يقبع إعلامنا الرسمي في 'جب' عميق.. يأبي الخروج من نفق 'اللا حياة' و'اللا موت'.. وكأنه يلتذذ بوضعية 'الكسيح'.. حارت البشرية.. وتملكنا الأسي، من 'إعلام' مملوك للدولة.. يستنزف المليارات من الخزينة العامة.. يكتظ بآلاف الآلاف.. يهدر ساعات طوالا، وشاشات ممتدة، وأوراقا للصحف بلا نهاية. ولا حساب.. ثم تأتي المحصلة 'صفرًا كبيرًا'. يملأ الإعلام الرسمي شاشاته 'برغي' أبدي.. يقدم كلامًا، ولا ينجز فعلاً.. يملأ الدنيا صراخًا، ولكنه ما أن يخرج من ممكنة، حتي يتلاشي في ساحات الفضاء الرهيب.. مئات الآلاف من الصفحات تكتظ بحروف، وكلمات.. سرعان ما تتبخر من العقول، وقبل أن يجف حبر مطابعها. هي أزمة مستحكمة.. فالقيمون علي الإعلام 'المدفوع مسبقًا' نشطاء في 'رجم' النجاح، و'وأد' الإخلاص.. وكأنهم 'جبلوا' علي عشق 'الفشل' و'إدمان' التراجع.. والتردي.. واستسلموا لرغبات آثمة.. وعبارات كئيبة.. وممنطقة.. تقول كذبًا، وبهتانًا 'ليس في الإمكان أبدع مما كان'. تلاشت العقول الخلاقة.. وكفت عن 'الحراك'.. حتي أنها 'صدأت' من غلبة 'استلابها' وتركها دون فعل.. غاب عن تلك العقول أبسط قواعد 'الولاء للوطن' والتي تقول إن الوطن، حين يتعرض لمحنة، ويضيق من حوله الخناق، تهب الأفئدة المشبعة بعشق ترابه، لنجدته، ودفع كل من يسعون لإنهاكه، بعيدًا عن مرماه وحدوده. ولكن.. وآه من 'لكن'.. فقد جارت علي بوابات الوطن، وحدوده، وقلبه 'خفافيش وبوم'.. وانتهكت حرمته 'طيور جارحة'.. أرادت تمزيق جسده، ونهب قدسيته.. ورغم ضراوة المشهد.. ومرارة الاختبار.. والثمن الفادح الذي دفعته مصر، عبر طوابير شهداء في عمر الزهور.. وضحايا أوجعوا قلب الوطن إلا أن من يتصدرون المشهد الإعلامي الرسمي، ظلوا في غيهم سادرين.. وفي صمتهم قابعين.. وكأن الوطن الذي يسعون لتمزيقه، لا يستحوذ علي دفقة من مشاعرهم، وعقولهم.. وكأن أنهار الدماء التي تغرق، وتروي صحراء سيناء، وغيرها من أرض ومياه الوطن، لا توقظ فيهم 'مارد' الرد علي ما تسطره أيدي الشر من جرائم علي خارطة 'الكنانة'. في زمن الأزمات العاصفة، والمخاطر الجمة.. والحروب الموجهة، تستنفر كل البلدان المهددة قواها، وتحشد عناصرها، وتشحذ هممها.. وتخرس كل الأصوات المشاركة في دفع الخطر لقلب الوطن.. ويومًا.. ما.. وحين كانت مصر 'الناصرية' تخوض معركة مصيرية في مواجهة المعتدين الصهاينة، وأعوانهم، خرجت من القاهرة عبارة.. لا صوت يعلو علي صوت المعركة.. فالوطن هو الأبقي.. ومصر هي الأغلي.. ودون ذلك إلي زوال. ورغم أن أمواجًا متلاطمة، تضرب صفحات الوطن.. ونفوسًا سوداء تحلق من حوله، إلا أن إعلامنا الرسمي بصوره المتعددة لا يزال يرزح تحت نير 'عبودية الصمت' مع أن الواجب الوطني، والضميري، يحتم علي كل العاملين في دروب هذا الإعلام، أن يطووا صفحة 'الصمت الذليل' و'القنوط المذل'.. ويشرعون في وضع المخطط، وإعداد الملفات لإدارة حرب حامية الوطيس، مع إعلام معادٍ، وفكر تكفيري، وأدوات متجددة في ممارسة الإرهاب. نريد إعلامًًا للأزمة.. إعلامًا للحرب.. يدق طبوله عالية.. ليروع 'الطيور الجارحة' ويمزق أجنحتها.