ليست القضية فى «إعلام نشاز».. المسألة أن وطنًا يسير على هدى «عواصف» تتقاذفه الأمواج من كل صوب وحدبًا .. يتصدر المشهد، فى ظل غياب كامل لمن يدير حركة الإعلام، ويوظف المتاح من الإعلام «الوطنى» لخدمة مصالح الدولة العليا. وحين يغيب «ا لمايسترو » وتفتقد المؤسسات عنصر القيادة، القادر على العطاء، والوعى بمقتضيات المرحلة، يكون من الطبيعى اللهاث وراء «سواقط الأحداث» و«توافه الأمور».. ويبقى من العادى أن تخرج السهام القاتلة، لا لتصيب العدو، بل لتنغرس فى قلب المجتمع، وتضاعف من وجعه وألمه، وتبقيه عند مفترق طرق «صعب» و«خطير». فالدنيا كلها، تدرك أن المحن تجمع ولا تفرق، وأنه حين يكون الخطر على الأبواب، تصمت «الأبواق» إلا عن قول الحقيقة، والدفاع عن الوطن، والتصدى لمخططات الغدر والخيانة.. فوضعنا الراهن لا يقل خطرًا إن لم يكن يزيد عن الأجواء التى رفعت فيها مصر فى زمن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر شعار «لا صوت يعلو على صوت المعركة».. فالعدو فى الزمن القديم كان «ظاهرًا».. أما اليوم، فإن أذناب الداخل، وأعداء الخارج، يتربصون بنا من كل اتجاه.. مستهدفين إسقاط أعظم وأقدم دولة فى التاريخ. فإذا لم يتصدَ الإعلام، والإعلاميون، لما يحيق بالوطن من مخاطر فى اللحظات الراهنة التى تمر بها مصر، فماعساه يفعل، خاصة أن أطراف التآمر لا يخفون نواياهم الشريرة، ولا أهدافهم العدوانية؟!..وهى أهداف باتت ملء العين والأبصار، تدعمها عشرات من القنوات الموجهة، والإذاعات المرتبطة بذيول الشر، وصحف تصدر فى أطراف الدنيا لتحمل كل الموبقات بحق الوطن، وحملات لا تتوقف على مواقع التواصل الاجتماعى، لتشوه كل ما هو جميل على أرض الوطن. محنة مصر، ليست فقط فى المعادين لها، والمتربصين بها.. محنة مصر الحقيقية فى بعض أبنائها، والمنتسبين إليها، والذين يطعنون وطنهم، بأقلام «صدئة» وأبواق «مارقة» وترهات «مصطنعة».. يتركون المخاطر القادمة من كل اتجاه، ويبحثون عن «الهيافات».. يتركون الشباب التائه فى محيط البحار متلاطمة الأمواج، باحثًا عن رؤية يهتدى بها.. ويوجهون مساحات برامجهم إلى الخزعبلات والخلافات الشخصية، يغوصون فى أعراض البشر، وينثرون العرى فوق سطح الأحداث..راهنين أنفسهم ومحطاتهم بما يشبع غرائز الصبية، والباحثين عن التسلية، بأى ثمن، حتى ولو كان على حساب الوطن. أمواج البحر المتلاطمة تحتاج إلي «ربان ماهر» ومايستروحاذق» و«وقيادة رشيدة» تستطيع إدارة ملف «الإعلام» الذى هو الأخطر فى مسلسل التآمر على الوطن.. والحاجة باتت ماسَّةً لسرعة حسم هذا الملف المعلق، سواء بصدور القوانين التى تنظم «الإعلام الرشيد» أو بتعيين من يستطيع إدارة هذا الملف الخطير بروح من المسئولية الوطنية. بعد انتخاب البرلمان، واستكمال الاستحقاق الثالث، لم يعد هناك مَنْ مبرر أمام أحد لاستمرار تلك الحالة الرخوة فى ملف، بات تجاهل التعامل معه يشكل خطرًا مؤكدًا على عقل المشاهد المصرى، وعلى أمن واستقرار المجتمع برمته.