تباهوا بأنهم جلسوا مع خبراء السياحة وقالوا لهم أنهم سيسمحون بالسياحة الشاطئية مأكلا وملبسا ومشربا لمدة 5 سنوات وبعدها سيعاد النظر في هذا النوع من السياحة، فماذا عن السياحة غير الشاطئية، ومن سيستثمر امواله في السياحة وهو يعلم انه سيعاد النظر فيها بعد 5 سنوات خاصة ان بناء فندق يستغرق عامين وهذا يعني ان المستثمر سيكون امامه ثلاث سنوات فقط!
وما هو تفسيرك لعزوف المواطنين عن الالتفاف حول حزب التجمع في الانتخابات خاصة ان مطالب الثورة هي أساس برنامج الحزب ؟
برنامج التجمع يضم بالفعل عددا من مطالب الثورة.. ولكن "ولاية المتغلب" فرضت نفسها علي الساحة السياسية.. والشباب الثائر نزلوا مرة اخري للميدان ليقولوا "لا" لانهم شعروا أن مطالبهم جري تجاوزها والقفز عليها إلي مطالب وقوي أخري، لكن إذا كان البعض يتصور ان عدم حصول الحزب علي مقاعد كثيرة في مجلس الشعب لأننا لم نذهب للميدان فهذه "أكذوبة".. لأن التجمع قدم 6 شهداء في الثورة وشبابه كان في الصفوف الاولي، واتحدي ان يكون اي من الاحزاب بما فيهم الإخوان والسلفيين قد سقط لهم شهداء في الثورة.. والنتيجة العملية للقفز علي مطالب الثورة وتجاهلها ان تنشأ الفوضي، فعندما يفقد المواطن العادي الأمل في اكتمال الثورة وفي القدرة علي التغيير يلجأ للسماء، اما الثوريون المتشددون فحينما تسرق الثورة منهم بعد ان ضحوا بحياتهم من اجلها فلا يكون أمامهم إلا اللجوء العنف، وهذا ما يفسر احداث العنف التي وقعت في شوارع محمد محمود والشيخ ريحان ومجلس الوزراء، ونحن نحاول ان نتلافي الوصول لحد "الفوضوية "، والتي حدثت في مطلع القرن العشرين عندما قام فوضوي باغتيال ولي عهد النمسا وكانت النتيجة اشتعال الحرب العالمية الاولي والتي راح ضحيتها 5 ملايين شخص، ونحن نرغب في تلافي الوصول لحد الفوضوية من خلال ان يشعر الثوار بأن ثورتهم بالإمكان استعادتها عن طريق الادوات الديمقراطية.. وبشكل عام بعد ان حصل الإخوان والتيار الديني علي نسبة كبيرة داخل البرلمان، أصبح واجبنا ان ندعو جميع القوي الوطنية والليبرالية ودعاة الدولة المدنية والمواطنة المتكافئة والمساواة وعدم التمييز لتشكيل تحالف داخل البرلمان أمام التيار الاسلامي لخلق توازن جديد للقوي، واود أن اشير إلي ان البرلمان القادم وضعه مثير للدهشة، فالثوار سلبت ثورتهم وفي نفس الوقت تم وضع قانون الاحزاب ليستبعدهم عن عمد، فالرئيس الراحل انور السادات اشترط الحصول علي 50 توقيعا لتأسيس حزب سياسي ومبارك اشترط ألف توقيع اما الان القانون يشترط الحصول علي 5 آلاف توقيع من 14 محافظة وهو شرط "يعجز" الشباب الذي تواجد في الميدان عن تحقيقه، وبالتالي لم ينجح في الانتخابات إلا 6 من الشباب بعضهم يدعي كذبا انه من شباب الثورة ومنهم من شارك في الثورة فعلا بنسبة لا تتجاوز 1٪ لذا فإن صناع الثورة وأبطالها ليس لهم تواجد في البرلمان، فضلا عن ان نسبة النساء والاقباط اقل من 1٪ لكل منهما كما تم حرمان الفقراء الذين يمثلون 50٪ من الشعب من حقهم الدستوري في الترشح بسبب رسوم الترشيح البالغة ألف جنيه والتي تمثل مرتب 6 شهور لهذه الطبقة، وبالتالي فإن نصف المجتمع غير ممثل في البرلمان، واصبحت الصورة كئيبة.. فما معني انتصار قوي بإزاحة قوي مجتمعية اخري.
ألا تري أن حزب التجمع أخطأ بالهجوم عليهم؟
لا.. فعندما اخاصم جماعة سياسية وانتقد افكارها واشعر بالخوف من تلك الافكار ثم تحقق تلك الأفكار انتصارا فهذا يستدعي أن أكون اكثر حرصا وخوفا ورفضا لها.
في ظل عدم وجود حكومة تمثل الاغلبية وعدم وضوح الرؤية حول المعارضة فما هو تصورك للمجلس القادم؟
سيظل د. كمال الجنزوري رئيسا للوزراء وسيمنح الإخوان حكومته الثقة علي " مضض " لأنهم كانوا يرغبون في تشكيلها بأنفسهم، ود. الجنزوري اعلن منذ اليوم الاول ان الحكومة ستستمر لمدة 10 سنوات بعد حديثه عن مشروع توشكي وتعمير سيناء، ولكن هذه الحكومة ضعيفة.. فهل يعقل ان تعجز حكومة عن ان تخرج المعتصمين من ارض المفاعل النووي بالضبعة، ولماذا تقف القوات المسلحة "صامتة".. حتي ان مسئولي البنك الدولي سألوا عن كيفية إنفاق مبالغ للاستثمار في دولة يعجز فيها رئيس الوزراء عن الدخول لمكتبه وهو ما يطرح ايضا امامنا افتراض ان يمنع المعتصمون النواب من الدخول لمجلس الشعب.. لذلك لابد ان تكون هناك سلطة.. إلا ان تلك السلطة المفترضة غير موجودة ولابد من معالجة تلك الامور وانا لا أعني بذلك ان يتم استخدام العنف ضد المواطنين أو قتلهم، ولكن ايضا لا يجوز ان يترك المجال للمندسين ليفعلوا ما يشاءون فهذه سياسة خاطئة.
هل تعتقد ان الإخوان سيقومون بتمرير قوانين تصب في صالحهم مع بدء جلسات المجلس؟
لن يجرؤ الإخوان علي تمرير قوانين تخدم مصالحهم ولن يدخلوا في معارك تشريعية، بل سيقومون بإصدار تشريعات لا يختلف عليها احد وسيدخلون في مرحلة هدنة مؤقتة، وسيعملون علي أن تمر الاشهر الاولي "بسلام" لحين وضع الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية، كما سيحاولون إطلاق شعارات التهدئة "الخائبة"، اما بالنسبة للسلفيين فسيلتزمون "الصمت" تحت ضغط الإخوان عليهم بعبارة "الضرورات تبيح المحظورات" وهم يمتلكون من الحجج ما سيجعلهم ينجحون في إخماد تشدد "السلفيين"، وستمر الفترة الأولي في هدوء حتي يتم وضع الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية، ولكن بعد ذلك سيكون المجلس كله في مأزق وبالتالي ربما يكون الحل ان تجري انتخابات جديدة.. لأن جماعة الإخوان لن تستطيع ان تحقيق ما تصبو إليه من تطبيق دولة الخلافة.. بحيث يكون للمسلمين جميعا خليفة تجري بيعته من اول جمهوريات روسيا الوسطي والشرق الاقصي إلي افغانستان وإيران وجيبوتي حتي مسلمي فرنسا وفنزويلا .. كما ان حديث الإخوان عن ان المرأة ليس لها حق الولاية الكبري يخالف الاطار الموجود في الدول الإسلامية، فدول مثل بنجلاديش وباكستان واندونيسيا والتي تضم 80 ٪ من المسلمين في العالم تولت المرأة فيها الولاية الكبري بالمصادفة، وهناك بعض القوي السياسية الموجودة تفكر في تطبيق نسخة معدلة من النموذج التركي، وهو ما لا يمكن تحقيقه لأن النظام التركي قام علي عدة اسس اهمها ان الجيش في النظام التركي علماني، كما ان هذا النظام يتمتع بهدوء وديمقراطية ومساحة من التعامل الإسلامي المعتدل لأن هذا النظام يغازل الاتحاد الاوروبي ولا يمكن ان ينضم إليه بكتلة إسلامية.. إلا إذا كان يقودها اشخاص معتدلون، فعلي سبيل المثال رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان استعان بمصمم نمساوي لتصميم حجاب زوجته رغم انني توقعت ان يستعين بمصمم سعودي ، وتلك المواصفات الموجودة في النظام التركي غير موجودة في مصر فالجيش ليس علمانيا، والتيار الإسلامي غير ملزم بمغازلة الاتحاد الاوروبي بل ملزمون بمغازلة "حماس" الأكثر تشددا.
ماذا ستفعل وانت دون نواب داخل البرلمان ؟
لدينا 6 نواب في البرلمان.. ولقد قرر رؤساء احزاب الكتلة المصرية "التجمع، المصريين الاحرار، المصري الديمقراطي" السعي من أجل تحويل هذا التحالف الانتخابي إلي سياسي وبرلماني لتوحيد كل القوي الوطنية من اجل اقامة دوله مدنية.
ما توقعك لتشكيل لجنة الدستور؟
أود أن أوضح اننا عندما طلبنا ان يكون الدستور اولا رفضت تيارات الإسلام السياسي بما فيها الإخوان، فطلبنا وضع مواد تأسيسية للدستور ووافق الإخوان في اجتماع سبق وأن حضرته وبشهادة رؤساء الاحزاب الذين تواجدوا في هذا الاجتماع.. إلا انهم تراجعوا عن تلك الموافقة، ولجنة الدستور إذا تم إحكام العقل في تشكيلها فهذا سيكون إيجابيا وسنخرج بدستور يلبي طموحات كل أطياف الشعب ولكن إذا اتبع الإخوان اسلوب "الفرض" كما حدث في اختيارهم للدكتور سعد الكتاتني لرئاسة المجلس في تشكيل لجنة الدستور ستكون لجنة "غير منطقية" كتشكيل البرلمان، وسيتم تفصيل الدستور علي "مقاس" الإخوان، وسيكون الدستور مطمعا لكل من سيحصل علي الاغلبية بعد ذلك، وستركب مصر "مرجيحة" دستور ليبرالي أم إسلامي، ومعركتنا الحقيقية هي الضغط من أجل تشكيل لجنة دستور متوازنة تضم كل التيارات السياسية للخروج بنصوص دستورية متوازنة، واتوقع انه سيتم الاتفاق علي ان يجمع نظام الدولة بين النظامين الرئاسي والبرلماني وبالتالي سيكون من حق رئيس الجمهورية القادم تعيين رئيس الوزراء.
وهل يمكن ان تستعين لجنة إعداد الدستور ببعض ما جاء في وثيقة د. علي السلمي؟
وثيقة "السلمي" كانت مخرجا، وهذه الوثيقة انا لا اعتقد ان د.السلمي اعدها "بمزاجه" لكنه "شربها" فعندما يطلب منه إعداد وثيقة ثم يكتبها ويتمسك بها ويقال له تمسك بها أكثر من مرة ثم "يخلعوا منه" كان من الطبيعي ان يشعر بالأسي.. وبمناسبة الحديث عن الوثائق أود ان اشير إلي ان وثيقة الازهر بها ايجابيات كثيرة جدا لكن يجب ألا تملي نفسها علي أحد لأن الازهر ليس جهة تشريع، وعندما نقول أنه لا يجوز خلط الدين بالسياسة.. فلا يجوز ان يفرض الازهر تلك الوثيقة.. وإلا سنأتي في مجلس الشعب فيطلب فصيل سياسي تطبيق الحدود فيعترض علي ذلك عدد من النواب فيتم المطالبة بالرجوع للأزهر فإن قال "لا" صارت "لا" وإن قال نعم صارت " نعم " ويكون بذلك هو من يشرع، ولن يستطيع احد ان يعترض وقتها علي رأيه.. ومن ثم نحن نشكر الأزهر علي هذه المساهمة لكنه يجب ان يتعامل مع الوثيقة علي انها رأي استشاري يؤخذ به أو لا يؤخذ.
بعيدا عن البرلمان.. كيف تتوقع شكل انتخابات الرئاسة والتي من المنتظر إجراؤها بعد الانتهاء من وضع الدستور؟
المصريون للأسف الشديد ليس لديهم ثقافة انتخاب رئيس الجمهورية بسبب انه قبل ثورة 1952 وعلي مدي التاريخ كان النظام ملكيا وبعد الثورة تولي الرئيس جمال عبد الناصر الرئاسة بنظام "ولاية المتغلب".. ثم اورثنا للسادات والذي اورثنا لمبارك والذي حاول توريث الحكم لنجله جمال، ورفض هذا التوريث المدنيون والعسكريون.. وإن كان واضحا سبب رفض المدنيين فلابد من إعلان العسكريين أيضا لأسباب رفضهم، كما اننا نفتقد لثقافة الترشح لمنصب رئيس الجمهورية ولا يعلم جزء كبير من المواطنين علي أي أساس سينتخب رئيس الجمهورية بدليل ان اختيار اعضاء البرلمان جاء علي أساس "زجاجة زيت وكيس سكر"، وهناك اندفاعا نحو الترشح لمنصب رئيس الجمهورية من قبل عدد كبير من الشخصيات، ويجب ان يعلم هؤلاء المرشحون انهم يخدعون وعليهم الرجوع لكتاب "لعبة الأمم" والذي اكد ان المصريين "شعب مجامل" فليس معني ان مرشح اوجد تأييدا من بعض الاشخاص علي المقاهي انهم سوف يصوتون لصالحه، ولا يعد ذلك كفيلا للاندفاع للترشيح لأن المرشح لهذا المنصب يحتاج علي الاقل ل 15 مليون صوتا اي اكثر مما حصل عليه كل نواب الإخوان، وهذا الوضع اكتشفه د.محمد البرادعي مؤخرا مما دفعه للانسحاب، وربما اكتشف ايضا ان هناك اتفاقا قد تم بين قوتين لاختيار رئيس بعينه.
وهل سيقوم التجمع بتأييد أحد المرشحين الحاليين للرئاسة؟
المرشح الحقيقي لرئاسة الجمهورية كما قلت لم يظهر بعد، ولكن قبل الحديث عن الرئاسة ومرشحيها هناك امور غير مفهومة وتحتاج لتفسير.. اولها اسباب اصطحاب الشرطة لكتيبة من الصاعقة وسيارتين مصفحتين خلال القبض علي تاجر مخدرات.. فهل يعني ذلك وجود تآخي بين الجيش والشرطة.. أم ان الشرطة لا تستطيع القيام بأي شئ بدون الجيش، وانا اعتقد ان ذلك مدلوله ان التسليح مع الجيش ورغم ذلك يطلب البعض رحيل الجيش.. ثانيا ما هو سر الهجوم غير العاقل علي المؤسسة العسكرية وضباط الجيش وعدم اتباع اسلوب النقد "المحترم" تجاه الجيش وما مدي انعكاس ذلك علي الضباط في ظل هتافات "يسقط حكم العسكر"، ثالثا.. علي أي ءساس يتم محاكمة مبارك علي مسئولية المتبوع عن اعمال التابع.. أم ماذا؟! ، كلها استفسارت لابد ان نجد لها إجابة.
بمناسبة ذكرك لمحاكمة مبارك.. كيف تراها؟
لا يمكن استخدام معيارين قانونيين.. فإذا اردت ان تستخدم معيار التشريع الثوري فيجب ان يسري علي الجميع وهذا لم يحدث، ومبارك يحاكم حاليا أمام قاضيه الطبيعي ولا يمكن لأحد التدخل او التوقع لأننا لم نسمع شهادات شهود النفي و الإثبات و شهادة كل من المشير حسين طنطاوي وعمر سليمان، وما علينا سوي ان نرفع ايدينا مستسلمين انتظارا للحكم، ولكني استطيع ان اقول ان هناك اشياء سيكشف عنها بعد فترة خاصة المتعلقة بالمسئول عن تنظيم مهاجمة اقسام الشرطة والسجون في يوم واحد وفي ساعة واحدة، والمسئول عن تنظيم مهاجمة مقار أمن الدولة ونهب ما فيها رغم ان ذلك كان معلوما مسبقا.. وحسن عبدالرحمن رئيس جهاز أمن الدولة السابق قال إنه كان يعلم ذلك قبلها بيومين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.