فى مناظرة تلفزيونية جمعت الرجل الخفى هشام قاسم بالإعلامى إبراهيم عيسى تحت عنوان: «هل تتعرض مصر لمؤامرة من الخارج»، دافع قاسم دفاعًا مستميتًا على الولاياتالمتحدةالأمريكية وتمحورت ردوده حول نفى وجود أى مؤامرات تُحاك ضد مصر من قبل الولاياتالمتحدة بل لا يوجد أى مؤامرات من قبل أمريكا على الشعوب العربية، حتى مخطط الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الكبير وكافة الخرائط الأمريكية التى صدرت فى العشرين عامًا الماضية حول تقسيم المنطقة كانت محل نفى من الرجل ويراها مجرد عملية إصلاح مجتمعى جمعى لشعوب انغرست فى الفقر والبطالة والإرهاب تتبناها الولاياتالمتحدة بغرض بلوغ الحكم الرشيد ونشر الديمقراطية فى المنطقة. هشام قاسم الرئيس السابق للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان والعضو المنتدب لجريدة «المصرى اليوم» وقد حظى بلقاء استمر 55 دقيقة مع جورج بوش فى تصريحات له بمجلة «تايم» الأمريكية نشرت فى 20 مارس عام 2006 بمناسبة حلول ذكرى غزو العراق الثالثة، دعا فيها للتدخل العسكرى الأمريكى المباشر فى مصر وبقية العالم العربى قال فيها بالنص: «لدينا كتلة من 22 دولة فى العالم العربى ترزخ تحت هيمنة الديكتاتورية والشمولية، وهى ليست كتلة يمكن مباشرة العمل السياسى معها والضغط عليها من أجل الإصلاح، لكن بالتدخل العسكرى تستطيع الولاياتالمتحدة الضغط على المنطقة لتتبنَّى الإصلاحات التى بدأنا نراها فى أرجاء المنطقة. إن هذا التدخل من شأنه أن يجنب العديد من دول المنطقة أن تصبح دولًا فاشلة منهارة. الواقع أن العالم وأوربا وإسرائيل لا يمكنها تحمُّل فشل الدول فى الفناء الخلفى لحقول النفط». ومن المعلوم أن هيئة الوقف الوطنى للديمقراطية هى الممول الرئيسى لمنظمة قاسم الحقوقية كمؤسسة غير ربحية أمريكية تأسست عام 1983، ويمكن الاطلاع على توجهات وطبيعة عمل هذه المؤسسة من خلال بحث بعنوان: «الثورة المصرية– التدمير الخلاق لشرق أوسط كبير» للمحلل السياسى الأمريكى، ويليام إنجدال، بتاريخ 5 فبراير 2011، وهو بحث مقدم من 9 صفحات تأتى قوته ليس فقط لأنه عن إنجدال، لكنها تأتى من مراجع البحث والتوثيق التى استند إليها إنجدال فى آخر صفحتى البحث رقم 8، 9 حيث كتب يقول عن نيد «وعلى الرغم من إدارتها كمنظمة خاصة، فإن تمويلها يأتى معظمه من تخصيص حكومى من الكونجرس، وقد تم إنشاؤه بقانون من الكونجرس». وقد قال «آلن واين شتاين» مهندس هذه المنظمة وأول رئيس لها، فى تصريح للواشنطن بوست عام 1991 «الكثير مما نقوم به اليوم كان يتم إجراؤه سرًّا قبل 25 عام بواسطة كالة الاستخبارات المركزية». مما يعنى لنا أن أنشطة هذه المنظمة ما هى إلا غطاء قانونى للمخابرات الأمريكية، وهذا يتضح لنا جليًّا من اتهامات أشارت إليها شخصيات يمينية ويسارية من داخل الدوائر الأمريكية لهذه المنظمة بالتدخل فى الشئون الداخلية للأنظمة الأجنبية، وبكونه قد أقيم ليواصل بطريقة قانونية الأنشطة المحظورة التى كانت تقوم بها وكالة المخابرات المركزية لدعم جماعات سياسية مختارة فى الخارج. ولكن لأن «نيد» بالشكل القانونى ليست مؤسسة تابعة للحكومة فإنها لا تخضع لرقابة الكونجرس، وبالتالى يتم توجيه أموالها والاستفادة منها فى الدول المستهدفة من خلال أربع مؤسسات رئيسية تمثل الغطاء القانونى لها وهى: المركز الأمريكى للتضامن العمالى الدولى التابع لاتحاد عمال الولاياتالمتحدة– وزارة الخارجية الأمريكية– المعهد الديمقراطى الوطنى للشئون الدولية التابع للحزب الديمقراطى– المعهد الجمهورى التابع للحزب الجمهورى». والجهتان الأخيرتان قام المجلس العسكرى المصرى ما بعد 25 يناير بمداهمة مقراتها فى القاهرة والقبض على المسئولين عن إدارتها، وفى 4/6/ 2013، أودعت محكمة جنايات القاهرة، حيثيات حكمها برئاسة المستشار مكرم عواد، ويبدو أنه يقدم تعريفًا دقيقًا لحروب الجيل الرابع التى تنتهجها السياسة الأمريكية فى تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد. إذ قال «إن التمويل أصبح إحدى الآليات العالمية التى تشكل فى إطارها العلاقات الدولية بين مانح، ومستقبل، وإن التمويل شكل من أشكال السيطرة، والهيمنة الجديدة، وهو يعد استعمارًا ناعمًا أقل كلفة من حيث الخسائر والمقاومة من السلاح العسكرى، تنتهجه الدول المانحة لزعزعة أمن واستقرار الدول المستقبلة التى يراد إضعافها وتفكيكها، وفى ظل النظام البائد، برز على السطح التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى كأحد مظاهر هذا التطبيع بدعوة الدعم الخارجى والحوار مع الآخر ودعم الديمقراطية والحكم، ومنظمات حقوق الإنسان وغيرها من المسميات التى يستترون فى ظلها، قد أفرغوها من محتواها الحقيقى وطبعوا عليها مطامعهم وأغراضهم فى اختراق أمن مصر القومى وتقويض بنيان مؤسسات الدولة، وصولًا لتقسيم المجتمع وتفتيته وإعادة تشكيل نسيجه الوطنى وخريطته الطائفية والسياسية بما يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية. ويقول إنجدال فى بحثه المشار له سابقًا: تعتبر «نيد» وكالة لزعزعة استقرار الأنظمة، ومن ثم التغيير امتد نشاطها من التبت إلى أوكرانيا، ومن فنزويلا إلى تونس، من الكويت إلى المغرب فى عملية إعادة لتشكيل حدود العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتى عام 1989، طبقًا لتوصيات بوش الأب فى خطاب ألقاه عام 1991 إلى الكونجرس، حيث أعلن منتصرًا بزوغ فجر النظام العالمى الجديد. حيث شاركت هذه المؤسسة فى التحضير لموجة من زعزعة الاستقرار للأنظمة عبر شمال أفريقيا والشرق الأوسط بعد أحداث 11 سبتمبر ومنذ الغزو الأمريكى العسكرى 2001-2003 لكل من أفغانستانوالعراق. وقائمة الدول التى توجد بها أنشطة لهذه الوكالة تكشف هذا المخطط. فعلى قوائم موقعها على شبكة الإنترنت نجد تونس ومصر والأردن والكويت وليبيا وسوريا واليمن والسودان، وكذلك تصادف أن هذه البلدان جميعها تقريبًا تخضع اليوم لانتفاضات روّجوا لها على أنها ثورات عفوية شعبية لزعزعة الاستقرار وتغيير الأنظمة!! إذن هذا هو دور نيد التى تمول منظمة قاسم لحقوق الانسان، وهذه تصريحات قاسم نفسه الداعية للتدخل العسكرى الأمريكى فى المنطقة عام 2006، واليوم يخرج علينا الرجل للتسفيه ممن يرفعون شعار المؤامرة الأمريكية على مصر والمنطقة وراح بمقالته المعنونة ب«الوضع الدولى وأزمة المنظمات» والتى نشرت بجريدة «المصرى اليوم» فى 26/3/2016 بإلقاء التهم المبطنة على مصر فى قضية مقتل الشاب الإيطالى ومحذرًا الدولة من العواقب المنتظرة والملاحقة القضائية الدولية حتى للرئيس عبد الفتاح السيسى نفسه ولم ينس قاسم أن يربط هذه القضية بقضية التمويلات الأجنبية ومواجهة الدولة لهذه المنظمات الحقوقية فهى الأساس بالطبع واصل رواية ريجينى وبالتأكيد هى حملة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بنشطاء السبوبة الذين يتآمرون اليوم مع إيطاليا ضد الدولة المصرية وقد وضعوا صور بروفايلاتهم على شبكة التواصل الاجتماعى صورة ريجينى وبدأ التواصل بينهم وبين نشطاء روما لصناعة إيقونة ريجينى الجديدة فى محاولة لاستنساخ أيقونة خالد سعيد المصرى مفجر نكسة يناير2011 فالقضية هنا هو كم يلزمك من الذكاء لتقوم بمهام وكالة الاستخبارات الأمريكية فى تفكيك وزعزعة الاستقرار فى الحكومات الأجنبية بشرط أن تضفى الشرعية على تصرفاتك وتفلت من العقاب. وكم يلزمك من التمويل لعمل خطط اختراق لسيادة الدول والإطاحة بنظمها الرسمية واحتلالها بجحافل القوات الحقوقية الناعمة. وبمعنى آخر، كيف تستطيع أن تنفذ خطط المخابرات المركزية الأمريكية المعروفة باسم «زعزعة الاستقرار» فى الحكومات الأجنبية بشرط أن تعيد صياغة العنوان كى يبدو نبيلا بعض الشىء، وتتصرف بطريقة تقدمية. وهذا هو سر قوة هذه الجحافل الناعمة واستقوائها بالمنظمات الدولية ضد أوطانها ولا تزال الدولة المصرية تبحث لها عن شخصية وسط حصار اقتصادى وضغوط المنظمات الدولية وخيانة وعمالة وتآمر من بنى الوطن. عمرو عمار كاتب جيوسياسى