يحيي العالم غداً اليوم الدولي للشباب 2015 تحت شعار 'الشباب والمشاركة المدنية'، حيث يهدف الاحتفال هذا العام إلي تشجيع المشاركة المدنية ومشاركة الشباب في الحياة السياسية والحياة العامة، بحيث يمكن للشباب تقديم المساهمة الكاملة في المجتمع والتنمية والسلام، ومع ذلك فالفرص المتاحة أمام الشباب للمشاركة السياسية والاقتصادية هي فرصة قليلة إن لم تكن معدومة. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت القرار 120/54 في 17 ديسمبر عام 1999 بإعلان أن يوم 12 أغسطس يوما دوليا للشباب عملا بالتوصية التي قدمها المؤتمر العالمي للوزراء المسئولين عن الشباب في لشبونة، 8 - 12 أغسطس 1998. وأشار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته بهذه المناسبة إلي أنه يؤدي اجتماع التهديدات المستجدة والتطرف العنيف وتقلب الظروف السياسية والاضطراب الاقتصادي والتحولات الاجتماعية إلي زيادة التحديات التي يواجهها شباب العالم. ولا أحد يعرف القضايا المطروحة أو الطريقة المثلي للتعامل معها خيرا من هؤلاء الشباب. ولهذا السبب أدعو الشباب إلي التعبير عن آرائهم - وأحث القادة علي الاستماع إليهم. ويثبت الشباب في ظل عالم يتغير بسرعة لم يسبق لها مثيل، أنهم شركاء لهم قيمة كبيرة ويمكنهم أن يطرحوا حلولا مجدية. فالحركات الشبابية وجماعات الطلاب تتحدي هياكل السلطة التقليدية وتدعو إلي إرساء عقد اجتماعي جديد بين الدول والمجتمعات. وقد ساهم القادة الشباب في طرح أفكار جديدة واتخذوا تدابير استباقية واحتشدوا علي نحو لم يحدث من قبل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. وأضاف مون أنني أحيي ملايين الشباب الذين يحتجون طلبا لحقوقهم وللمشاركة في مجريات الأمور، والذين يتصدون لمسألة البطالة بين الشباب التي بلغت مستويات مذهلة، ويرفعون أصواتهم ضد الظلم، ويدعون إلي عمل عالمي يحقق مصلحة البشر ومصلحة كوكبنا. وفي هذه السنة التاريخية، والقادة بصدد اعتماد رؤية جديدة جريئة للتنمية المستدامة تكتسب مشاركة الشباب قيمة أكبر من أي وقت مضي. وأنا أدعو الشباب في هذه اللحظة الحاسمة من لحظات التاريخ إلي المطالبة بإحراز التقدم الهائل الذي يحتاجه عالمنا بشدة، وإلي العمل علي تشجيع هذا التقدم. ويشكل العمل التطوعي وسيلة مثالية للنهوض بالمجتمع - وباب المشاركة فيه يكاد يكون مفتوحا أمام الجميع. كذلك يمكن للشباب أن يضموا جهودهم إلي الجهود التي تبذلها الأممالمتحدة ونحن بصدد الانتقال من مرحلة صياغة أهداف التنمية المستدامة الجديدة إلي مرحلة تنفيذها. وتتجسد روح العمل تلك في موضوع هذا اليوم الدولي، وهو 'الشباب والمشاركة المدنية''. ودعا مون أن نقف مع شباب العالم في الدعوة إلي اتخاذ تدابير تكفل احترام حقوق الإنسان وإحراز التقدم الاقتصادي وتحقيق الإشراف البيئي والإدماج الاجتماعي. ويشهد هذا العام الذكري السنوية 70 لميثاق الأممالمتحدة والذكري السنوية 20 لبرنامج العمل العالمي للشباب. ودعما للأهداف المحددة في هذين الصكين، يساعد مبعوثي المعني بالشباب علي تعبئة هذا الجيل من الشباب الذي هو الأكبر علي مر التاريخ. وحسب ما جاء علي لسانه، فإن مشاركة الشباب يمكن أن تساعد علي تحويل العالم الذي نصبو إليه إلي العالم الذي نستحقه. فلنقدم الدعم جميعا للشباب في تهيئة مستقبل يتمتع فيه كوكبنا بالحماية ويعيش فيه جميع الناس موفوري الكرامة. من جهته، تحدث مبعوث الأمين العام للشباب 'أحمد الهنداوي' عن التحديات المختلفة التي يواجهها الشباب لتحقيق إمكاناتهم الحقيقية، قائلا إنه بالرغم من تلك التحديات لم يستسلم الشباب لهذا الواقع بل ثابروا علي العمل من أجل التعبير عن آرائهم وتغيير ما من حولهم لينعموا بحياة أفضل. وأضاف أن الشباب أصبح حول العالم المصدر الرئيسي للابتكار والأمل والمرونة. ويرفع الشباب أصواتهم بشكل عال وواضح، ليقولوا إنهم مستعدون لحمل المشعل للحفاظ علي كوكبنا وتنميته. ولكن الشباب يريدون أيضا أن يكونوا شركاء في التنمية وليس فقط من المستفيدين منها، ولا يريدون فقط أن يكونوا القوة الدافعة للتنمية بل يريدون أيضا أن يكونوا في مقعد القيادة. إن مشاركة الشباب بعد كل شيء ليست ترفا، بل هي ضرورة وشرط مسبق للشرعية. وتشير التقارير الدولية الصادرة عن منظمة العمل الدولية إلي تحذير من استمرار ارتفاع معدلات البطالة في السنوات المقبلة، مع دخول الاقتصاد العالمي مرحلة جديدة تجمع بين تباطؤ النمو واتساع التفاوت والاضطراب. ووفقا لهذا التقرير الذي يحمل عنوان 'اتجاهات الاستخدام العالمية والتوقعات الاجتماعية 2015'، سيتجاوز عدد العاطلين عن العمل 212 مليون شخص بحلول عام 2019، مقارنة مع 200 مليون شخص حاليا. وأشار 'غاي رايدر' المدير العام لمنظمة العمل الدولية، إلي أن أكثر من 60 مليون وظيفة فقدت منذ بداية الأزمة العالمية في 2008، وتظهر التوقعات أن البطالة ستواصل ارتفاعها حتي نهاية العقد الحالي. وفي عام 2015، نتوقع ارتفاعا بمعدل البطالة العالمي إلي ما يقارب من 3 ملايين، والأكثر إزعاجا هو حقيقة أنه في المدي المتوسط، نتوقع زيادة مستمرة في معدل البطالة العالمية، التي من شأنها أن تؤدي إلي وصول عدد العاطلين عن العمل إلي 212 مليونا في 2019. وذكر التقرير أن العمال الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما، يتأثرون بهذه الأزمة بشكل خاص مع وصول معدل بطالة الشباب في العالم إلي قرابة 13% عام 2014 ووجود توقعات بارتفاعها في السنوات القادمة. ويشدد التقرير علي الحاجة الملحة لإشراك الشباب في القوي العاملة. ويوجد حاليا نحو 74.5 مليون شاب وشابة دون سن 25 عاما عاطلين عن العمل، حيث يزيد المعدل العالمي لبطالة الشباب عن 13% وهو أعلي بمرتين ونصف من المعدل العالمي للبطالة. ويقول التقرير إن التحول نحو سياسات صديقة لفرص العمل وزيادة مستويات دخل العمال يعزز النمو الاقتصادي وفرص العمل. ولا بد من تقوية أرضيات الحماية الاجتماعية وتعزيز الانتقال إلي الاقتصاد المنظم في الاقتصادات الناشئة والمتطورة، الذي من شأنه أيضا أن يدعم الطلب الإجمالي والنمو العالمي. ووصفت منظمة العمل الدولية معدل بطالة الشباب في منطقة الشرق الأوسط 'بالمذهل'، حيث أنه الأعلي نسبة في العالم أجمع وهو مستمر في الصعود، إذ كان بحدود 29.5% في عام 2014، لكن من المتوقع أن يرتفع إلي 29.8% عام 2015. وحذرت المنظمة في تقريرها السنوي عن البطالة في العالم من أن عدد العاطلين عن العمل حول العالم سيزيد بشكل إضافي بنحو 11 مليونا علي الأقل في السنوات الأربع المقبلة وأن التفاوت الاجتماعي في العالم سيتفاقم. وفي عام 2019 قد يتخطي عدد العاطلين عن العمل 219 مليون شخص بحسب التقرير الذي نشر في جنيف. وفيما تتوقع المنظمة تراجع البطالة بين الشبان بشكل شامل في الدول المتطورة بحلول عام 2019 'أكثر من ثلاث نقاط انخفاض في أسبانيا أو اليونان'، في حين تترقب زيادة كبيرة في هذه النسبة في الشرق الأوسط 'ارتفاع بمعدل نقطة في السعودية أو حتي 8 نقط في عمان'. وتظهر أرقام المنظمة صورة قاتمة لآفاق العمل والبطالة للمستقبل أيضا، أو حتي عام 2019، علي أقل تقدير. فعلي سبيل المثال، إن معدل مساهمة القوة العاملة كانت في عام 2009 بحدود 48.0%، ولم تزد حتي عام 2014 إلا إلي نسبة 49.4%، ويتوقع أن تبلغ 49.6% عام 2015، و50.0% عام 2019، أي بزيادة قدرها 2% خلال 10 سنوات. وأرقام معدلات البطالة ليست أفضل، فهي في صعود مستمر. ففي عام 2009 كان المعدل بحدود 10.5%، وزاد إلي 11.7% في 2014، وتتوقع المنظمة أن تبقي النسبة نفسها في 2015، لتهبط إلي 11.5% في 2019، أي أن معدلات البطالة ستزيد بنسبة 1% خلال 10 سنوات. أما معدلات بطالة الشباب فسترتفع بنسبة 5.9% في عام 2019، مقارنة بعشر سنوات سابقة له. ففي عام 2009، كانت معدلات البطالة بين الشباب بحدود 24.0%، لتصل إلي 29.5% في عام 2014، في حين تتوقع المنظمة أن ترتفع النسبة إلي 29.8% العام الحالي، قبل أن تصل إلي 29.9% عام 2019. وفيما يتعلق بنمو الأجر الحقيقي للعاملين، فقد كان بنسبة ناقص 1.2% عام 2009، ليبلغ النقصان في الأجور 0.5% عام 2014، في حين تتوقع المنظمة أن يسجل عام 2015 نقصا في نمو الأجور بنسبة 0.4%، ونقصا بنسبة 0.6% في عام 2016، ورقما إيجابيا بنسبة 1.0% عام 2017، و1.3% عام 2018، و1.6% عام 2019. أي أن الأجر الحقيقي سيسجل زيادة قدرها 2.8% خلال عقد من السنين. أما نمو الإنتاجية، فقد كان ناقص 0.5% عام 2009، ثم أصبح 1.0% عام 2014، ويتوقع أن يسجل 1.6% عام 2015، و2.4% عام 2019 أي نسبة نمو قدرها 2.9% خلال 10 سنوات. أما مشاركة الإناث في قوة العمل لا تزال متدنية جدا كما ذكرت المنظمة. ومعدل مشاركة القوة العاملة للنساء في منطقة الشرق الأوسط كان 21.7% في عام 2014، وهو رقم يمثل 53.5 نقطة مئوية أقل من نسبة الرجال '75.2%' حسب ما تكشفه الجداول الإحصائية للمنظمة. وقال التقرير إن الفجوة بين الجنسين في أداء سوق العمل في منطقة الشرق الأوسط يمتد إلي أبعد من المشاركة.. علي سبيل المثال، معدل البطالة بين الإناث بلغ 21.3% في عام 2014، أو 2.3 مرة أكثر من معدل الذكور، وللمقارنة، فالمعدل العالمي لبطالة الإناث يبلغ 6.3%، علاوة علي ذلك فإن أنظمة الحماية الاجتماعية في الأغلبية العظمي من البلدان في المنطقة لا تزال في الواقع متخلفة نسبيا. وتقول المنظمة إنه إذا ما وجدت أنظمة للحماية الاجتماعية بين بلدان المنطقة، فإنها عادة ما تغطي العاملين في القطاعين العام والخاص فقط، لتترك العمال العاملين لحسابهم الخاص، والعمال غير الرسميين دون أي شكل من أشكال المساعدة الاجتماعية. وقالت المنظمة إن حصة العاطلين عن العمل المشمولين بإعانة البطالة في منطقة الشرق الأوسط، هي في حدود 2% فقط، مقابل المتوسط العالمي الذي يزيد علي 10%. وأضافت المنظمة أن الجزائر، والبحرين، ومصر، والكويت، وفي الآونة الأخيرة السعودية، هي فقط التي أدخلت تشريعات تتعلق بتأمين الباحثين عن عمل. إن انعدام فرص العمل أدي إلي زيادة في 'الاقتصاد غير الرسمي' الذي أصبح يقدر الآن بتوظيف ثلثي القوة العاملة كي ينتج ثلث الناتج المحلي الإجمالي في البلدان غير الأعضاء في دول مجلس التعاون الخليجي. وتبين الدراسة الاستقصائية أن عدد النشاطات الوظيفية غير الرسمية بين الشباب يصل إلي فوق 50% في الأردن وتونس، وأكثر من 90% في مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة. وتقول المنظمة إن عديدا من بلدان المنطقة توظف الأشخاص الأقل تعليما من الأفضل تعليما بسبب انتفاء الحاجة لهم، في وقت لا تسعي هذه البلدان نحو تغيير قواعد اللعبة بإخضاع التعليم لمتطلبات سوق العمل. وتضيف أن من أولي مهام الدول التي تعاني البطالة، القيام بتحسين تعليم الشباب، وتحسين الروابط بين الحكومة والمعاهد التعليمية والسوق، لحل حالات عدم تطابق المهارات مع السوق، وتسهيل الانتقال من المدرسة إلي العمل. إن انعدام التنمية الشاملة أدي إلي استمرار ارتفاع معدلات الفقر وعدم المساواة، وهي قضية أخري تعالجها المنظمة. ويقول التقرير إن نسبة السكان في الفقر المدقع أي الذين يعيشون علي أقل من 1.25 دولار في اليوم في المنطقة بأسرها، بلغت نحو 7.4% عام 2012، بزيادة من 4.1% في عام 2010. لكن النسبة تصل إلي 25% في مصر، و 18% في العراق، و 15% في الأردن وتونس. ويعتبر الشباب هو محرك الحياة في المجتمع وقلبها النابض ومجددها ومطورها فالشباب هم طليعة المجتمع وعموده الفقري وقوته النشطة والفعالة والقادرة علي قهر التحدي وتذليل الصعوبات وتجاوز العقبات فدورها الأساسي واضح في المجتمع أكثر من غيرها ولديه الاجتهاد بما تملكه من قدرات بشرية ومادية للحفاظ علي الأبناء وتأهيلهم لتحمل المسئولية وتمكينهم وحمايتهم من الفراغ الأيديولوجي القاتل. ويعتبر مشاركتهم في العملية السياسية والعمل الاجتماعي التطوعي من أهم الوسائل المستخدمة لتفعيل دورهم في النهوض بمكانة المجتمع في عصرنا الحالي. إن الحكومات سواء في البلدان المتقدمة أو النامية لم تعد قادرة علي سد احتياجات أفرادها فبالإضافة إلي تعقد الظروف الحياتية لذلك كان لابد من وجود جهة أخري موازية للجهات الحكومية في تلبية احتياجات المجتمع المدني يطلق علي هذه الجهة 'المجتمع المدني'. ولتحقيق هذه الأهداف يتطلب الدعم القيادي للشريحة الشبابية فإن هذا العمل الاجتماعي يعتمد علي عدة عوامل أهمها الشباب. فكلما كان الشباب متحمسا للقضايا الاجتماعية والسياسية ومدركا أبعاد العمل حقق نتائج إيجابية، وأن العمل الاجتماعي والثقافي والسياسي أهم مجالات صقل مهارات الشباب وبناء قدراتهم. وانطلاقا من مبدأ المساواة والعمل المشترك لرفع مستوي مؤسستنا واجب كل شخص أو مسئول وقع علي عاتقه المسئولية فحماس الشباب وانتمائهم لقوميتهم ولمجتمعهم كفيلان بدعم ومساندة العمل الاجتماعي والرقي بمستواه، برغم من أن الشباب يتمتع بمستوي عالي من الثقافة والفكر والانتماء بالرغم من وجود تهميش أو عدم فسح المجال من قبل بعض الأطراف التي لا يقيمون معني الشباب وعملهم الميداني رغم كل الاعتراضات علي دور الشباب، ولكن القيادة لم يهمش دور الشريحة الشبابية قدر المستطاع ويمكن الجزم بأن هذا العمل الاجتماعي والتطوعي للشباب له أهمية بالغة قد يغفل عنها الكثير من ذلك. ومن أجل تعزيز انتماء الشباب للقضية الوطنية ومشاركتهم بصورة فعلية والاستفادة من خدماتهم بحاجة إلي تنمية قدرات الشباب ومهاراتهم الشخصية والعلمية والعملية، لكي يتيح للشباب فرصة التقدم والتطور في الساحة السياسية لضمان مستقبل أفضل، وبدوره يستطيع الشباب من التعبير عن أرائه وأفكاره في جميع القضايا العامة التي تهم المجتمع ومن جانب آخر يوفر لهم فرصة لتأدية خدمات بأنفسهم وحل مشاكلهم الشخصية ويجب منحهم فرصة المشاركة في تحديد الأولويات التي يحتاجها العمل السياسي والمشاركة في اتخاذ القرارات. وتتباهي الأمم المتحضرة اليوم بما عندها من إمكانيات، ومنها عدد المتطوعين في المجالات المختلفة، ذلك لأن العمل التطوعي يساهم في رفعة الأمة ويؤدي إلي تساند أفرادها، وإيجاد روح التعاون والمحبة، وكلما سما هدف المتطوع كان عمله أكثر قيمة، وأوسع خيرا، وأعظم فائدة. وكما ذكرنا عن احتياجات الشباب لابد أن نقف عند مشاكلهم ومعالجتها قدر المستطاع ولعل أبرز هذه الاحتياجات : الشباب بحاجة إلي انتماء فمن فقد الانتماء فقد ضاع، توفير الحرية الكافية للتعبير عن الذات والشعور بالأهمية، الشعور بالإنتاج والمسئولية لتفريغ الطاقات حسب القدرات.